لجريدة عمان:
2024-10-02@09:23:06 GMT

موسيقى عبر السينما

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

إذا كانت الموسيقى التي تتهادى إلى سمعي الآن غامضة إلى هذا الحد فكيف تحاول الكتابة أن تشرحها؟ كيف للغة أن تُعرِّفها دون أن يكون هذا التعريف أشبه بتشريح الوردة؟ غير أن السؤال الشعري -لا العلمي- عن معنى الموسيقى وهويتها لا يتوقف... ما هي إذن؟ أهي صفة من صفات الشعر؟ شكل من أشكال الكلام ربما؟ أم هي مزيج من الموجات الصوتية المبثوثة في الهواء المُعطَّر؟ وسرعان ما أهرب من محاولات القبض على تعريف وجداني للموسيقى، وتشخيص ماهيتها راضيا بالكتابة عن حبي لها فحسب، مستسلما للكتابة عن المحبة العميقة للموسيقى الخالية من الكلمات، الموسيقى التي تقول كل شيء دون أن تقول شيئا بعينه، تلك التي نفهمها على اختلاف أذواقنا ونؤولها كالرائحة ونتبعها إلى أعماق الآبار الجوفاء، باحثين فيها عن المعنى الغائب، المعنى الهارب من الكلمات، المفزوع من سطوة اللغة وسلطة الخطاب.

دائمًا ما أتذكر الأفلام والمسلسلات، وحتى الرسوم الكرتونية التي شاهدتها في طفولتي، بالعودة إلى الموسيقى، وكثيرًا ما يحدث العكس؛ أي أن تعيدني موسيقى معينة لأجواء فيلم ما كنت قد شاهدته في الماضي دون أن أتذكر اسمه وأحداثه بالضرورة. وربما يكمن سر هذا الارتباط التشعبي، المتأصل في ذاكرتي بين الموسيقى والأفلام، في حقيقة أنني لم أتعرض منذ البداية لموسيقى مستقلة، فلم أعرف الموسيقى في طفولتي (لأسباب تتعلق غالبا بالنشأة المحافظة) كفن خالص، حتى أن مادة الموسيقى التي بقيتُ أتلقاها في المدرسة لمدة عشر سنوات كانت ضعيفة بحيث لم تطبع فيَّ أي أثر معرفي أو فني أكثر من حفظ درجات السلَّم الموسيقي: دو- ري- مي- فا- صول- لا- سي. لذا بقيت الموسيقى فنا يتسرب وينبثق عن فنين آخرين، هما الغناء والسينما. ومنذ عرفت السينما عرفت معها شغفي بتتبع الموسيقى التي تصاحب مشاهدها. وهذا الشغف بملاحقة الموسيقى التصويرية للأفلام شغف خاص، يحتاج لوحده لكتابة أخرى.

أكتشف مثلا أنني أكتب الآن مسترسلا عن الموسيقى على وقع دقات قلب ملحن الأفلام الهوليودية، الأمريكي الشهير إلمر بيرنشتاين، في موسيقاه التصويرية لفيلم «The deep end of the Ocean». وفي الوقت نفسه أستعيد شيئًا قاله بيرنشتاين عن فيلم «The Magnificent Seven»: «إذا شاهدتَه بدون موسيقى فهو بطيء، وهذا أمر غريب بما فيه الكفاية» ويبدو لي أن رأيًا فنيًا كهذا يوحي، دون أن يقول فعلاً، بأن الحياة عمومًا هي أشبه بالفيلم الطويل الممل حين نجردها من خلفيتها الموسيقية.

وبالحديث عن إلمر بيرنشتاين الذي صادف أن دخلت إلى هذه الكتابة عبر موسيقاه، والذي لا تتوقف روائعه الموسيقية تجدُ مكانًا لها في قائمة استماعي على يوتيوب، أتذكر آخرين من أمثال العبقري البولندي زبيغنيو بريسنر، المؤلف الموسيقي الذي يحتل مكانة خاصة عند عشاق البولندي الآخر كريستوف كيشلوفسكي. وطبعًا، لا يكون الحديث عن هذا الثنائي البولندي إلا حديثًا عن ذلك التداخل الموسيقي السينمائي الساحر في ثلاثية ألوان كيشلوفسكي التي أخرجها في التسعينيات: أزرق وأبيض وأحمر. أما فيلم «الحياة المزدوجة لفيرونيكا» أو «حياة فيرونيكا المزدوجة» على حسب هوى المترجمين وآرائهم، الفيلم الحاصل على جائزة مهرجان كان السينمائي عام 1991، فلا أظن أن لأحد ممن شاهدوه أن ينسى موسيقى بريسنر الجنائزية التي رافقته «موسيقى الجنازة» التي تقول النجمة الفرنسية جولييت بينوش إنها سمعتها في بولندا مع مراسم جنازة كيشلوفسكي.

