جاءت عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطنيية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بشكل مفاجئ وغير مسبوق، لتعيد إلى الأذهاب كيفية اندلاع حرب أكتوبر، لا سيما أنها جاءت أيضا في يوم السبت ومع حلول أحد الأعياد اليهودية.

وأكد محللون أن هذه العملية جاءت وسط فشل استخبارتي إسرائيلي كبير، عجز عن تقدير الموقف والتعامل معه، بحسب ما أكدوا لـ"عربي21".



"ثقة في غير مكانها"
قال الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله: إن انهيار المنظومة الأمنية الإسرائيلية مرده إلى العديد من الأسباب وأبرزها: تزامن العملية مع فترة الأعياد الإسرائيلية، و"الثقة الكاملة" والاعتقاد الاسرائيلي أن تهدئة الأمور مع غزة تتعلق ببعض الامتيازات والتسهيلات الاقتصادية.

وذكر عطا الله أن "إسرائيل" كانت مطمئنة جدا من أن الأمر يدور في هذا الإطار ضمن التسهيلات والامتيازات، وبالتالي هي فشلت بشكل كبير، مضيفا أن العملية كانت "مفاجئة جدا وهذا شيء لم يتوقعه أحد".


وأكد أن الاحتلال لم يُقدّر الواقع واعتبر أن قطاع غزة منطقة باتت "تحت السيطرة وتراقبها العيون والطائرات والاختراقات"، إلا أن تجنيد المئات أو الآلاف من المقاومين بهذه السرعة، وإيصال موعد ساعة الصفر لهم بدقة وسرية، إضافة إلى تعليمات اقتحام المستوطنات، كشف مدى فداحة الفشل الأمني الإسرائيلي".

يذكر أن موقع "والا" الإسرائيلي أكد أن جيش الاحتلال خاض اشتباكات مع مسلحين فلسطينيين في عدد كبير من المواقع على حدود قطاع غزة، في حين أكدت الإذاعة الإسرائيلية أن حماس أسرت 35 إسرائيليا حتى الآن.

وأوضح عطا الله أن موازين القوى المُعتقدة سابقا لم تكن تسمح بهذه المعركة التي تمثل القوة الإسرائيلية مقابل القوة الفلسطينية، فالأمر مفاجئ وحتى أجهزه الاستخبارات الإسرائيلية في حالة من الصدمة والمفاجأة الكبيرة.

وأشار إلى أن صورة بدء المعركة الحالية ستبقى عالقة في الذهن الإسرائيلي، نظرا لتشابهها مع حرب أكتوبر، التي ما زال النقاش العام في "إسرائيل" يتناولها، كما أن الصدمة حولها لم تغادر حتى بعد مرور نصف قرن.

وذكر أن الصدمة هذه المرة أكبر نظرا لأن المعركة بدأت داخل البلدات الإسرائيلية والأراضي المحتلة، وليس مثل حرب أكتوبر داخل الأراضي المصرية.

وشدد عطا الله أن الائتلاف الحكومي الحالي يمر بمرحلة عصيبة، مع ذلك من غير المرجح تفكيكه حاليا، إلا أن لجنة تحقيق من الممكن أن تقضي عليه لاحقا، مثلما حدث في لجنة عام 1973، عندما جرى إقالة رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية، ثم خرج الشارع الإسرائيلي وطالب برحيل رئيسة الوزراء غولدا مئير، ووزير الحرب موشيه ديان. 

تحذيرات سابقة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن العملية الاستباقية المفاجئة لم تربك المنظومة الأمنية وجيش الاحتلال فقط، بل الحكومة والمجتمع الإسرائيلي برمته، مضيفا أن "ما يتناقله المحللون السياسيون والأمنيون والصحفيون الإسرائيليون، هو الحديث عن صدمة تعيشها دوله الاحتلال".

وأكد إبراهيم أن "التساؤلات عن أين كانت الأجهزة الأمنية؟ وماذا تفعل؟ ولماذا لا يوجد رد سريع بصورة واضحة؟ وكيف اقتحم المقاومون عددا من المستوطنات؟ تعيد التذكير بتصريحات الجنرال الإسرائيلي، إسحاق بريك، الذي حذر منذ سنوات أن الجيش الإسرائيلي فيه مشكلة وخلل كبير".

يذكر أن مسؤول الشكاوي السابق في جيش الاحتلال، اللواء احتياط إسحاق بريك، قد حذر من أكثر من مناسبة خلال السنوات الماضية من خلل معين بجهوزية الجيش فيما يتعلق بمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، أو مواجهة حرب متعددة الجبهات.


وأضاف إبراهيم أن "ما جرى يشبهه بعض الإسرائيليين بحرب أكتوبر، نظرا لعنصر المفاجاة"، موضحا أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي من يتحمل مسؤولية ذلك، خاصة جهاز الاستخبارات العسكرية الذي "كان يتبجح ويقول إنه ستكون هناك حرب من حزب الله من الشمال".

وأشار إلى أنه من الواضح وجود خلل كبير ورئيسي لدى المنظومة الأمنية برمتها في الجيش أو في جهاز الأمن العام "الشاباك" أو في غيره، مع أن "هذا السيناريو الذي نراه اليوم كانت المقاومة قد حذرت منه، وسط أحاديث كبيره خلال السنوات الماضية بعد 2012 و 2014 والاستعدادات الكثيفة لها".

وقال إن "إسرائيل اعتمدت على أن ما جرى على الحدود مؤخرا من أحداث وتظاهرات هو من أجل تسهيلات مالية واقتصادية وضغط على دولة الاحتلال، مضيفا أن  "جزءا هذا قد يكون صحيحا، لكن من الواضح أن المقاومة لم تتوقف".

ورجح أنه "ربما كان لدى المقاومة معلومات حول نية إسرائيل القيام بعملية عسركية ما، لذا هي فاجأت الجميع بهذا الرد، نظرا لما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تحدث الضيف".

وشدد أن الخطير هو "كيف تم ذلك وكيف تسلل الفدائيون وحتى بعد ساعات لم توجد ردود واضحة من الجيش الإسرائيلي"، مضيفا "اعتقد أن هذا خلل وخلل كبير سنسمع كثيرا بعد هذه العملية عن ردود فعل غاضبة ليس المستوى السياسي فقط بل على مستوى الجيش الإسرائيلي الذي يمتلك قدرات هائلة من تكنولوجيا وطائرات استطلاع، وهو الذي يراقب في كل ثانية كل منطقة في قطاع غزة".

يذكر أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن تقارير تفيد باحتجاز عشرات الرهائن الإسرائيليين في غزة من قبل حماس، في حين أشار موقع يديعوت أحرونوت إلى أن مسلحين فلسطينيين سحبوا 3 عربات عسكرية على الأقل إلى داخل غزة.

وقال إبراهيم إن "الرد تأخر رغم إعلان إسرائيل الحرب بسبب إدراكها لخطورة الموقف ولاحتمالية وجود جنود أو مستوطنين مختطفين".

تآكل الردع
وأضاف أن "رد إسرائيل المنتظر سيكون أكثر من مألوف، إلا أنه متوقع لدى الفلسطينيين بأن يتمثل بارتكاب جرائم حرب وتدمير البنية التحتية وسفك دماء الفلسطينيين".

وأوضح إبراهيم أن هذه الأحداث تثبت "تآكل الردع الإسرائيلي، ويظهر مثال ذلك بما يحدث في الضفة الغربية المحتلة وليس في غزة فقط".


وبيّن أن غزة "لم تستنفر بعد كل قوتها حتى الآن، وهي تضرب بتكتيك معين على المناطق الحدودية ووسط فلسطين المحتلة، ومن هذا يظهر أن المقاومة مستعدة تماما بل واستنفرت أيضا في الشمال وفي سوريا وفي غيرها من المناطق".

وتسببت عملية المقاومة الواسعة بصدمة لمختلف المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيث استهدفت المستوطنات والمدن الإسرائيلية وخاصة تل أبيب برشقات صاروخية مكثفة بالتزامن مع تسلل عناصر المقاومة للمستوطنات القريبة من القطاع وخوض اشتباكات مسلحة معها. 

ووثقت مشاهد لعناصر المقاومة وهي تقتحم قواعد عسكرية قرب القطاع، إضافة لأسر جنود للاحتلال أحياء وآخرين قتلى. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال حرب غزة القدس غزة الاحتلال حرب طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب أکتوبر عطا الله

إقرأ أيضاً:

قصة بسموت مؤسس سايت بت الإسرائيلية.. من منقذ أرواح إلى غريق في طوفان الأقصى

تأثر آدم بسموت عندما شهد حالة غرق لرجل في الـ70 من عمره على شواطئ البحر الميت، وفور أن عاد إلى عمله في جامعة بن غوريون في بئر السبع المحتلة باشر العمل على مشروع ذكاء اصطناعي يساهم في إنقاذ الغرقى على الشواطئ عبر مراقبتهم وتوقع الأمواج العاتية المفاجئة، ولكنه لم يستطع أن ينقذ نفسه وزملاءه من الغرق في طوفان الأقصى.

بالطبع، نظرة بسموت للحياة تتوقف عند أبناء جلدته، فقد انضم إلى قوات الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن حرب غزة الأخيرة، وكان ضمن قوة مكونة من 20 جنديا مكلفة بتفخيخ المباني أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتلهم في أسوء يوم يمر على الجيش الإسرائيلي في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي حيث قتلوا في انفجار قذيفة صاروخية من نوع "آر بي جي" استهدفت دبابة كانت متوقفة أمام مبنيين كان الجيش قد فخّخهما تمهيدا لهدمهما في جنوب قطاع غزة.

