الجديد برس:

أعلن الاحتلال الإسرائيلي ارتفاع عدد قتلاه جراء الهجوم المفاجئ للمقاومة الفلسطينية منذ صباح السبت، إلى 300 على الأقل، فيما أعلنت القسام قصف تل أبيب برشقة صواريخ أوقعت عدداً من الإصابات المباشرة بين المستوطنين، وذلك رداً على قيام طائرات الاحتلال باستهداف وإنزال برجين سكنيين في قطاع غزة.

وفي أحدث إحصائية نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية فقد ارتفعت حصيلة القتلى التي اعترفت بها سلطات الاحتلال الصهيوني إلى 300 قتيل، فيما أصيب حوالي 1452 آخرين، أكثر من 300 منهم جروحهم خطيرة جداً، وبعضهم في حالة موت سريري.

فيما أعلنت حركة “حماس” توجيه ضربة بـ150 صاروخاً تجاه مدينة تل أبيب، رداً على قصف برج سكني وسط قطاع غزة.

فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الصواريخ التي قصفت على تل أبيب أدت إلى وقوع قتيل 8 إصابات بينها 3 خطرة.

وقالت كتائب “القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس” في بيان، “رداً على قصف البرج السكني وسط مدينة غزة، كتائب القسام توجه الآن ضربة صاروخية كبيرة بـ150 صاروخاً صوب تل أبيب”.

في المقابل، أفاد الإعلام الإسرائيلي بسماع دوي انفجارات شديدة في “تل أبيب” ومناطق أخرى في “غوش دان” و”هشارون”، مشيراً إلى أن جهاز الإطفاء الإسرائيلي أفاد بـ”سقوط قذائف مباشرة في ريشون لتسيون وبت يام وغفعاتايم”.

ولفت الإعلام الإسرائيلي إلى وقوع إصابات مباشرة في “تل أبيب” و”ريشون لتسيون”، بينما أكد موقع “إسرائيل هيوم” إصابة عدد من المستوطنين بجروح خطيرة من جراء سقوط صاروخ في “ريشون لتسيون”.

بدورها، أشارت “القناة الـ13” إلى إطلاق صواريخ على منطقتي الخضيرة وباقة الغربية، مشددةً على أن الاحتلال الإسرائيلي “في بداية أيام قتال، وحماس لديها نفَس طويل”.

وفي السياق، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن “عدد القتلى والصواريخ، منذ صباح اليوم، على إسرائيل، هو أكبر من عدد كل القتلى والصواريخ في حرب لبنان الثانية، خلال 33 يوماً من القتال”.

وكشف الإعلام الإسرائيلي أنه “في الصلية الأخيرة للصواريخ، وصل القصف إلى أقصى نقطة شمالاً تُقصف من غزة، وهي عين شيمِر قرب غديرا”، معلنةً “مقتل قائد شرطة منطقة رهط، غيار دويدوف، خلال الهجوم في الجنوب”.

وأكدت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية ، مساء السبت، ارتفاع عدد القتـلى الإسرائيليين إلى 300 قتيلاً، فيما قالت القناة 12 العبرية، إن عدد المصابين الإسرائيليين إلى 1452 حتى الآن منهم 285 في حالة خطيرة وحرجة والقتلى أكثر من 300، كما جرى أسر عشرات الإسرائيليين”، مؤكدة أنّ “هذه الأرقام ليست نهائية حتى الآن، حيث ما يزال مئات المسلحين الفلسطينيين في مستوطنات غلاف غزة”.

وكانت “القناة الـ13” أكدت أن العدد الحالي للقتلى الإسرائيليين “هو رأس جبل الجليد فقط من العدد الحقيقي”.

ولفت الإعلام الإسرائيلي إلى أن 1000 مقاتل فلسطيني اقتحموا مستوطنات “غلاف غزة” اليوم، مشيراً إلى أنّ “حجم الكارثة، التي حلّت بإسرائيل، لم يتّضح بعدُ”.

وكان الإعلام الإسرائيلي أعلن سابقاً، اليوم، أن “هناك عشرات المفقودين، الذين يجري البحث عنهم، بعد الهجوم المفاجئ للفلسطينيين”. وبحسب تقدير أجهزة طوارئ الاحتلال، فإن هناك مئات المصابين وعشرات القتلى، وبعضهم لم يتم الوصول إليه. 

وأشار إلى أن عدد القتلى الإسرائيليين في العملية الفلسطينية “كبير، ولا يُمكن حصره”.

في غضون ذلك، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن “عدد الأسرى الإسرائيليين (المقتادين) إلى غزة هو بالعشرات”، ويتوزعون بين مستوطنين وجنود، محذرةً من أن “من الممكن أيضاً أن (المقاومين الفلسطينيين) يواصلون الآن عمليات الخطف، ونقلهم إلى القطاع”.

من جهته، أكد الناطق باسم سرايا القدس، أبو حمزة، أن السرايا وسائر فصائل المقاومة، جنباً إلى جنب كتائب القسام في غلاف غزة، مستمرة، حتى اللحظة، في العملية البطولية. 

وأعلن أن لدى سرايا القدس عدداً من الجنود الإسرائيليين الأسرى.

فيما أعلنت حركة “حماس” أنها قامت “بتأمين” عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم بأماكن آمنة وبأنفاقها.

وقالت كتائب “القسام” الذراع العسكرية للحركة في بيان: “نبشر أسرانا وأبناء شعبنا أن في قبضة كتائب القسام عشرات الأسرى من الضباط والجنود، وقد تم تأمينهم في أماكن آمنة وفي أنفاق المقاومة”.

ولم تعلن “حماس” عن عدد الأسرى، أو أي تفاصيل إضافية.

وفي بيان آخر، قالت “القسام”: “قامت قواتنا بتطوير الهجوم على عددٍ من أهداف العدو خارج غزة، منها: وفاكيم، ونتيفوت، ومشمار هنيغف، كما تخوض مواجهاتٍ ضاريةً في بئيري وسديروت”.

ومساء اليوم، أصدرت كتائب “عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، البلاغ العسكري رقم واحد بشأن عملية “طوفان الأقصى”، التي استهدفت مستوطنات الاحتلال، في محيط قطاع غزة المحاصر.

وأشار البيان إلى أن مقاتلي الكتائب نفذوا هجوماً مُنسقاً على أكثر من 50 موقعاً تابعاً لفرقة غزة والمنطقة الجنوبية في “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن الهجوم أدى إلى إسقاط دفاع فرقة غزة، و”لا يزال مجاهدونا يخوضون معارك بطولية في 25 موقعاً قتالياً حتى اللحظة”.

ويأتي ذلك بعد أن أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، صباح اليوم، بدء عملية “طوفان الأقصى”، “رداً على عربدة الاحتلال في المسجد الأقصى، وسحل النساء في باحاته”.

وأطلقت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة آلاف الصواريخ في اتجاه مستوطنات إسرائيلية، منها “تل أبيب” و”ريشون لتسيون” و”بات يام”، ونجحت في اختطاف جنود إسرائيليين، واقتحام مستوطنات غلاف غزة.

يا قوة الله

دمار كبير في تل ابيب pic.twitter.com/1iOehoQBKK

— السيد ابراهيم مهدي (@SayedIbrahimMah) October 7, 2023

 

 

مشاهد من "تل أبيب" عقب قصفها بصواريخ المقاومة قبل قليل pic.twitter.com/yGB7cp0Pek

— القسطل الاخباري | القدس (@AlQastalps) October 7, 2023

 

تل أبيب بعد صواريخ القسام #طوفان_الأقصى pic.twitter.com/h0AYQjh8Q2

— ramia al ibrahim – راميا الابراهيم (@ramiaalibrahim) October 7, 2023

 

صدق أو لا تصدق !!
صورة من آثار القصف الصاروخي الذي استهدف تل أبيب قبل قليل !! pic.twitter.com/LT7zSit3dF

— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) October 7, 2023

 

 

رعب كبير في "تل أبيب" مع استمرار تساقط صواريخ المـ.ـقاومة#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/dw2TarhRom

— #سعوديون_مع_الاقصى (@Saudis2018) October 7, 2023

بالفيديو | دمار كبير في تل ابيب جراء سقوط صواريخ المقاومة #طوفان_الأقصى #فلسطين pic.twitter.com/X6NstnfJVW

— قناة المنار (@TVManar1) October 7, 2023

 

 

بالفيديو | كتائب القسام تستهدف #تل_ابيب بـ 150 صاروخاً رداً على قصف برج فلسطين السكني وسط #غزة#طوفان_الأقصى pic.twitter.com/QkLnQfFkdN

— قناة المنار (@TVManar1) October 7, 2023

 

ما أعظمك يا غزة وما أعظم رجالك !!
في الصباح تسلل وقتل وخطف جنود، وفي المساء قصف تل أبيب وجعلها مدينة أشباح !! pic.twitter.com/TFpLiUGCjK

— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) October 7, 2023

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: وسائل إعلام إسرائیلیة الإعلام الإسرائیلی کتائب القسام طوفان الأقصى قطاع غزة pic twitter com غلاف غزة تل أبیب إلى أن

إقرأ أيضاً:

يوم “السكاكين الطويلة”.. كيف أربكت حماس “إسرائيل” إلى الأبد؟

#سواليف

على الرغم من الاختلال الفادح في توازن القوى العسكرية، بين حركة المقاومة الإسلامية ” #حماس ” و” #إسرائيل “، فقد أدخلت تداعياتُ #حرب_الإبادة على قطاع غزّة (2023-2025)، متغيراتٍ جديدة على الشكل الكلي للعلاقة بين الطرفين، ما قد يعني إمكانية تحوّلها، ضمن عملية صيرورة معقّدة، نحو توازنات مختلفة.

ويعكس هذا تآكل “القيمة النسبية” للأبعاد العسكرية في مستقبل العلاقة، في مقابل تصاعد وزن أبعاد “القوة الشاملة”، بما فيها الأبعاد المعنوية والرمزية والتحررية والسياسية، بما قد يُعزّز، في نهاية المطاف، قدرة حماس على الاستمرار في سياساتها التفاوضية، وربما تسجيلها “أهدافًا متكررة” في المرمى الإسرائيلي، دون أن تضطر لتقديم أشياء إضافية، لم يتم التوافق عليها في اتّفاق وقف إطلاق النار و #تبادل_الأسرى في قطاع #غزة (15/1/2025).

وفي سياق تحليل العوامل/ المحدّدات المؤثّرة في علاقة حماس بـ”إسرائيل”، وسياقاتها الخارجية، ومساراتها، في المدى المنظور، ثمّة أربع ملاحظات:

مقالات ذات صلة بلدية رفح تحذر من كارثة إنسانية جراء انقطاع المياه 2025/03/15

الملاحظة الأولى: #العجز_الإسرائيلي

عجزت حكومة بنيامين نتنياهو عن حسم المعركة بالأداة العسكرية، على الرغم من دمجها بكل أدوات حرب الإبادة، مثل: ( استخدام تجويع المدنيين سلاحًا، وإحكام الحصار الاقتصادي عليهم، واستهداف متلقّي المساعدات الإنسانية عدة مرات، وتكرار الاستهداف المتعمّد للمستشفيات والملاجئ والمدارس ومنشآت البنية التحتية، وتنفيذ سياسات “الأرض المحروقة” و”التهجير” و”التطهير العرقي”، ضمن ما عرف بـ “خطة الجنرالات”.. إلخ). كما أخفق نتنياهو وأركان جيشه، في إرغام حماس خصوصًا، وفصائل المقاومة الفلسطينية عمومًا، على “رفع الراية البيضاء”، والنزول على شروط الاستسلام الإسرائيلية، في المفاوضات.

وعلى الرغم من مناورات التفاوض الإسرائيلية المتنوعة واللامتناهية، وقدرة نتنياهو على تعطيل صفقة تبادل الأسرى، عدة أشهر، فقد تصاعدت تدريجيًا ضغوط عائلات المحتجزين في قطاع غزّة، وتعالت الأصوات التي تطالب بتشكيل لجنة تحقيق في إخفاق الدولة في التعامل مع هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ما يعني أمرين:

أحدهما أن نتنياهو وأركان حكومته قد يواجهون، في أمد غير بعيد، يوم “السكاكين الطويلة”، وتبادل الاتهامات بالتقصير والمسؤولية عن الفشل، بين المستويين السياسي والعسكري.

والآخر محدودية أدوات الضغط الإسرائيلية المتبقية، وتآكل جدواها، ضد حماس وقطاع غزّة عمومًا، اللهم إلا في “شراء الوقت” و”التأجيل”، بعد وضوح نتيجة حرب الإبادة في فشل تهجير الغزيين، ناهيك عن كسر إرادة المقاومة.

الملاحظة الثانية: قدرة حماس على #الإرباك

أثبتت حماس قدرتها على “إرباك” الإستراتيجية الإسرائيلية وحرمانها ميزات “المبادرة الاستباقية”، ضد الجانب الفلسطيني؛ إذ يكشف نهج حماس التفاوضي معرفةً عميقة بالعقلية الإسرائيلية، وإمكانية التعويل على المقاومة في تفجير تناقضات الداخل الإسرائيلي وصراعاته، كما تجلّى من الرسائل في العبارات التي وضعتها كتائب القسّام في خلفيات مشاهد تسليم المحتجزين الإسرائيليين، (مثل: “نحن الطوفان… نحن اليوم التالي”، “الأرض تعرف أهلها.. من الأغراب مزدوجي الجنسية”، “اخلع حذاءك، فكل شبر من هذه الأرض روي بدماء الشهداء”، “وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق”، “نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد”، صورة قائد كتائب القسام محمد الضيف التي كُتب عليها: “نستطيع أن نغير مجرى التاريخ”.. إلخ).

ويكشف تحليل هذه الرسائل مهارة حماس على الصعد التفاوضية والإعلامية والدعائية؛ إذ قدمت نموذجًا مختلفًا عن نهج “الاعتدال التفاوضي العربي”، منذ اتفاقيات فض الاشتباك بين كل من مصر وسوريا والجانب الإسرائيلي (1974 – 1975)؛ الذي أوصل الدول العربية إلى مسارات التسوية والتطبيع ( كامب ديفيد 1978، ومؤتمر مدريد 1991، واتفاقات أوسلو 1993)، بكل نتائجها السلبية على تماسك المواقف العربية وخلق التضارب بينها.

لقد نجحت حماس في المزاوجة بين المرونة والالتزام بثوابتها وحقوق شعبها، ودفعت “إسرائيل” إلى تغيير معاييرها في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، على نحو أبرز درجة من “الندية السياسية”، عبر تحسين المركز التفاوضي الفلسطيني عمومًا، والتركيز على قيمة حرية الأسرى، بعد تشكّل طرف فلسطيني مقاوم على الأرض، يستطيع التعبير عن الإرادة الشعبية والتطلعات المجتمعية في تحرير الأسرى من جلاديهم.

وهي قضية تمس كل بيت فلسطيني تقريبًا، وذلك على عكس ما فعله المفاوض العربي والفلسطيني، الذي تجاهل قضية الأسرى، في إطار عملية التسوية، التي ركزت على العملية دون تحقيق السلام الحقيقي، خصوصًا في ظل مسار أوسلو المتعثر.

وعلى الرغم من أن عملية “التفاوض غير المباشر” بين حماس و”إسرائيل”، قد تكون أصعب مفاوضات في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي برمته، فإنها أدّت لثلاث نتائج متداخلة:
أولاها تأكيد “التفوق الأخلاقي” للشعب الفلسطيني على عدوه، وحرص كتائب القسّام على حسن التعامل مع الأسرى الإسرائيليين، (كما تجلّى في صورة المجند المحتجز عومرشيم كوف، الذي قبّل رؤوس آسريه من القسّام في منطقة النصيرات في 22 فبراير/ شباط 2025، ما يؤكّد اهتمام حماس بـ “معركة كسب العقول والقلوب”، بالتوازي مع صمود فصائل المقاومة الميداني.

وثانيتها تكريس مكانة حماس التفاوضية، وإسباغ درجة من “الشرعية الواقعية الإقليمية” عليها، بوصفها “طرفًا مفاوضًا ومسؤولًا وملتزمًا” أمام الوسطاء القطريين والمصريين، على الرغم من تصاعد التهديدات الأميركية، وتكرار المراوغات التفاوضية الإسرائيلية.

وثالثتها أن صمود العامل الفلسطيني وصلابة الإرادة، في مقاومة ضغوط العامل الأميركي الإسرائيلي، قد يحرّكان في نهاية المطاف قدرًا من المساندة العربية والإقليمية، والتوافق حول “الحد الأدنى”، المتمثل في رفض تهجير الشعب الفلسطيني، و”الحد الأقصى” المتمثل في أمرين؛ أحدهما العودة إلى دعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، بوصفه “مخرجًا واقعيًا” في التعامل مع تداعيات حرب الإبادة.

والآخر الانفتاح الرسمي العربي على قوى المقاومة الفلسطينية، التي تتلاقى مع الأهداف العربية المعلنة، في منع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وبهذا تلعب قضية فلسطين دور “الرافعة”، تمهيدًا لتأسيس حالة من “تماسك” النظام الإقليمي في المنطقة، ضد الضغوط الخارجية، خصوصًا الأميركية.

الملاحظة الثالثة: زيادة مستوى التعقيد

كان لطبيعة الصراع بين حماس و”إسرائيل” انعكاسات على زيادة مستوى التعقيد والتشابك في علاقتهما، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي جاء في سياق مقاومة تحولات المشروع الصهيوني بعد صعود تيارات “الصهيونية الجديدة”، ذات الطابع القومي/الديني، والتخلّي الإسرائيلي عن سياسات إدارة الصراع أو “تجميده”، والتوجّه نحو مرحلة “حسم الصراع”، بالتهجير والإبادة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزّة، مع استمرار حصار غزّة وعزلها تمامًا عن الجسد الفلسطيني، ومنع أي احتمال لتوحيد الساحات الفلسطينية، (كما حدث إبان عملية سيف القدس في مايو/ أيار 2021).

وبهذا المعنى، تكون حرب غزّة الراهنة، أعادت تشكيل قواعد صراع حماس و”إسرائيل”، وكذا تفسير الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، معاني الانتصار والهزيمة؛ إذ سيعتمد الانتصار على القدرة على إدارة الصراع، والاستمرار في حشد الطاقات المجتمعية لدى الطرفين، في هذا “الصراع الاجتماعي السياسي المصيري الممتد”.

خصوصًا مع دخوله مرحلة الحسم، ربما في المدى المنظور، وتصاعد احتمال حدوث تصدّعات جوهرية في “إسرائيل” ومعسكر داعميها الدوليين والإقليميين، بالتوازي مع احتمال انتقال الصراع تدريجيًا نحو الضفة الغربية والقدس المحتلة، وربما وصولًا إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة، بسبب “التصادم الحتمي”، بين مكوّنات الإستراتيجية الإسرائيلية: (العنف، وإرهاب الدولة، والإبادة، والتهجير)، في مقابل تداعيات مشاهد “العودة الفلسطينية” الملهمة، على الصعيدين الرمزي والسياسي.

إذ تابع العالم عودة المهجّرين قسريًا، إلى منطقة شمال غزة: (محافظتي غزة والشمال)، عبر شارع الرشيد سيرًا على الأقدام، التي أكدت “عظمة الشعب الفلسطيني، ورسوخه في أرضه، وانتصاره، وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير”، كما قالت حماس في بيانها في 27 يناير/ كانون الثاني 2025.

الملاحظة الرابعة: أثر البيئة الخارجية

للبيئة الخارجية، الدولية والإقليمية، أثر على علاقة حماس بـ”إسرائيل”، في ظل تفاعل الضغوط الأميركية في موضوع تهجير أهالي قطاع غزّة، والاعتراض الأممي والدولي عليه، وبروز التحفظ المصري، السعودي، التركي، الإيراني على أطروحات الرئيس دونالد ترامب، بالتوازي مع تآكل أوراق الضغط الإسرائيلية على حماس وقطاع غزّة، بعد استنفاد كل أساليب الضغط المتاحة؛ (سواء عبر الضغط العسكري، أم التجويع والحصار والتهجير، أم شنّ الدعاية والحروب النفسية، كما سلف القول).

وليس مبالغة القول إن هذه التفاعلات الدولية والإقليمية المركّبة تؤكد أن تأثير تبادل الأسرى في نمط العلاقة بين حماس و”إسرائيل”، يكشف مفارقة مهمّة، تُظهر تضعضع صورة نتنياهو وحكومته أمام الجمهور الإسرائيلي، خصوصًا عائلات الأسرى، في مقابل تعزيز صورة حماس أمام أهالي غزّة والشعب الفلسطيني، وكذلك أمام العالم، بوصفها “حركة تحرر وطني”، تعمل على تحرير الأسرى والإنسان والأرض الفلسطينية، من سيطرة الاحتلال الغاشم.

يبقى القول إن المحصلة النهائية لتداعيات حرب غزّة تدفع بالعلاقة بين حماس و”إسرائيل” نحو “توازنات مختلفة”، تعكس طبيعة معارك التحرر الوطني، أكثر من معادلات توازن القوى، بالمنظور الواقعي في العلاقات الدولية، علمًا بأن طبيعة “المرحلة الانتقالية” التي يمرّ بها النظامان الدولي والإقليمي، تسمح، أقله نظريًا، للفاعلين الدوليين والإقليميين بتخفيف قيود بنية النظامين الدولي والإقليمي، (كما تفعل تركيا وإيران وقطر وجنوب أفريقيا.. إلخ).

كما أن تمادي دولة الاحتلال في عدوانها على فلسطين ولبنان وسوريا، وإقليم الشرق الأوسط عمومًا، ربما يدفع إلى تصاعد الصراعات الإقليمية، نحو خروج الأمور عن السيطرة، وبروز تياراتٍ راديكاليةٍ، جهاديةٍ، أو حتى فوضويةٍ عنفيةٍ، بالتوازي مع تدشين مسار عمليةٍ عالميةٍ طويلةٍ لعزل “إسرائيل” ومعاقبتها على جرائمها، خصوصًا بعد انضمام دولٍ عدّةٍ إلى قضية الإبادة المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا ضدّ “إسرائيل”.

وكذلك بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقّ كلّ من بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، وهي جوانب هامة تعزز “الانتصارات المعنوية” لقضية فلسطين، وتؤكد أبعادها السياسية والتحررية والإنسانية، في مقابل وضوح فشل “السردية الإسرائيلية/ الأميركية”، التي ستبقى تحاول شيطنة الإنسان الفلسطيني العربي، وتجريم حق الشعوب في المقاومة المشروعة للظلم والإرهاب.

مقالات مشابهة

  • “مسام” ينتزع 548 لغمًا في اليمن خلال أسبوع
  • فياض: لبنان لن يكون قابلاً للتطبيع مع الإسرائيليين لا الآن ولا مستقبلا
  • وردنا الآن من صنعاء| بيان هام للمجلس السياسي الأعلى.. “هكذا سيتم تأديب المعتدين”
  • “تل أبيب” تسارع بنفي علاقتها بالغارات على صنعاء وأمريكا تعترف
  • يوم “السكاكين الطويلة”.. كيف أربكت حماس “إسرائيل” إلى الأبد؟
  • تطبيق “Find My Device” يُظهر الآن أماكن الأشخاص
  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • عقار.. التفاوض مع الدعم السريع صعب لأن قيادتها ليست موحدة بجانب الأعداد الكبيرة من “المرتزقة” التي تقاتل في صفوفها
  • يتسحاق بريك: “الجيش الإسرائيلي” لا يستطيع حسم المعركة مع “حماس” 
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين