البوابة نيوز:
2025-04-01@06:09:51 GMT

همهمات انتخابية فى فصل دراسى

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

 

ضمن عشرات وربما مئات من حكايات الطفولة تقفز من الذاكرة حكاية ذاك المدرس النابه الذى وقف بين تلاميذه الصبية، وأخرج من جيبه عملة نقدية ورقية تتجاوز مصروفهم اليومى، وقال لهم، من يرد هذه العملة فليأتى ليأخذها، فلم يحرك تلاميذ الفصل ساكنًا، وقد سرت بينهم همهمات مضغمة، إلا تلميذًا واحدًا، ترك مكانه واتجه حيث المدرس وأخذ العملة، وسط صمت مطبق من بقية التلاميذ، لم يقطعه إلا تصفيق المدرس، وعاد الصبى إلى مكانه، فرحًا بهدية الأستاذ الثمينة.

فى ظنى أن الحكاية تؤكد أهمية بناء الثقة بين طرفيها، وأن يصدق الصبية عرض المدرس وجديته.

تخيلت نفسى أنه قدر لى أن أعيش زمن الحكاية، ذاك الزمن السحيق والمتخيل، وقد اقتربت من الصبية فى الفترة ما بين عرض المدرس وتقدم ذاك التلميذ الذى "صدّق" المدرس، وأتخيلهم وقد اقتربت رؤسهم فى حلقات يهمهمون فيما عُرض عليهم.

واحدة من الحلقات راحت تشكك فى جدية العرض واستدعى من فيها، خبراتهم السابقة، التى تؤكد نكوص المدرس عن وعده، وتحول المشهد إلى حالة من التهكم على من يتقدم ليحظى بهدية المدرس الذى يشاركهم - بغير إعلان - تهكمهم. فكان العزوف قرارهم، وعندما دق جرس الفسحة، التقى التلاميذ يتندرون على تلك الواقعة بعيدًا عيون المدرس، ويشيدون بذكائهم وصحة قرارهم بعدم الاستجابة.

حلقة أخرى راحت تستدعى تجارب الفصول المجاورة والتى تعيش نفس أجواء المدرسة، بتنويعات مختلفة فى تفاصيل الحكاية، أن المدرس طلب تشكيل لجنة من التلاميذ، تتلقى أسماء من يريد الفوز بما عرضه المدرس، بشروط: الانتظام فى الحضور المدرسى، والنجاح فى امتحانات الشهر، والالتزام بتعليمات المدرسة، والتحلى بالأخلاق وغيرها، ويتقدم لها من تنطبق عليه هذه الشروط، ثم تنظم اللجنة عملية تصويت الفصل على من يرونه الأجدر، وتجمع أوراق التصويت وترتبها، وتعلن من فاز وفق اختيار أغلبية الفصل، خرج التلاميذ من الفصل وبقيت اللجنة، وبعد دقائق تعلن اللجنة اتفاق غالبية التلاميذ على عدم استحقاق أيًا من المتقدمين لعطية المدرس، وبقيت العملة النقدية فى حوزة المدرس.

فيما كانت حلقة ثالثة تستعرض تجربة مدرسة ثالثة، التى اختلف فيها عرض المدرس، وكان هو المشرف على شئون فصله، أن يفسح المجال لاختيار أحدهم ليحمل عنه مهمة الإشراف، ويكون اسم المدرس مطروحًا ضمن الاختيارات، وهو عرض متكرر بشكل دورى، اللافت أن النتيجة كانت واحدة، مع بقاء الإجراءات وطقوس التصويت كما هى فى كل دورة، كان المدرس هو الفائز. كان وراء فوزه نشاط بعض من التلاميذ مهمتهم خلق حالة من الخوف من عواقب عدم اختياره، وتتعدد المبررات والحكايات، ولا تختلف النتائج.. فى تأكيد لدور الخوف.

التجارب السلبية والمتكررة هى التى تحاصر محاولات المدرس فى اكتساب ثقة التلاميذ، ويدعم هذا الحصار من يخشون من نجاح عرضه، فيطلقون قنابل دخانهم عبر ترويج إشاعاتهم، وهم يسعون لعدم نجاح مسعاه خشية أن تنتقل إلى فصولهم، وبعضهم يدرك مردود قيادة هذا الفصل الذى ينعكس فى تقارير إدارة المدرسة ومفتشى الوزارة بمزيد من الترقيات الدورية والاستثنائية له، وتأكيد جدارته ليس فى فصله وحسب بل وفى استحقاقه لإدارة المدرسة، أو على الأقل الاقتداء بتجربته.

كان للمدرس، بطل حكايتنا، أدواته التى يحرص على تفعيلها؛ منها حرصه على تنمية مداركه فى فهم احتياجات فصله، وتوزيع مسئوليات تدبيرها على النبهاء من التلاميذ، وحرصه على الحوار الايجابى معهم، وتدريبهم على قبول التعدد والتنوع، باعتبارهما سر قوة فصله ونجاحه، ويدعم كل هذا قدرة المدرس على عدم الميل لفصيل منهم بسبب تميز شخوص هذا الفصيل فيما يعتقدون أو يملكون أو خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو قوتهم أو قدرتهم على فرض اختياراتهم، باعتبار أن هذه كلها هى دعامات لما يسعى لبنائه فى تكوين جيل يعيش الديمقراطية فى أبسط معانيها، وحين ينتقل الجيل من مرحلة دراسية لأخرى تنتقل معه الخبرات الايجابية هذه، وتصبح نسق تفكير وأسلوب حياة، تنتقل منهم إلى مجتمعاتهم الصغيرة، ومنها إلى دوائر أوسع، بهدوء لكن بقوة، ببطء لكن إلى الأمام.

كان سر نجاح هذا المدرس المتخيل فى أمانته وتجرده، وحبه لفصله وتلاميذه، ووضوح الهدف عنده، واهتمامه بأن يسجل دفتر أحوال المدرسة تجربته الباقية لأجيال قادمة، فللزمن أحكامه وللتاريخ تقييماته، الحازمة والمتجاوزة للمصادرة والمنع، وقدرته على التوثيق تقفز وتتأصل بتطور أدوات التواصل والانتشار.

*كاتب معنى بالشأن العام

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

جدل كبير بعد منع طالبة محجبة من دخول المدرسة

تصاعدت التوترات في جمهورية شمال قبرص التركية بعد منع طالبة من دخول مدرستها بسبب ارتدائها الحجاب، ما أثار ردود فعل واسعة في الأوساط التعليمية والسياسية.

احتجاجات وتصريحات مثيرة للجدل
خلال وقفة احتجاجية أمام السفارة التركية في نيقوسيا، أدلت سيلما أيلِم، رئيسة نقابة معلمي التعليم الثانوي في شمال قبرص التركية، بتصريحات مستفزة موجهة للسفير التركي، قائلة: “نقول مرة أخرى للسفير: Go home. نحن مصرّون على إجراء امتحاناتنا غدًا، وإذا استمر هذا الضغط، فإن الجهة التي ستحرم أطفالنا من حقهم في الامتحانات معروفة. أدعو الشرطة والجهات المختصة للتحرك ضد هذه التدخلات”.

تفاصيل الواقعة
وقعت الحادثة في مدرسة إرسن كوتشوك الإعدادية في العاصمة نيقوسيا، حيث منعت إدارة المدرسة طالبة من الصف الثامن من دخول الحرم المدرسي بسبب ارتدائها الحجاب. ورغم أن مدير دائرة التعليم الثانوي بوزارة التربية، يوسف إنانير أوغلو، أكد حق الطالبة في دخول المدرسة، إلا أن إدارة المدرسة رفضت الامتثال للقرار، مما أدى إلى تصاعد الأزمة.

اقرأ أيضا

قتلى وجرحى في حادث مروع بموغلا التركية يوم العيد

الأحد 30 مارس 2025

غضب العائلة: “نعيش أجواء 28 فبراير من جديد”
والدة الطالبة، نازلي شيمشك، عبرت عن استيائها الشديد قائلة: “نحن في عام 2025، لكننا نعيش أجواء 28 فبراير من جديد! تعرضت ابنتي لضغوط نفسية، وحاولوا إقناعنا بالتراجع عن موقفنا. للأسف، ابنتي لم تذهب إلى المدرسة منذ ثلاثة أسابيع، ومن المؤسف أن من يفترض أنهم مربون هم من تسببوا بذلك”.

مقالات مشابهة

  • الادخار الوطني بالمغرب يستقر في أكثر من 28 في المائة على وقع ارتفاع الاستهلاك
  • هشام ماجد ينعى إيناس النجار: ربنا يصبر أهلك
  • الحكيم في خطبة العيد يدعو لدعم المفوضية وضمان عملية انتخابية نزيهة
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (4) عملية السويس وتفاصيل العبور الذى كاد يودى بحياة بنتنياهو
  • وعدت يا "عيد"
  • بعد العيد
  • جدل كبير بعد منع طالبة محجبة من دخول المدرسة
  • هل الدولة الإسلامية دينية أم مدنية؟ كتاب جديد يقارن بين الأسس الشرعية والغربية
  • قحط أعدت عدتها لإنتاج الفصل الأشد سخفا من فصول السفه والعبث
  • ذكرى وفاة عبد الحليم حافظ.. «كواليس رحلة علاج العندليب وقصة عشقه للنادي الأهلي»