هدى الطنيجي (أبوظبي)
سرطان الثدي، هو واحد من أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء في جميع أنحاء العالم، ويعد هذا المرض تحدياً صحياً كبيراً يمكن أن يؤثر على حياة النساء بشكل كبير، حيث يسرق الفرحة من عيونهن، ويضعهن أمام صعوبات كبيرة للتغلب عليه، وتعتبر التوعية بسرطان الثدي والكشف المبكر عنه من الأمور الحيوية للحفاظ على صحة المرأة.

 
وبمناسبة شهر التوعية بسرطان الثدي، تحدثنا إلى عدد من الأطباء بخصوص الأعراض وطرق الوقاية للحفاظ على صحة وسلامة النساء. 
أوضح الدكتور ستيفن غروبماير، رئيس معهد الأورام في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، أن سرطان الثدي يعتبر من أكثر أنواع السرطانات شيوعاً حول العالم، وتتفاوت معدلات انتشاره حسب المنطقة والسكان. ويتم تشخيص هذا المرض في العديد من الدول بين النساء بشكل رئيس، ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، في عام 2020، شُخصت إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي وسُجلت 685000 حالة وفاة بسببه على مستوى العالم. 
وأضاف: في نهاية عام 2020، كان هناك 7.8 مليون امرأة على قيد الحياة تم تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي في السنوات الخمس السابقة، ما يجعله أكثر أنواع السرطان انتشاراً في العالم. ويصيب مرض سرطان الثدي النساء بمختلف المراحل العمرية بعد سن البلوغ، في حين ترتفع معدلات الإصابة مع تقدمهن في السن.
وذكر أن شهر التوعية بسرطان الثدي من المبادرات التي تهدف إلى نشر الوعي حول هذا المرض وإلقاء الضوء على أهمية التشخيص المبكر ودوره في تحسين المخرجات العلاجية، وعلى الرغم من أن النساء يعتبرن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، إلا أن هذا المرض يؤثر على الرجال أيضاً، لكن معدلات الإصابة به منخفضة، لكنه يبقى مرضاً يصيب كلا الجنسين. وتُعزى الإصابة بمرض سرطان الثدي بين الرجال لأسباب جينية موروثة، واضطرابات هرمونية، ومجموعة من عوامل الخطر الأخرى. فنحو 0.5% إلى 1% من إجمالي عدد الإصابات تحدث بين الرجال. ويبقى البروتوكول العلاجي لهذا المرض واحداً بين الرجال والنساء.

الأكثر انتشاراً
أشار د. ستيفن غروبماير إلى أن سرطان الثدي يعتبر من بين أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين الرجال والنساء في دولة الإمارات وسبباً رئيسياً للوفاة في عام 2019، وتشكل الوفيات الناجمة عن هذا المرض نسبة 11.6% من إجمالي وفيات السرطان سنوياً.
وتعد أعداد حالات سرطان الثدي بين النساء أعلى بكثير من الرجال. ووفقاً للتقرير السنوي لحالات الإصابة بالسرطان في دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2019، هنالك 875 إصابة بسرطان الثدي بين النساء مقابل كل 8 إصابات بين الرجال.
وأكد أن التطورات التقنية أثمرت عن تقدمٍ لافت في سبل تشخيص سرطان الثدي، وقادت لتحسين معدلات تعافي المرضى، وأسهمت هذه الابتكارات الجديدة في تنويع الخيارات المتاحة لمرضى سرطان الثدي، ومنحت كوادر الرعاية القدرة على تصميم حلول علاجية حسب احتياجات كل مريض على حدة.
وأضاف: ويمكننا اليوم القيام بإجراءات علاجية أكثر تحفظاً وبشكل أكثر أماناً لمرضى سرطان الثدي، بما يمكنهم من استعادة عافيتهم بوتيرة أسرع، وهنالك العديد من الإجراءات تعزز القدرة على تصميم خيارات علاجية شخصية على غرار الماموغرام الرقمي ثلاثي الأبعاد، وفحوصات الثدي المحسنة بالرنين المغناطيسي، إلى جانب التصوير بالموجات فوق الصوتية، وخزعات الثدي بأدنى حدود التدخل والموجهة بالحاسوب، وخزعات العقد الليمفاوية، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني. وإضافة لذلك، تلعب الدراسات الجنينة اليوم دوراً رئيسياً في الوقاية من مرض سرطان الثدي وعلاجه.
خطوات معينة
وأشار الدكتور غروبماير إلى أن أكثر الأوقات صعوبة بالنسبة للمرضى هي الفترة التي تعقب مباشرة تشخيص إصابتهم بسرطان الثدي، لذلك نتخذ خطوات معينة للتعامل مع هذا القلق في حياة المريض. وعند تواصل المريض مع مركزنا، نخصص له ممرضة متخصصة لتبدأ بتقديم الرعاية اللازمة، والإجابة على تساؤلاته، وجمع السجلات والفحوصات، وتحديد المواعيد اللازمة التي يحتاج المريض حضورها في مركز فاطمة بنت مبارك ضمن مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي. وتساعد هذه المنهجية العلاجية الفريدة في الحد من التوتر والقلق الذي يتعرض له المريض، وتتيح لنا منحه الخطة العلاجية بشكل يسير، بما يوفر الوقت اللازم للعلاج الأولي. 

الكشف المبكر
أكدت د. ناهد بالعلا، استشارية جراحة أورام الثدي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أهمية رفع الوعي بأهمية الكشف المبكر والدوري عن سرطان الثدي لضمان جودة النتائج العلاجية، وتذكير النساء فوق عمر الأربعين بضرورة تخصيص الوقت سنوياً لإجراء فحص الماموجرام، فالتطور الكبير في مجال علاج أورام الثدي ساعد في تقديم حلول علاجية متقدمة، إلا أنه يبقى للكشف المبكر تأثير مهم في الحصول على النتائج العلاجية المرجوة. 
وذكرت أن مدينة الشيخ شخبوط الطبية تحرص على توفير خدمات شاملة لرعاية أورام الثدي، ابتداءً من الكشف المبكر والتشخيص والتشريح الذي يعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التشريحية، مروراً بالعلاج الجراحي والدوائي والإشعاعي، حيث توجد هناك العديد من العمليات والطرق الجراحية لعلاج سرطان الثدي، كاستئصال الورم فقط والحفاظ على الثدي مع علاج الإشعاع، وقد يتم بعد العلاج الكيميائي إذا كان حجم الورم 2 سم أو أكبر لتصغيره. 
وأضافت: وتتم الجراحة باستئصال جزء بسيط من الثدي ولا يؤثر على الحالة العامة للثدي، وهي تعد الطريقة الأفضل مقارنة بالطريقة القديمة، وقد يكون مباشرة بعد تشخيص الورم من دون العلاج الكيميائي إذا كان أصغر من 2 سم، وهو في مراحله المبكرة، وأن المريضة تغادر المستشفى بعد يوم واحد من إجراء العملية، وتوضع للمريضة مواعيد للمتابعة الطبية في العيادات الخارجية، فضلاً عن استكمال العلاج الإشعاعي والكيميائي من بعد العملية إذا تطلبت الحالة، وهذه النوعية من العمليات تعتمد على حجم الورم وموقعه في الثدي ومرحلة المرض ونسبة الكتلة مقارنة لأنسجة الثدي.
وذكرت أن الدراسات أثبتت أن هذه النوعية من العمليات لا تقل أماناً عن استئصال الثدي بالكامل، ومن ضمن الخدمات المقدمة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية الدعم النفسي والجسدي للمرضى طوال رحلتهم للتغلب على السرطان، من خلال فريق من الممرضات وأخصائيي التغذية والمعالجين النفسين وجلسات دعم مرضى سرطان الثدي.

أخبار ذات صلة تطورات تقنية تعزِّز التعافي من سرطان الثدي مبادرات لنشر الوعي حول سرطان الثدي

