يا قائدا بلا معركة… آن أوان المعركة
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
اتهمني عدد من القراء بموالاة قحت، والدفاع عنها والتبرير لأخطائها. جاء ذلك من خلال تفاعل القراء مع مقالاتي في حواري مع صديقي أحمد عثمان عمر. لست في موقف من يدافع عن نفسه، لأنني اتخذ موقفا يتحكم فيه منطق العقل وليس روح العداء. لكن تبيان الحقيقة مهم لتطوير مناهج نقاشنا وجعلها عقلانية. أعيد اليوم نشر مقال كتبه عن قحت عندما كانت في السلطة.
اكدت المعركة الثورية الحالية خيار شعبنا في دولة مدنية، تحكمها ديمقراطية تعددية ودولة المؤسسات وحكم القانون. كما أوضحت ثورة ديسمبر العظيمة، بلا غموض، وللعالم أجمع، رفض شعب السودان القاطع للحكم العسكري. وأثبت تجربة الحكومة الانتقالية الأولى والثانية ان التحالف مع العسكر لن ينتج سوى سيطرة العسكر بغطاء مدني. والآن وانقلاب 25 أكتوبر يترنح، في طريقه للسقوط، يصبح من الضروري دراسة التجربة السابقة، للخروج بدروس للفترة القادمة. أن تقييم أي مرحلة من مراحل النضال، بروح نقدية لا تجامل او تقفز فوق الأخطاء، هي ضرورية ثورية مهمة. في هذا المقال، وما ستعقبه من مقالات، سأناقش دور كل القوى في فشل المرحلة الانتقالية، حتى الآن، والبناء على ما نستنتجه من دروس للمستقبل. المقطع الشعري، الذي اخترته كعنوان لهذا المقال، هو للشاعر الفيتوري من قصيدته دبشليم، يمثل لنا، وينطبق تماما، على المجلس المركزي للحرية والتغيير. فقد وجد نفسه، في غفلة من الآخرين، ولتعاملهم بحسن النية السودانية، ليصبحوا قادة الثورة، ويساهموا في افشالها. والآن التحدي هو نقد ممارساتهم، وتوضيح حقيقة ما جرى، لشعبنا، بلا محسنات لفظية أو محاولتهم القفز للأمام بإطلاق شعارات ثورية.
لقد اكدت أكثر من جهة وأكثر من فرد، ومنذ وقت مبكر، وعبر عدة بيانات وتصريحات، وجود تجاوزات في تجربة العمل المشترك، وسيطرة وهيمنة اقلية، نجحت بعدة سبل، بإحكام سيطرتها، وعزل اغلبية قوي التحالف. الأمر الذي أدى لخروج البعض، ومطالبة الآخرون بتصحيح المسار. وتم التغلب على تلك الدعوات الإصلاحية، بالوعود التي لم يتحقق منها شيء.
سأطرح في هذا المقال بعض رؤوس المواضيع التي يجب على القوى التي هيمنت على قحت، ان توضيح حقيقة ما جرى، وبكامل الوضوح، أمام شعبنا، لأنه صانع الثورة، ويجب ان يعرف ما حدث لثورته.
• كيف صيغت الوثيقة الدستورية؟ ومن الذي أيد قضية الشراكة مع العسكر ومن الذي عارضها؟ وحقيقة ما دار في الغرف المغلقة خلال تلك الفترة الحاسمة؟ لقد ذكر ساطع الحاج في لقاء صحفي ان مهمتهم كانت صياغة ما يتم التوصيل اليه من اتفاق سياسي؟
ما دور الوسيط الممثل للمنظمة الافريقية؟ لماذا كان قادة قحت يخدعون الاعتصام بانها ستكون مدنية كاملة (وجدي والدقير وغيرهم)؟
• ما هي الجهات التي وافقت على ان اصلاح المنظومة العسكرية والأمنية هو مسئولية المكون العسكري الحصرية، ولا دخل للمدنيين بها؟
• كيف نجح المكون العسكري، في مجلس السيادة، في السيطرة على السياسة الخارجية والاقتصادية وقضايا السلام ومباحثات جوبا؟
• من المسؤول عن تعطيل اصلاح المنظومة العدلية؟
• لماذا أيد المجلس المركزي انشاء مجلس الشركاء، الذي ضم بعض قادته؟
• تعطل قانون النقابات لسنوات والتلكؤ في اجازته، مما اعطي عناصر النظام البائد وسط النقابات، هامشا من الحركة وتجميع الصفوف؟
• بعد انتخابات تجمع المهنيين وتقديم لستة بممثلين جدد، رفض إبراهيم الشيخ ذلك وقال بالحرف الواحد: (دا بخرب الرصة)، ثم الاستمرار في الانحياز للطرف المهزوم والتمسك بتمثيله في قحت.
• الموقف من الجبهة الثورية في الأيام الأولى للثورة، ثم مفاوضات اديس ابابا وما نتج عنها، وموقف المجلس المركزي من ذلك؟
• موقف المجلس المركزي من مفاوضات جوبا، والاتفاق الذي تم على ايدي العسكر؟
• الموقف من هيمنة العسكر على الاقتصاد الوطني (82 %) ونذكر جيدا زيارة إبراهيم الشيخ (كوزير للصناعة) للصناعات العسكرية والاشادة بها؟
• تعامل حزب الامة بمنهج (البلد بلدنا ونحنا اسيادها) وقدم مطالب بالهيكلة وعندما لم يستجاب له خرج من قحت، وعندما اعطي تمثيلا أكبر في قحت ووزارة المحاصصات، رجع وكأن شيئا لم يكن، وضاعت الدعوة لإصلاح قحت.
• لماذا الموافقة على المحاصصات والقبول بالوزارة الحزبية والتكالب على مناصبها؟
• محاولة السيطرة على الخدمة المدنية بالتعيينات المبنية على المحاصصات وليس على مبدأ استقلال الخدمة المدنية.
الوضوح حول هذه القضايا، التي لا تشكل كل ما تم خلال المرحلة السابقة، وانما نماذج، حتى نبدأ بها عملية التقييم الجادة. التقييم سيفيد في التعلم من دروس التجربة، وهذه الدروس ستساعدنا عند صياغة المواثيق الجديدة، وتشكيل الحكومة المدنية القادمة.
هذا النقاش لا يشكل دعوة لتخوين أي أحزاب، كما انه لا يشكل دعوة لعزلها عن المساهمة في الحراك الثوري، ولكنه يشكل خطوة لا بد منها، كبداية مهمة، في قادم أيام ثورتنا.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المجلس المرکزی
إقرأ أيضاً:
كاتب إسباني: تفاصيل خطة إسرائيل لإخلاء رفح وعزل غزة بالكامل
سلط مقال نشرته صحيفة "إل باييس" الإسبانية الضوء على الخطط الإسرائيلية لإخلاء كامل جنوب قطاع غزة من سكانه، في خطوة قد تشمل تدمير مدينة رفح بالكامل، ضمن مساعٍ للسيطرة على المنطقة بأكملها.
وأشار الكاتب لويس دي فيغا إلى أن هذا المخطط يغطي مساحة تُقدّر بنحو 75 كيلومترا مربعا، أي ما يعادل 20% من إجمالي مساحة القطاع الفلسطيني، وهو ما عده المقال ضربة جديدة لمساعي إنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى.
محو رفحوتقضي الخطة وفق مقال إل باييس" بضم مدينة رفح -التي كان عدد سكانها قبل اندلاع الحرب يبلغ نحو 200 ألف فلسطيني- إلى حزام أمني يعمل الجيش الإسرائيلي على إنشائه منذ أسابيع داخل القطاع، بمحاذاة الجدار الفاصل بين غزة وإسرائيل.
وأشار الكاتب إلى تسريبات أوردتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية -نقلا عن مصادر بوزارة الدفاع- مفادها أن هذه الخطوة تأتي في إطار إستراتيجية للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهو ما يتطلب السيطرة الكاملة على الحدود بين غزة ومصر.
ولا تستبعد المصادر أن تشمل الخطة الإسرائيلية تدمير معظم مباني رفح أو جميعها، مما يعني فعليا محو هذه المدينة من الخريطة.
ممر جديدوكانت السلطات الإسرائيلية -حسب المقال- قد أعلنت قبل نحو أسبوع نيتها ضم أجزاء واسعة من غزة وتقسيمها إلى مناطق معزولة، في إطار خطة لإعادة رسم خريطة القطاع.
إعلانوفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إنشاء ممر جديد يُعرف باسم موراغ -نسبة لمستوطنة سابقة تم إخلاؤها عام 2005- سيعزل جنوب القطاع عن بقية المناطق.
وذكر الكاتب أن عرض هذا الممر قد يصل إلى كيلومتر واحد بعد إزالة المباني القائمة، لينضم إلى محور نتساريم شمالي القطاع، ومحور فيلادلفيا المحاذي للحدود مع مصر.
تصعيد إسرائيليوحسب المقال، كثف الجيش الإسرائيلي تحركاته منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس/آذار الماضي، عقب هدنة استمرت قرابة شهرين، تنفيذا لسياسات رئيس الوزراء الذي التقى مجددا بالرئيس الأميركي في واشنطن.
وأضاف أن إسرائيل تواصل منذ أكثر من 6 أسابيع فرض حظر شامل على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والماء والوقود والأدوية، وتصر على تجاهل الدعوات الدولية المتكررة لفك الحصار، وآخرها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وحسب الكاتب، تسعى إسرائيل من خلال إنشاء "منطقة أمنية دائمة" إلى تقليص مساحة غزة ومنع تكرار هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي يُعد الأعنف في تاريخ إسرائيل منذ تأسيسها قبل 76 عاما.