مذكرات «كيسنجر» تفضح الهزيمة الإسرائيلية وتثبت انتصارات الجيش المصري
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
مثَّلت فترة حرب أكتوبر 1973 حدثاً تاريخياً مهماً يعكس التوترات والصراعات فى المنطقة، وأثرها على العلاقات الدولية. وتوثق مذكرات هنرى كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكى فى تلك الفترة «سنوات البيت الأبيض» بعض الأحداث والتطورات التى جرت خلال هذه الحرب، ففى السادس من أكتوبر عام 1973، بدأت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل، وشهدت القوات المسلحة المصرية تقدماً على الجبهة الشرقية لقناة السويس، بينما تعرضت القوات الإسرائيلية لخسائر كبيرة، بما فى ذلك فقدان عدد كبير من الطائرات.
تُظهر مذكرات هنرى كيسنجر كيف أثرت الحرب بشكل كبير على الساحة الدولية وعلى العمليات الدبلوماسية، حيث واجهت إسرائيل خسائر مذهلة فى طائراتها ومواقعها العسكرية، مما أدى إلى تغيير توجهات الأحداث، ودعت إسرائيل الولايات المتحدة للمساعدة والتدخل فى الأزمة من أجل وقف التصعيد وتزويدها بالأسلحة الضرورية، لمواجهة التحديات العسكرية.
الجيش المصرى ثبّت أقدامه فى خط يقارب سبعة كيلومترات ونصف كيلو فى شرق قناة السويس. وبحسب المذكرات، فى 7 أكتوبر 1973، يقول كيسنجر: «كان الطقس فى واشنطن غائماً ولطيفاً، وتتابعت حدة المواجهات طوال الليل على الجبهتين، وكان الجيش المصرى قد ثبّت أقدامه فى خط متواصل، يقارب سبعة كيلومترات ونصف الكيلو فى شرق قناة السويس، أما سوريا فقد تجاوزت هضبة الجولان، وقد أكد ملحقنا العسكرى فى تل أبيب، الكولونيل بينى نكرسمان، أن القوات الإسرائيلية لا تزال فى حالة دفاع، وتعمل جاهدة لكسب الوقت، بانتظار الانتهاء من التعبئة، غير أن إسرائيل اعترفت مساء هذا اليوم بفقدان خمس وثلاثين طائرة مطورة، وارتاب العديد فى واشنطن فى تقدير هذا العدد، واعتبروه سابقة لطلب تجهيز إسرائيل بالسلاح، لكن هذا العدد كان فى الواقع دقيقاً وصحيحاً، ويوضح دقة تأثير الصواريخ الروسية «أرض جو» التى يملكها العرب، خصوصاً فى الجبهة المصرية، ولم يكن لدينا أى دليل بعد يمكننا من تقدير أى انتصار سريع لإسرائيل أو تأكيد قيامها بهجوم مضاد قبل اليوم التالى».
فى يوم 9 أكتوبر 1973، وهو اليوم الرابع من اندلاع الحرب، وحين كانت عقارب الساعة فى واشنطن تشير إلى الساعة الثانية بعد الظهر، شهدت السفارة الإسرائيلية فى العاصمة الأمريكية وقوع حالة من الرعب والانهيار حتى البكاء، وذلك حين وصلت برقية عاجلة من «أبا إيبان»، وزير الخارجية الإسرائيلى، إلى «سيمحا دينتنر»، السفير الإسرائيلى لدى واشنطن، كانت البرقية تحمل طلباً ملحاً وعاجلاً لإجراء اتصالات فورية مع الإدارة الأمريكية، بهدف التدخل لوقف التصعيد العسكرى دون أى شروط مسبقة من جانب إسرائيل.
وزير الدفاع الأمريكى: الأحداث تجاوزت ما كنا نتوقع.. وإسرائيل عانت من هزيمة استراتيجيةوفى سياق متوازٍ، وصلت برقية أخرى من مكتب رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، حيث طلبت بإلحاح إبلاغ البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بأن الوضع يستدعى بشكل ماس وعاجل تزويد إسرائيل بكميات فورية من قذائف الدبابات، لمساعدتها فى تلبية الحاجات العسكرية الضرورية.
وحضر دينيتز إلى البيت الأبيض لمقابلة كيسنجر، وكان برفقة دينيتز الملحق العسكرى الجنرال مردخاى أموقا جور، وجاء ليرسم لوحة حقيقية عن المعركة، فأخذ دينيتز بالحديث، وبيّن أن الخسائر التى تكبّدتها إسرائيل حتى هذه اللحظة مرعبة وغير منتظرة، فقد فقدت تسعاً وأربعين طائرة، وأن الرقم مرتفع ولكنه لا يستدعى الدهشة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن سوريا ومصر تملك كل منهما أعداداً كبيرة من صواريخ أرض جو السوفيتية.
«مائير» كانت فى «أزمة هيستيرية» وتطلب زيارة «واشنطن» إسرائيل اعترفت فى 7 أكتوبر بفقدان 30 طائرة وهذا يوضح تأثير صواريخ «أرض جو»وتابع «كيسنجر»: «عندما اقترب الحديث من النهاية، طلب «دينيتز» أن يقابلنى على انفراد ولبضع دقائق، وعندما بدأ الحديث قال لى: جولدا مائير، رئيسة الوزراء، مستعدة للحضور شخصياً إلى الولايات المتحدة، ولمدة ساعة من الزمن، لعرض قضيتها على الرئيس نيكسون والحصول على المساعدات اللازمة من السلاح، وستكون هذه الزيارة سرية، فرفضت فى الحال، دون أخذ رأى نيكسون، ورأيت أنه لن يقدم أحد على مثل هذا الاقتراح إلا فى أزمة هستيرية، أو محاولة ابتزاز بالتهديد، وزيارة كهذه تُبعد جولدا عن إسرائيل لمدة ست وثلاثين ساعة على الأقل، ومغادرة البلاد ورحى معركة ضارية تدور ستوضح ما عليه إسرائيل من هلع، وتشجع بقية العرب على الانضمام إلى المعركة، زد على ذلك أن غيابها سيكون له تأثير أكبر من تلك القرارات الجانبية التى تظن أنه يمكنها الوصول إليها، وعلمت فى اللحظة نفسها أن دايان كان يأمر بتراجع عام فى سيناء، وبينما لن يكون هناك إمكانية لحفظ سرية زيارة جولدا، سنُجبَر على الإعلان عن إرسال أسلحة ثقيلة لإسرائيل، وهذا بدوره يفقدنا إمكانية التوسط، كما نحمل العرب على بث نار غضبهم علينا، ونتيح للاتحاد السوفيتى حرية الحركة».
وأضاف «كيسنجر»: «فى الساعة التاسعة والدقيقة الأربعين من نفس اليوم دعوت فريق العمل الخاص إلى الاجتماع، واقتصر الحضور على أكبر ممثلى الوزارات، للتمكن من حفظ سرية الحديث. فأوردت لهم ما دار بينى وبين دينيتز، فارتاب الزملاء فى حديثى، وقال كينيت روس، باسم فريق وزارة الخارجية، الذى اتفق على تزويد إسرائيل بالسلاح ستكون مساندة علنية تؤثر على الموقف خلال الحرب وبعدها، لكن وزير الدفاع جيمس رودنى شليسنجر قال إنه لا يرى غضاضة فى إرسال أسلحة لا توجب وجود تقنيين أمريكيين، ثم تابع فقال: تنفيذ طلبات إسرائيل، وقلب ميزان المعارك، والعرب على أهبة الانتصار، يعنى نفث السم فى علاقاتنا مع العرب، وأرى أن الأحداث تجاوزت ما كنا نتوقع، وأن الحل الأفضل نظرياً هو أن تنجح إسرائيل فى طرد العرب، فلا تعرّض نفسها لكارثة، لكن هذا الأمر أصبح بعيداً، لقد عانت إسرائيل هزيمة استراتيجية، فلا يجب أن تسمح لنفسها أن تكون خسائرها ضعف خسائر خصمها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نصر أكتوبر الصراع العربي الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
تحدث الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير في العلاقات الدولية، عن جرائم الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، موضحًا أن كل ما تفعله إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن هي جرائم إبادة جماعية، إذ تستهدف قتل أكبر عدد من الفلسطينيين.
الحرب الإسرائيلية على غزة الأونروا: جميع قواعد الحرب تم انتهاكها في غزة مروة الشرقاوي لـ"الوفد": "قلوب صغيرة" رسالة من أطفال غزة للعالم وحلم تحقق في المهرجانوتابع “سيد أحمد”، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “هذا الصباح”، المذاع على فضائية “إكسترا نيوز”، :"إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين، سواء بالتهجير القسري أو القتل الجماعي".
وأضاف أن إسرائيل ترتكب كل الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، كما تخالف بذلك القانون الدولي، مشيرا إلى أنّها تواصل مجازرها رغم المناشدات الدولية والضغط الدولي، ما يعني أن هناك خلل في النظام الدولي ومجلس الأمن، مؤكدًا أن أمريكا والدول الغربية توفر الحماية لإسرائيل، ما شجع حكومة نتنياهو على المضي قدما وراء ارتكاب المجازر.
وأختتم تصريحاته قائلًا: “لا يمر يوم إلا ونسمع عن مجزرة جماعية من نساء وأطفال وهدم منازل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي عدم ردع إسرائيل يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم”.
أونروا شريان رئيس لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامها
قال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إحدى بنوك أهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنها تعتبر هدفا مسبقا للاحتلال من قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف «عبد العاطي» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن استهداف الاحتلال لأونروا تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع، موضحًا أن الوكالة تحظى بعمل أممي واسع من الجمعية العامة يجدد لها كل ثلاث سنوات.
ولفت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليس لها الحق في سن تشريعات تفرضها على الأمم المتحدة، إذ أن القانون الدولي يعلو على قوانين ودساتير الدول عدا أن هناك جزء من المنظمة الأممية التي على دولة الاحتلال احترامها واحترام العاملين بها.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال لم تحترم الأمين العام ولا أي من المنظمات الدولية التي تعوق عملها، متابعًا: «وكالة أونروا تعتبر شريان رئيس لمساعدة غزة، إذ أنها تقدم المساعدات لسكان قطاع غزة الذين يعيشون جراء جريمة الإبادة الجماعية».