البوابة نيوز:
2024-10-01@21:20:31 GMT

همهمات انتخابية فى فصل دراسى

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

 

ضمن عشرات وربما مئات من حكايات الطفولة تقفز من الذاكرة حكاية ذاك المدرس النابه الذى وقف بين تلاميذه الصبية، وأخرج من جيبه عملة نقدية ورقية تتجاوز مصروفهم اليومى، وقال لهم، من يرد هذه العملة فليأتى ليأخذها، فلم يحرك تلاميذ الفصل ساكنًا، وقد سرت بينهم همهمات مضغمة، إلا تلميذًا واحدًا، ترك مكانه واتجه حيث المدرس وأخذ العملة، وسط صمت مطبق من بقية التلاميذ، لم يقطعه إلا تصفيق المدرس، وعاد الصبى إلى مكانه، فرحًا بهدية الأستاذ الثمينة.

فى ظنى أن الحكاية تؤكد أهمية بناء الثقة بين طرفيها، وأن يصدق الصبية عرض المدرس وجديته.

تخيلت نفسى أنه قدر لى أن أعيش زمن الحكاية، ذاك الزمن السحيق والمتخيل، وقد اقتربت من الصبية فى الفترة ما بين عرض المدرس وتقدم ذاك التلميذ الذى "صدّق" المدرس، وأتخيلهم وقد اقتربت رؤسهم فى حلقات يهمهمون فيما عُرض عليهم.

واحدة من الحلقات راحت تشكك فى جدية العرض واستدعى من فيها، خبراتهم السابقة، التى تؤكد نكوص المدرس عن وعده، وتحول المشهد إلى حالة من التهكم على من يتقدم ليحظى بهدية المدرس الذى يشاركهم - بغير إعلان - تهكمهم. فكان العزوف قرارهم، وعندما دق جرس الفسحة، التقى التلاميذ يتندرون على تلك الواقعة بعيدًا عيون المدرس، ويشيدون بذكائهم وصحة قرارهم بعدم الاستجابة.

حلقة أخرى راحت تستدعى تجارب الفصول المجاورة والتى تعيش نفس أجواء المدرسة، بتنويعات مختلفة فى تفاصيل الحكاية، أن المدرس طلب تشكيل لجنة من التلاميذ، تتلقى أسماء من يريد الفوز بما عرضه المدرس، بشروط: الانتظام فى الحضور المدرسى، والنجاح فى امتحانات الشهر، والالتزام بتعليمات المدرسة، والتحلى بالأخلاق وغيرها، ويتقدم لها من تنطبق عليه هذه الشروط، ثم تنظم اللجنة عملية تصويت الفصل على من يرونه الأجدر، وتجمع أوراق التصويت وترتبها، وتعلن من فاز وفق اختيار أغلبية الفصل، خرج التلاميذ من الفصل وبقيت اللجنة، وبعد دقائق تعلن اللجنة اتفاق غالبية التلاميذ على عدم استحقاق أيًا من المتقدمين لعطية المدرس، وبقيت العملة النقدية فى حوزة المدرس.

فيما كانت حلقة ثالثة تستعرض تجربة مدرسة ثالثة، التى اختلف فيها عرض المدرس، وكان هو المشرف على شئون فصله، أن يفسح المجال لاختيار أحدهم ليحمل عنه مهمة الإشراف، ويكون اسم المدرس مطروحًا ضمن الاختيارات، وهو عرض متكرر بشكل دورى، اللافت أن النتيجة كانت واحدة، مع بقاء الإجراءات وطقوس التصويت كما هى فى كل دورة، كان المدرس هو الفائز. كان وراء فوزه نشاط بعض من التلاميذ مهمتهم خلق حالة من الخوف من عواقب عدم اختياره، وتتعدد المبررات والحكايات، ولا تختلف النتائج.. فى تأكيد لدور الخوف.

التجارب السلبية والمتكررة هى التى تحاصر محاولات المدرس فى اكتساب ثقة التلاميذ، ويدعم هذا الحصار من يخشون من نجاح عرضه، فيطلقون قنابل دخانهم عبر ترويج إشاعاتهم، وهم يسعون لعدم نجاح مسعاه خشية أن تنتقل إلى فصولهم، وبعضهم يدرك مردود قيادة هذا الفصل الذى ينعكس فى تقارير إدارة المدرسة ومفتشى الوزارة بمزيد من الترقيات الدورية والاستثنائية له، وتأكيد جدارته ليس فى فصله وحسب بل وفى استحقاقه لإدارة المدرسة، أو على الأقل الاقتداء بتجربته.

كان للمدرس، بطل حكايتنا، أدواته التى يحرص على تفعيلها؛ منها حرصه على تنمية مداركه فى فهم احتياجات فصله، وتوزيع مسئوليات تدبيرها على النبهاء من التلاميذ، وحرصه على الحوار الايجابى معهم، وتدريبهم على قبول التعدد والتنوع، باعتبارهما سر قوة فصله ونجاحه، ويدعم كل هذا قدرة المدرس على عدم الميل لفصيل منهم بسبب تميز شخوص هذا الفصيل فيما يعتقدون أو يملكون أو خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو قوتهم أو قدرتهم على فرض اختياراتهم، باعتبار أن هذه كلها هى دعامات لما يسعى لبنائه فى تكوين جيل يعيش الديمقراطية فى أبسط معانيها، وحين ينتقل الجيل من مرحلة دراسية لأخرى تنتقل معه الخبرات الايجابية هذه، وتصبح نسق تفكير وأسلوب حياة، تنتقل منهم إلى مجتمعاتهم الصغيرة، ومنها إلى دوائر أوسع، بهدوء لكن بقوة، ببطء لكن إلى الأمام.

كان سر نجاح هذا المدرس المتخيل فى أمانته وتجرده، وحبه لفصله وتلاميذه، ووضوح الهدف عنده، واهتمامه بأن يسجل دفتر أحوال المدرسة تجربته الباقية لأجيال قادمة، فللزمن أحكامه وللتاريخ تقييماته، الحازمة والمتجاوزة للمصادرة والمنع، وقدرته على التوثيق تقفز وتتأصل بتطور أدوات التواصل والانتشار.

*كاتب معنى بالشأن العام

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

السوبر الإفريقى زمالكاوى

الجماهير المصرية العاشقة لكرة القدم كانت على موعد مع مباراة تاريخية تجمع بين الشياطين الحمر والقلعة البيضاء فى السوبر الإفريقى عقب حصد المارد الأحمر بطولة إفريقيا بينما حصل لاعبو مدرسة الفن والهندسة على بطولة الكونفدرالية.
على أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة شهدنا جميعًا مباراة تتميز بكافة عناصر التفوق من حيث التنظيم والبنية التحتية واستضافة كبار نجوم العالم فى اللعبة وكذلك البث التليفزيونى، لكن كنت أتمنى أن تقام هذه المباراة التاريخية على أرض مصر وفى ستاد العاصمة الإدارية الجديدة لاستثمار الأحداث الرياضية فى الترويج إنجازات الوطن.
مشهد لا نرغب فى مشاهدته هو حالة التشاجر التى حصلت بين لاعبى الفريقين عقب قرار الحكم الليبى عقب استدعاء الفار احتساب ركلة جزاء لصالح النادى الأهلى فى التصادم الذى حدث للاعب اكرم توفيق فى الدقائق الأخيرة من الشوط الأول من المباراة الأمر الذى نتج عنه توقف دام أكثر من عشر دقائق دون فائدة.
رغم أن المارد الأحمر تفوق فى التقدم بهدف إلا أن الزمالك كان الأكثر تفوقًا فى المباراة واستحواذا على الكرة وبالأخص فى وسط الملعب حيث استطاع لاعبو القلعة البيضاء التهديف والتعادل فى منتصف الشوط الثانى مستغلًا الخط الدفاعى للنادى الأهلى وخطف الكرة أمام مرمى محمد الشناوى وحصد التعادل.
كنت أرى أن لاعبى الأهلى فى حالة ثقة زائدة منذ بداية المباراة وكأنهم حاسمون الفوز منذ الدقائق الأولى الأمر الذى نتج عنه غياب التركيز والحماس والاصرار لديهم وفقدان التحدى من أجل الذهاب بكرات خطيرة هجومية إلى المرمى.
جوميز تفوق على كولر حيث استطاع الأول أن يقرأ الملعب منذ بداية المباراة وإدارتها بشكل متناسق وخاصة مع إجراء التبديلات فى الوقت المناسب خير دليل على ذلك نزول منسى الذى جعل من السوبر الإفريقى علامة مسجلة لعام ٢٠٢٤ فى ميت عقبة، ومما لا شك فيه أن زيزو من أحد نجوم الفريق الأبيض وكذلك عواد وبالأخص تصديه لركلة الجزاء الذى جعلت حلم الجماهير الزمالكاوية حقيقة فى الفوز وحصد اللقب.
مما لاشك فيه أن فرحة الزمالك كبيرة وخاصة أن حصد لقب السوبر الإفريقى بعد غياب دام سنوات وإضافة إلى ذلك الفوز على المنافس التقليدى النادى الأهلى.
أرى أن فوز الزمالك على الأهلى فى السوبر الإفريقى سيكون بمثابة نقطة تحول فى مشوار المنافسة الموسم القادم بين الفريقين المصريين فى مختلف البطولات المحلية والقارية.

مقالات مشابهة

  • فصله من العمل.. موظف أردني قرر الانتقام من مديره بطريقة شنيعة |فيديو
  • المصلحون: حكايات الارهاب والتعصب والكذب والخداع -البدايةً
  • يطلق النار على زميليه بعد فصله من العمل
  • وطنك لا يخذلك
  • الظلم ظُلمات
  • السوبر الإفريقى زمالكاوى
  • بالفيديو .. لحظة إطلاق موظف “مفصول من عمله” النار في العقبة
  • الحليب في الريف.. «مصدر خير كتير.. قريش وجبنة قديمة وزبدة وفطير»
  • وزير التربية يوجه بتسهيل قبول التلاميذ والطلبة اللبنانيين النازحين في المدارس العراقية
  • أشرف غريب يكتب: الإسكندرية تنتظر مهرجانها