الدعم النفسي
من جانبها، أكدت الدكتورة سونيا عثمان، اختصاصية طب الأورام في مدينة برجيل الطبية، ضرورة تقديم الدعم النفسي والمساندة لمرضى السرطان، وخصوصاً مرضى سرطان الثدي اللاتي يحتجن إلى الدعم النفسي والعطفي، سواء من الزوج أو الأقارب أو حتى في محيط العمل، حيث تؤثر الحالة النفسية لمرضى السرطان على التعايش مع المرض والشفاء منه بشكل كبير في بعض الأوقات، لافتة إلى أن أفراد المجتمع حالياً يتحلون بالوعي الكبير مقارنة بالماضي، حيث أصبحت النظرة العامة للمرض إيجابية، خصوصاً في ظل ارتفاع معدلات الشفاء التي تصل إلى ما يزيد على 95%، إضافة إلى حملات التوعية بالكشف المبكر عبر الفحص الذاتي والماموغرام، حيث أظهرت دوراً مهماً في نشر التوعية بين النساء محلياً وعالمياً، كما عززت العلاجات المتطورة التي توفرها الدولة، كالعلاجات الهرمونية والذكية الموجهة التي يتم توجيهها للخلايا السرطانية فقط دون إلحاق الضرر بغيرها من الخلايا السليمة، عززت هذه النظرة الإيجابية وتقبل المرض دون النظر إلى الإصابة بالمرض بشكل سوداوي، كما كان يحدث في السابق.
وأشارت إلى أنه بفضل تطورات التشخيص والعلاج، أصبحت المصابة يمكنها أن تقوم بمهامها اليومية في العمل أو في الدراسة أو في المنزل مع أسرتها وأطفالها بشكل طبيعي، مع وجود أدوية حديثة تخفف من الشعور بالألم، مشدده على أن الفحص المبكر هو السبيل الأنجع للتخلص من سرطان الثدي.

الفحص السنوي  
أكدت الدكتورة شيماء السبع، اختصاصية الأشعة التشخيصية والتداخلية للثدي في مدينة برجيل الطبية، أهمية إجراء فحص الماموغرام سنوياً للسيدات اللاتي تخطين عمر الـ 40 لأن نسبة حدوث السرطانات تزيد بشكل أكبر مع زيادة العمر، كما تساهم التغيرات الهرمونية التي تصيب النساء في جعل فحوصات الماموغرام واضحة ودقيقة بعد عمر الـ 40 أو 50 عاماً، حيث يصبح النسيج الثديي أقل كثافة ويمكن قراءة صورة الأشعة بوضوح أكبر، فيما يساعد إجراء الفحص السنوي للماموغرام في الكشف المبكر عن أي علامات محتملة للمرض، وبالتالي يعزز فرص الشفاء، وبالتالي خفض معدل الوفيات بسبب سرطان الثدي، حيث تعتبر هذه إحدى أهم توصيات منظمة الصحة العالمية التي تركز على الفحص الدوري والكشف المبكر، مشيرة إلى خطورة الاعتقاد الخاطئ والسائد بين بعض السيدات بأن فحص الماموغرام مؤلم للغاية قد يحتاج إلى مخدر، وهو أمر غير صحيح لأن الإجراء لا يتعدى أكثر من الشعور بضغط خفيف على الثدي الذي يتم وضعه على لوح اكريليك ليتم تصويره بالجهاز، وليس مؤلماً كحال الخزعة التي يتم أخذها من المريضة عند تشخيصها بكتلة ورم في الثدي.
وأشارت إلى أن التقنيات الحديثة ساهمت بشكل كبير في كشف سرطان الثدي، بما في ذلك الماموغرام الثلاثي الأبعاد (3D)، فالتقنية ثلاثية الأبعاد تحسن من قدرة الكشف عن الأورام الصغيرة.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: سرطان الثدي النساء أکثر أنواع السرطان بسرطان الثدی سرطان الثدی بین النساء بین الرجال هذا المرض

إقرأ أيضاً:

تقرير: الحرب تزيد المخاوف من اندلاع أزمة طائفية في لبنان

لطالما كانت التوترات بين الطوائف المتعددة في البلاد كامنة تحت السطح، ولكن مع فرار مئات الآلاف من الغارات الجوية الإسرائيلية في الجنوب، تزداد المخاوف من تأجيج تلك التوترات.

تقرير لأليسا روبين في صحيفة "نيويورك تايمز" يتناول المخاوف من اندلاع أزمة طائفية جراء الحرب في لبنان.

يشير التقرير إلى قصة قرية مسيحية تسمى "عيتو" وتقع في أقصى شمال لبنان، ويذكر أنه نادراً ما سمع القرويون المسيحيون ضجة الطائرات بدون طيار أو أصوات القنابل التي تنفجر — وهي أحداث يومية في الجنوب، حيث تقاتل إسرائيل ميليشا حزب الله الشيعية.
ثم وصلت عائلة شيعية نازحة من مزارعي التبغ من الجنوب إلى عيتو بحثا عن ملجأ.
في الأيام التي تلت ذلك، انضم المزيد من الأقارب إلى الأسرة في أكتوبر (تشرين الأول).
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توجه رجل يعتقد أنه يوزع أموال مساعدات لحزب الله إلى المنزل الذي كانت تقيم فيه الأسرة وأخذ أكياسا مليئة بالنقود بداخله، وفقاً لما ذكره اثنان من الجيران ورجل قام بتوصيل المياه إلى الأسرة.
بعد دقائق، قامت غارة جوية إسرائيلية بتسوية المنزل وقتلت الأسرة بأكملها مع الرجل الذي جلب المال.
وشوهدت بعض الأوراق النقدية، سواء بالدولار الأمريكي أو الليرة اللبنانية، وهي تهب في الهواء في الموقع مباشرة بعد الانفجار.
فقط تمثال للقديس شربل، القديس الماروني، بقي واقفاً أسفل المبنى المدمر.

“People have run away, and the situation is so horrifying.”

Joumana Mansour, our nurse team supervisor in Lebanon, tells us about the challenges in delivering medical assistance through daily bombings. pic.twitter.com/WOm4xkMXDp

— MSF International (@MSF) October 20, 2024 الصراع بين إسرائيل وحزب الله لقد تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله بشكل كبير في شهر سبتمبر (أيلول)، مما دفع مئات الآلاف من الناس، ومعظمهم من المسلمين الشيعة من جنوب لبنان، إلى الفرار من منازلهم.
وسعى العديد منهم إلى اللجوء إلى المناطق التي تهيمن عليها ديانات وطوائف أخرى، وبدا أن القصف الإسرائيلي يلاحق النازحين وهم ينتشرون في مختلف أنحاء البلاد، بحسب التقرير.
وبدأت الضربات مثل تلك التي استهدفت بلدة عيتو، خارج جنوب لبنان الذي يهيمن عليه حزب الله، في الارتفاع.
لقد أدت هذه الهجمات إلى تعطيل الحياة في أماكن كانت آمنة في السابق، وأشعلت التوترات الطائفية التي كانت خامدة منذ فترة طويلة تحت سطح المجتمع اللبناني.
كما أدت إلى نشر الخوف من أن القنابل الإسرائيلية سوف تلاحق النازحين أينما ذهبوا، بحسب الصحيفة.

وعندما سُئِل الجيش الإسرائيلي عن الهجوم على عيتو، قال فقط إن غارة على شمال لبنان في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) استهدفت شخصية من حزب الله، وإنه يتحقق مما إذا كان الهجوم أسفر عن مقتل مدنيين لبنانيين.
وقال مسؤولون عسكريون لبنانيون إنهم لا يعرفون هوية الرجل الذي أحضر المال.
لكن الجيران الذين جاءوا لتقديم العزاء لأصحاب المنزل الذي تعرض للقصف المسيحيين عبروا عن إحباطهم تجاه حزب الله، الفصيل العسكري والسياسي الأقوى في لبنان، والذي يسعى إلى تدمير إسرائيل.
وحث إلياس، وهو صديق مسيحي لصاحب البيت، حزب الله على هزيمة إسرائيل إذا استطاع.
ويكمل إلياس: "إن لم يكن الأمر كذلك، فاصمت، لا تدْعهم إلى هنا".

Multiple prominent figures of the Lebanese political scene have been called in for interrogation, but have delayed their questioning or avoided showing up. Impunity has reigned since 4 August 2020.

Life in Lebanon through half a decade of crises, by @tamara_saade_. Read the full… pic.twitter.com/TwLpaIEWiR

— The Caravan (@thecaravanindia) November 11, 2024 وأضاف إلياس الذي طلب الكشف عن اسمه الأول فقط خوفاً من العواقب: "لقد وجهتم لهم دعوة كبيرة بقصفكم"، في إشارة إلى هجمات حزب الله على إسرائيل على مدار العام الماضي تضامناً مع حماس في غزة بعد أن قادت الحركة هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب. الانقسامات الطائفية لبنان، البلد الصغير الذي يزيد عدد سكانه قليلاً عن خمسة ملايين نسمة، منقسم منذ فترة طويلة على أسس طائفية.
وأدت الانقسامات الطائفية إلى تأجيج الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في الفترة من 1975 إلى 1990، والتي انتهت بتقسيم متجدد للسلطة على أسس دينية وطائفية.
وكانت النتيجة شللاً سياسياً ودولة غير قادرة على أداء وظائفها وتفتقر حتى إلى شبكة كهرباء عاملة.

More than one million people are now internally displaced in #Lebanon.@Refugees representative in the country @IFreijsen shares what he has witnessed: pic.twitter.com/VnYUnUaHtL

— United Nations Geneva (@UNGeneva) October 21, 2024 ولا يزال العديد من زعماء الحرب المسؤولين عن الحرب الأهلية لاعبين سياسيين بارزين بعد مرور ثلاثين عاماً.
ولا تزال أهوال الحرب الأهلية تطارد المجتمع اللبناني لدرجة أن وزير الدفاع عقد في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) مؤتمراً صحفياً حذر فيه على وجه التحديد من "الفتنة"، وأوضح أنه يرى خطراً جسيماً في أي شيء من شأنه أن يثير الانقسامات الدينية أو الطائفية.
وعندما بدأ النازحون في الوصول إلى مجتمعات أخرى، وجدوا تعاطفاً واسع النطاق من المواطنين الذين جمعوا البطانيات والطعام وساعدوهم في إيجاد المأوى في عرض غير عادي للتضامن.
ولكن بعد ذلك جاءت الغارات الجوية الإسرائيلية، وأفسح الدفء المجال للقلق من احتمال وجود أعضاء من حزب الله بين الحشود الهاربة.
وتتلقى عشرات الآلاف من العائلات الشيعية في لبنان دعماً مالياً من حزب الله المدعوم من إيران، وقد قامت الجماعة بتوزيع مبالغ متواضعة على بعض الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم.
ومع مرور الأشهر، تضخمت أعداد النازحين، لتتجاوز المليون.

يقول المستشار السياسي اللبناني رابح هبر: "إنهم موجودون في المدارس، وفي المباني الفارغة، وفي القرى، أينما ذهبوا، يشعر الناس بالخوف، لماذا؟ لأن عدداً صغيراً منهم سيكون مسلحاً، وعدداً صغيراً منهم سيكون هدفاً".
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة الجوية الإسرائيلية على قرية عيتو كانت قوية لدرجة أنها قتلت عائلة شيعية نازحة بالكامل، وعددها 21 شخصاً.
وكان من بين القتلى أطفال، بحسب المستشفى المحلي وملاك العقارات المسيحيين الذين استأجروا لهم العقار.
وأدى الانفجار إلى تحويل المنزل إلى أنقاض، وأثار الخوف في المجتمع من احتمال حدوث الشيء نفسه إذا لجأت عائلات شيعية نازحة أخرى إلى هناك.
وقال سركيس علوان (54 عاما) شقيق صاحب المنزل "لم يحدث شيء كهذا في عيتو قط، لم نكن نعتقد قط أنه سيصل إلى هنا".
وكان إلياس، صديق صاحب المنزل، قد توقف لتقديم التعازي بعد الغارة الجوية.
وقال إلياس إن عائلته تعيش منذ فترة طويلة في منطقة عيتو.
وأضاف "هذا ما سيبقى من بلادنا كومة من الأنقاض والأسلاك الملتوية".

NEW | Hezbollah: Hezbollah officials continue to claim that Israeli ground operations in Lebanon are failing to achieve Israeli objectives. The head of Hezbollah’s media office also emphasized Hezbollah's friendly relationship with the Lebanese Armed Forces (LAF). The LAF would… pic.twitter.com/aZ3Cm37WSv

— Critical Threats (@criticalthreats) November 12, 2024 من الترحيب إلى العداء وقالت يارا عبد النبي (21 عاماً)، وهي طالبة جامعية شيعية من قرية بنعفول في جنوب لبنان، إن التحول من الترحيب إلى الحذر إلى العداء تجاه السكان النازحين جاء سريعاً.
وأشارت إلى أن عائلتها كانت تعيش على مقربة شديدة من جيرانها المسيحيين، لدرجة أن أول مكان لجأوا إليه عندما بدأت القنابل الإسرائيلية تتساقط حول بنعفول كان الكنيسة، ثم انتقلوا إلى منزل صديق مسيحي سمح لهم بالبقاء مجانًا.
وقالت: "كنا نعتقد على وجه اليقين أنهم لن يقصفوا الكنيسة".
ولكن بعد مرور أسبوعين، أصبحت القنابل قريبة للغاية وتكررت بشكل متكرر حتى شعرت أسرتها بأنها مضطرة إلى الانتقال. وقالت السيدة عبد النبي إنهم واجهوا انعدام ثقة متزايد تجاه الشيعة أثناء توجههم شمالاً.
وقالت إن التجربة الأكثر إيلاماً كانت عندما عثروا، بعد التنقل من سكن مؤقت إلى آخر، على مكان للإيجار في الشوف، وهي منطقة ذات أغلبية مسيحية ودرزية في وسط لبنان.

وعندما وصلوا، رأت صاحبة المنزل السيدة عبد النبي وقد كانت مكشوفة الشعر، وكانت مرحبة بها، كما تتذكر السيدة عبد النبي.
ولكن عندما خرجت والدة السيدة عبد النبي وقريبة أخرى من السيارة مرتديتين الحجاب والعباءات الطويلة التي ترتديها العديد من النساء الشيعيات، تغير سلوك صاحبة المنزل.
وتقول يارا إن السيدة سرعان ما بدأت في إيجاد الأعذار بهدف طرد الأسرة، بداية من الشكوى من عدد سكان البيت، وانتهاء باتهام الوافدين الجدد بأنهم يجعلون المكان قذراً.
كانت أسرة يارا قد دفعت ثمن الإقامة لمدة أربعة أيام، ولكن خلال ليلتهم الأولى، أبلغهم المضيف أن شخصًا آخر سيأتي في الصباح، فاضطروا إلى المغادرة.
وتقول السيدة عبد النبي: "بسبب الوضع الحالي، أصبح من السهل الآن على الناس أن يقولوا مثل هذه الأشياء، في السابق، كانوا يخجلون من إظهار ذلك، لكن الآن، أصبح الأمر أسوأ كل يوم".

In #Lebanon, more than 2,000 people have died and 800,000 have been forced to flee in recent weeks as shelling continues. @UNIFIL_ Spokesperson briefed reporters in NY from Beirut, pointing out that statistics cannot convey the human toll of the conflict. pic.twitter.com/sblryxMx96

— UN News (@UN_News_Centre) October 30, 2024 وفي بلدات أخرى يهيمن عليها المسيحيون والدروز في الجبال الواقعة شرق العاصمة بيروت، بدأ الناس يجدون منشورات في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) تحذر أي شخص مرتبط بحزب الله أو حركة أمل، وهي فصيل شيعي لبناني آخر، من مغادرة المنطقة "من أجل سلامتك وسلامتنا".
وفي بيروت، قال أحد مختاري المسيحيين الأرمن، أو زعيم المجتمع المحلي، إنه، مثل عدد من المخاتير الآخرين، أنشأ خطاً ساخناً يمكن للسكان الإبلاغ عنه عندما يشتبهون في أن النازحين الجدد الذين وصلوا إلى الحي ويستأجرون مساكن في الحي قد يكونون مرتبطين بحزب الله.
الآن، أصبحت منطقة الأشرفية ذات الأغلبية المسيحية في بيروت تحمل أعلاماً بيضاء لحزب القوات اللبنانية، وهو حزب مسيحي.
وتعمل هذه الأعلام كسياج تقريباً، يشير إلى النازحين الشيعة الباحثين عن مكان للإقامة بأنهم غير مرحب بهم هنا.

مقالات مشابهة

  • مجازر جديدة في غزة.. وحصيلة ضحايا العدوان على القطاع ترتفع إلى أكثر من 43,799 شهيداً و103,601 مصاب
  • تضرر العشرات من مواقع النزوح.. الهجرة الدولية: ''مأرب التي أصبحت ملاذاً للعائلات تواجه الآن تحديات جديدة''
  • المملكة المتحدة تعلن حزمة مساعدات جديدة لدعم أكثر من مليون شخص في السودان
  • 1076 سيدة مصابة بسرطان الثدي من بين 2928 حالة تم فحصها بالوادي الجديد
  • ميزة جديدة في google map تجعل الرحلات أكثر متعة.. كيف تستفيد منها؟
  • تقرير: الحرب تزيد المخاوف من اندلاع أزمة طائفية في لبنان
  • بالفيديو والذكاء الاصطناعي.. تقنية جديدة للكشف المبكر عن السكري وضغط الدم
  • أحمد سليمان: كثرة الشائعات تزيد الزمالك قوة
  • الصحة العالمية: عام 2022 شهد إصابة 130 ألف سيدة بسرطان الثدي و53 ألف حالة وفاة
  • ابتكارات من قلب الحصار.. هكذا أصرّ أهالي غزة على الحياة رغم المأساة