مجلة ألمانية تحذّر من سلام مُختل في اليمن يزيد من تمكين الحوثيين (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
سلطت مجلة ألمانية على مخاطر اختلال السلام في اليمن الذي يشهد حربا مدمرة منذ تسع سنوات مع التقارب السعودي الإيراني والمفاوضات المباشرة مؤخرا بين الرياض وجماعة الحوثي.
وحذرت مجلة "السياسة والمجتمع الدولي IPS-journal "" في تحليل أعدته الباحثة "ماجدالينا كيرشنر تحت عنوان "السلام وشد الحبل في اليمن" وترجمه للعربية "الموقع بوست" من مخاطر الجهود التوسعية العسكرية الجديدة التي يبذلها المتمردون الحوثيون مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة محتملة على السكان المدنيين الذين يعانون بالفعل.
وأضافت "للمرة الأولى من بداية الحرب، راح ضحيتها أكثر من 220 ألف شخص، سافر وفد كبير من الحوثيين إلى العاصمة السعودية الرياض في منتصف سبتمبر الماضي".
وتابعت "توقيت الزيارة، قبيل ذكرى السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، في 21 سبتمبر 2015 والتصعيد العسكري اللاحق بين المتمردين والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، يشير هذا التوقيت إلى نجاح دبلوماسي للحكام الفعليين لشمال اليمن".
وأشارت إلى أن هذا النجاح على الرغم من حقيقة أن التنازل الكبير الوحيد الذي قدموه حتى الآن كان الوقف المؤقت للهجمات العابرة للحدود بواسطة الصواريخ أو الطائرات المسيرة على الدول المجاورة كالسعودية أو الإمارات.
ويشير مراقبون بسخرية إلى أن الدافع الحقيقي للرياض ليس صناعة سلام شامل ودائم في اليمن الذي مزقته الحرب، ولكن "عدم إزعاج نجوم كرة القدم الأوروبيين الذين تم شراؤهم مؤخرا بأصوات الانفجارات". ومع ذلك، يظهر الحوثيون اهتماما حقيقيا بمواصلة المفاوضات مع الرياض واستغلال الزخم المفيد للانفراج الإيراني السعودي. وبدعم من طهران، تمكن الحوثيون من تطوير رادع عسكري موثوق به في السنوات الأخيرة. لم ينجح خصومهم اليمنيين الداخليين ولا مؤيديهم الإقليميين والدوليين في منع أو حتى عكس ترسيخ حكمهم على أجزاء كبيرة من البلاد وسكانها منذ عام 2015. ومع ذلك، مع انتهاء الغارات الجوية السعودية في أبريل 2022 وانتهاء الحرب، وبعد رفع الحصار الجوي والبحري الذي كان حاسما لتحقيق الرخاء الاقتصادي في شمال اليمن، يفتقر المتمردون الآن إلى محرك رئيسي لحشد وتأمين الدعم الشعبي داخل أراضيهم: العدوان الخارجي.
جهود التطبيع في الخارج، وتوطيد السلطة في الداخل
وذكرت "خلال الأشهر الماضية، تعالت الأصوات الناقدة بشكل ملحوظ، خاصة فيما يتعلق بحقيقة أنه في حين أن الإيرادات من الضرائب وزيادة الرسوم الجمركية على الواردات من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وتعزيز النشاط في ميناء الحديدة قد زادت بنحو نصف مليار دولار أمريكي بين أبريل ونوفمبر 2022، فيما يواصل موظفو القطاع العام انتظار رواتبهم ومعاشاتهم التي تأخرت منذ سنوات. كما جاءت الانتقادات من صفوف حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الوحدة الحاكم السابق، الذي كان ينتمي إليه رئيس وزراء حكومة الحوثيين، عبد العزيز بن حبتور، ووجهت إليه انتقادات انتهت بالإطاحة به بشكل مفاجئ من قبل مجلس الأمن الوطني في 27 سبتمبر. ومن ثم، فإن المفاوضات واحتمال الحصول على مكاسب مالية من السلام (أي دفعة اقتصادية ستحصل عليها الدولة من السلام الذي يلي الحرب) يمكن أن تكون مغرية وقد تشتري للمتمردين بعض الوقت في الداخل- حتى لو ظل من غير الواضح كيف يمكن التوفيق بين المدفوعات المقدمة من دولة مجاورة أو الحكومة المعترف بها دوليا، مع ادعائها بأنها الحكومة الشرعية الوحيدة في اليمن".
وأردفت "خلال الأشهر الأخيرة، اتخذت قيادة الحوثيين إجراءات أقوى وأكثر قمعية لتعزيز حكمها داخليا، حيث تجلى ذلك بشكل خاص في مجال التعليم ومن خلال القيود الكبيرة المفروضة على منظمات المجتمع المدني وحرية حركة المرأة. وقد وضع هذا الأخير، على وجه الخصوص، المتمردين على مسار المواجهة، وخاصة مع الدول الغربية المانحة، التي يشكل دعمها الإنساني مصدر رزق لأكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد".
وأوضحت أن هذه التوترات تتفاقم نظرا لحقيقة أن قدرة منظمات الإغاثة على منع إساءة استخدام المساعدات من قبل من هم في السلطة من خلال تقييمات مستقلة للاحتياجات يتم تقليصها بشكل منهجي وفي بعض الأحيان بشكل عنيف.
وأكدن أن تحسين العلاقات مع دول المنطقة، وهو ما يمكن أن يعوض عن انخفاض أو تعليق المساعدات من قبل الغرب، قد يساعد في تقليل تبعيات الحكام. وهذا ما يفسر كذلك سبب إعلان قيادة الحوثيين بشكل علني، في ذكرى الاستيلاء على العاصمة، عن رغبتها في معالجة أي مخاوف من جانب السعودية قد تقف في طريق التوصل إلى اتفاق، وأعربت عن نيتها مضاعفة جهود الاستعداد القتالي إذا لم يكن من الممكن تحقيق "سلام مشرف". وتأكدت هشاشة جهود التطبيع بين الخصوم السابقين عندما أدت غارة بطائرة مسيرة على دورية للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في المنطقة الحدودية السعودية مع اليمن إلى مقتل ثلاثة جنود بحرينيين في 25 سبتمبر.
عالقة في البداية: عملية السلام بين اليمنيين
تضيف "برغم أن البعد الدولي للصراع قد تراجع، إلا أن ذلك لم يصاحبه بعد تقدم كبير في السلام المحتمل بين اليمنيين. وفي أواخر سبتمبر، تم اعتقال مئات اليمنيين الذين احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية عام 1962 في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وعلى الرغم من أن الاشتباكات العسكرية بين المتمردين والقوات المسلحة التابعة للحكومة الشرعية وحلفائها، المتجمعة في مجلس القيادة الرئاسي، قد انخفضت بشكل كبير، إلا أن الهجمات على القوات الحكومية لم تتوقف. وفي يوليو 2023، استخدم المتمردون طائرات بدون طيار ودبابات قتالية ومدفعية في محافظة الضالع بجنوب غرب البلاد. ومع ذلك، فإن شكلا جديدا من الحرب الاقتصادية يضرب بقوة أكبر الحكومة اليمنية وخاصة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
فمنذ أكتوبر 2022، يستخدم الحوثيون الطائرات بدون طيار لشن هجمات على منشآت إنتاج وتصدير النفط الحيوية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. ووفقا لتقاريرها الخاصة، تكبدت الحكومة خسائر تزيد عن مليار دولار من الإيرادات كنتيجة لذلك. كما فرض الحوثيون حظرا على استيراد الغاز من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة وجعلوا من الصعب تجارة البضائع داخل اليمن، وخاصة تلك المستوردة عبر ميناء عدن".
وأفادت الكاتبة بأنه على الرغم "من تدخل السعودية لمساعدة الحكومة اليمنية المتعثرة من خلال التعهد بتقديم مساعدات اقتصادية بقيمة 1.2 مليار دولار في بداية أغسطس، إلا أن الوضع الاقتصادي لا يزال سيئا. فقد فقدت العملة الوطنية، الريال اليمني، ربع قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في العام الماضي وحده. وكثيراً ما اضطرت محطات الوقود إلى إغلاق أبوابها في الأشهر الأخيرة، واضطر الناس في مدينة عدن الجنوبية إلى تحمل انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 17 ساعة – في ظل درجات الحرارة الشديدة. ويتزايد الإحباط بين السكان، وقد حدثت حواجز طرق متكررة، ووقعت إصابات وحتى وفيات خلال الاحتجاجات. وعلى الرغم من الجهود المتزايدة التي يبذلها الشركاء الأوروبيون لدعم الحكومة من خلال المزيد من الزيارات المتكررة والحضور الأكبر في عدن، فإن الضعف الصارخ في مؤسسات الدولة وانعدام الوحدة بين الجهات الفاعلة الرئيسية في الجنوب لا يزال يمثل أكبر نقطة ضعف للحكومة".
الحلفاء السابقون أصبحوا منفصلين
تؤكد ماجدالينا أن هذه الديناميكيات اليمنية الداخلية تجعل استراتيجية التفاوض الحالية للسعودية، فضلا عن الدعم الذي تتلقاه من معظم الجهات الفاعلة الدولية، أكثر إشكالية. فقد فشل بيان صادر عن الحكومة الأمريكية بشأن محادثات الرياض في ذكر الحكومة اليمنية أو حقيقة أنها، إلى جانب الأمم المتحدة وأطراف الصراع الأخرى والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، مستبعدة من هذه "الجهود من أجل السلام".
ولفتت إلى أن الإمارات ثاني قوة إقليمية كبرى قد تشعر أن لها مخاطر كبيرة في الصراع، بأنها مستبعدة بنفس القدر. وقد يرى حلفاؤها، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى تحقيق هدف إقامة دولة جنوبية، أن مصالحهم الخاصة معرضة للخطر.
واستدركت "تعتبر العلاقة التي كانت وثيقة في السابق بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، الآن على نطاق واسع أنها انهارت. وفي الوقت نفسه، يجد الحلفاء السابقون أنفسهم الآن منفصلين بسبب تضارب المصالح الجيوسياسية الملموسة في اليمن والمضائق ذات الأهمية الاستراتيجية المحيطة بالبلاد".
واستطردت "لا ينبغي أن يكون مفاجئا إذ أن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، أعرب علنا عن انتقادات حادة لتصرفات الرياض على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن وجهة نظره، فإن "الصفقة السيئة"، التي يمكن أن تمهد الطريق في نهاية المطاف لاستيلاء الحوثيين بشكل كامل، ستؤدي في المقام الأول إلى سيطرة إيران ليس فقط على موارد النفط اليمنية ولكن أيضا على طرق التجارة ذات الأهمية الاستراتيجية.
وقالت "كما رفض بشدة فكرة المشاركة الأحادية للحوثيين في إيرادات الدولة المتولدة في الجنوب- خاصة في ظل حالة الطوارئ الحالية في المنطقة- وكذلك التنازلات المتعلقة بالرواتب أو الموانئ البحرية أو انسحاب القوات الأجنبية ردا على ذلك. ما يعتبره تكتيكات ابتزاز من قبل الحوثيين قبل التوصل إلى وقف فعلي لإطلاق النار".
كما تشير إلى أن المحادثات في السعودية توفر الأمل بمستقبل سلمي لليمن لأنها تسلط الضوء على المصالح السياسية الحقيقية للحوثيين، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي، مما يوفر أساسا لنفوذ كبير في مفاوضات طويلة المدى.
وزادت "ومع ذلك، طالما ظل الهدف الأساسي للمملكة يقتصر على الخروج من مشاركتها في الحرب لحفظ ماء الوجه وتأمين حدودها، فهناك خطر متزايد من قيام الحلفاء السابقين بعرقلة عملية السلام. بالإضافة إلى ذلك، فإن خطر الجهود التوسعية العسكرية الجديدة التي يبذلها المتمردون، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة محتملة على السكان المدنيين الذين يعانون بالفعل، يتزايد.
واختتمت مجدلينا أنه في ضوء هذه السيناريوهات، يجب على الجهات الفاعلة الدولية مثل الحكومة الألمانية تكثيف جهودها لتعزيز المصالحة اليمنية- اليمنية، بما في ذلك في المجالات المتعلقة بالتنمية والسياسة الاقتصادية، وتمكين المؤسسات السياسية من استعادة ثقة السكان الذين يشعرون بخيبة أمل متزايدة.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الحرب السعودية الحوثي الامارات على الرغم فی الیمن ومع ذلک من خلال إلى أن من قبل
إقرأ أيضاً:
هل يؤثر وصم الحوثيين بالإرهاب على القطاع المالي في اليمن؟
أثار قرار الإدارة الأميركية -إدراج الحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية- مخاوف من انعكاسات سلبية على القطاع المالي والإنساني في اليمن الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية بالعالم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في 22 يناير/كانون الثاني إدراج جماعة الحوثي على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قائلا إنه سيوجه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها مع الكيانات التي قدمت مدفوعات لهذه الجماعة.
وذكر البيت الأبيض -في بيان- حيثيات هذا القرار، مرجعا ذلك إلى أن أنشطة الحوثيين "تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، كما تهدد أقرب شركائنا الإقليميين واستقرار التجارة العالمية".
وردا على ذلك، اعتبرت حكومة الحوثيين في بيان بأن "التصنيف لن يزيد الشعب اليمني وقواه السياسية الحرة وفي المقدمة أنصار الله إلا ثباتًا وصمودًا على الحق ودفاعًا".
وحذر بيان الحوثيين من أن "هذا القرار القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني".
وفي السياق، رحب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بالقرار الأميركي، واعتبر ذلك "مدخلا لإحلال السلام والاستقرار" في البلاد والمنطقة.
إعلانوبحث العليمي مع أحمد غالب محافظ المركزي اليمني في عدن "ضمان تدفق المعونات الإغاثية في عموم اليمن، والحد من أي تأثيرات للقرار الأميركي على القطاع المالي في البلاد" وفق خبر نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).
تعليق نشاط الأمم المتحدةعقب يومين من القرار الأميركي، تصاعد التوتر بين الحوثيين والأمم المتحدة، حيث أعلنت الأخيرة -في بيان- تعليق جميع تحركاتها الرسمية ضمن وإلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي شمالي البلاد.
وجاء هذا القرار عقب اتهام الحوثيين بـ"احتجاز المزيد من الموظفين الأمميين العاملين في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم" حسب البيان.
وتوترت العلاقة بين الجانبين منذ أشهر، بعد اعتقال الحوثيين في يونيو/حزيران 2024 موظفين أمميين يمنيين.
كيف يبدو موقف الحوثيين؟في تصريح خاص للجزيرة نت، علق القيادي الحوثي البارز حميد عاصم على تأثيرات القرار الأميركي قائلا إن" أبناء اليمن بشكل عام هم من يتأثرون بسبب العقوبات الأميركية وليس القيادات".
وأضاف "98% من قيادات صنعاء لا توجد لديهم أرصدة في البنوك، لأن القيادة أتت على بنوك فارغة وعلى حصار مفروض على اليمن، وليست من القيادات التي تنهب وتسرق أموال اليمن".
وتابع عاصم -الذي سبق أن شارك عضوا في الفريق الحوثي بالمفاوضات- مخاطبا الإدارة الأميركية "هم يعلمون أن صنعاء تدير شؤون الدولة في مناطق سيطرتها بالحد الأدنى من الإمكانات".
وبشأن تأثير التصنيف على تدفق التحويلات المالية إلى اليمن، أوضح عاصم أن "التحويلات المالية للأفراد وللأسر اليمنية، وأي عقوبات يتضرر منها المواطنون".
وأرجع القيادي الحوثي أسباب القرار الأميركي إلى "موقف اليمن من العدوان الصهيوني الأميركي البريطاني على أهلنا في فلسطين" في إشارة إلى هجمات جماعته التي نفذتها بالبحر الأحمر وإسرائيل قائلة إنها مساندة لغزة.
إعلانوأردف "هي محاولة من أميركا لكسر إرادة اليمنيين، وهذا أمر صعب المنال".
وحول مدى تأثير القرار على المشاريع الإنسانية والتنموية، قال المسؤول الحوثي إن "المعونات المالية المقدمة لصنعاء شحيحة جدا، ونحن نسعى إلى العمل من أجل الاعتماد على مقدراتنا وإن كانت محدودة جدا".
وحول رد الجماعة على التصنيف الأميركي، صرح عاصم" تلك العقوبات قد تدفع قيادتنا لاستخدام ما لديها من وسائل ضغط على دول العدوان وخاصة الدول العربية المعتدية وكذلك الأميركيين، والوسائل كثيرة أهمها القوة التي يمتلكها اليمن ".
وبعد ساعات من قرار ترامب، حذرت منظمة أوكسفام الدولية -في بيان- من أن "إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية تشكل ضربة أخرى لليمنيين الذين وقعوا في فخ الصراع المميت الذي استمر لمدة 10 سنوات".
وأضاف البيان "استعدت البنوك لتقليص أنشطتها، وبدأت المنظمات الإنسانية في التخطيط لتصعيد كبير مع موارد أقل وقيود أكثر".
والخميس الماضي، حذر الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن (غير حكومي مقره صنعاء) من أن التصنيف الأميركي للحوثيين "ستكون له تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني وتوجهات السلام في المنطقة والعالم".
وفي السياق، شكا الشاب اليمني ناصر من إيقافه مؤخرا عن العمل في منظمة مجتمع مدني بصنعاء عقب قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
وكان ناصر يعمل موظفا عن بُعد في مجال إدخال وتحرير البيانات في المنظمة التي أشعرته مع زملائه المقيمين في صنعاء بالاستغناء عن خدماتهم حتى إشعار آخر.
وقال ناصر للجزيرة نت -مفضلاً عدم ذكر هويته الكاملة- إن المنظمة لم تخبرهم بمبررات القرار، لكنه أرجع ذلك إلى مخاوفها من عواقب التحويلات المالية إلى صنعاء في ظل هذا الظرف الحرج عقب تصنيف الحوثي منظمة إرهابية.
إعلانوأوضح المواطن أنه استند إلى دليل "يتمثل بأن موظفي المنظمة المقيمين في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية لم يتم الاستغناء عنهم"، وأضاف "توقفت أعمالنا فجأة وهذا محزن، لكن قد تأتي فرص أخرى فأملنا بالله كبير".
وتابع ناصر "منذ 10 سنوات، المدنيون هم يدفعون دوما ثمن الصراعات السياسية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل".
تأثيرات كبيرةتقع معظم البنوك اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين التي تحوي أيضا المقرات الرئيسية للمنظمات الأممية والدولية، مما قد يؤثر على الأنشطة المالية والإنسانية جراء القرار الأميركي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الخبير المصرفي عبد السلام الشجاع أن "تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية له تأثيرات كبيرة على كافة الأصعدة المالية والإنسانية".
وأضاف "سيؤثر التصنيف على المسار المالي، وستكون هنالك صعوبة في التحويلات المالية وتأخيرها، وارتفاع سعر تكلفة الترحيل للبنوك، وعدم استطاعة البنوك استقبال الحوالات الخارجية".
ولفت الخبير المصرفي إلى أن "المشروعات التنموية والمساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية والمحلية سوف تتأثر بشكل كبير وقد تتوقف نتيجة هذه التطورات".
ونبه الشجاع إلى أن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل عام يعانون من فقر مدقع، محذرا في الوقت ذاته من أن هذا التصنيف ستكون له انعكاسات سلبية على حالة المواطنين في المستقبل.
وللتعامل مع الوضع الحالي، يوصي الخبير اليمني بضرورة تسهيل عمل المنظمات الدولية والمحلية في صنعاء، وفتح مكاتب رئيسية لها في عدن، معتبرا أن اتخاذ ذلك قد يخفف من تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي.
ولفت إلى أن استقبال البنك المركزي في عدن للتمويلات الدولية يضمن عدم انقطاعها، وسيحد من أي تأثيرات على المشاريع التنموية التي تقوم بها الأمم المتحدة بالمناطق الشمالية لليمن.
من جانبه، يرى الباحث الاقتصادي رشيد الحداد أن "قرار التصنيف الأميركي الأخير يفرض قيودا على حركة وأنشطة المنظمات الدولية والوكالات الإنسانية، ويأتي في إطار ضغوط اقتصادية تمارسها واشنطن على حكومة صنعاء".
إعلانوأضاف الحداد المقيم في صنعاء -للجزيرة نت- أن هذا القرار يعد بمثابة "فرض عقاب جماعي على الشعب اليمني برمته" وأن تداعياته على القطاع الاقتصادي والحركة التجارية "ستكون سلبية".
وأوضح أن "المؤشرات تفيد بأن أي تصعيد اقتصادي يتخذ من أي طرف تنفيذا لقرار التصنيف الأميركي سيقابل بتصعيد موازٍ، خاصة أن حركة الحوثيين خرجت من المشاركة في معركة الإسناد أقوى عسكرياً وتمتلك قدرات عسكرية كبيرة وكذلك تواصل التحضر لجولة أخرى من الصراع".
وأفاد بأن "حركة الحوثيين تحتفظ بعوامل قوة قد تستخدمها في حال تشديد الحصار على صنعاء كتضيق الخناق للتجارة الدولية ووقف إمدادات الطاقة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما سيشعل أسعار النفط بالأسواق العالمية، وستفشل خطط ترامب لخفض التضخم بالأسواق الأميركية وقد ينتهي عصره الذهبي".
تضرر المغتربينيشير مراقبون إلى احتمالية تضرر المغتربين اليمنيين العاملين في الخارج، من حيث صعوبة التحويل المالي إلى أسرهم نتيجة الرقابة على الأموال المتدفقة إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي السياق، يقول الصحفي حمدان البكاري إن "قرار تصنيف الحوثيين سيؤثر على عائلات المغتربين التي تعتمد بشكل رئيسي على التحويلات المالية من أبنائها في الخارج".
وأضاف للجزيرة نت أن "هذا الأمر قد يسبب وصما سلبيا على السكان في تلك المناطق، ولأهاليهم المغتربين بالخارج من قبل شركات الصرافة والتحويلات المالية".
ويوضح البكاري أن قرار تصنيف الحوثيين سيخلف صعوبة كبيرة في التحويلات المالية، وفي رفع تكلفة الإرسال "إذا تمت إضافة بنوك أخرى محلية إلى قائمة الحظر من قبل الولايات المتحدة".
واعتبر أن وضع السكان في مناطق سيطرة الحوثيين قد يتأثر بشكل كبير، وربما تتسع رقعة الفقر مع نية إغلاق المنظمات لمكاتبها وشحة الأعمال.
ونبه بأن المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تعاني من ركود اقتصادي، وشح بالعملات الأجنبية، مما قد يسبب القرار الأميركي أزمة أكبر في وفرة النقد الأجنبي، وتعقيد مسار التحويلات المالية الذي يشكل مزيدا من معاناة المواطنين.
إعلان