عربي21:
2024-07-06@03:00:54 GMT

أجور ضعيفة وتضخم جامح.. كيف يتدبر السوريون معيشتهم؟

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

أجور ضعيفة وتضخم جامح.. كيف يتدبر السوريون معيشتهم؟

كشفت بيانات اقتصادية أن تكاليف معيشة الأسرة السورية الواحدة ارتفعت مع نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي إلى أكثر من 9.5 مليون ليرة سورية، بزيادة نحو 3 ملايين ليرة مقارنة بالتكاليف في تموز/ يوليو الماضي، في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط الأجور نحو 250 ألف ليرة سورية، رغم الزيادة الأخيرة بنسبة 100 في المئة.

وحسب مؤشر "قاسيون" الاقتصادي، انخفضت الأجور فعلياً مع تبخر القيمة الحقيقية لها بحكم ارتفاع الأسعار، فضلاً عن استمرار تدني قيمة الليرة أمام الدولار، وحالة التضخم الجامح التي تسود الأسواق.



وبحسب مؤشر "قاسيون"، فإن الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية لأسرة من خمسة أفراد هو 3.5 مليون ليرة سورية شهريا، حيث ارتفعت تكاليف الحد الأدنى للحاجات الضرورية الأخرى التي تشكل 40 في المئة من مجموع تكاليف المعيشة مثل السكن والمواصلات والتعليم واللباس والصحة وأدوات منزلية واتصالات.

وتطرح المؤشرات السابقة تساؤلات عن الكيفية التي يتدبر بها السوريون معيشتهم بدخل لا يتناسب مع أبسط الاحتياجات الأساسية، بحيث لا يكاد راتب الموظف الحكومي الشهري يشتري سوى 1.5 كيلوجرام من اللحم.

استراتيجيات لتأمين أدنى الاحتياجات

وبحسب الباحث الاقتصادي يونس الكريم، تواجه العائلات السورية متطلبات الحياة بأكثر من استراتيجية، وبيّن لـ"عربي21" أن جميع أفراد العائلة وحتى الأطفال في الغالب يعملون، وهو ما تثبته الأرقام عن ارتفاع نسبة عمالة الأطفال، منبهاً إلى مخاطر العمل لساعات طويلة على العلاقات الاجتماعية والصحة والتعليم.

وتعتمد العائلات السورية كذلك على المساعدات "الخيرية" والتي تقدمها المنظمات الإنسانية، كما يؤكد الكريم، مضيفاً أن "بعض العائلات تعتمد على الحوالات المالية التي تصل من أفراد أو أقارب العائلة المغتربين. لكن بالعموم تراجعت نسبة الحوالات الخارجية نتيجة الظروف الاقتصادية التي تعصف باللاجئين السوريين في تركيا ودول الجوار السوري، وحتى في أوروبا".

تغيير أنماط الغذاء

ويتابع الباحث الاقتصادي بالإشارة إلى توجه غالبية السوريين إلى المزيد من التقشف، موضحاً أن "غالبية السوريين العظمى ليست لديهم القدرة المالية لدفع تكاليف الطبابة".

وفي الإطار ذاته، أكد الكريم أن معظم العائلات اضطرت إلى تغيير أنماط الاستهلاك، وعلى وجه التحديد الغذاء، بحيث اختفت العديد من الأصناف الرئيسية من المطبخ السوري.

ويتفق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي سمير الطويل، الذي يؤكد لـ"عربي21" أن السوريين يواجهون صعوبات بالغة في تأمين الاحتياجات الأساسية، ما يدفعهم إلى بيع ممتلكاتهم (عقارات، سيارات، مجوهرات).

سلع رديئة وطب بديل

ويقول الطويل إن أكثر من 95 في المئة من السوريين في مناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر، والأولوية اليوم للغذاء فقط، وغالباً يتم الاعتماد على السلع الرديئة، أما بالنسبة للطبابة واللباس وغيرها فهي خارج الحسابات.

ورفعت وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري أسعار الأدوية قبل نحو شهرين بنسبة 50 في المئة، ما دفع بالسوريين إلى العزوف عن شراء الأدوية، والاستعاضة عنها بالأعشاب والطب البديل.

من جهته، يشير الكاتب والباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي إلى توسع نسبة "العسكرة" نتيجة الفقر الشديد، حيث يتجه الكثيرون للانضمام للمليشيات.

انتشار المخدرات وزيادة الهجرة

وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بالإشارة إلى زيادة نسبة تعاطي المخدرات والاتجار بها، نتيجة الوضع المعيشي الصعب، وقال: "كل الأعمال المشروعة غير قادرة على تأمين معيشة متوسطة للسوريين، لذلك تتوسع أنشطة الأعمال المشبوهة".

وفي سياق، متصل لفت الباحث الاقتصادي يونس الكريم إلى زيادة معدلات الهجرة من سوريا، بعد فقدان الأمل بأن يشهد اقتصاد البلاد تحسناً.

وتشهد الحدود السورية- اللبنانية موجة من محاولات اللجوء غير مسبوقة منذ العام 2015، بحيث يتدفق الآلاف يومياً إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، بحثا عن طريق للهجرة نحو أوروبا.

الليرة لم تتحسن

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة نحو 13200 ليرة سورية، ولم تستعد الليرة عافيتها رغم الانفتاح العربي على النظام.

ويرى الكاتب الاقتصادي السوري محمد شعباني في مقال نشره في صحيفة "القدس العربي" أن خطورة انهيار الليرة تكمن في الوصول إلى نقطة فقدان الأمل في أي تحسن للواقع المعيشي والاقتصادي للسوريين، لا سيما وأن هذا الانهيار أتى بالتزامن مع حدثين: الأول هو عودة العلاقات العربية مع الحكومة السورية، والذي كان من المتوقع أن ينعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي، ولاحقا أن يؤدي إلى انفراجات كبرى اقتصادية وسياسية، لكن المؤشرات التي تبعت ذلك جاءت مخالفة للتوقعات المأمولة؛ فلا دعم اقتصاديا وصل، ولا انفراجات اقتصادية وسياسية تلوح بالأفق.

أما الحدث الثاني بحسب شعباني، فهو قرار الحكومة السورية الأخير بزيادة الأجور بنسبة 100 في المئة للعاملين في القطاع العام، وهو قرار تبعه، كما جرت العادة، قرار آخر برفع الدعم عن أسعار المحروقات (الفيول والبنزين) والغاز، لترتفع الأسعار بنسب تتجاوز 200 في المئة، وهو ما أدى إلى جعل الزيادة إسمية، بسبب الارتفاع العام في الأسعار الذي فاق نسبة الزيادة في الأجور.

ويتحدث عن انعكاسات سياسية واقتصادية تتمثل في هروب ما تبقى من رؤوس أموال وكفاءات علمية ومهنية، وهو ما من شأنه أن يدخل الاقتصاد السوري في موجة فقر جديدة يصل معها الوضع إلى توقف جزء كبير من النشاط الاقتصادي القائم حاليا، وخسارة ما تبقى من كفاءات علمية ومهنية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصادية معيشة الأجور الأسعار سوريا سوريا اقتصاد أسعار أجور معيشة اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لیرة سوریة فی المئة

إقرأ أيضاً:

بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري

أثرت التوترات التي شهدتها بعض المدن التركية والشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، التي أشعلت فتيلها حادثة الاعتداءات على منازل وممتلكات اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية، بشكل سلبي على حياة السوريين على الجانبين.

ففي الشمال السوري، ارتفعت أسعار معظم السلع وخاصة التي تدخل المنطقة من المعابر الحدودية مع تركيا، مثل السكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية، جراء إغلاق المعابر أمام الشاحنات التجارية.

وتعتمد المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة على استيراد غالبية المواد من تركيا، كما يؤكد المنسق الإغاثي والطبي في الشمال السوري مأمون سيد عيسى لـ"عربي21"، مشيراً إلى افتقاد المنطقة لبنية اقتصادية محلية، مرجعا ذلك إلى أسباب عديدة أهمها عدم الاعتراف الدولي بالحكومات الحالية (الحكومة المؤقتة، حكومة الإنقاذ) حيث لا تعترف دول العالم إلا بحكومات الدول أعضاء الأمم المتحدة.

ولفت إلى ضعف القطاع الزراعي في الشمال السوري وضعف الحوكمة والتنمية في المنطقة، وقال: "المنطقة تعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد من تركيا أو عن طريق تركيا (ترانزيت) من دول العالم، وإغلاق المعابر مع تركيا لأسباب أمنية أو سياسية يخنق المنطقة، ومن الطبيعي أن يسبب ذلك ارتفاع الأسعار في شمال وشمال غرب سوريا".

بجانب ذلك، تعطلت أعمال مكاتب الحوالات المالية بشكل جزئي في الشمال السوري، نتيجة توقف شبكة الإنترنت، وزاد الطلب على المواد الغذائية والمحروقات، بسبب القلق والخوف من الأهالي من امتداد تداعيات الحوادث الأخيرة.

ويشير الكاتب والباحث السياسي عبد الكريم العمر، إلى جملة أسباب أدت إلى العنف والاحتجاجات في الشمال السوري، منها التصريحات التركية الأخيرة بخصوص التطبيع مع النظام السوري، وافتتاح معبر "أبو الزندين" الذي يصل مناطق المعارضة بالنظام السوري، وجاءت الاعتداءات على اللاجئين في ولاية قيصري، تتويجاً لكل هذه الأسباب.

ويقول لـ"عربي21": إن "كل ما جرى لا بد وأن يدفع بتركيا إلى إعادة حساباتها مع المعارضة السورية، أي عدم استثمارهم ورقة سياسية للضغط على أطراف خارجية مثل الاتحاد الأوروبي".

ودعا العمر، تركيا إلى مراعاة حسابات السكان في الشمال السوري، مختتما: "لا نعرف حتى الآن ما هي الآثار التي ستتركها هذه الفترة إيجابا أو سلبا".


قلق سوري في أوساط اللاجئين
في الجانب التركي، خلفت الاعتداءات "العنصرية" على ممتلكات اللاجئين في ولاية قيصري، وولايات تركية أخرى، حالة من الخوف والتوتر لدى كل أوساط اللاجئين.

وتجلى ذلك، في إغلاق غالبية اللاجئين محالهم وتوقف أعمالهم منذ الأحداث الأخيرة، كما هو الحال في ولايتي غازي عنتاب وكيليس.

ورصد مراسل "عربي21" على وسائل التواصل الاجتماعي زيادة في عروض بيع المحال التجارية والمطاعم المملوكة للسوريين في الولايات الجنوبية التركية.

ويعبر سوري يمتلك محل بقالة في ولاية كيليس في حديثه لـ"عربي21" عن تخوفه البالغ من تعرض محله لاعتداءات، ويقول: "رغم الهدوء الآن، إلا إن التهديدات قائمة، لأن أي حادثة جديدة ممكن أن تشعل العنصرية من جديد".

ويؤكد مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "من المستحيل مواصلة العمل في بيئة "خطرة" إلى هذه الدرجة"، مستدركاً: "لكن إن سألتني عن الخيارات، لا إجابة عندي".


من يتحمل مسؤولية ما جرى؟
الكاتبة الصحفية عائشة صبري، تحمل الحكومة التركية مسؤولية الاعتداءات الأخيرة على اللاجئين السوريين في تركيا، وتقول لـ"عربي21": "لم تقم الحكومة بردع العنصريين عن انتهاكاتهم ضد اللاجئين السوريين، وهذه الحوادث متكررة منذ سنوات لكنها بدأت تزداد مؤخراً".

وفي الدرجة الثانية، وفق صبري، تقع المسؤولية على منظمات المجتمع المدني التركية والسورية، حيث يقع على عاتقها مهمة تفنيد الشائعات المنتشرة في المجتمع التركي تجاه السوريين، فالمواقف العنصرية في ازدياد، وهناك هوة كبيرة بين المجتمع الضيف التركي واللاجئين.

وترى أنه "حتى يتم ردم هذه الهوة يجب على جميع الأطراف العمل على تفنيد الشائعات ونشر الحقائق"، مضيف: " عندما يدحض الإعلام التركي يدحض الشائعات من جهة، ويتحدث عن حقيقة الأوضاع في سوريا من جهة ثانية، سيُغيّر الأتراك من نظرتهم للسوريين على أنَّهم عالة على المجتمع التركي، لا بد من تسليط الضوء على ما يعيشه الشعب السوري عبر الإعلام التركي، وأنَّ السوريين صمدوا أمام آلة القتل والحصار الجائر لسنوات، ولم يكن خيار اللجوء في تركيا عن رغبة منهم".

كذلك لا بد، من وجهة نظر صبري، توضيح أن سوريا ليست بلداً آمناً للعودة وأن السوريين يعملون بعرق جبينهم والمساعدات إن تلقوها فهي أممية وأوروبية لا غير.

أما الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، يقول لـ"عربي21" إن جهود الحكومة التركية حاليا تتركز على إنهاء الأزمة، وبتر بذور الفتنة، وقطع الطريق على التحريض على اللاجئين السوريين والضيوف العرب.


وأضاف أن أطرافا تركية تسعى إلى استثمار ما جرى، لتحقيق أغراض سياسية، مثل دعوة حزب معارض إلى انتخابات مبكرة، مؤكداً أنه: "بالتالي لن تكون هذه الأحداث الأخيرة، في ظل وجود جهات تخطط، وشرائح تقع فيها".

ولفت كاتب أوغلو، إلى الاعتقالات التي تشنها تركيا للمتورطين، مؤكداً اعتقال أكثر من 500 تركي ثبت تورطهم في التحريض على السوريين في الحوادث الأخيرة، وقال: " نحن أما سياسية تحريض العنصري وتأثيرات خارجية تريد إشغال تركيا بالأزمات الداخلية".

وبحسب المحلل السياسي التركي، فإن هناك مسؤولية مشتركة على الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني وراء ما جرى، موضحاً: "لا بد من عدم الانصياع للأخبار الزائفة، وعدم الترويج لها، ولا بد من عقوبات قاسية لكل من يخالف القانون".

ويعيش في تركيا أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وتعاني غالبيتهم من تصاعد الخطاب العنصري ضدهم، وموجة الكراهية.

مقالات مشابهة

  • السيدة الثانية.. النظام السوري يعلن وفاة لونا الشبل
  • تقارير: زوج لونا الشبل وشقيقها أوقفا قبل أسبوع من الحادثة
  • لُقبت بـ السيدة الثانية.. النظام السوري يعلن وفاة لونا الشبل
  • اللاجئ السوري بين الموت قهرا في بلدان اللجوء.. أو على يد عصابة الأسد
  • حول ما يتم تناقله بخصوص لقاء الأسد وأردوغان في بغداد وتصريح الكرملين.. اللقاء لن يتم
  • قضية تسريب بيانات سوريين في تركيا.. إلى أين وصلت؟
  • هل الأتراك حزينون على الطفلة السورية لهذه الدرجة؟
  • اللواء البيسري: أي معالجة لأزمة النزوح السوري من دون داتا هراء وهرطقة
  • بعد موجة من العنف.. تداعيات سلبية على السوريين في تركيا والشمال السوري
  • ما مصير الوجود المضطرب للاجئين السوريين في تركيا؟