لجريدة عمان:
2025-04-15@19:29:14 GMT

موسيقى عبر السينما

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

إذا كانت الموسيقى التي تتهادى إلى سمعي الآن غامضة إلى هذا الحد فكيف تحاول الكتابة أن تشرحها؟ كيف للغة أن تُعرِّفها دون أن يكون هذا التعريف أشبه بتشريح الوردة؟ غير أن السؤال الشعري -لا العلمي- عن معنى الموسيقى وهويتها لا يتوقف... ما هي إذن؟ أهي صفة من صفات الشعر؟ شكل من أشكال الكلام ربما؟ أم هي مزيج من الموجات الصوتية المبثوثة في الهواء المُعطَّر؟ وسرعان ما أهرب من محاولات القبض على تعريف وجداني للموسيقى، وتشخيص ماهيتها راضيا بالكتابة عن حبي لها فحسب، مستسلما للكتابة عن المحبة العميقة للموسيقى الخالية من الكلمات، الموسيقى التي تقول كل شيء دون أن تقول شيئا بعينه، تلك التي نفهمها على اختلاف أذواقنا ونؤولها كالرائحة ونتبعها إلى أعماق الآبار الجوفاء، باحثين فيها عن المعنى الغائب، المعنى الهارب من الكلمات، المفزوع من سطوة اللغة وسلطة الخطاب.

دائمًا ما أتذكر الأفلام والمسلسلات، وحتى الرسوم الكرتونية التي شاهدتها في طفولتي، بالعودة إلى الموسيقى، وكثيرًا ما يحدث العكس؛ أي أن تعيدني موسيقى معينة لأجواء فيلم ما كنت قد شاهدته في الماضي دون أن أتذكر اسمه وأحداثه بالضرورة. وربما يكمن سر هذا الارتباط التشعبي، المتأصل في ذاكرتي بين الموسيقى والأفلام، في حقيقة أنني لم أتعرض منذ البداية لموسيقى مستقلة، فلم أعرف الموسيقى في طفولتي (لأسباب تتعلق غالبا بالنشأة المحافظة) كفن خالص، حتى أن مادة الموسيقى التي بقيتُ أتلقاها في المدرسة لمدة عشر سنوات كانت ضعيفة بحيث لم تطبع فيَّ أي أثر معرفي أو فني أكثر من حفظ درجات السلَّم الموسيقي: دو- ري- مي- فا- صول- لا- سي. لذا بقيت الموسيقى فنا يتسرب وينبثق عن فنين آخرين، هما الغناء والسينما. ومنذ عرفت السينما عرفت معها شغفي بتتبع الموسيقى التي تصاحب مشاهدها. وهذا الشغف بملاحقة الموسيقى التصويرية للأفلام شغف خاص، يحتاج لوحده لكتابة أخرى.

أكتشف مثلا أنني أكتب الآن مسترسلا عن الموسيقى على وقع دقات قلب ملحن الأفلام الهوليودية، الأمريكي الشهير إلمر بيرنشتاين، في موسيقاه التصويرية لفيلم «The deep end of the Ocean». وفي الوقت نفسه أستعيد شيئًا قاله بيرنشتاين عن فيلم «The Magnificent Seven»: «إذا شاهدتَه بدون موسيقى فهو بطيء، وهذا أمر غريب بما فيه الكفاية» ويبدو لي أن رأيًا فنيًا كهذا يوحي، دون أن يقول فعلاً، بأن الحياة عمومًا هي أشبه بالفيلم الطويل الممل حين نجردها من خلفيتها الموسيقية.

وبالحديث عن إلمر بيرنشتاين الذي صادف أن دخلت إلى هذه الكتابة عبر موسيقاه، والذي لا تتوقف روائعه الموسيقية تجدُ مكانًا لها في قائمة استماعي على يوتيوب، أتذكر آخرين من أمثال العبقري البولندي زبيغنيو بريسنر، المؤلف الموسيقي الذي يحتل مكانة خاصة عند عشاق البولندي الآخر كريستوف كيشلوفسكي. وطبعًا، لا يكون الحديث عن هذا الثنائي البولندي إلا حديثًا عن ذلك التداخل الموسيقي السينمائي الساحر في ثلاثية ألوان كيشلوفسكي التي أخرجها في التسعينيات: أزرق وأبيض وأحمر. أما فيلم «الحياة المزدوجة لفيرونيكا» أو «حياة فيرونيكا المزدوجة» على حسب هوى المترجمين وآرائهم، الفيلم الحاصل على جائزة مهرجان كان السينمائي عام 1991، فلا أظن أن لأحد ممن شاهدوه أن ينسى موسيقى بريسنر الجنائزية التي رافقته «موسيقى الجنازة» التي تقول النجمة الفرنسية جولييت بينوش إنها سمعتها في بولندا مع مراسم جنازة كيشلوفسكي.

الأفضال الموسيقية للسينما في تجربتي لا تتوقف، والاكتشافات الموسيقية من خلال السينما تأتي مختلفة دائمًا، مصحوبة بحالة من الحنين الذي يتجاوز الإطار البصري للعمل. لا أنسى أن السينما دلتني على الملحن الفرنسي العظيم موريس جار، بعد مرات ومرات من مشاهدة فيلم «الرسالة» للمخرج السوري الأمريكي مصطفى العقَّاد، الفيلم الذي كانت بعض الفضائيات تعيد عرضه على شاشة التلفزيون مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف. عرفتني السينما المصرية إلى راجح داوود في «أرض الخوف» وإلى الموهبة الفذة والبصيرة الموسيقية الحادة لعمَّار الشريعي، عرفتني إلى عمر خيرت الذي تكلل إعجابي بموسيقاه يوم أن حضرت حفلته الرائعة في دار الأوبيرا بمسقط في فبراير العام الماضي. وعرَّفتني طفلاً، قبل هؤلاء جميعًا، إلى عمر خورشيد في العمل الشهير عن حرب أكتوبر التي نستذكر مآثرها هذه الأيام، فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي».

سالم الرحبي شاعر وكاتب

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الموسیقى التی دون أن

إقرأ أيضاً:

بعد غياب 8 سنوات.. حمادة هلال يعود إلى السينما

متابعة بتجــرد: بعد إعلان الفنان حمادة هلال عن انتهاء سلسلة “المداح”، بدأ على الفور رحلة البحث عن سيناريو قوي يعود من خلاله إلى شاشة السينما بعد غياب استمر أكثر من ثماني سنوات، منذ آخر أعماله السينمائية “شنطة حمزة” الذي عرض عام 2017 وشاركه بطولته كل من يسرا اللوزي، أحمد فتحي، وسامية الطرابلسي.

ويبدو أن حمادة هلال وجد ضالته في نص سينمائي جديد ينتمي إلى الكوميديا، حيث قرر من خلاله الابتعاد عن شخصية “صابر المداح” التي ارتبط بها لخمسة أعوام متتالية، وبدأ بالفعل عقد جلسات عمل لتحضير المشروع ووضع اللمسات النهائية على السيناريو تمهيدًا لانطلاق التصوير قريبًا.

وفي موازاة ذلك، يواصل حمادة هلال حاليًا البحث عن نص درامي مناسب للظهور به في الموسم الرمضاني المقبل، على أمل أن يحقق من خلاله نفس مستوى النجاح الذي حظيت به سلسلة “المداح” بأجزائها الخمسة.

يُذكر أن مسلسل “المداح 5” ضم نخبة كبيرة من النجوم، من بينهم: هبة مجدي، دنيا عبد العزيز، خالد سرحان، يسرا اللوزي، سهر الصايغ، محسن محيي الدين، أحمد بدير، حنان سليمان، محمد علي رزق، تامر شلتوت، غادة عادل، جوري بكر، وخالد الصاوي، وهو من تأليف أمين جمال، شريف يسري، ووليد أبو المجد، وإخراج أحمد سمير فرج.

main 2025-04-13Bitajarod

مقالات مشابهة

  • المسجد الأقصى يصبح على موسيقى صاخبة واحتفالات تلمودية واقتحامات متواصلة
  • مؤتمر بكيب تاون يناقش تعزيز الحقوق الموسيقية بأفريقيا
  • في عيد ميلاده.. حكاية حسن يوسف من نجومية السينما لحب عمره شمس البارودي
  • أول رد رسمي من المتحدث الإعلامي للمهن الموسيقية عن تجاوزات حفل محمد رمضان
  • جيناتنا مرتبطة بمدى استمتاعنا بسماع الموسيقى
  • محمد رمضان يرتدي "بدلة رقص" في مهرجان كوتشيلا بأمريكا.. والمهن الموسيقية ترد| شاهد
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «17»
  • تضامنا مع غزة.. مدينة صور تحيي أسبوع السينما الفلسطينية
  • بعد غياب 8 سنوات.. حمادة هلال يعود إلى السينما
  • يوتيوب تطلق أداة ذكاء اصطناعي جديدة لتوليد موسيقى خلفية مجانية للفيديوهات