هل كان البروفيسور آكيو تاكاهارا كبير مستشاري الأبحاث بمعهد جاكا أوغاتا ساداكو للسلام والتنمية باليابان منحازا إلى الغرب والنظام العالمي وهو يتحدث عن الصين في هذا الحوار؟ كان هذا السؤال يدور في ذهنينا ونحن نعد الحوار للنشر، ورغم أن الرجل، وهو صاحب خبرة وتجربة لا يمكن الاستهانة بها، أكد أن العالم يعيش أحد أسوأ مراحل الانقسام التي مر بها وأن الأمم المتحدة تحتاج إلى إعادة هيكلة وإلى المزيد من «الديمقراطية» إلا أن إجاباته لم تخلُ من بعض التحفظ، ومارس دور الرجل الدبلوماسي في الكثير من ردوده.

تحدث الباحث عن أن الصين ليست مؤهلة في هذا الوقت لتكون قوة عظمى منافسة للولايات المتحدة أو بديلة عنها لسبب رئيسي يتمثل في أن صعود مؤسساتها وبناء بنيتها الأساسية قد تم في وقت واحد ولذلك لن تستطيع ترميم هذه المؤسسات فيما لو احتاجت إلى ترميم في الوقت نفسه!

ويري الباحث أن العولمة ستستمر مستفيدة من التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، وأن التاريخ الإنساني مستمر، بل الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت أننا لم نتقدم كثيرًا كبشر كما نعتقد.. ولذلك فإن التاريخ لم ينته كما أعتقد فوكوياما قبل عقود.

وإلى تفاصيل الحوار الذي دار مع البروفيسور خلال زيارته لجريدة «عمان»:

*كيف تقيم الوضع العالمي اليوم؟

أرى المزيد من الانقسام بين الدول، ورأينا ظواهر سياسية تدل على ذلك كما حدث في «بريكست» مثالا، وعلى صعيد الدولة الواحدة نستطيع أن نرى اليوم اختلافًا واضحًا بين الأشخاص الذين لديهم وصول للعولمة وأدواتها ومميزاتها وغيرهم، مما يخلق خطا فاصلا عميقا في المردود المادي لكل فئة، والثقافة، وطرق التفكير.

وبالرجوع إلى الانقسامات بين الدول رأينا بالفعل «فرض القوى العسكرية الصينية» وتصاعد الأحداث في جنوب بحر الصين، والصراع الروسي الأوكراني وهو انقسام كبير يشهده العالم، وعلينا أن نتحد مرة أخرى.

*وبالنسبة لكل هذه المتغيرات التي تحدثت عنها كيف ترى تأثيرها في المشهد السياسي العالمي وعلى النظام العالمي الحالي، خاصة بالنظر إلى الديناميكيات بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين؟

بعد انتهاء الحرب الباردة، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى الوحيدة تقريبًا، والآن مع تصاعد ونمو الصين يمكن أن نقول إنها يمكن أن تصبح المنافس الوحيد لها.

إن وجود انقسامات واختلافات سياسية داخلية في أمريكا، يجعل الصين تعتقد أن هناك فرصة أكبر لها لفرض هيمنتها على العالم. ولكنني شخصيًا لا أعتقد أنها نمت بالشكل الكافي الذي يؤهلها لزعم أنها قوة عظمى أخرى منافسة بحق.

*في رأيك، هل يتجه العالم نحو نظام متعدد الأقطاب مع توزيع متساوٍ للقوى بين الدول، أو أننا سنشهد عالما أكثر أحادية تسوده مصالح الدولة الواحدة؟

نعم، على المدى الطويل، أعتقد أن العالم سيكون متعدد الأقطاب، ولكن لا أعتقد أن ذلك سيحدث في وقت قريب، فالولايات المتحدة لديها امتيازات تجعلها الأكثر قوة لوقت أطول كالقوى العسكرية، وهيمنة الدولار وارتباطه بالاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى عوامل أخرى تؤهلها للنمو بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة.. ومن وجهة نظري بصفتي متخصصا، أرى أن الصين تعاني من مشكلات جادة، وعندما نقارن معدل النمو عند الاثنين أرى أن الولايات المتحدة هي المتقدمة.

*ما التحديات التي تعاني منها الصين والتي تمنعها من التقدم عن الولايات المتحدة من وجهة نظرك؟

هناك العديد من التحديات.. فالصين قد نجحت في النمو بشكل سريع جدًا في الأربعين سنة الماضية، وعليه فإن جميع المباني والطرق والبنى التحتية يمكن أن تتداعى وتهترئ في الوقت نفسه كما تم إنشاؤها في الوقت نفسه، وإذا كانت الصين محظوظة في الظروف السابقة أن تبني كل هذا في وقت قياسي فمن الممكن أن لا تتهيأ لها الظروف ذاتها الاقتصادية لتعيد بناء وإصلاح كل شيء من جديد في وقت واحد مرة أخرى. والصينيون غير معروفين بإعادة التهيئة، فحين تصبح بعض المباني لديهم قديمة، على سبيل المثال، يلجؤون إلى هدمها بدلا من إصلاحها.

*وهل غياب النظام الديمقراطي في الصين يعد أحد هذه التحديات؟

نعم بالتأكيد، وإذا تحدثت إلى الشعب الصيني، فإن المتعلمين منهم وحتى قادة الأحزاب يعون أن النظام الحالي القائم لن يصمد طويلا.

* ما مدى فعالية المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة في ظل المناخ الجيوسياسي الحالي، وكيف يمكن إصلاح هذه المؤسسات لتتناسب بشكل أفضل مع الاحتياجات المتطورة للمجتمع الدولي؟

هذا سؤال مهم جدًا، وقد رأى الجميع كيف أن الأمم المتحدة كانت غير فاعلة حين قامت روسيا بشن حرب على أوكرانيا وهي عضو في مجلس الأمن، إذ لم تلعب أي دور في وقف ذلك، وأصبح جليا للجميع أننا بحاجة للإصلاح في نظام الأمم المتحدة، ولكن يبقى السؤال في كيفية تحقيق ذلك!. هناك جدال حول ما إذا كان بالإمكان إعادة تشكيل أو توزيع العضويات الدائمة في المجلس، ومجلس الأمن، وقد لا يكون ذلك كافيًا، فنحن بحاجة للمزيد من الديمقراطية في هذه المنظمة.

*بالنظر إلى صعود الأنظمة الاستبدادية والتراجع الواضح للديمقراطية على مستوى العالم، ما هو منظورك لمستقبل الحكم الديمقراطي وتحدياته؟

لا أعتقد أن هناك تراجعا في الديمقراطية، بل هناك تحديات تواجهها، وهي تحديات تواجهها النظم الاستبدادية أيضًا، وتكمن في الانقسام والفجوة الثقافية والفكرية بين الناس وبين أولئك المتصلين بالمجتمع الدولي ونقيضهم.

* لكن كيف تفسر ما حدث في أمريكا في نهاية حكم ترامب عندما انقلب رئيس أكبر دولة ديمقراطية على الديمقراطية نفسها؟

هذه كانت أزمة في الديمقراطية الأمريكية، ولكن في دولة ديمقراطية أخرى كاليابان لم يحدث شيء كهذا من قبل، ولا أعتقد أن ما حدث في الولايات المتحدة سيؤثر بالضرورة على بقية الدول، ففي النهاية سترغب الشعوب بتغيير الأنظمة الاستبدادية. في الصين على سبيل المثال، كوني أكثر إطلاعًا بشؤونها، الناس لا يريدون الديمقراطية لأنهم ببساطة يجهلون ما هي، وما يريدونه حقًا هو سيادة القانون، وأن لا تقوم الأحزاب الحاكمة بإساءة استخدام السلطة، وهو ما تسعى الديمقراطية لتحقيقه في المقام الأول.

*نظراً للتوترات الجيوسياسية والاقتصادية القائمة، ما الاحتمالات الواقعية للتقارب بين الولايات المتحدة والصين؟

أعتقد أن المنافسة ستستمر سواءً بين الولايات المتحدة والصين أو الصين واليابان، ولكن هناك دائمًا جانب آخر من العلاقات بين هذه الدول وهو التعاون، وقد يقول قائل إن العلاقة بين اليابان والصين متوترة دائمًا، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الجوانب التي نتعاون فيها والأمر ذاته بين الصين والولايات المتحدة.

*كيف تؤثر الأيديولوجيات والقيم السياسية المختلفة بين الصين وأمريكا على تفاعلاتهما على الساحة الدولية، وهل يمكن أن يكون هناك تعاون هادف على الرغم من هذه الاختلافات؟

للإجابة عن سؤالك، سنأخذ الصين واليابان مثالا، عندما حيدنا علاقتنا مع الصين قبل واحد وخمسين عام تقريبًا، كان هناك بالفعل اختلافات بين نظام الحكم والنظم المجتمعية والثقافية، ولكننا قلنا لبعض إن هذه اختلافات بسيطة أو طفيفة يمكن تجاوزها ومد جسور أخرى لبناء علاقة جيدة ووفاق فيما بيننا، وقد استطعنا تحقيق ذلك بالفعل لسنوات عديدة، ولكننا الآن نشعر أن اختلاف الأنظمة ما بيننا أصبح مهما ولا يمكن إهماله.

تتحدث الصين عن نظام حكمها وسياساتها الديمقراطية بلغة مثالية ولكن أفعالها لا تعكس ذلك، ولو كانت هناك ديمقراطية بالفعل لما كان الشعب أو الأحزاب المعارضة أو الإعلام سيسمح بتمرير بعض الأفعال التي تحدث، ولكن النقد غير مرحب به في الصين، مما يتعارض مفهوم الديمقراطية.

*كيف تقيم دور الجهات الفاعلة الإقليمية، مثل اليابان، في التوسط أو التأثير على العلاقات الصينية الأمريكية، وهل تتوقع أي تحولات سياسية كبيرة من طوكيو في المستقبل القريب؟

ليس من السهل التوسط بين بلدين كالصين والولايات المتحدة، ولكن لابد أن هناك دورا يمكن القيام به هنا. وما يمكن أن نقوم به يتمثل في توعية الناس في البلدين بضرورة ألا يتمسكوا بآراء متطرفة حول دولة معينة ورفض التعامل معها بتاتًا ونذكرهم أن هناك مجالات يمكن أن نتعاون فيها، وأن نذكر الشعب الصيني أن التغيير الذي يطمحون إليه يمكن أن يحدث بأيديهم ومن الداخل، ويمكن لليابان هنا أن تدعو المزيد من الصينيين إليها من جميع الأعمار وأطياف المجتمع لرؤية النظام الذي تنتقده عن قرب، وقد رأينا علاقة فعلية بين ارتفاع عدد الأشخاص الصينيين الذين قدموا لليابان وبين عدد الصينيين الذين تكونت لديهم صورة جيدة أو أفضل عن اليابان كونهم رأوا الصورة الحقيقة لها الأمر الذي يخدم العلاقة بين البلدين.

* كيف تتوقع تطور العلاقات بين القوى الكبرى خلال العقد المقبل، خاصة فيما يتعلق بالتعاون في القضايا العالمية مثل تغير المناخ والأوبئة؟

بما إن الدول كالولايات المتحدة وروسيا واليابان والصين تعاني من مشكلات مماثلة كالتغيير المناخي والأوبئة على سبيل المثال فإنها لابد أن تتعاون فيما بينها لتجاوزها، ولكنها في بادئ الأمر وكما رأينا في أزمة «كوفيد 19» تغلق على نفسها لحماية شعبها أولا من ثم تمد أذرع التعاون للوصول إلى حلول مشتركة.

*حاولت الصين خلال أزمة كوفيد أن تقترب أكثر من دول العالم وتثبت حسن نواياها معهم عبر دبلوماسية اللقاحات.. وكانت مبادرة إنسانية مهمة؟

بالفعل، قامت الصين باتباع دبلوماسية اللقاحات، والأقنعة وقدمت المساعدات، وقد نجحت في تحسين صورتها في بعض الحالات، ولكن أعتقد أنهم اخفقوا لأنهم بالغوا في الأمر.

*هل يمكنك تحديد المسارات المحتملة التي يمكن أن تؤدي إلى التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الدول ذات الأنظمة والقيم السياسية المختلفة؟

يمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على الإنسان نفسه ومصلحته، كما تفعل اليابان الآن خلال محاولاتها لنصرة مفهوم «الأمن البشري» أو «الأمن الإنساني» في السياسات العالمية، وكيف يمكن أن نتعاون مرة أخرى مع الانقسام الذي يعانيه العالم، وهي قضية مهمة ولبها هو: توفير أو حماية حياة الناس، وكرامتهم.

* لأي مدى يمكن لمفهوم العولمة أن يصمد خلال العقود القادمة، وهل يمكن أن ننظر إليه بشكل متفائل مرة أخرى، خاصة بعد أزمة الإمدادات التي شهدها العالم خلال انتشار جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية؟

أعتقد أن العولمة ستستمر باستمرار تطور التكنولوجيا حيث يتمكن الناس من التحدث مع أي شخص في العالم، والتنقل بسرعة، ولن تعود للحدود الأهمية التي كانت تحملها في السابق. إلا أنه في النهاية يتواصل الناس ويتناقلون البضائع بشكل أكبر ضمن حدود جغرافية معينة وعليه لابد من تكوين هويات محددة وتحديد وضبط حركة البضائع والأفكار وحتى الأوبئة، وهي حاجة أساسية للبشر من الصعب أن تنتهي.

*أترى أن نظرية نهاية التاريخ لفوكوياما قائمة أم أنها سقطت؟

أعتقد أن التاريخ الإنساني مستمر بالطبع، ولعل الأزمة الروسية الأوكرانية أظهرت لنا أننا لم نتقدم كثيرًا كبشر كما نعتقد، فبعد الحرب العالمية الثانية التي لم تنتهِ منذ زمن طويل، نسينا الكوارث التي تخلفها الحرب وسرنا ننشئ أخرى، وعليه أرى أنه يجب علينا دومًا أن نتذكر أهمية السلام، وسيتطلب الأمر الكثير من الوقت حتى يصل الناس لمرحلة تنتهي فيها الحرب بشكل نهائي وعلينا تذكر الدروس التي ورثتها الحروب العالمية للعالم، وزيارة موقع قنبلة هيروشيما لموعظة أكبر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمم المتحدة بین الدول مرة أخرى یمکن أن أن هناک فی وقت

إقرأ أيضاً:

اللواء محمود توفيق وزير الداخلية: لا تزال آفة الإرهاب في مقدمة التحديات التي تواجه بلادنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك اللواء محمود توفيق وزير الداخلية فى إجتماعات الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب بالعاصمة التونسية والتى تهدف إلى تبادل الخبرات وتفعيل العمل الأمنى العربى المشترك بما يعود بالإستقرار على الشعوب العربية

وجاء نص كلمته كالاتي 

بسم الله الرحمن الرحيم
معالى السيد  خالد النورى
وزير داخلية الجمهورية التونسية
صاحب السمو الملكى  الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف
وزير داخلية المملكة العربية السعودية  الرئيس الفخرى لمجلس وزراء الداخلية العرب
معالى الشيخ عبدالله على عبدالله الصباح
وزير الدفاع بدولة الكويت
رئيس الدورة الثانية والأربعين للمجلس
معالى الدكتور  محمد بن على كومان
أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب
السادة الحضور
 يشرفنى فى مستهل كلمتى.. أن أنقل لحضراتكم تحيات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى.. رئيس جمهورية مصر العربية.. وتمنياته لمجلسكم الموقر بالتوفيق فى تحقيق أهدافه والسداد لإنجاز المهام المتعاظمة الملقاة على عاتقه.. كما أود أن أتوجه ببالغ الشكر وعظيم التقدير.. لفخامة الرئيس قيس سعيد، وللحكومة والشعب التونسى الشقيق.. على حفاوة الإستقبال.. راجيًا لمسيرة الجمهورية التونسية المزيد من التقدم والتنمية.

أصحاب السمو والمعالى.. السيدات والسادة:
• يأتى إجتماعنا اليوم.. وسط تحديات متسارعة يواجهها عالمنا العربى ومحيطنا الإقليمى فى ظل تصاعد حدة الصراعات والتوترات التى تلقى بظلالها السلبية على أمن وإستقرار المنطقة بما يستلزم مواصلة تعزيز التعاون الأمنى وتطوير آفاق التكامل العربى وتوحيد المواقف والرؤى وتكريس الجهود المشتركة لتحقيق الإستباق الأمنى وترسيخ واقع آمن لبلادنا.
• وفى هذا الإطار تؤكد مصر رفضها لأى طرح يستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو يدعو لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه التاريخية وتحذر من تداعيات تلك الأفكار وإنعكاسها على أسس أمن وإستقرار المنطقة.
• وإنطلاقا من موقفها الثابت الداعم للإستقرار العربى والإقليمى ترتكز ثوابت السياسة المصرية على الحفاظ على مفهوم الدولة الوطنية ومجابهة أية مخططات من شأنها المساس بسيادتها وسلامة أراضيها  أو التدخل فى شئونها الداخلية وفقًا لثوابت ومقتضيات المواثيق العربية والدولية.
السادة الحضور:
• لا تزال آفة الإرهاب فى مقدمة التحديات التى تواجه بلادنا.. فى ظل إستمرار محاولات التنظيمات الإرهابية إستغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة فى إستعادة قدراتها وإعادة تمركزها وإتخاذها لمناطق الصراعات منطلقا لأنشطتها، كذا تطويع التقنيات الحديثة لنشر الفكر المتطرف وتكوين بؤر إرهابية جديدة ودفعها لتنفيذ أعمال عنف وتخريب بأسلوب ما يسمى بـ "الذئاب المنفردة" بالتوازى مع الإستمرار فى مخططات نشر الفوضى عبر ترويج الشائعات وإستقطاب الشباب ودفعهم لإستهداف مقدرات بلادهم، وهو ما يتطلب مواصلة تعزيز منظومة التعاون الأمنى العربى على المستوى الثنائى والمتعدد عبر آليات مجلسنا الموقر تحقيقًا للرصد الإستباقى لمستجدات حركة وأنماط تلك التنظيمات وتنسيق الجهود المشتركة لدحرها وتقويض قدراتها وتجفيف منابع تمويلها.
• وفى سياق متصل.. تتصاعد مخاطر وتداعيات الجريمة المنظمة عبر الوطنية بصورها المختلفة وتأتى فى مقدمتها المحاولات المستمرة لإغراق دولنا بالمواد المخدرة عبر إستحداث أنماط جديدة لتصنيع وتهريب المؤثرات النفسية والمخدرات التخليقية فى محاولة لتجاوز إجراءات المكافحة والتدابير الوقائية فضلًا عن تنامى الأنشطة الإجرامية المتعلقة بتهريب الأسلحة والذخائر والهجرة غير الشرعية وإقترانها بجرائم غسل الأموال المتحصلة عنها.
• وإدراكا لأهمية حماية شعوبنا من هذا الخطر الذى لا يقل عن خطر الإرهاب.. تم إنشاء مقرًا جديدًا لمكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة وتزويده بالتقنيات الحديثة التى تمكنه من مواكبة التطور النوعى لتلك الجرائم وإستحداث المركز المصرى الدولى للتدريب على مكافحة المخدرات ودعمه بأحدث الإمكانيات والوسائط التدريبية لصقل المهارات وتنمية الخبرات وترحب الوزارة بإستضافة المركز لدورات تدريبية مشتركة فى إطار التعاون العربى فى مجال المكافحة.
• وفى ظل التطورات والطفرات اللامحدودة.. التى تشهدها تكنولوجيا المعلومات وتطبيقات الذكاء الإصطناعى تزداد حجم التحديات الأمنية نتيجة لتصاعد وتنوع صور الجريمة الإلكترونية وفى مقدمتها جرائم القرصنة والإبتزاز والإحتيال الإلكترونى وغسل الأموال ونشر الأفكار المتطرفة وتمويل الإرهاب بإستخدام العملات الرقمية المشفرة بما يستدعى أهمية التعاون المشترك للتصدى لهذه الظواهر الإجرامية وتنفيذ البرامج التدريبية لصقل المهارات فى هذا المجال.
• وفى هذا الإطار.. فقد إستحدثت وزارة الداخلية المصرية مركز العمليات الأمنية لبناء منظومة تكنولوجية متكاملة ترتكز على توظيف تطبيقات الذكاء الإصطناعى لمواكبة التطور المتسارع للأساليب الإجرامية ودعم عمليات إتخاذ القرار الأمنى وترحب الوزارة بتبادل الخبرات وتنفيذ البرامج التدريبية المشتركة مع الأجهزة النظيرة بالدول العربية الشقيقة 
• ولقد أثبتت الحقائق النتائج الإيجابية للتعاون العربى القائم.. فى التصدى لتلك التحديات من خلال تبادل المعلومات والخبرات بين الأجهزة الأمنية المختصة وتعزيز آليات المواجهة الحاسمة للظواهر الإجرامية وتداعياتها السلبية على مجتمعاتنا بما يساهم فى ترسيخ مفهوم الأمن العربى الشامل وتحقيق التفوق والأخذ بزمام المبادأة فى مواجهة الجريمة.
السادة الحضور:
• تحرص الوزارة على إستكمال خطتها للإرتقاء بمعايير حقوق الإنسان وقد أضحت التجربة المصرية فى تطبيق مفهوم العدالة الإصلاحية نموذجًا رائدًا وفقًا لأعلى المعايير الدولية بتحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز إصلاح وتأهيل وتطبيق برامج متكاملة تستهدف إعادة صياغة شخصية المحكوم عليهم سلوكيًا ومهنيًا بما يؤهلهم للإندماج بالمجتمع كأفراد صالحين عقب قضاء فترة العقوبة الأمر الذى لاقى إشادة من المنظمات والهيئات الدولية المعنية وترحب الوزارة بإستقبال المتخصصين بدولنا العربية الشقيقة للإطلاع على نتائج تلك التجربة وتبادل الخبرات حول السياسات العقابية الحديثة.
• وإدراكًا لأهمية التعاون المشترك عبر آليات مجلس وزراء الداخلية العرب.. إستضافت الوزارة خلال العام المنقضى المؤتمرين (الثانى والعشرين لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية العربية - والعاشر للمسئولين عن حقوق الإنسان بوزارات الداخلية العربية).. كما قامت بالتعاون مع المكتب العربى للتوعية الأمنية والإعلام وحقوق الإنسان التابع للمجلس بتنظيم فعاليات تدريبية وبحثية وورش عمل بمجالى حقوق الإنسان والإعلام الأمنى ومن المقرر مواصلة تطوير تلك الأنشطة خلال العام الحالى لتعظيم الإستفادة منها فضلًا عن إستضافة المؤتمر الحادى عشر للمسئولين عن حقوق الإنسان خلال شهر سبتمبر القادم.
• وعلى صعيد تعزيز أطر تقريب الفكر الأمنى العربى.. نظمت الوزارة على مدار العام الماضى (66) دورة تدريبية وورشة عمل بمختلف مجالات العمل الأمنى بمشاركة (625) متدرب من الدول العربية الشقيقة.. كما قدمت (228) منحة دراسية لأشقائنا من الكوادر الشرطية العربية بكليتى الشرطة والدراسات العليا خلال العام الدراسى الحالى فضلًا عن إستحداث نظام التعليم عن بعد للدراسة بكلية الدراسات العليا لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الدارسين للإستفادة العلمية.
أصحاب السمو  والمعالى.. السيدات والسادة:
• أود فى نهاية كلمتى أن أتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكى الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير داخلية المملكة العربية السعودية الرئيس الفخرى لمجلسنا الموقر على الدعم المتواصل للمجلس والحرص على نجاح دوراته المتعاقبة.
• وأتوجه بالتحية لمعالى الشيخ / عبد العزيز بن فيصل آل ثانى وزير الدولة للشئون الداخلية بدولة قطر للجهود الكبيرة التى بذلها خلال رئاسته للدورة الحادية والأربعون للمجلس.. وأعرب عن خالص تمنياتى لمعالى الشيخ / عبدالله على عبدالله الصباح - وزير الدفاع بدولة الكويت داعيًا الله عز وجل أن يوفقه فى رئاسته لدورة المجلس الجديدة، والشكر موصول للأمانة العامة للمجلس والسيد الدكتور  محمد بن على كومان الأمين العام على الجهود الحكيمة فى تطوير وتفعيل أعمال المجلس بما يساهم فى تعزيز التعاون العربى.
وختامًا أسأل الله العلى القدير أن يسدد جهودنا لما فيه خير أمتنا العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

https://youtu.be/jdeaiVJHoWc?si=cdnj_Hdq1ei0h0bW

مقالات مشابهة

  • نتنياهو وكاتس : خطة ترامب الوحيدة التي يمكن أن تنجح
  • مجلة بريطانية: هذه تحديات تواجه البنتاغون في عهد ترامب
  • اللواء محمود توفيق وزير الداخلية: لا تزال آفة الإرهاب في مقدمة التحديات التي تواجه بلادنا
  • باني: المدينة التي بداخلها عصبية قبلية لا يمكن أن تُبنى وترتقي وتتقدم
  • وزير الشؤون الدينية والأوقاف: الأوقاف السودانية في المملكة تواجه تحديات ونسعى لتفعيلها لخدمة الحجاج والمعتمرين
  • أمل الحناوي: الجهود المصرية نجحت في تذليل العقبات التي تواجه اتفاق الهدنة بغزة
  • الزراعة تكشف التحديات الكبيرة التي تواجه استدامة الغابات الشجرية بمصر
  • فرنجية في ذكرى الحريري: نفتقده رجل حوار واعتدال والأمل مستمر بسعد الحريري
  • نيسان تواجه تحديات مالية كبيرة بعد فشل صفقة الاندماج مع هوندا
  • تحديات غير مسبوقة تهدد وحدة الاتحاد الأوروبي.. فيديو