محللون إسرائيليون: طوفان الأقصى يكشف إخفاق استخباراتنا
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
القدس المحتلة – أجمع محللون أن جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أخفقت في التقديرات الاستخباراتية، وفي "سيناريو" التعامل مع مفاجأة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي سمّتها "طوفان الأقصى"، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر كلمة مسجلة، أن "إسرائيل تتعرض إلى حرب من حركة حماس".
كما اتفق محللون أن الإخفاق الاستخباراتي في الحرب التي سمّتها إسرائيل "السيوف الحديدية" ضد حماس في قطاع غزة، يختلف كليا عن الإخفاق الاستخباراتي والعملياتي في كل من حرب 1973 وحرب 1982 وحرب لبنان الثانية 2006.
وأكدت تقديرات المحللين أن الإخفاق الاستخباراتي الإسرائيلي بالمرحلة الراهنة مقرون بعدم جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب، وذلك خلافا لما كان يروج له المستوى العسكري بشأن الجهوزية لمثل هذه السيناريوهات، واحتمال تسلل مسلحين من غزة إلى الجنوب، وكذلك عدم جهوزية الجبهة الداخلية للدفاع عن المدنيين وضمان سلامتهم، وعدم اختطافهم من قبل المسلحين.
وفي ظل هذا الإخفاق والإخفاقات الاستخباراتية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ذكرت تقديرات لمحللين آخرين أن إسرائيل ملزمة بدخول قطاع غزة وخوض عملية برية في القطاع، وشددوا أن حماس أثبتت أنها لن توافق على أي هدنة طويلة الأمد، وتعود بالصراع إلى مرحلة مشابهة للنكبة في 1948.
إخفاقات
ووجه الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، عاموس يدلين، انتقادات شديدة اللهجة إلى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن عملية "طوفان الأقصى" إخفاق غير مسبوق للاستخبارات العسكرية ومختلف أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وإخفاق مخابراتي لم تعهده إسرائيل حتى في حرب 1973.
وأكد يدلين أن كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناج العسكري لحركة حماس فاجأت إسرائيل، وشنت حربا في مناطق الجنوب، في مشاهد تعيد إلى الأذهان واقع حرب 1948، لكن بشكل مغاير، وهو أن "حركة حماس احتلت 10 بلدات ومستوطنات في محيط غزة" حسب تعبيره، وهو ما أجبر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إعلان أن إسرائيل في حالة حرب.
وأوضح يدلين أن إسرائيل دفعت ثمن الإخفاق الاستخباراتي بالحصيلة المعلنة من قتلى وجرحى، وكذلك تراجع "هيبة" إسرائيل إقليميا وعالميا، حيث فقدت إسرائيل السيطرة على مناطق واسعة في الجنوب، واشتبكت لساعات طويلة مع العشرات من مسلحي القسام.
وأشار إلى أن هذا اليوم الموافق السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، سيدوّن في التاريخ أن حماس أعلنت الحرب على إسرائيل، لافتا إلى أنه في السابق كانت تتم عمليات تسلل من البر والبحر إلى إسرائيل، وتقتل وتختطف إسرائيليين، لكن ما حصل على الجبهة الجنوبية مع غزة غير مسبوق وصادم للإسرائيليين.
ويعتقد الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، أن إسرائيل وبعد الحرب المباغتة على جبهة قطاع غزة، عليها تغيير آليات التعامل مع حماس والفصائل الفلسطينية في القطاع، وشنّ عملية برية في غزة لتقويض حكم حماس في القطاع، في محاولة لردع أي من يخطط مستقبلا لتنفيذ عمليات شبيهة، حسب تعبيره.
قواعد ومعادلةوفي حالة تعكس التخبط لدى المؤسسة الأمنية في كيفية التعامل مع قطاع غزة، وسياسة ترحيل الصراع مع الفلسطينيين الذي تنتهجه حكومات إسرائيلية متعاقبة، أوضح محلل الشؤون العسكرية في القناة 12 الإسرائيلية نير دفوري، أن إسرائيل تلقت ضربة موجهة، وهوجمت بشكل قاس، وتزعزعت مكانتها وتشوهت صورتها.
وأوضح دفوري أن الحديث لا يدور حول الإخفاق الاستخباراتي في تقديرات إمكانية تسلل أعداد من المسلحين من غزة إلى الجنوب فقط؛ بل حتى في الإخفاق بالتعامل مع الحدث، سواء عند السياج الحدودي، أو في عمق البلدات الإسرائيلية.
ولفت محلل الشؤون العسكري أن عناصر القسام عملت بشكل مدروس ومخطط له منذ فترة، حيث أظهرت المرئيات كيف فجّر المسلحون الجدار الأول والبوابات في الجدار الثاني، وتوغل عشرات المركبات لكتائب القسام إلى بلدات الجنوب في محيط غزة، دون أن يحرك الجيش الإسرائيلي ساكنا، ما يشير إلى أن قوات الجيش غطّت بنوم عميق، في الوقت الذي كان من المفروض أن تتولى الحراسة.
ورجّح أن حجم الإخفاق الاستخباراتي والإخفاق في التعامل مع المسلحين مع كتائب القسام، سيبقى طي الكتمان حتى بعد الفحص وتشكيل لجان تحقيق، مؤكدا أن إسرائيل بمختلف أجهزتها ومؤسساتها أخفقت في التعامل مع الفلسطينيين، وما حدث وانطلق من قطاع غزة يعكس هذا الإخفاق.
ويعتقد المحلل العسكري أن إسرائيل ملزمة باتخاذ قرارات مصيرية حول كيفية التعامل مع حماس والفصائل في غزة، مشيرا إلى أن قواعد اللعبة القديمة انتهت، وحركة حماس فرضت معادلة جديدة، ودول الجوار والتنظيمات هناك تنظر لما أنجزته حماس، وقد تقدم على تقليدها مستقبلا بمهاجمة إسرائيل من كل الجبهات.
اختطاف ورهائن
سيأتي الوقت لمعرفة من المسؤول عن هذا الإخفاق، وما إذا كان هناك إهمال أو تساهل من جانب قوى الأمن، خاصة شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي والشاباك، حسب المحلل العسكري في موقع "واينت" الإلكتروني، رون بن يشاي.
يقول بن يشاي، إن "المهمة الأكثر إلحاحا التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات في الوقت الحالي، هي التأكد من أن الهجوم المفاجئ في غزة غير منسق، ولن يتزامن مع هجمات إضافية ستأتي من لبنان وسوريا، وربما من أماكن أخرى، من خلال الصواريخ ومحاولات التسلل".
ورجح بن يشاي أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقدّر أن الخطر الرئيس يأتي من الحدود اللبنانية، إلى جانب الجهود المبذولة لاحتواء الهجوم في الجنوب، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية بمختلف أذرعها أمام تحديات مصيرية، من أجل إعادة السيطرة على المناطق الجنوبية.
كما يرى أن أجهزة الاستخبارات ملزمة بتوجيه الموارد إلى الشمال والحدود مع لبنان، قائلا "في الآونة الأخيرة، ظهرت تلميحات من لبنان بشكل رئيس، إلى وجود نية لتنفيذ هجوم منسق لحزب الله والفصائل في غزة".
وذكر أن الجيش الإسرائيلي يخوض اشتباكات مسلحة وواسعة مع المسلحين من كتائب القسام، الذين تسللوا إلى البلدات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة، في محاولة لمنعهم من اختطاف ونقل الرهائن، وجثث الإسرائيليين إلى القطاع.
وفي هذا الصباح، أثبت المسلحون من كتائب القسام -حسب بن يشاي- أن "الجدار على حدود غزة، من الممكن اختراقه والالتفاف حول معبر بيت حانون، دون صعوبة كبيرة، وسيصبح هذا الإغفال والإخفاق أكثر وضوحا -أيضا- بعد انتهاء الحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأمنیة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی الأجهزة الأمنیة کتائب القسام أن إسرائیل التعامل مع قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
دور طوفان الأقصى بالهزيمة المنكرة لكامالا هاريس ومعاقبة الحزب الديمقراطي من خلفها!
لم تكن عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر طوفانا في المنطقة العربية وحدها، بل كانت كذلك في كثير من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى رأينا أثرها على الانتخابات الرئاسية وعلى تفكك الكتلة الصلبة للحزب الديمقراطي الذي اعتمد طيلة العقود السابقة على تبني مجموعة من الثوابت والمسلّمات التي راقت لجمهور الحزب وقاعدته الانتخابية، في التعامل مع الملفات الداخلية كقضايا الحريات الشخصية مثل حق الإجهاض والاعتراف بالحقوق الكاملة لمجتمع الميم من المثليين.. إلخ، ولقد اعتمد الحزب كذلك عددا من الثوابت والمسلّمات في التعاطي مع ملفات السياسة الخارجية، وأهمها التأكيد على عدم المساس بالديمقراطية وعلى حق الشعوب في احترام إرادتها!..
وقد ظهرت صهيونية الإدارة الأمريكية برئاسة "جو بايدن" كما لم تظهر من مثيلتها من الإدارات السابقة، ولِمَ لا؟! وقد كانت الإدارة الحالية وهي السادسة والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة مَطِيّة لرغبات رئيس وزراء الكيان "بنيامين نتنياهو" ورهنا لإشارته وعونا لمطامعه، بجميع موظفيها على كافة مستوياتهم؛ من الرئيس مرورا بوزراء الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي ومسئول دائرة الاتصال بالأمن القومي خدمة لمجموعة المتطرفين من أعضاء حكومة الكابينت الإسرائيلي..
منع الطوفان تلك المنطقة الرمادية التي حاولت الإدارة الأمريكية أن تخدع بها الرأي العام الأمريكي -كعادة الديمقراطيين!- بالوقوف داخلها، ولربما ساعدت شخصية الرئيس الحالي وضعفه أمام ابتزاز اللوبيات الصهيونية في التواطؤ والمساعدة لدولة الاحتلال على ارتكاب تلك المذابح بل وإمداده بكل ما يحلم به وما لا يحلم به من أحدث الأسلحة والذخائر
وظهر واضحا جليا تحول المزاج العام للناخبين من ذوي الأصول العربية والإسلامية واللاتين والسود الأفارقة، بالإضافة إلى عموم المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني في الحياة ممن أزعجتهم ضراوة المشاهد وقسوة الأفعال الإجرامية التي تمت، لا أقول بمساعدة ودعم بل بشراكة أمريكية كاملة! تلك المذابح التي نقلتها الكاميرات رغم محاولات التعتيم والتكبيل التي مورست -رئيسة جامعة كولومبيا مع الطلاب نموذجا- بالمخالفة لكل المبادئ التي لطالما تغنّى بها الحزب الديمقراطي..
ولقد حملت تلك الحوادث والأفعال التي تبنّتها الإدارة على ضرورة معاقبة الحزب ومرشحيه -أيّا من كانوا!- بسبب فجاجة التواطؤ وبجاحة الدعم الكاملين من الإدارة الديمقراطية للاحتلال الصهيوني، وذهاب الكثير من تلك الأصوات إلى مرشحة حزب الخضر أو إلى مرشح الحزب الجمهوري الرئيس "دونالد ترامب"..
وقد استمعنا لحديث أحد قادة الجاليات العربية والإسلامية وهو يتكلم عن تجاهل حملة المرشحة الرئاسية "كامالا هاريس" طلبهم الاجتماع بهم لعرض طلباتهم ورؤاهم! في الوقت الذي تفاجأوا فيه بطلب حملة المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" بالجلوس معهم والتفاهم حول مطالبهم، وقد تمت المقابلة ونقلت المحطات الفضائية جلوس قادة ورموز الجاليات العربية والإسلامية بجوار المرشح الجمهوري "ترامب" فوق خشبة مسرح المؤتمر الانتخابي..
منع الطوفان تلك المنطقة الرمادية التي حاولت الإدارة الأمريكية أن تخدع بها الرأي العام الأمريكي -كعادة الديمقراطيين!- بالوقوف داخلها، ولربما ساعدت شخصية الرئيس الحالي وضعفه أمام ابتزاز اللوبيات الصهيونية في التواطؤ والمساعدة لدولة الاحتلال على ارتكاب تلك المذابح بل وإمداده بكل ما يحلم به وما لا يحلم به من أحدث الأسلحة والذخائر، وآخرها قاذفات بي 52 الجبارة، ولم تعد تجدي تلك التصريحات الخادعة من قبيل "نَحُث الحكومة الإسرائيلية على تجنب المزيد من إراقة الدماء" أو "على ضرورة السماح بإدخال المساعدات للفلسطينيين المحاصرين!"..
ولم تكن شخصية "جو بايدن" وحدها محل سخط الناخبين الأمريكيين، بل كانت نائبته "كامالا هاريس" التي لم تبد أي معارضة تُذكر ولم يُسجل لها موقف ترفعه في حملتها الانتخابية من أجل استقطاب الناخبين! بل وقفت خلف رئيسها كتفا بكتف! وهو ما حمل المعارضين لسياسة الإدارة التي تخطت المنطقة الرمادية -كما ذكرنا- على عقاب الحزب ومرشحته بسبب عدم وضوح التوجه الواجب للإدارة إزاء الإبادة الجماعية لأهل غزة، وتجاوز ذلك إلى حد الدعم والمساعدة الكاملة للاحتلال، فأين كانت النائبة "هاريس" ساعتها من تلك المواقف؟!..
كان العقاب لمواقف الإدارة والحزب واجبا، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت الناخبين بالتحول عن التصويت لمرشحة الحزب كائنة من كانت شخصيته! وثمّة أسباب أخرى لتحول الناخبين وهزيمة "كامالا هاريس" وهي كالتالي:
كان العقاب لمواقف الإدارة والحزب واجبا، وهو أحد أهم الأسباب التي دفعت الناخبين بالتحول عن التصويت لمرشحة الحزب كائنة من كانت شخصيته!
تأخر الانسحاب الواجب للرئيس "جو بايدن" وتشبثه بالترشح لولاية ثانية، في مشهد طفولي غاية في الغرابة! رغم ظهوره بالحالة الصحية والذهنية السيئة والتي أحسن المرشح الجمهوري استغلالها في حملاته الانتخابية وفي المناظرة التي جرت بينهما، وكان لها الفضل في ارتفاع مؤشرات عدم الرضى عن بايدن، ونتيجة لذلك فلم تحظ "هاريس" بالوقت الذي تحتاجه في إدارة المعركة الانتخابية..
وتبقى بعض الأسباب الأخرى التي زادت من رجحان كفة "ترامب" وأهمها ملف الاقتصاد والهجرة عبر الحدود؛ تلك التي تهم الناخب الأمريكي نتيجة للأعباء الملقاة على كتف دافعي الضرائب والتي تُضخمُها الآلة الإعلامية للصحافة المملوكة للحزب الجمهوري! بالإضافة إلى فشل الإدارة في التعامل مع كارثة طبيعية بحجم إعصار فلوريدا حتى زادت موجة الغضب والاستياء من ارتخاء الإدارة وتهاونها في التعاطي مع كارثة الإعصار المدمرة، بعكس همَّتها وتفانيها في الحشد والتعبئة من أجل تقديم كافة صور الدعم للاحتلال الصهيوني منذ عام مضى وحتى ساعته وتاريخه..