منهج تعليمي لـ كأس العالم ٢٠٣٤
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
إعلان سمو ولي العهد نية ترشح المملكة لتنظيم كأس العالم ٢٠٣٤م هو تأكيد على قدرة المملكة على استضافة الفعاليات العالمية، بل أبعد من ذلك فإن مثل هذه الفعاليات هي إبراز لما وصلت إلى المملكة من تقدم في مجالات البنية التحتية والتنظيم وتعكس الازدهار في شتى المجالات.
وتنظيم مثل هذه الفعاليات العالمية تنعكس بشكل كبير على اقتصادات البلدان المنظمة وتجلب الفرص المختلفة، بل تصبح هذه الفعاليات سبب رئيس في زيادة أعداد السائحين ومكتشفي البلدان، وأيضا فإن الإيجابيات والفرص التي تنشأ بسبب هذا التنظيم كثيرة ولا يكفيها مقال.
وإذا نظرنا لتاريخ إقامة كأس العالم ٢٠٣٤م فهذا يعني أن أمامنا قرابة ١٠ سنوات من الإعداد والتخطيط والتنظيم، وبالتالي فإنني سأتناول شق مهم وهو ضرورة إعداد منهج تعليمي وتثقيفي وتربوي يبرز للأجيال المتعلمة الاطلاع على أهم البروتوكولات في استضافة الزوار، والفرص التي يمكن جنيها من خلال الترحيب بالأجانب والضيوف، وكيف يمكننا العمل مؤسسات وأفراد على تقديم تظاهرة عالمية استثنائية.
المنهج التعليمي سيعمل على نشر المعرفة بين الطلبة فيما يتعلق بتحسين وتعزيز مفاهيم كثير مثل قيادة السيارات واحترام تنظيم المرور والعابرين، وكيف يمكن للمواطن أن يصبح جزء من نجاح هذه التظاهرة من خلال التفاعل مع الأنشطة المختلفة مثل استضافة الأجانب في المنازل وعكس طبيعة الثقافة السعودية على وجودهم وبالتالي تحقيق أقصي المستهدفات من هذه التظاهرة.
إذا ماذا يمكن لهذا المنهج أن يقدم للدارس مثلا، إنه بلا شك سيثري تجربته في تعلم فن البروتوكول والتواصل، فيبرز التقدم والتطور التكنولوجي والمعرفي للمملكة، وزياد الوعي الثقافي لدى الأفراد، وتعليم فن التواصل مع الآخر، وتحويل الفرد لمؤسسة علاقات عامة، وبناء علاقات ودية، وبناء سمعة طيبة أيضا، وصناعة الرأي العالمي تجاه هذه التظاهرة.
بقي القول، إن مثل هذه المناهج تسهم في التقدم الحضاري وإظهار السلوك الراقي للمواطن والبلد، تساهم في زيادة الألفة مع الزائرين وبالتالي سنستطيع أن نحقق من تنظيم كأس العالم الفوائد الجمة والتي ستنعكس على الصورة الذهنية للمملكة، ونيل أقصى الفوائد من تظاهرة عالمية كتظاهرة كأس العالم ٢٠٣٤م.
حسن النجراني، باحث دكتوراه في المحتوى والإدارة الإعلامية، جامعة كمبلوتنسي مدريد، إسبانيا
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: کأس العالم
إقرأ أيضاً:
إضاءة الزوايا المعتمة
#إضاءة_الزوايا_المعتمة
د. #هاشم_غرايبه
طوال قرن انصرم، أشبعنا العلمانيون العرب لحد التخمة، بمقولاتهم التي تظهر الأوروبيين بغاية الرقي، وانهم يتحلون بالأخلاق الحميدة، فلا يكذبون ولايظلمون، وبأنهم منظمون بطبيعتهم ويحترمون القانون بقناعتهم.
وحقيقة هنالك قدر ما من الصحة في ذلك، لكن بالمقابل إغفال مقصود لكثير من الرذائل والصفات القبيحة الغالبةعلى طباعهم، التي تزيد كثيرا عن المتوسط العام لما يتصف به غيرهم من شعوب العالم.
كان الهدف من وراء ذلك التجميل المبالغ فيه أمران: أولهما الدعوة لاتباع منهج العلمانية على اعتبار أنه الذي انتج كل تلك الفضائل، وأنه هو الذي حقق لهم التقدم الباهر.
وثانيهما الصد عن منهج الله بتحميله وزر ما نحن فيه من تخلف، وتبرئة الغرب من التسلط والنهب والإفساد والإفقار الذي فرضه المستعمرون علينا.
الموضوعية تفترض قول الحقيقة بلا تركيزعلى جانب والتعتيم على آخر، لكني استميح القارئ العذر هنا، لأنني سأسلط الضوء على الجانب المظلم فقط الذي أغفله علمانيونا قصدا، لأنهم يعانون من حَوَلٍ فكري، فلا يرون في تاريخنا المشرق إلا المراحل المؤسفة النادرة، مثل موقعة صفين والجمل وكربلاء.
أنا أدّعي أن الأوروبيين قساة القلوب بطبعهم، وربما أن ما جعلهم كذلك هي ظروف بيئتهم، وتزاحمهم، وغياب الوازع العقدي، وخلو قيمهم من صيغ التراحم والتكافل المجتمعي، وإضافة إلى ذلك فهم منشئو النظام الرأسمالي الحر، الذي يتيح التصارع لأجل تحقيق المكسب، ويعتبر افتراس القوي للضعيف معيار النجاح.
وخير ما يكشف حقيقة قيمهم وروح تراثهم الثقافي… أفلام الغرب الأمريكي (الكاوبوي).
لإثبات ادعائي أقدم الأدلة التالية:
1 – كانت التسلية الممتعة عند الرومان حلبة الموت (الكولسيوم) فتحضر الأسرة بكاملها لمشاهدة الأسود المفترسة التي يتم تجويعها ثم إطلاقها على الأسرى رجالا ونساء وأطفالا فتلتهمهم، أو مشاهدة المبارزات بين العبيد حتى الموت، والإسبان الى اليوم يستمتعون بمصارعة الثيران التي تنتهي بقتلها.
2 – بدأت الحروب الطاحنة بينهم منذ فجر التاريخ، وأذكر منها كأمثلة: ففي الحروب القائمة على أساس الخلاف المذهبي قامت أكثر من عشرين حربا أطولها كانت حرب الثمانين عاما في الأراضي المنخفضة وسط أوروبا، لكن أشهرها حرب الثلاثين عاما بين مناصري الكاثوليكية وعلى رأسهم فرنسا ومناصري البروتستانتية وعلى رأسهم ألمانيا وتسببت بهلاك أحد عشر مليونا، وفقدت ألمانيا ثلث سكانها فجعلوا تعدد الزوجات إجباريا.
وفي الحروب الأهلية كانت هنالك أكثر من أربعين حربا منذ القرن الخامس عشر وحتى التاسع عشر، وفي القرن العشرين، لم يحل التقدم والعلمنة والديمقراطية دون نشوبها، بل كانت أشد ضراوة، فذهب ضحية الحرب الإسبانية عشرات الملايين، والحرب البلشفية في روسيا سبعة ملايين ما عدا عشرات الملايين الذين أعدمهم ستالين فيما بعد.
أما الحروب بين الدول والقوميات الأوروبية فهي الأعنف بين كل الأمم، وأبرزها كانت حروب نابليون وقتل أكثر من ستة ملايين، وفي حرب السنوات السبع بين بريطانيا وفرنسا قتل ما يزيد عن الأربعة عشر مليونا.
في الحرب العالمية الأولى التي بدأت بين النمسا وصربيا قتل ما يزيد عن العشرين مليون إنسان، وفي الحرب العالمية الثانية قتل نحو خمسة وثمانين مليونا عدا عن الدمار الهائل لكل شيء.
3 – خارج قارتهم كانوا أكثر توحشا، فقد اجتاحوا كافة أرجاء العالم القديم: في أفريقيا سلبوها خيراتها واستعبدوا أهلها ولم يتركوها إلا متخلفة جائعة، وفي آسيا نهبوا وقتلوا وعاثوا الفساد في كل بقعة وصلوها، بعكس ادعائهم أنهم جاءوا لنشر الحضارة والتقدم.
كما احتلوا ثلاث قارات جديدة هي الأمريكتين واوستراليا، فاستباحوها وأبادوا سكانها الأصليين، ومحوا ثقافتهم ولغتهم وحضاراتهم العريقة.
4 – ولا يتسع المجال لذكر كل شرورهم في حروبهم الحديثة ضد المسلمين في البوسنة والشيشان وافغانستان والعراق وباقي الأقطار العربية.
لكن أبشع جرائمهم كان أنهم رغم تشدقهم بقيم التحضر والديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد احتلوا فلسطين وشردوا أهلها، والى اليوم يرفضون إعادتهم الى أرضهم أو إحقاق حقهم الإنساني الأولي بالعيش في أمان وكرامة.
بالمقابل فمتبعو منهج الله خاضوا حروبا مع بعضهم ومع غيرهم خلال الفترة نفسها، فكم قتلوا أودمروا!؟.
ودخلوا أقطارا كثيرة لكنهم لم يفسدوا ولم ينهبوا، والدليل أن شعوبها اختاروا البقاء على منهج الله بعد انهزام الدولة الإسلامية، لكنهم بعد خروج المستعمرين الأوروبيين، عادوا الى ثقافتهم ولغتهم الأصلية.