بسم الله الرحمن الرحيم

يتطرق هذا البيان للتدخل الخارجي السالب المرتبط بالتطورات الأخيرة في السودان المتعلقة بحرب أبريل ٢٠٢٣ م والتي كشفت عن الكثير من السوءات والسيئات داخليا وخارجيا .

الشعب السوداني الأبي:

إن سوء إدارتنا للمشهد الداخلي خلال سنين الثورة، هو الذي مهد الطريق للتدخلات الخارجية المتربصة، والتي عملت على إيقاف عجلة الثورة، وإن أظهرت خلاف ذلك.


وبعد الحرب نجد ان مليشيا الدعم السريع - ربيبة المؤتمر اللا وطني - سيئة السمعة، واصلت جرائمها القذرة الممنهجة، وارتكبت جرائم الإبادة الجماعية في الجنينة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في الخرطوم ودارفور وكردفان - بما يخالف كل الأعراف والقوانين الوطنية والدولية في حربها المستمرة حتى الآن، لا نقول ضد الجيش السوداني - كما قد نتصور - ولكن ضد الدولة أرضها وشعبها هويتها وتاريخها جيشها ومؤسساتها المدنية والعسكرية ، مستخدمة مرتزقة أجانب مكنتها من مفاصل المناطق الحيوية خاصة في الخرطوم.
ونحن نعي جيدا أن حزب المؤتمر الوطني المنحل، يعمل بكل ما أوتي من قوة، لاستثمار هذه الحرب للعودة إلى الانفراد بالسلطة مرة أخرى؛ وأن ليس هنالك خلاف بين الكيزان الذين يحاولون امتطاء الجيش والكيزان الذين يعملون داخل مليشيا الدعم السريع لاتخاذها رافعة للمال والسلطة.
ونحن نؤكد أن أسرة دقلو المدعومة من دول خارجية هم الذين يشنون حرب المليشيا ضد الدولة. ولن نقع في فخ تجريم مجموعات إثنية سودانية أصيلة تقبع في دارفور أو كردفان أو غيرها، إذ أن هؤلاء سودانيون أصيلون لهم الحق في هذا الوطن مثل غيرهم.

أيها الشعب السوداني الصامد:

قبل ان يكون هنالك أي تدخل خارجي في ثنايا ثورة ديسمبر استطاع الشعب السوداني بعد أربعة أشهر من الحراك الثوري المستمر - دون عون من أي دولة - أن يسقط رأس نظام المؤتمر الوطني متمثلا في المجرم عمر البشير.
أما بعد أن بدأت التدخلات من المجتمع الإقليمي والدولي، بدأ المشهد الداخلي يزداد تعقيدا، وكان التدخل الخارجي أحد الأسباب التي أسهمت في تشظي القوى الثورية؛ وكلما بلغت غضبة الشعب ذروتها من إجرام قيادة الجيش والمليشيا، تأتي القوى الخارجية وترد لهم الاعتبار.
كان دور الاتحاد الأفريقي سالبا والذي أسهم، مع غيره من العوامل، في صناعة الشراكة مع العساكر المجرمين في الوثيقة الدستورية 2019، كما كان دور بعثة الأمم المتحدة سالبا ومسيطرا في فترة ما قبل الحرب.
ولقد ظلت دولة الإمارات تقدم مصالحها غير المشروعة بصورة سافرة. فبالأمس القريب أبرمت مع حكومة انقلاب 25 أكتوبر عقدها لتشييد ميناء أبو عمامة، والذي وقفت مبادرة القضارف للخلاص ضده مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني بشرق السودان.
وقد تورطت ذات دولة الإمارات في حرب السودان كراعٍٓ للمليشيا المتمردة على الوطن ، ودعمها سياسيا وامدادها عسكريا بالسلاح عبر قاعدة أم جرس العسكرية بتشاد، تحت غطاء المساعدات الإنسانية ، كل ذلك لأطماعها في موارد السودان ومعادنه وأراضيه الزراعية وموانئه البحرية واستخدام رجاله كمرتزقة، تريد أن تحقق كل تلك المصالح عبر أنظمة عميلة تستزرعها في السودان.
والمثير للانتباه أن البرهان ورفاقه من قادة الجيش لم يجرؤ أي واحد منهم على ذكر تدخل الإمارات في خطاباتهم المبذولة. كما لا تذكر معظم القوى السياسية التدخلات الخارجية السالبة في الشأن السوداني.. فما الذي يجبر دولة الإمارات على التوقف عن تدخلها إذا كان الجميع يلزمون السكوت؟!
إن دول مثل الإمارات والسعودية اللتين ظلتا تستخدمان منسوبي الجنجويد وأفراد الجيش السوداني كمرتزقة في حربهما الظالمة على الشعب اليمني الشقيق، وانظمة دول مثل مصر وجنوب السودان وكينيا وتشاد ذات الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، التي تكمم أفواه شعوبها وتجردهم من إنسانيتهم وكرامتهم - غير مؤهلة لأن تساهم في إنجاح التحول المدني الديمقراطي في السودان؟! وفاقد الشيء لا يعطيه!!
ونحن على يقين أنه لا يمكن أن يحدث هذا العدوان الإماراتي العسكري السافر على الدولة السودانية دون علم الولايات المتحدة الأمريكية ورضاها ، إن لم يكن بإيعاز منها.
إن الولايات المتحدة نفسها لا تحرص على إنجاح التحول المدني الديمقراطي في السودان، وإنما تحرص على رعاية مصالحها غير المشروعة ومصالح حلفائها ووكلائها الإقليميين.
لقد تكشف زيف أمريكا وادعائها بعد أن دعمت فاقد الشرعية الفريق البرهان قائد الجيش - ثلاث مرات - بعد مخالفته الأعراف والقوانين الدولية بارتكابه جرائم وجنايات في حق الشعب السوداني وذلك كالاتي :
١- ارتكاب جريمة فض اعتصام القيادة العامة كجريمة ضد الإنسانية مع شركائه من قادة الجيش والجنجويد .

٢ - تعطيل التحول المدني الديمقراطي وتقويض النظام الدستوري بانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ م .

٣ - تمثيل الشعب السوداني في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنقلابي غير شرعي. ولا يخفى على احد نفوذ الولايات المتحدة وتأثيرها على الامم المتحدة.
ويبدو أن امريكا تسعى لاتخاذ البرهان عميلا مفضلا لها، ولا غرابة فهو رجل إسرائيل في السودان كما وصفته بعض الصحف الإسرائيلية .
وليس هنالك سبب يجعلنا نثق في الدول الغربية ونسلمها زمام أمرنا. وحتى الاتحاد الأوروبي الذي بدا يحرك عقوباته الآن على المتورطين في جرائم الحرب، لن ننسى أنه هو الذي دعم مليشيا الدعم السريع ماديا ومعنويا في حقبة الإنقاذ، حينما أوكل لمليشيا الجنجويد المجرمة مهمة مكافحة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، ودماء الإبادات الجماعية في دارفور لم تجف. مع العلم بإن سبب هجرة الأفارقة إلى أوروبا هو تردي الأوضاع في البلدان الأفريقية وأن الغرب ونهبه للثروات هو أحد أسباب هذا التردي.
كما أن تدخل شركة فاغنر الروسية في الحرب لمصلحة الجنجويد ماثلا للعيان. وهي تحرص على ميلان الكفة لصالح سلطة تفسح لها المجال لمزيد من نهب الموارد المعدنية والتمدد الأمني في افريقيا.

أيها الشعب السوداني الصابر :

تكرر مبادرة القضارف للخلاص إدانتها لكل جرائم القتل والاغتصاب والنهب والسلب والسرقة والحرق والتهجير التي تمارسها مليشيا الدعم السريع ضد الشعب والدولة، وإننا إذ ندين مليشيا الدعم السريع نرى أنه لابد من إصلاح المؤسسة العسكرية وإبعادها عن السياسة والتجارة والاقتصاد، لتتفرغ للمهمة التي أنشئت من أجلها ، وهي حماية حدود الوطن من أي عدوان أجنبي وحراسة الدستور كما كان هتاف الثوار :
العسكر للثكنات والجنجويد ينحل
لقد أمسى تحقيق هذا الشعار ???? ضرورة واضحة بعد الحرب . وضرورة ان يأتي ضمن خطة الإصلاح التي تهدف إلى تصحيح عقيدة الجيش وتحديثه وبنائه قوميا، وإخراج مقاره من المدن، وحل مشكلاته المادية وزيادة مرتبات جنوده وضباطه بما يسد حاجة أسرهم في الأمور الحياتية، واعادة بناء وتأهيل وتوسيع اشلاق الجيش بصورة حضارية بما يضمن لأسرهم حياة كريمة .
كما ترفض المبادرة التدخل الأجنبي في الشأن السوداني وازدواجية المعايير التي تمارسها أميركا ضد الدول الافريقية - ومنها السودان - وادعاءات الغرب في أنه يريد أن يساعد الشعب السوداني في التحول المدني الديمقراطي، ونرفض عدوان الإمارات وتدخلات دول الإقليم.
وتوقن المبادرة أن شعوب كل هذه الدول تقف مع الشعب السوداني، وتؤكد على ضرورة أن تتأسس العلاقات الخارجية على الندية والاحترام المتبادل ومصلحة الشعوب المشتركة.
عليه فإننا في مبادرة الخلاص نرى أن أي تفاوض لا يتضمن حل مليشيا الجنجويد، ولا يفسح الطريق لإبعاد قيادة الجيش الحالية، فإنه يمثل في أحسن الأحوال هدنة طويلة الأمد، وليس إيقافاً للحرب.
ونرى أنه لن تخرج البلاد الى بر الامان الا بعملية سياسية سودانية بحتة ، لا تكرر اخطاء الماضي بتدخلاته الأجنبية.

والثورة مستمرة
ما في حرب بتوقف ثورة ومافي مليشيا بتحكم دولة

مبادرة القضارف للخلاص
٦ / ١٠ / ٢٠٢٣ م  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع الشعب السودانی فی السودان

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تؤكد دعمها لديمقراطية السودان وتندد بالقتال المستمر

جددت الإدارة الأميركية دعمها لاستعادة الديمقراطية في السودان، مشيدة بثورة الشعب السوداني ضد نظام البشير، ومعارضة استمرار الحرب الحالية..

التغيير: الخرطوم

جددت الإدارة الأميركية تعهداتها بالوقوف مع الشعب السوداني لاستعادة الديمقراطية والحكم المدني، والتصدي لأولئك الذين يواصلون الحرب ويهينون حُلمه وشجاعته.

وأكد المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بريلليو، أن إدارته تقف “إلى جانب الشعب السوداني في مطلبه الثابت بالديمقراطية الشاملة بقيادة مدنية”.

وبمناسبة “اليوم العالمي للديمقراطية”، أبدى بريلليو احتفاءه بـ “ثورة الشعب السوداني” ضد نظام حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس الأسبق عمر البشير.

وقال: “نحتفي بالشعب السوداني الذي ألهم العالم بانتفاضته لرفض النظام القمعي ورفض السيطرة على مستقبله”. وتعهّد بريلليو بالوقوف ضد “الذين يخوضون هذه الحرب”. واعتبر تمسكهم باستمرار النزاع “إهانة للحلم السوداني واستهانة بشجاعة السودانيين ووقفتهم السلمية”، التي أدت إلى إسقاط النظام القمعي عبر الانتفاضة الشعبية في 11 أبريل (نيسان) 2019.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في الخرطوم، وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، وأدى إلى أزمات إنسانية كارثية.

وخلّفت الحرب الدائرة في السودان، حتى الآن، نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

وتسعى الولايات المتحدة عبر الضغط على الأطراف المتصارعة، الجيش والدعم السريع والأطراف المتحالفة معهم،إلى وقف الأعمال القتالية والعودة إلى طاولة المفاوضات.

الوسومآثار الحرب بين الجيش والدعم السريع المبعوث الأمريكي الخاص للسودان الولايات المتحدة الأمريكية

مقالات مشابهة

  • أحلام بعيدة المنال ..تعليم النازحين في السودان
  • تحدثوا عن واقع السودان
  • البرهان يوافق على مبادرة من سلفاكير بشأن الحرب مع الدعم السريع
  • في اليوم العالمي للديمقراطية.. الشباب السوداني بين أحلام «ديسمبر» وكوابيس حرب الجنرالات
  • السودان في ظل حرب أهلية جديدة: الظروف الإنسانية والتدخلات الخارجية
  • وزير الصحة السوداني: مصر تلعب دورا كبيرا ومحوريا لإنقاذ السودان وشعبه من ويلات الحرب
  • الجيش السوداني يسجل تقدماً نوعياً بحساب التكتيك والمبادرة
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لديمقراطية السودان وتندد بالقتال المستمر
  • السودان؛ الأسئلة المُحرَّمة!
  • الإمارات تعلن عن مبادرة لدعم النساء المتضررات من الصراع في السودان