1 - بين الحين والآخر نحتاج إلى حدوث هزات مفاجئة تُزعزع علاقاتنا «الأكثر دفئا» ليس لأننا نهوى تدمير كل ما هو جميل حولنا إنما لأن ذلك التوتر يكون بمثابة «الترمومتر» الذي يقيس مدى صلابة هذه الوشائج وقدرتها على الثبات في وجه المتغيرات والظروف والنكبات خاصة المُفاجئة التي لم نكن نحسب لها حسابًا.
وأهمية هذه الهزات لا تُكمن في كونها قادرة على تعرية حقيقة الأشخاص وموقعنا داخلهم إنما لأنها توقظنا من سُباتنا السادرين فيه فتدفع بنا نحو تغيير مفاهيمنا وتصوراتنا وأحكامنا على الأشخاص والواقع أيضًا.
ولا شك أن تغييرا كهذا يجعل منا أكثر صلابة ووعيا بل مهيئين بما يكفي لامتصاص أي صدمات ومفاجآت جديدة قد تصدر عن أُناس نحسب أنهم يحبوننا وواقع لم نكن نتصور أنه يطفح بالمرارة.
2 - سأظل على قناعتي التي لن تتحرك قيد أُنملة أنه لا يلجأ إلى اعتماد أساليب النفاق والتزلف والاسترضاء القائمة على إهانة النفس والحط من قيمتها في التعامل مع من يتقدم عليه خطوة في منصب أو مكانة إلا الذي يفتقر إلى المَلَكات الحقيقية أو من ابتلاه الشيطان بعبادة الكراسي أو هوس حُب السُلطة وهو غير جدير بهما.
شخصية كهذه تستمتع بكل ما يُمارس عليها من مظاهر الاستخفاف والتحقير والتسطيح فلا ضير إذًا لو عاشت مُذلة مُهانة بل ربما تعتبر أن تلك الممارسات هي بمثابة الاهتمام الضامن للبقاء في دائرة الضوء وعدم وجودها هو «الاستبعاد والتهميش» بعينه وذلك ما لا تتمناه بطبيعة الحال.
ما يمكن ملاحظته على شخصية فارغة كهذه أنها وبعد سنوات من التمرغ في الوحل تحظى بالقبول والرضا وتصل إلى مبتغاها لكنها تُصاب لاحقًا بعقدة نقص مزمنة تتمثل في فقدان الثقة بالنفس والرغبة بلعب دور المستبد والمسيطر ونتيجة لذلك تشرع في تطبيق ما مُورس عليها من أساليب امتهان على الآخر بل تتعداه إلى التنكيل والازدراء.
3 - يحدث كثيرًا أن يُرافق تشكُل فكرة ما في المخيلة وقوع أحداث ترسِخ تلك الفكرة فتستحيل مع الوقت إلى مصدر إزعاج وقلق رغم أنها قائمة على المصادفة ولا علاقة لها بالحقيقة.
مثالُ على ذلك رجل يشتكي بين الحين والآخر طعنات خفيفة بمنطقة الصدر.. يذهب إلى جلسة للأصدقاء فيتم الحديث عن ظاهرة انتشار أمراض القلب والشرايين وأسبابها في المجتمع.. أثناء عودته يفتح مذياع السيارة فإذا بخبر في النشرة الصحية يتناول جهود أحد مراكز البحوث للتوصل إلى علاج فعال لمرضى القلب والشرايين.. عندما يصل المنزل تُبلغه زوجته بملامح محتقنة أن جارهم توفي قبل قليل بسبب مشكلة في القلب.
الصدفة وحدها وتزامن الأحداث زحزحت الرجل عن موقع الحقيقة وأدخلته في وساوس وتوهُم بأنه مصاب لا محالة بمرض القلب قبل أن تكشف الفحوصات أن ما به لا يتعدى تقلصات عادة ما يسببها تناول بعض المشروبات والمأكولات.
إن من الصُدف ما أقلق وقتل.
آخر نقطة..
ها نحن مستمرون في لعبة تكسير العظام،
مستمتعين تمامًا بالحنين والفقد والخوف من اتساع المسافة،
نقف عند حاجز العبور الأخير بقلق مفرط،
نرصد آثار من مروا،
وقد مرغت قسمات وجوههم لوعة الغياب.
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ترامب يقلص صلاحيات ودور إيلون ماسك
يمانيون../
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه أخبر وزراء حكومته خلال اجتماع يوم الخميس الماضي، أن قرارات التوظيف ستكون من اختصاصهم، وليست إيلون ماسك أو وزارة إدارة الكفاءة الحكومية التابعة له.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية أن ترامب وجه الوزراء للعمل جنبًا إلى جنب مع إدارة ماسك في مجالات تقليص الإنفاق والقوى العاملة، مع توضيح أن القرارات النهائية بشأن خفض الوظائف ستكون بيد قادة الوزارات.
وقال ترامب عبر منصة “تروث سوشيال”: “لقد عقدنا اجتماعًا مع معظم الوزراء وإيلون وآخرين، وكان اجتماعًا إيجابيًا للغاية”، وأضاف: “من المهم جدًا أن نقلل الأعداد إلى حيث يجب أن تكون، ولكن من المهم أيضًا الحفاظ على أفضل الأشخاص وأكثرهم إنتاجية”.
وأشار ترامب إلى أن الوزراء، بفضل معرفتهم بالأشخاص العاملين في وزاراتهم، يمكنهم تحديد بدقة من سيُبقى عليه ومن سيتم الاستغناء عنه، وقال: “نحن نقول المشرط بدلاً من الفأس”، مشيرًا إلى أن التخفيضات يجب أن تكون دقيقة ومدروسة.
ومع ذلك، أثارت عمليات التخفيض الواسعة التي نفذتها إدارة ماسك سابقًا دعاوى قضائية وقلقًا بين الناخبين، بالإضافة إلى مخاوف من الجمهوريين في الكونغرس، كما أدت بعض قرارات ماسك إلى غضب عدة أعضاء في حكومة ترامب، حيث قاومت العديد من الوكالات والوزارات هذه الجهود في البداية.
وفي الوقت ذاته، أشاد ترامب بماسك وإدارته بعد الاجتماع، قائلًا للصحفيين: “أعتقد أنهم قاموا بعمل رائع”. ووصف ماسك الاجتماع بأنه “مثمر للغاية”، في منشور على منصة “إكس”.
وكان هذا الاجتماع هو الثاني الذي يحضره ماسك مع حكومة ترامب، حيث هيمن على الاجتماع الأول الشهر الماضي عندما وصف إدارة الكفاءة الحكومية بأنها “دالة دعم” لمساعدة الوكالات الفيدرالية في “العثور على خفض بنسبة 15% في الاحتيال والهدر”.
وأكد ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي يوم الخميس أن توجيهاته للوزراء كانت: “احتفظوا بكل الأشخاص الذين تريدونهم، وكل الأشخاص الذين تحتاجونهم”. ومع ذلك، أشار إلى أن ماسك سيتدخل إذا لم يقم رؤساء الأقسام بإجراء التخفيضات الكافية، قائلًا: “إذا كانوا يستطيعون إجراء التخفيضات، فهذا أفضل. وإذا لم يقوموا بذلك، فإيلون سيتولى القيام بالتخفيضات”.