تسخير الذكاء الاصطناعي لإنقاذ الحياة

أسس بسموت شركة "سايت بت" (SightBit) عام 2019 بعد أن شهد حالة الغرق في البحر الميت وكيف كانت جهود الإنقاذ غير مجدية بسبب تأخرها كثيرا، هذه الحادثة دفعت بسموت لأن يبحث عن آلية لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومحاولة توقع حالات الغرق والأفراد المعرضين للغرق بشكل سريع لتنبيه السلطات المختصة وإنقاذهم بينما يظل هناك وقت لذلك.

واعتمدت الشركة على ميزانية تأسيس تجاوزت مليون دولار، وفي عام 2023 تمكنت من جمع مليون دولار أخرى على شكل استثمار أولي في الشركة ليزيد من حجمها وتطوير التقنيات الخاصة بها، وذلك لأن الشركة تسد ثغرة يعاني منها خفر السواحل وقوات الإنقاذ البحري بسبب نقص الكوادر المدربة وتأخر وقت الاستجابة.

ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن الغرق هو ثالث أسباب الوفاة انتشارا في العالم، إذ يحصد سنويا أرواح 372 ألف شخص في مختلف بقاع العالم وعبر مختلف أنواع المسطحات المائية سواء كانت بحارا أو فيضانات أو أنهارا صغيرة، كما أن منظمة الصحة العالمية ترى أن الغرق هو "طاعون قابل للشفاء" عبر تطوير التقنيات اللازمة، وهذه الرؤية هي التي جعلت مشروع بسموت مطلوبا في مختلف المناطق حول العالم.

وبعد إطلاق شركة "سايت بت" والتجربة الناجحة لأنظمة الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الغرقى والتنبؤ بحالات الغرق، وجد المستثمرون قطاعا آخر يمكن أن تزدهر فيه الشركة، وهو توقع حالات الفيضانات والانفجارات المائية في مختلف المدن، وفورا بدأ بسموت في تطوير النظام بشكل يجعله قادرا على توقع الفيضانات، وبعدها تمكن من بيع النظام لعدة شواطئ ومؤسسات في كندا والولايات المتحدة وأستراليا.

آلية لمراقبة حركة المياه وتوقعها

في قلب تقنيات "سايت بت" تأتي خوارزميات التوقع ومراقبة حركة المياه، إذ تمت برمجة هذه الخوارزمية لمراقبة أي تحرك وتغير في النشاط المائي مهما كان صغيرا، وبعد ذلك توقع الخطوات المستقبلية لهذا التغير، كأن تولد دوامة تجذب السباحين أو تدفع المياه إلى خارج الجسد المائي فضلا عن الوصول إلى مصدر التدفق المائي في حالات انفجار البنية التحتية أو الطوفان.

وتعتمد هذه الآلية على عدسات الكاميرا لمراقبة التغير وتسجيله، وذلك عبر أي نوع من أنواع الكاميرا مهما كان معتادا ولا يملك مستشعرات أو تقنيات مستقبلية، وينطبق هذا الأمر على كاميرات المراقبة المدنية فضلا عن كاميرات المراقبة المنزلية، وربما كان هذا من أسباب تميز منظومة "سايت بت" كونها لا تحتاج إلى معدات خاصة.

ويمكن تطبيق الآلية الخاصة بالشركة على جميع المسطحات المائية وفي جميع الحالات، إذ تستطيع التقنية مراقبة البشر المصطافين على شواطئ البحر أو حتى الشوارع والمناطق السكنية للتنبيه قبل حدوث الكارثة ليتمكن العاملون المدنيون من تدارك الأزمة قبل تفاقمها.

غرق بسموت ومشروعه في طوفان غزة

مشروع بسموت كان يمكن أن ينقذ الآلاف إذا استمر وجوده وسط شركته، ولكنه ترك عمله في شركته التي أسسها لينقذ الأرواح من الغرق، والتحق كرقيب أول في قوات الاحتياط ليغرق الفلسطينيين بتفجير المباني، ولكن طوفان الأقصى ابتلعه مع 20 من زملائه عندما انهار مبنى أصيب بصاروخ آر بي جي أطلقه مسلحو حماس عليه وعلى جنود إسرائيليين آخرين؛ وهذا ما أدى لانفجار الألغام التي زرعها بسموت وزملاؤه وأدى إلى مقتلهم جميعا.

مقالات مشابهة

  • نادي الأسير: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 20 فلسطينيًا بالضفة الغربية
  • بالأرقام.. خسائر مذهلة ألحقها طوفان الأقصى بالجيش الإسرائيلي
  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ271 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • قصة بسموت مؤسس سايت بت الإسرائيلية.. من منقذ أرواح إلى غريق في طوفان الأقصى
  • صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء جراء العدوان إلى 37 ألفا و900 منذ طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ270 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • طوفان تغيير المعادلات والموازين
  • ماذا يعني انتقال إسرائيل إلى امرحلة الثالثة من الحرب على غزة؟
  • تطورات اليوم الـ269 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة