ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "صبيٌّ جاوز العاشرة مِن عُمره، يُحسِن الصلاة ويرتاد المسجد، ويأتي قبل الإقامة للصلاة بوقتٍ كافٍ ليُدرِك الصف الأول ويَقِف فيه، فهل يُؤَخَّرُ هذا الصبي عن مكانه الذي سَبَقَ إليه ووَقَف فيه مِن الصَّفِّ الأول لِكي يَقِفَ غيرُه مِن الرجال مكانه؟

وقالت دار الإفتاء، إن الصبي المذكور أَوْلَى بالصف الأول مِن غيره مِن الرجال ما دام قد سَبَقهم إليه بتبكيره الحضورَ إلى المسجد وكان يُحسِن الصلاة، ولا يُؤَخَّرُ الصبيّ عن الصفِّ الأول لِيَقِفَ غيرُه مِن الرجال مكانه؛ فإنَّ مَن سبق إلى موضعٍ في المسجد للصلاة فهو أحقُّ به.

وأضافت، أن التعامل مع الصبيان في المسجد ينبغي أن يكون على نحوٍ يُرَغِّبُهُم في استمرار الحضور إليه، ويعلِّق قلوبَهم بالصلاة مع الجماعة فيه، وفي تنحيتِهم وتأخيرِهم بعد سَبْقِهِم للصفوف الأُولَى إبعادٌ عن تلك المعاني وتنفيرٌ لهم، وتثبيطٌ لعزائمهم في التنافس على الصالحات والتبكيرِ إلى الصلوات.

ونَصَّ فقهاء الشافعية على عدمِ تأخير الصبيِّ عن موضعه الذي سبق إليه، وهو قولٌ عند الحنابلة، ومقتضى مذهب المالكية، وذلك باعتبارهم أنَّ الصبيَّ المميِّزَ الذي يَعقِلُ معنى القُرُبَاتِ وثوابَها، بحيث لا يَترك الصلاة في أثنائها، كالرَّجل البالغ في اصطِفَافِهِ في الصَّلاةِ مع الرِّجال في صفوفهم، وكذا في صلاة الإمام به جاعِلًا إيَّاه عن يمينه إذا لَم يكن معهما ثالث.

وقد وَرَدَ في السُّنَّة ما يؤيد مشروعية وقوف الصبي في الصَّفِّ الذي انتهى إليه -ولو كان الصف الأول- دون أن يُؤخَّر عنه؛ فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ" متفقٌ عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المسجد الصلاة الصف الأول ف الأول

إقرأ أيضاً:

حكم إمامة الصبي لغيره في صلاة النافلة

قالت دار الإفتاء إن جمهور الفقهاء مِن المالكية والشافعية وبعض فقهاء الحنفية أقروا بصحة إمامة الصبيِّ المميِّز للبالغ في صلاة النافلة، ومنها صلاة "التراويح"، وهو المروي عن أم المؤمنين عائشة، وعمرو بن سلمة رضي الله عنهما، وجماعة من التابعين؛ كالأشعث بن قيس، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، والثوري، وإسحاق، وأبي ثور.

الإفتاء تكشف حكم إمامة الصبي لغيره في صلاة النافلة 

وورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ لِيَقُومُوا بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَنَعْمَلَ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ،" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" و"فضائل الأوقات"، والمقصود بالقَلِيَّة: هي ما يُقلَى من الطعام، والخِشْكِنَانْج هو خُبزٌ يُعمَل مِن دقيق القمح ويُعجَن بزيت السمسم.

وعن عمرو بن سلمة رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه".

والحديث حُجَّةٌ في إمامة الصبي المميز في الفريضة؛ كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/ 23، ط. دار المعرفة)؛ فدلَّ ذلك على أنَّ مَن جازَت إمامته من الصبيان في الفريضة فإنها تجوز في النفل مِن باب أَوْلَى.

وعن عمرو بن سلمة رضي الله عنهما أيضًا أنه قال: "مَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ، وَكُنْتُ أُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا" أخرجه أحمد والطيالسي في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن"، فأفاد تقديمه في أيِّ صلاةٍ حضرها فيهم، ولم يفرق في ذلك بين فرض ونفل.

وعَنِ الْحَسَنِ البصري، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي أنه قَالَ: "لَا بَأْسَ أنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ".

الشروط الواجب توافرها في الإمام
وقالت الإفتاء إن هناك شروط يجب توافرها في الإمام، وهو أن يكون أفضل من يقرأ كتاب الله تعالى، ويكون عالم بالسنة النبوية والأحاديث، فكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إمامَ المسلمين في صلاتهم إذا حضرها، وتبعه على ذلك أفاضل الأمة عِلْمًا وعَمَلًا من الصحابة والتابعين ومَن تَبِعَهُم من أهل القرون المفضَّلة الـمُثْلَى، وهذا ما عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا في تقديم مَن يؤُمُّهُم في صلاتهم، وإلى يوم الناس هذا.

فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا. وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

مقالات مشابهة

  • هل يجوز للزوجة الوقوف بجوار زوجها في صلاة الجماعة بالمنزل؟.. الإفتاء توضح
  • لهذا السبب يستحب الاستغفار بعد كل صلاة.. الإفتاء توضح فضلها
  • حكم نقض الوتر وكيفية الصلاة بعده.. الإفتاء توضح
  • ضابط القبر الذي يصلح للدفن شرعًا.. الإفتاء توضح
  • حكم إمامة الصبي لغيره في صلاة النافلة
  • حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا .. الإفتاء توضح
  • حكم صلاة المنفرد خلف الصف في المسجد .. دار الإفتاء تجيب
  • هل تجب إعادة صلاة المأمومين؟.. «الإفتاء» توضح حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا
  • حكم صلاة التسابيح وثوابها.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم صلاة ركعتين عند الإحرام