نحن جميعًا نحب قصة ذات نهاية سعيدة، ولكن من المؤسف أن اتفاقيات أوسلو ليست واحدة من هذه القصص.

وعد عظيم أدى إلى سلسلة من الفرص الضائعة للسلام والتعايش والمصالحة، على حساب الشعب الفلسطيني بشكل رئيسي، ومع ذلك، فإن التأسف على فشل الاتفاقيات في نهاية المطاف في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من دون تحليل الأسباب وراء ذلك، في حين تجاهل بعض الاختراقات الملحوظة التي حققتها، سيكون ممارسة لا طائل من ورائها.

عندما تسنح الفرصة التالية للتوصل إلى اتفاق سلام في واحد من أطول الصراعات في التاريخ الحديث، فإن الدروس المستفادة من أوسلو، وما أعقبها، قد تكون مفيدة للغاية.

لا شك أن الظروف الحالية في إسرائيل وفلسطين والمجتمع الدولي لا تصلح لمبادرة سلام ـ ومن المرجح أن تسوء الأمور قبل أن تتحسن...  فإن أولئك الذين يعتقدون أن الحروب والصراعات ليست حتمية وغير قابلة للحل وأن التاريخ قد أظهر أن جميع الصراعات تنتهي في نهاية المطاف لا ينبغي منعهم من التعلم من الماضي، وتقييم الحاضر، والتخطيط لمستقبل أفضل وخالي من الصراعات.

كما أن عدم وجود أي احتمال وشيك للتوصل إلى اتفاق سلام شامل، لا يعني أنه لا ينبغي اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات وتحسين الظروف على الأرض وإرساء الأسس لمفاوضات السلام المستقبلية.

قيل حينها، إلى حد كبير، إن المفاوضات في أوسلو اختتمت باتفاق لأن كل النجوم كانت مصطفة... وفي إسرائيل، وعدت الحكومة الجديدة آنذاك برئاسة رئيس الوزراء إسحاق رابين ناخبيها بأنها ستحقق السلام مع الفلسطينيين، وكانت الانتفاضة الأولى بمثابة نداء صحوة لإسرائيل لكي تدرك أنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع، بل حل سياسي فقط، وأن الفلسطينيين لن يتخلوا أبدًا عن تطلعاتهم إلى تقرير المصير.

وفي الوقت نفسه، كانت منظمة التحرير الفلسطينية وزعيمها الراحل ياسر عرفات، تمر بتغيرات إيديولوجية، معترفين بأن مايسمي إسرائيل هي حقيقة واقعة يتعين عليهم أن يتعلموا كيف يتعايشون معها ويعترفون بها؟... لكن حساباتهم الخاطئة في دعم غزو صدام حسين للكويت أزعجت معظم دول المنطقة، وخاصة دول الخليج، وكذلك الدول الغربية، وهو ما اضطر القيادة الفلسطينية إلى البحث عن سلم للخروج من الحفرة التي حفرتها لنفسها.

بالإضافة إلى ذلك، في أعقاب الحرب الباردة مباشرة، توقف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن الارتباط بالسياسة بين القوى العظمى، وبدلًا من ذلك، كان رئيس الولايات المتحدة الشاب بيل كلينتون، الذي تولى منصبه لمدة تقل عن عام، ولم يحقق أي إنجازات ملحوظة، وعاني من انخفاض معدلات قبوله، يائسًا من تحقيق بعض النجاح الدولي، ورغم أن الاتفاق لم يتم بوساطة واشنطن، إلا أن إدارة كلينتون حينها كانت سعيدة بمباركته واحتضانه، كما لو كانت القابلة.

وبعد مرور ثلاثة عقود، وبعد انتفاضة دموية أخرى وجولة تلو الأخرى من الاشتباكات العنيفة، أصبح البحث عن السلام أكثر تعقيدًا... وقد بُذل عدد من المحاولات لإحياء العملية، في حين تغيرت تضاريس الضفة الغربية وديموغرافياها بشكل كبير نتيجة لبناء الإسرائيليين مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية...في عام 1993، كانت القيادات مستعدة لتحمل المخاطر من أجل السلام، لكن هذا الاستعداد مفقود الآن تماما.

وفي حالة رابين، انتهى به الأمر إلى دفع حياته ثمنا لالتزامه بالسلام، عندما أدت التحريضات المتواصلة ضده من قِبَل اليمين المتطرف والمتدينين الدينيين إلى قيام متطرف يهودي بإطلاق النار عليه، بعض الذين قادوا التحريض ضد رابين وحكومته يجلسون الآن في قلب الحكومة الإسرائيلية الحالية.

ونتيجة لذلك، وفي ظل النظام السياسي الفلسطيني المرتبك، فإن أي بحث محتمل متجدد عن السلام سوف يتطلب إصلاحًا جذريًا لكلا النظامين السياسيين، وإبراز القيادات البراغماتية المنفتحة على الأفكار الجديدة.

أحد أخطاء أولئك الذين وقعوا على اتفاقات أوسلو، على الأقل في نظري، هو أنهم رفضوا أن يذكروا بوضوح أن أي اتفاق سلام دائم وحقيقي يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش إلى جانب إسرائيل، وعاصمتها القدس.

ومن خلال غموضها بشأن طبيعة الاتفاق النهائي، فقد تركت العديد من الفلسطينيين متشككين بشأن ما إذا كانوا سيرون رغبتهم في تقرير المصير تتحقق، ودفعت الإسرائيليين المعارضين لمثل هذه النتيجة إلى الاعتقاد بأنه لا يزال من الممكن تجنب قيام دولة فلسطينية.

من المؤكد أن التطورات الكارثية في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين على مدى العقود الثلاثة التي انقضت منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو في حديقة البيت الأبيض، خلفت ندوبًا وانعدام ثقة عميقًا في كلا المجتمعين، ويسلط انعدام الثقة هذا الضوء على أحد أوجه القصور الرئيسية في عملية أوسلو: وهو الفشل في بناء كتلة حرجة واستباقية من الدعم بين الشعبين لمقاومة الأقلية الصغيرة ولكن المصممة التي لها مصلحة في استمرار الصراع.... وسوف تكون إعادة ترسيخ مثل هذه الثقة أكثر صعوبة في ظل المناخ الحالي، حيث أصبحت العلاقات بين الجانبين سيئة كما كانت في أي وقت مضى.

ولكن عندما تستأنف مفاوضات السلام القابلة للحياة، ولو في تاريخ مستقبلي غير متوقع، فلا بد أن تستند هذه المفاوضات إلى المساواة في الحقوق بين الجميع على جانبي الخط الأخضر، فضلًا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين المسجلين الذين يبلغ عددهم 5.7 مليون لاجئ... واليوم، لم يكن معظم الإسرائيليين والفلسطينيين قد ولدوا عندما تم التوقيع على اتفاقيات أوسلو، وبالنسبة لهم فإن هذا الحدث هو التاريخ البعيد لمحاولة فشلت في إنهاء الصراع سلميًا.

إنهم لا يدركون أن فكرة حل الدولتين في حد ذاتها لم تكن خيارًا تمت مناقشته بجدية على الإطلاق، كما أنها لم تنتج أي وثائق مهمة حول حل قضية اللاجئين الفلسطينيين؛ القدس عاصمة لكلا البلدين؛ أو كيف نضمن أن المستوطنات لن تكون قادرة على عرقلة الطريق إلى السلام.

ومن ثم، يُترك لجيل جديد من القادة ونشطاء السلام والمجتمع المدني الاستباقي أن يأخذوا إيجابيات أوسلو، بما في ذلك الإيمان بوجود عقبات يجب التغلب عليها، وإيجاد طريق جديد للسلام.

ولا يمكن أن يحدث هذا إلا عندما تقوم أغلبية من الإسرائيليين والفلسطينيين، بقيادة سياسيين شجعان، بتهميش أولئك الذين يروجون لأهداف حزبية متطرفة وتعتنق فكرة أن جميع الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون نفس الحقوق الإنسانية والمدنية والسياسية..... ثم يصبح الباقي مجرد تفاصيل.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

إقرأ أيضاً:

دراسة: المراهقين الذين ينامون أقل من 8 ساعات يتعرضون لمخاطر صحية

يُعدّ الحرمان من النوم مصدر قلق متزايد بين المراهقين، حيث تربطه الدراسات حاليًا بارتفاع خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم،  وقد وجدت دراسة حديثة أن قلة النوم لا تؤثر فقط على المزاج والأداء الأكاديمي، بل تُشكّل أيضًا مخاطر صحية كبيرة على المدى الطويل، إن فهم هذه المخاطر وتبني عادات نوم صحية يُمكن أن يُساعد في التخفيف من آثارها المحتملة.

خطفت الأنظار بظهورها مع أحمد سعد.. 10 صور ومعلومات عن أنتيجوني المغنيةجمال شعبان يحذر.. شرب الماء المثلج على الريق قد يسبب الوفاة
العلاقة بين النوم وارتفاع ضغط الدم


يُرتبط ارتفاع ضغط الدم، أو ما يُعرف بفرط ضغط الدم، عادةً بالبالغين، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن عادات النوم السيئة في مرحلة المراهقة قد تُسهم في ظهوره مُبكرًا،  ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة ارتفاع ضغط الدم، فإن المراهقين الذين ينامون أقل من ست ساعات يوميًا باستمرار هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم.
تشير الدراسة إلى أن الحرمان من النوم يؤثر على قدرة الجسم على تنظيم هرمونات التوتر والتمثيل الغذائي، مما يؤدي إلى زيادة إجهاد القلب والأوعية الدموية، وهذا قد يعني أن المراهقين الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من الراحة قد يكونون بالفعل في طريقهم للإصابة بأمراض القلب وغيرها من الحالات الصحية المزمنة.

العلاقة بين النوم وارتفاع ضغط الدملماذا لا يحصل المراهقون على قسط كافٍ من النوم؟


هناك عوامل متعددة تُسهم في أزمة النوم لدى المراهقين، منها:
1. بدء الدراسة مبكرًا
تبدأ العديد من المدارس قبل الساعة الثامنة صباحًا، مما يُجبر الطلاب على الاستيقاظ مبكرًا أكثر مما تُفضّله إيقاعاتهم البيولوجية الطبيعية.
2. الإفراط في استخدام الشاشات
قد يُؤثر استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر في وقت متأخر من الليل على إنتاج الميلاتونين، مما يُصعّب على المراهقين النوم.
3. الضغوط الأكاديمية والاجتماعية
غالبًا ما تُقلل الواجبات المنزلية والأنشطة اللامنهجية والالتزامات الاجتماعية من ساعات النوم القيّمة.

4. استهلاك الكافيين
يعتمد العديد من المراهقين على المشروبات التي تحتوي على الكافيين للبقاء متيقظين خلال النهار، مما قد يُؤثر على قدرتهم على النوم ليلًا.

المخاطر الصحية للحرمان من النوم
إلى جانب ارتفاع ضغط الدم، قد يؤدي قلة النوم المزمنة إلى مشاكل صحية خطيرة أخرى، بما في ذلك:
ضعف جهاز المناعة
زيادة خطر الإصابة بالسمنة
مشاكل الصحة النفسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب
انخفاض الوظائف الإدراكية وضعف الذاكرة

لماذا لا يحصل المراهقون على قسط كافٍ من النوم؟طرق تحسين عادات النوم


نظرًا للآثار الصحية الخطيرة، من الضروري للمراهقين وعائلاتهم إعطاء الأولوية لنوم صحي، إليك بعض الاستراتيجيات الفعالة لتعزيز نوم أفضل:
1. الحفاظ على جدول نوم منتظم
يساعد الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا (حتى في عطلات نهاية الأسبوع) على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم.
2. الحد من وقت استخدام الشاشات قبل النوم
شجع المراهقين على إطفاء الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من موعد النوم لتعزيز إنتاج الميلاتونين الطبيعي.
3. إنشاء روتين مريح للنوم
يمكن أن تساعد أنشطة مثل القراءة، أو الاستحمام بماء دافئ، أو ممارسة اليقظة الذهنية في تهيئة الجسم للنوم.
٤. شجع النشاط البدني
يمكن أن تُحسّن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام جودة النوم، ولكن يُنصح بتجنب التمارين الشاقة قبل النوم.
٥. قلل من تناول الكافيين
إن الحد من تناول المشروبات الغازية والقهوة ومشروبات الطاقة، وخاصةً في فترة ما بعد الظهر والمساء، يُسهّل عليك النوم.

٦. عدّل مواعيد الدراسة قدر الإمكان
قد يكون للدعوة إلى تأخير بدء اليوم الدراسي تأثير كبير على أنماط نوم المراهقين وصحتهم العامة.


يحتاج المراهقون إلى ثماني إلى عشر ساعات من النوم كل ليلة للحصول على صحة مثالية، ومع ذلك، فإن الكثيرين منهم لا يلتزمون بهذه التوصية، تُبرز العلاقة بين الحرمان من النوم وارتفاع ضغط الدم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية، من خلال إجراء تغييرات بسيطة في نمط الحياة وتعزيز الوعي، يمكن للآباء والمعلمين والمراهقين أنفسهم المساعدة في عكس هذا الاتجاه المقلق ودعم رفاهيتهم على المدى الطويل.


المصدر: msn

مقالات مشابهة

  • الصراع مع توفيق التمساح.. أحمد العوضي يتصدر الترند بعد عرض الحلقة 15 من فهد البطل
  • بالفيديو.. شاهد هلع وخوف و “جرسة” الفنان السوداني عبد العزيز القلع من “ثعبان” الصحفي “دندش” وكيف كانت ردة فعله عندما طالبه الأخير بلمسه
  • تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر عقلانية لحل القضية الفلسطينية
  • العلاقة بين الدولة والسلطة والمنظمة في فلسطين
  • الجيش الأمريكي يساعد في التوسط لاتفاقات بين الجماعات المسلحة وحكومة سوريا
  • أحمد النشوقي يكتب: الإفطار الجماعي.. بين روح المحبة وشبهة الرياء
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: قاموس الأفكار
  • دراسة: المراهقين الذين ينامون أقل من 8 ساعات يتعرضون لمخاطر صحية
  • ماجدة خير الله عن "80 باكو": استطاع أن يتقدم للمراكز الأولى
  • اللواء أحمد العوضي: الأحداث الحالية بغزة هى الأصعب على مدار تاريخ الصراع العربى الإسرائيلي