الأفضال الموسيقية للسينما في تجربتي لا تتوقف، والاكتشافات الموسيقية من خلال السينما تأتي مختلفة دائمًا، مصحوبة بحالة من الحنين الذي يتجاوز الإطار البصري للعمل. لا أنسى أن السينما دلتني على الملحن الفرنسي العظيم موريس جار، بعد مرات ومرات من مشاهدة فيلم «الرسالة» للمخرج السوري الأمريكي مصطفى العقَّاد، الفيلم الذي كانت بعض الفضائيات تعيد عرضه على شاشة التلفزيون مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف. عرفتني السينما المصرية إلى راجح داوود في «أرض الخوف» وإلى الموهبة الفذة والبصيرة الموسيقية الحادة لعمَّار الشريعي، عرفتني إلى عمر خيرت الذي تكلل إعجابي بموسيقاه يوم أن حضرت حفلته الرائعة في دار الأوبيرا بمسقط في فبراير العام الماضي. وعرَّفتني طفلاً، قبل هؤلاء جميعًا، إلى عمر خورشيد في العمل الشهير عن حرب أكتوبر التي نستذكر مآثرها هذه الأيام، فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي».

سالم الرحبي شاعر وكاتب

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الموسیقى التی دون أن

إقرأ أيضاً:

أسعار حفل عمر خيرت في مهرجان الموسيقى العربية.. 7 فئات

يستعد الموسيقار الكبير عمر خيرت لإحياء حفل في مهرجان الموسيقى العربية الـ32، يوم 20 أكتوبر المقبل، على خشبة مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية.

ومن المقرر أن يقدم عمر خيرت أشهر مقطوعاته الموسيقية ومنها: مسألة مبدأ، وزي الهواء، وصابر يا عم صابر، إعدام ميت، والبخيل وأنا، قضية عم أحمد، ليلة القبض على فاطمة، ضمير أبلة حكمت، وغيرها من المقاطع الخالدة.

أسعار حفل عمر خيرت

وجرى تقسيم أسعار تذاكر حفل افتتاح الدورة 32 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، إلى 7 فئات، وجاءت الأسعار كالتالي:

الفئة الأولى 4000 جنيه.

الفئة الثانية 3500 جنيه.

الفئة الثالثة  3000 جنيه.

الفئة الرابعة 2500 جنيه.

الفئة الخامسة 2000 جنيه.

الفئة السادسة 1500 جنيه.

الفئة السابعة 1000 جنيه.

مهرجان الموسيقى العربية

ويشارك في مهرجان الموسيقى العربية عدد كبير من نجوم الغناء من مختلف الدول العربية، ومنهم: «محمد حسن، لينا شاماميان من سوريا، لطفي بوشناق من تونس، مدحت صالح، وائل جسار، عاصي الحلاني من لبنان، ريهام عبد الحكيم، تامر عاشور، هاني شاكر وعلي الحجار».

مقالات مشابهة

  • محمد عبدالله وكيلا لنقابة المهن الموسيقية
  •  ”في العروق”: تعيد ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع
  • اختيار محمد عبد الله وكيل ثاني لنقابة المهن الموسيقية
  • أسعار حفل عمر خيرت في مهرجان الموسيقى العربية.. 7 فئات
  • The Substance .. فيلم رعب يتسبب في إضرابات جماعية بدور السينما العالمية
  • عاجل.. وفاة أشهر كومبارس فى السينما المصرية
  • وفاة كريس كريستوفرسون أسطورة موسيقى الريف عن عمر ناهز 88 عاما
  • يحتل المركز الثالث.. تعرف على إيرادات فيلم "عنب" في السينما المصرية أمس
  • أول صورة لـ محمد رمضان من فيلم «أسد أسود».. يطرح في دور السينما خلال 2025
  • الحرب فى السينما المصرية