في "بيت النبهية" لنسترد “المزرع” الذي كان
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
حمود بن سالم السيابي
هذا هو المزرع وعند عاضد ليمونه كانت تنتهي “غيل الدك” لتبدأ “حلّة النبهية”.
وهنا يستريح نهر الفيحاء الخالد بعد تطوافه الأفعواني بين مقاصير العلاية والسفالة إلى أن يضع فلج السمدي صواره الأخير في الساقية.
كان المزرع أكثر من مجرد حقل نخل امتلكه الوالد ، وأكثر من مجرد مال أخضر تغذى بعمره فارتقى مرتبة أجمل الأموال والأحب إلى قلبه.
كان المزرع هو الوحيد الذي يستسقي السمدي حتى الثمالات ، عكس بقية أمواله التي تفتح كفوفها إلى مياه القلعي وبلفاعي لتشرب.
وكما كان أكثر من مجرد مال أخضر للوالد كان بالنسبة لي ولأترابي خزيننا المطرز بالطفولة العذبة.
وحين أقول كانت عند عاضد ليمونه تنتهي غيل الدك ، فلأن العاضد ما عاد مكانه بعد أن تداعى كأيامنا.
وحين أستدكر المزرع أستذكر العاضد أو “الحضار” معه فهو تميُّز المزرع وتفرُّده على سائر الأموال.
وقد اتخذ الوالد عاضد الليمون ساترا أخضر ليحفظ للمكان خصوصيته فلا تخترقه عيون الماشين إلى “بيت الدختر” ولا تنفتح تفاصيله على عيون المصطبحين بكراريسهم وهم ينهبون المسافات باتجاه جامع سمائل الذي يحمل اليوم اسم جامع الشراة.
كما وقف عاضد الليمون والشاموم حائطا لصد الغبار المتطاير من سيارات “العريبيا” و”اللاندروبرات” التي تقطع النبهية مسرعة للحاق بعرصة السوق فتلقي بحمولتها من السلع.
كان المزرع يبعد عن بيوتنا في الصافية بغيل الدك بمسافة ليست بالقصيرة في حسابات طفولتنا.
وكنا نهرب إليه لوجود نارنجة سامقة زَرَعتْ نفسها بجانب “جديل” الساقية.
ويكاديجمع الكل على أن النارنجة هي نتاج ثمرة تساقطت من أحد أموال السفالة أو العلاية فحملتها ساقية السمدي حتى اندفنت في طين المزرع.
ومع الأيام تذكرت البذور سلالاتها فأكملتْ دورة الغرس حتى استطالت لتبلغ غدور النخيل في الجوار.
ولأن النارنج ليس بالبرتقال ليُقدَّمَ “فوالة” للضيف ، ولا بالليمون ليُعْصَر على صحن الغداء لوجود بعض الحلاوة في عصارته ، لذلك تُتْرَك ثماره في أمِّها لتكبر دون أن يعسفها “المحجان”. فالنارنج عند التزهير لأجل روائح “البِلْ” التي لا تضاهى ، وإذا ما اصفرَّتْ ثماره فلها رونقها وسط الدوحة الخضراء ، حتى إذا ما قاربت التيبُّس أسقطتها الرياح وحملها السمدي لمقصورة أخرى ، إلا إذا تسلطت عليها “فلعة” حصاة أو تصويبة “زاجول” فطرحتها أرضاً.
ووحده الشيخ العلامة عبدالله بن عامر العزري من احتفى بنارنجة الأخشبة واستقرَّتْ ألوانها الآسرة وميضا في عينيه :
لله نارنجة أهدتْ مكارمَها
إلى الكرام، فقاقتْ سائر الشجرِ
فتارة من رياحِ الطِّيبِ تَنْفَحهم
وتارةَ تُتْحِف الطُّلَّابَ بالثمرِ
فإن رآها اصْفِراراً فهو من خَجَلٍ
تخاف أن يَرْجِعَ الجَاني بلا ثَمَرِِ
كما ردَّتْ طفولتنا الاعتبار للرحيق البرتقالي وأقامتْ وزناً لثمار النارنج وعلى رأسها نارنجة المزرع.
وأتذكَّر أننا كنا نرتاد المزرع فنحمل “قُضَّ” ملح “عريشي” من مطبخ البيت و”هبشة” من دقيق الفلفل الأحمر داخل قريطيسة صغيرة بحجم الحرز.
ولكون نارنجة المزرع تجاور “جديل” الساقية فنتخذ من صفحة الجديل المُصَرَّجة طاولة للوليمة الشهية التي يبدأ التحضير لها “بفلْعَة” لغصن النارنج المثقل فيسَّاقط الثمر ثم تنشب الأظفار في القشر البرتقالي لاستخراج “شناخيل الحار حامض” فيتم تمريغها بفتيت الملح والفلفل قبل أن يبدأ الالتهام.
وبين زيارة وزيارة للظل يبقى الملح مكانه على الجديل المصرَّج فيتخثر ، بينما يترك الفلفل صبغته الحمراء ليفضح من خاتلوا العيون وهزُّوا النارنج وعسفوا بالمحجان الأغصان.
وعودة لعاضد المزرع الذي تنتهي تحت ظله غيل الدك في الجغرافيا السمائلية لأتذكر مواسم قطاف الليمون والشاموم بكل ما تمثله من مهرجان فرحٍ يجمع العائلة فتخرج من بيت الصافية ب”المحاجين” و”القفران” لتَعَسف الثمار.
ويبدأ القطاف بأول هزة لجذع أكبر شجرة من سيد الفرح يعقبها الهجوم الجماعي للشجر الوديع من هزٍّ للأغصان بالأيدي إلى عسف بالمحجان حيث يصعب وصول الأيدي.
ولا يتوقف الاحتراب إلا والشجر قد ألقى بدلاياته الخضراء لينتقل القطاف من ظل العاضد إلى سطوح بيت الصافية ليتشمَّس فيفقد الليمون اخضرار حبَّاته ، بينما تهوي السكاكين على حبَّات الشاموم فتزيل قشرتها الخضراء السميكة لتسمح لوهج الشمس بأن يتعمَّق في مجاهل الثمار لتكتسب لونها القرمزي.
وأتذكَّر أن المزرع كان يقدم نفسه بصف “نغايل” تطل على الرف التَّحْتي ومن النوع “الوليفي” الذي تطول رطيباته وتتميز بهشاشة بِسْرها وهو ما نسميه ب”الفَلْخ”.
لقد فسَلَ الوالد تلك “النغايل” في طفولتنا وكبرت وكبرنا معها فاحتزها الزمن.
أمّا بقية نخيل المزرع فهي بين “الخرايف والمباسلي والفروض” لتغطي القيظ بأكمله وتفيض بتمرها للشتاء.
وينقسم المزرع إلى رفَّين أحدهما أعلى من الثاني لطبوغرافية الأرض.
إلا أن الساقية كانت توحِّد رفوف كل المقاصير منذ شريعتها في الوادي وحتى “الصِّوار” الأخير.
وأتذكَّر يوماً جاء فيه سعيد بن عبدالله السيابي جارنا في الصافية ليستأذن الوالد السماح له بزراعة الرف العلوي ببقوليات المواسم مستثمرا المساحات بين النخيل ، فيما سيزرع الرف التحتي ب”الزّرع” كعلف للدواب.
ولقد رأي الوالد في الطلب منفعة للزارع وللمزرع ، فالنخيل ستستفيد لوجود من يرعاها ، وسيحصل سعيد على مقصورة ذات ماء دون عناء سوى تهيئة المكان والسقي.
لقد اجتهد الرجل فاخضر المكان وأينع الثمر وارتفعت قضيمات الزرع وتبارت الألوان مع نارنجة جديل الساقية.
ولأن لكل فرح خواتيمه فقد رحل سيد المزرع وتيبَّس الليمون والشاموم وانتحرت المواسم ، واستبدلت كل النخيل باستثناء مبسلي ونخلة حنضل من بقايا الزمن الأول فقد اغتال الزمان بعضا من فصول الطفولة وأزهاها.
لقد رحل الوالد ليبقى المزرع تذكاراً للأيام
ورحل سعيد بن عبد الله لتبقى حرقة المواسم.
واغتيلت الطفولة ليبقى اجترار الذكريات وتوسُّل الحنين.
إلا أن ما يطمئن أن المزرع ما زال في الأيادي الأمينة للعزيز أبي عصام ، فقد أطلق عليه اسم “بيت النبهية” بعد أن ضم إليه بيتا اشتراه من جار المكان ، وأضاف سبلة “طمَّاحية” ذات درايش تستشرف أزمنة العاضد وتستقبل “نَسِيمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرِيَّا الْقَرَنْفُلِ”
واستعار أبو عصام من اسم حلة النبهية ليخلعه على المزرع الذي كان.
كما حل جدار بيت النبهية محل عاضد الليمون الذي تيبس بفعل مكنسة العجوز ولم يتجدد رغم موت العجوز وانكسار مكنستها ، ربما لانتفاء الحاجة لصد الغبار بعد أن تم سفلتة الطرق وباتت الريح في غدوها ورواحها هي من يتولى كنس الغبار.
واجتث الزمان كل النغايل ذات الرطب الفلخ بالفسائل المستحدثة ، وأضيفت فسائل أخرى لتعوض النخيل التي تبرعت بنطاق ظلها وأراجيح سعفاتها لصالح امتدادات سبلة بيت النبهية.
وما زال الاخضرار مكانه وربما ازداد.
والساقية مكانها وربما اتسعت.
والشجر مكانه وربما تكاثر.
أما النارنجة المجاورة لجديل الساقية فلم تعد هناك ولا الجديل المتخثر بدقيق الملح والفلفل.
وأجيئ اليوم لزيارة العزيز إسحاق السيابي ولاستذكار ما نسيناه في المكان.
ومن محاسن الصدف أن ألتقي في بيت النبهية بالشيخ المكرم حاتم الطائي الذي جاء هو الآخر ليستعيد حلة الجعفرية على الضفة الثانية للوادي ويستذكر زمن آبائه الذين ارتقوا بيارق على مفارق الزمان.
ورغم أن أفراح العرب من البحر إلى البحر بحرب أكتوبر الثانية وبطوفان الأقصى هيمنت على جلسة بيت النبهية ، إلا أن عُمان وغدها المشرق كان لها النصيب الأهم في الساعات التي أمضيناها في ظل ثلاثين نارنجة مكان النارنجة الأولى.
وكان الشيخ المكرم الطائي حاتميا في الاسم والمسمى فتحدث بغزارة عن عودة الروح للعرب ثم انتقل بحاتمية فياضة إلى وادي سمائل الذي يجمعنا ، وبصفاء الرؤية التي يرأس تحريرها.
وكانت فرصة لنستمع من العزيز إسحاق السيابي عن رؤاه التي وضعها أمام الناخب لأجل الوطن الأكبر عمان ولمظلتنا الأصغر الفيحاء.
وقبل أن أغالب دموع المغادرة كنت أردد : ليت الوالد بيننا لنتابع ظله في المشي الأثير من الصافية إلى المزرع.
ليت سعيد بن عبدالله جاء الآن للاستئذان لبدء الزرع.
ليت صحن رطب فلخ تخرفه الأمنيات فوالة شوق
ليت تلويحة حصاة تفلع النارنجة لتنهدَّ ديمة برتقالية فينتعش الملح والفلفل.
وتبقى الحقيقة أن المزرع مكانه لكن الطفولة هي التي هربت منا ، لذلك نجتر حنين سيدنا الوالد لمرابع صباه باشتعال حنيننا لصبانا:
عهد الصبا هل إلى رجعاك إمكان
فقد تقضَّتْ بذاك العهد أزمانُ
كانت لياليكَ بالسَّرَّاء باسمةً
والكل من مَنْهَلِ اللَّذَّاتِ ريَّانُ
قد كانَ صَفْوُ الليالي فيكَ مُنْبَلجاً
فكدَّرَتْه من الأيامِ ألْوانُ
————————
سمائل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية تغادر منصة إكس.. ما الذي حدث؟
القرارات الأخيرة التي اتخذتها وسائل إعلام كبرى مثل "الغارديان" و"لا فانغوارديا"، وأخرى متخصصة مثل "سيكس تك غايد"، بمغادرة منصة إكس، سلطت الضوء على معضلة جديدة تواجه الإعلام العالمي: هل عليهم البقاء على منصة شعبية أصبحت مصدرًا رئيسيًا للأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية للحفاظ على أهميتهم؟ أم يغادرونها حفاظًا على مسؤولياتهم الأخلاقية؟
كانت منصة إكس (المعروفة سابقًا باسم تويتر) هي المكان المفضل لأي نقاش عالمي، لكنها شهدت تحولًا كبيرًا في سمعتها تحت قيادة الملياردير الجنوب أفريقي إيلون ماسك، الذي يصف نفسه بأنه "مدافع مطلق عن حرية التعبير".
هذا التدهور الأخلاقي لمنصة إكس تفاقم بشكل كبير مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، إذ أعلن ماسك عن دعمه الواضح لدونالد ترامب وحركة "اجعل أميركا عظيمة مجددًا"، مما حول المنصة إلى منبر لنشر الكراهية، العنصرية، وكراهية الأجانب.
مع بروز حسابات النازيين الجدد والقوميين البيض، وظهور السلوكيات العنصرية، وعمليات الكشف التعسفي عن البيانات الشخصية (doxxing)، وغيرها من الإساءة اليومية على المنصة، قرر العديد من وسائل الإعلام – بالإضافة إلى ملايين المستخدمين – مغادرة إكس بشكل نهائي. بالنسبة لهم، فإن مغادرة إكس كانت تعبيرًا واضحًا عن موقف أخلاقي ضد العنصرية والكراهية، وضد إساءة استخدام منصة كانت تُعتبر في السابق الساحة العامة العالمية.
إعلانولكن، هل يمثل انتقال وسائل الإعلام إلى بدائل، مثل: "بلوسكاي" حلًا حقيقيًا؟ أم أن ذلك يخلق مشكلات جديدة، مثل الفقاعات الأيديولوجية، والخسائر المالية، وتراجع التأثير؟
بالنسبة للكثيرين، فإن البقاء على إكس يُعتبر بمثابة موافقة ضمنية على الاتجاه الذي اتخذته المنصة تحت قيادة ماسك. بالنسبة لبعض وسائل الإعلام، خاصة تلك التي تتفاخر بهويتها التقدمية وقيمها الصحفية، فإن الانتماء إلى منصة مرتبطة بالجدل وبدعم ترامب أمر غير مقبول.
ولكن لا تزال منصة إكس تمتلك جمهورًا عالميًا واسعًا لا يمكن لأي منصة اجتماعية أخرى أن تضاهيه. قدرتها على الوصول إلى جمهور عالمي وتعزيز الرسائل لا يمكن تجاهلها. المغادرة الكاملة قد تعني قطع الصلة مع جمهور ضخم ما زال يعتمد على المنصة للحصول على الأخبار، مما قد يترك فراغًا يمكن أن تملأه مصادر أقل مصداقية أو حتى ماكينات الأخبار الكاذبة.
بالنسبة لأولئك الذين قرروا مغادرة إكس، ظهرت منصة "بلوسكاي" كخيار جذاب. هذه المنصة اللامركزية تقدم بيئة تكون فيها الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية أقل انتشارًا. هيكلها يَعِد بحوارات أكثر صحة وتوافقًا مع القيم. النقطة ليست أن "بلوسكاي" خالية تمامًا من الأخبار الزائفة أو خطاب الكراهية، ولكن طريقة عملها تقلل من انتشار هذا المحتوى بدلًا من الترويج له. بالإضافة إلى ذلك، توفر أدوات إضافية للمستخدمين للتحكم بشكل أفضل في المعلومات والمحتوى الذي يستهلكونه.
لكن "بلوسكاي" ليست خالية من العيوب. قاعدة مستخدميها أصغر بكثير، ونطاقها الجغرافي أكثر اعتدالًا مقارنة بـ "إكس". كما أن تصميمها، بحسب النقاد، قد يُخاطر بخلق فقاعات أيديولوجية: إذا أصبحت "بلوسكاي" ملاذًا للمستخدمين الليبراليين والصحفيين بشكل أساسي، فقد تؤدي إلى تكرار نفس الديناميكيات المعزولة التي يقول النقاد إنها تؤثر على المنصات البديلة الأخرى.
إعلانولكن، ينهار هذا النقد عندما نفكر في البديل الذي تقدمه إكس لـ"فقاعات" بلوسكاي المزعومة: منصة مفتوحة لجميع الأيديولوجيات، لكنها مدفوعة بالكراهية.
كما كتب الصحفي والأستاذ مارسيلو سواريز، "إكس ليست ساحة عامة، إنها مركز تسوق. لا توجد مناقشات حقيقية في مركز تسوق".
بخلاف إكس، التي تعتمد على إشعال الصراعات لزيادة التفاعل، تتيح بلوسكاي للمستخدمين السيطرة على تجربتهم، واختيار ما يظهر على صفحاتهم الخاصة دون تدخل خوارزمي. إذا اختار أحدهم العيش في "فقاعة"، فهذا قرار شخصي، وليس نتيجة لفرض هيكلي.
وفي المقابل، فإن بديل إكس للفقاعات يستبدل الاتصال بالعدائية، مما يحول المنصة إلى ساحة معارك بدلًا من مساحة للحوار.
هناك حجج أخرى ضد الانتقال الجماعي من إكس إلى "بلوسكاي". كما لاحظت الصحفية صوفيا سميث غالر على LinkedIn، فإن بلوسكاي منصة صُممت لتلبية احتياجات الصحفيين أكثر من جماهيرهم.
تذكرنا هذه الديناميكية بالعصر الذي كان فيه الصحفيون يهيمنون على منظومة تويتر، حيث كانوا يتفاعلون أساسًا مع بعضهم البعض. هذه الديناميكية، على الرغم من أنها مريحة للصحفيين، قد لا تترجم إلى تفاعل ذي مغزى مع الجمهور في عالم يتجه أكثر نحو المنصات المعتمدة على الفيديو مثل تيك توك، يوتيوب، وإنستغرام.
فتح حساب على بلوسكاي قد يكون إيجابيًا للصحفيين الذين يمكنهم التفاعل مع زملاء ذوي فكر مشابه دون مواجهة المضايقات من النازيين الجدد أو منظري المؤامرة. ولكن، هل توفر بديلًا حقيقيًا لـ "إكس" بالنسبة للمنظمات الإعلامية التي تحتاج إلى مشاركة محتواها مع جمهور أوسع وأكثر تنوعًا؟
ترك منصة إكس له أيضًا تداعيات عملية ومالية على وسائل الإعلام. لا تزال منصة ماسك تُعد مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الإعلانية. قاعدة إكس الجماهيرية الواسعة تجعلها منصة حيوية لجذب الزوار إلى المواقع الإخبارية وجذب المعلنين.
إعلانالتخلي عنها قد يؤدي إلى انخفاض التفاعل مع الجمهور، مما يؤثر على الإيرادات. أما "بلوسكاي"، و"ثريدز"، والمنصات البديلة الأخرى، فلا تزال في مراحلها المبكرة. قاعدتها الجماهيرية الصغرى، وإمكاناتها الإعلانية المحدودة، تجعلها أقل جاذبية للمؤسسات التي تعتمد على الانتشار الواسع لدعم عملياتها.
لحسن الحظ، فإن تصرفات ماسك على إكس، وعلى الساحة السياسية العالمية، تدفع الكثيرين بعيدًا عن المنصة. العديد من هؤلاء يجدون ملاذًا على بلوسكاي، مما يعني أن هذه المنصة قد تصبح يومًا ما مفيدة ومربحة مثل إكس بالنسبة لوسائل الإعلام. إذا اكتمل الخروج من إكس، وغادر كل من يعترض على تمرير الأخبار الزائفة والدعاية والكراهية كأخبار، فلن يكون لدى وسائل الإعلام الجادة أي سبب للبقاء هناك.
الخروج من إكس يعكس أكثر من مجرد تغيير في إستراتيجية وسائل الإعلام على وسائل التواصل الاجتماعي. إنه انعكاس للتحديات الأوسع التي تواجه الصحافة في العصر الرقمي.
وبينما تقدم منصات مثل "بلوسكاي" بصيص أمل، إلا أنها ليست الحل لجميع المشكلات التي تواجهها الصحافة اليوم. يتطلب الطريق إلى الأمام توازنًا دقيقًا: احتضان الابتكار دون التضحية بالقيم الأساسية للصحافة، والانضمام إلى شبكات اجتماعية أقل سمية، دون التخلي عن الجمهور.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية