كيف يمكن لتركيا أن تتوسط في السلام بجنوب القوقاز؟
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
واشنطن "د ب أ": في هجوم غير متوقع وسريع في 19 سبتمبر، سيطرت أذربيجان على ناجورنو كاراباخ ، مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان الأرمن المدنيين ودفع الخبراء إلى إعلان بداية نهاية النزاع الإقليمي الذي طال أمده.
ويقول ألبير جوشكون، زميل برنامج أوروبا ويقود المشروع التركي والعالمي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في تقرير نشرته المؤسسة، إنه بعد خمسة أيام فقط، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناختشيفان، وهي منطقة أذربيجانية على الحدود التركية، حيث استضافه الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.
وكان توقيت هذه الزيارة والرسائل التي تم تسليمها ومكانها مليئا بالرمزية. واحتفل أردوغان وعلييف بانتصار أذربيجان، وجددا التعهدات المتبادلة بالتضامن، وأشارا إلى ممر بري محتمل من ناختشيفان عبر أرمينيا يربط بين بلديهما.
وكانت الزيارة استعراضا للقوة في تجاهل للبيانات الدولية التي تعرب عن القلق إزاء الحالة الإنسانية وإدانة العمل الانفرادي الذي اتخذته أذربيجان. ولكن في خضم الأحداث، قد يظهر جانب مشرق ألا وهو نهاية الصراع واتفاق سلام محتمل بين أرمينيا وأذربيجان يمكن أن يمهد الطريق لعملية تطبيع إقليمية أكثر شمولا تضم تركيا.
ويشير تاريخ المنطقة المشحون والمحاولات الفاشلة العديدة في الماضي إلى أن احتمالات النجاح ضئيلة، لكن التقارب بين عاملين قد يكون سببا للتفاؤل، خاصة إذا قررت تركيا أخذ زمام المبادرة.
والعامل الأول، وفقا لجوشكون، هو نهاية الحلم الأرمني طويل الأمد باستقلال ناجورنو كاراباخ. هذا التحول النموذجي يسوي توقعات أذربيجان من خلال استعادة سلامتها الإقليمية. كما أنه يحرر يد تركيا في السعي إلى التطبيع الكامل مع أرمينيا، لأن قضية ناجورنو كاراباخ كانت دائما حجر عثرة رئيسي.
والعامل الثاني هو الفرصة التي يتيحها الموقف الواقعي والتطلعي الذي اتخذه رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، والذي تجسد في مشاركته البناءة مع تركيا واستعداده للاعتراف بالسلامة الإقليمية لأذربيجان. ومع ذلك ، فإن باشينيان يتعرض لضغوط ويجد نفسه في وضع هش. وبعد أحداث الشهر الماضي، يظهر الأرمن علامات الاستياء المتزايد. بالإضافة إلى ذلك، فإن روسيا غير راضية عن موقف باشينيان المؤيد للغرب وتحذر من "مستقبل لا يحسد عليه".
ويرى جوشكون أن التدفق الجماعي لأرمن ناجورنو كاراباخ، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، سيزيد من المخاطر المحلية لباشينيان، وسوف ترى روسيا في ذلك فرصة لزيادة احتمالات سقوطه. وهذا هو المكان الذي تحتاج فيه أذربيجان وتركيا إلى لعب أوراقهما بحكمة.
وإذا وضعت أنقرة طاقتها في جهد مخلص من أجل المصالحة الإقليمية، وأقنعت باكو التي قد تكون مترددة في الانضمام إلى هذا الجهد، وحشدت دعم الولايات المتحدة وغيرها، فقد تتحول الاحتمالات لصالح تحقيق سلام مستدام. وهذا لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، وينطوي على عملية مفاوضات شاقة. ولكن أي زخم في هذا الاتجاه سيكون موضع ترحيب.
إن حالة التنافس والصراع في جنوب القوقاز تفيد روسيا بشكل كبير، فهي توفر فرصا لموسكو لتأليب الجهات الفاعلة الإقليمية ضد بعضها البعض والتأثير على التطورات والنتائج، بما في ذلك من خلال أدوار الوساطة وحفظ السلام.
إن الجمع بين شراكة روسيا النامية مع أذربيجان وعلاقتها الوثيقة مع تركيا - أقوى حليف لأذربيجان - يثير التساؤل حول ما إذا كانت الدول الثلاث قد نسقت مؤخرا بنشاط ضد أرمينيا. وفي حين أنه لا يمكن إنكار صورة التقارب الثلاثي بين الثلاثة، فإن طبيعة علاقاتهم معقدة.
ويقول جوشكون إن تركيا وروسيا في تنافس مستمر، وهو ما حدث تاريخيا في أماكن مثل القوقاز وآسيا الوسطى، على الرغم من أن ذلك لم يتضح على الفور في ظل تقاربهما الأخير. ومن شأن تطبيع العلاقات في جنوب القوقاز أن يفتح آفاقا جديدة للتعاون والتواصل في المنطقة، مما يسمح لتركيا بتولي دور قيادي وجني فوائد سياسية واقتصادية وتجارية كبيرة. وهذا من شأنه أن يترجم إلى نفوذ جيوسياسي متزايد للبلاد، ومن منظور موسكو الصفري، من المرجح أن ينظر إليه على أنه يأتي على حساب روسيا.
وتدرك روسيا هذا الخطر ويمكن توقع أن تحاول تعويضه بطريقتين، أولا، من خلال إعادة نفوذها على أرمينيا من خلال بديل مماثل لباشينيان. و نفور موسكو من باشينيان آخذ في الازدياد، لذا فإن افتراض أن روسيا سترحب بتغيير الحرس في يريفان، وربما تفكر في طرق لتسهيل ذلك، لن يكون بعيد المنال.
والهدف من ذلك هو عكس مدار أرمينيا نحو الغرب وضمان عدم انخراطها بشكل هادف في تعزيز التطبيع الإقليمي، الأمر الذي ستعتبره موسكو مفيدا في المقام الأول لتركيا.
ويركز خط الجهد الثاني لروسيا على استرضاء تركيا وأذربيجان واغتنام الفرص لتعميق خط الصدع بينهما وبين الغرب. ويقوم بذلك من خلال الرسائل والإجراءات التي من شأنها أن يتردد صداها بشكل إيجابي. ولم يكن اختيار روسيا أن تغض الطرف عندما استولت أذربيجان على ناجورنو كاراباخ مصادفة. لقد كانت طريقة لضرب عصفورين بحجر واحد من خلال معاقبة أرمينيا الموالية للغرب ومكافأة أذربيجان ذات التفكير المماثل والطاعة بشكل متزايد.
وصرح أردوغان مؤخرا بأنه يثق بروسيا بقدر ما يثق به حلفاؤه الغربيون. وربما كانت نيته تتعلق بازدراء الغرب أكثر من الإشادة بروسيا، لكن هذا لا يغير حقيقة أنه لا يثق في أي من الجانبين. وتكمن ميزة بوتين في قدرته على الحصول على أفضل ما لدى أردوغان من خلال اللعب على خصومته غير السرية مع الغرب. والمشكلة بالنسبة لأنقرة هي أن روسيا تجد أنه من الأسهل اتخاذ القرارات وفرض إرادتها عندما تكون تركيا معزولة. وأردوغان ليس غريبا على هذا الواقع ويجب أن يعرف ذلك بصورة أفضل.
ومن غير الواضح ما إذا كانت روسيا قد وضعت بالفعل ثمنا لموافقتها الصامتة على الهجوم الأذربيجاني الأخير على ناجورنو كاراباخ. والحقيقة هي أن دورها في حفظ السلام والمسؤولية التي تحملتها "للإشراف على روابط النقل"، بما في ذلك بين ناختشيفان وأذربيجان الغربية، يمنحها نفوذا كبيرا.
ويتساءل جوشكون ذا كان هذا هو بالفعل "قرن تركيا"، كما تحرص آلة الدعاية التابعة لحكومة أردوغان على تذكير الأتراك وبقية العالم، فلماذا لا نبدأ هذه الحقبة بالسعي إلى السلام في جنوب القوقاز؟ وإذا تقدمت تركيا إلى مستوى المسؤولية، فينبغي على حلفائها الغربيين أن يحذوا حذوها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ناجورنو کاراباخ من خلال
إقرأ أيضاً:
انشقاق لأبرز وزراء الانتقالي بعد زيارة لتركيا
الجديد برس|
اثار نجاح الإصلاح، جناح الاخوان المسلمين في اليمن، الأربعاء، غضب في الشارع الجنوبي مع نجاحه استقطاب أبرز وزراء المجلس الانتقالي.
وانتقد ناشطين وقيادات بالمجلس الانتقالي ظهور وزيره للكهرباء مانع بن يمين في الدوحة بعد زيارة تركيا.
وظهر بن يمين بمعية قيادات في حزب الإصلاح على راسها راجح بادي المتحدث السابق للحزب.
وتأتي جولة بن يمين مع استمرار معانة انصار الانتقالي جنوب اليمن من تبعات انهيار الكهرباء .
وأشار ناشطون إلى انهم كان يتطلعون لإعلان انفراجه بالكهرباء خلال زيارة بن يمين لتركيا لكنهم تفاجئوا به في مهمة مع “الاخوان” بقطر