مسجد باريس الكبير.. صورة الإسلام تضررت كثيرا بسبب الريط الزائف
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
اجتمع، اليوم السبت، عميد مسجد باريس الكبير، شمس الدين محمد حفيز، بالمسجد عدد من المشايخ وممثلي مساجد وجمعيات إسلامية بأوروبا. هذا الاجتماع يأتي في سياق إطلاق مبادرة مسجد باريس لتأسيس جمعية « تحالف المساجد و جمعيات و قيادات المسلمين بأوروبا.
كما تهدف هذه المبادرة إلى توحيد جهود المسلمين في أوروبا والعمل بروح من المسؤولية.
ويعكس هذا الاجتماع اهتمام القائمين على الدين الإسلامي والمسلمين بالتواصل والتشاور. من أجل تعزيز الفهم المشترك بين مختلف الجهات الإسلامية في القارة. كما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق التضامن والتعاون في هذا السياق.
و في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها العميد تحدث فيها عن أهداف هذا الاجتماع. حيث قال “نجتمع اليوم لنحدد معالم هيئة نتقاسمها جميعا وبنسب متساوية، من أجل تحقيق الأهداف المشتركة المنشودة ألا”. و”تحالف المساجد والجمعيات وممصلين المسلمين في أوروبا”.
كما أكد في كلمته على التحديات التي يواجهها الإسلام و المسلمين مشيرا إلى وجوب مواجهتها ” بروح السمؤولية والتماسك”. موضحا أنّ ” صورة الإسلام تضررت كثيرا بسبب الريط الزائف بين الإسلام و بين العنف”. و”التطرف بكل أنواعه و بالتالي الخوف و النفور من هذا الدين”.
ومن جهتهم، عبر الأعضاء المؤسسون لهذه الجمعية القادمون من 17 عشر بلد أوروبي٬ عن ترحيبهم و دعمهم للمبادرة. و أكدوا على أهمية وضع الإسلام في البلدان التي يعيشون فيها و تأكيدهم على التفاعل الإيجابي في المجتمع.
الرئيس تبون يجدّد دعمه لعميد مسجد باريس ويثمّن مجهوداته
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: مسجد باریس
إقرأ أيضاً:
لقد تأخر الطوفان كثيرا
كان من المفترض بعد نكبة 1948 أن تستعيد الأمة مع الشعب الفلسطيني كحربة متقدمة للأمة عافيتهما، وأن تأخذ وقتها الكافي لرد الاعتبار وتحقيق الانتصار على مجموعة العصابات الصهيونية التي أقامت كيانها عنوة على أرض فلسطين، فكم تحتاج المسألة ليحسم البحر العربي المحيط بهذا الكيان أمره لإطلاق طوفانه المزمجر والمحرّر لفلسطين؟ كم يحتاج لكنس وتنظيف فلسطين من هذا المشروع الصهيوني في بداياته المنذرة بالخطر الجسيم إن سكتت الأمة عليه وتركته ينمو ويترعرع؟ هذا فيما لو توفّرت الإرادة، هل يحتاج إلى ثلاث سنوات مثلا أو خمس؟ ليأخذ عشرا، كان من المفترض أن يحدث هذا الطوفان على أبعد تقدير سنة 1958 أيّ بعد عشر سنوات، ولكنه لم يحدث بفضل دول تحمل في صدرها روح الهزيمة ولم تتحرّك إرادتها أبدا بروح الانتصار أو الردّ على العدوان.
لم تكن هناك دول وجيوش، ولكنها كانت في الحقيقة مستعمرات فاقدة السيادة وفاقدة كلّ شيء سوى الانصياع لمفرزات سايكس بيكو وتفريز إرادتها وكرامتها واستقلالها الوطني. باختصار كانت فاقدة للإرادة، تمتلك شكل الدول، أعلاما وجيوشا ووزارات وراديو وتلفازا ومخابرات وأمنا وبساطا أحمر، الهيكل قائم ولكنه دون روح ودون بوصلة وحرام عليه أن يرفع طرفه إلى ما أصبح يسمّى "إسرائيل"، وسمح له أن يتغنّى بفلسطين أو أن تكون فلسطين له بمثابة مبكى ينثر دمعه وبكائياته وشعاراته على جداره.
أمّا الشعب الفلسطيني فكان في الضفة الغربية تحت الوصاية الأردنية التي بيدها القرار وتحول بينه وبين من أن يمارس حقّه في مقاومة محتل، فمجرّد التفكير بهذا الاتجاه المحظور تماما، وكانت النتيجة أن تهيأت الضفة وأصبحت لقمة سائغة للمعتدين، وكذلك الأمر كان في قطاع غزّة بخصوص الوصاية المصرية.
ولم يتأخّر الطوفان كثيرا، إذ بدل أن يأتي من المحيط العربي ليجتاح هذه العصابات الشراذم التي نجحت سابقا سنة 1948 في التطهير العرقي لقرابة 360 قرية ومدينة فلسطينية، فكان معاكسا، كان من هذه العصابات التي سال لعابها على الضفة وشرقي القدس وغزة والجولان وشبه جزيرة سيناء، كان الطوفان الساحق والصاعق للأمة النائمة والمحميات الطبيعية التي كانت تسمى دولا عربيّة، طوفان في ستة أيام دحر جيوش ثلاث دول وسحقها وطردها في ستة أيام، فبدل أن يكون الطوفان من البحر البشري المحيط بفلسطين، كان العكس تماما، أفاضت واحة الصهيونية الجميلة الوادعة الآمنة بطوفانها الهادر فوسّعت أطرافها وفردت جناحيها على قلب الأمة النابض "القدس"، وضعتها في قبضة يدها وأحكمت خناقها وعلى عينكم يا عرب ويا مسلمين ويا كلّ المدّعين أن المسجد الأقصى أية في قرآنهم الكريم.
هزيمة ساحقة ثانية سمّوها نكسة، ضربتان في الرأس من قبل كيان، مجرّد كيان ناشئ لا يستحق من أمّة العرب والمسلمين كلّ هذا العناء، قتل وتحرير وحروب، كلّ رأس ماله أن يبصق كلّ مواطن عربي (كما كانوا يقولون) بصقته فيغرق هذا الكيان، تأخر البصق طويلا ولكن أن تأتي متأخرا خير لك من أن لا تأتي، لقد تأخّر الطوفان العربي، تلكأ طويلا بينما كان هذا الكيان يتعاظم في قوّته، كان بالإمكان أن نأخذ وقتنا بعد هزيمة 1967 في الإعداد والتجهيز للطوفان. صارت حرب 1973 فتأمّل الناس خيرا، ولكنهم سرعان ما أحاطوها بطوفان سياسيّ أخرج مصر من محاولة الطوفان القادم.
لنأخذ وقتنا بعشر سنوات إضافية لإتقان طوفان عربي تكون منظمة التحرير الفلسطيني في مقدمته، لا أدري لِمَ يسبقوننا على الطوفان، هذه المرّة بداية الثمانينات أطلقوا طوفانهم على لبنان فدخلوا بيروت واجتاحوها وأخرجوا أعزّة أهلها منها أذلّة، وليكون الشتات من جديد للثورة الفلسطينية إلى تونس واليمن. وصار لبنان ساحة صراع أفرزت حزب الله الذي نجح في إلحاق هزيمة نكراء بهم، وتسجيل براعة اختراع هي أن هزيمة هذا الكيان ممكنة.
حاول الفلسطينيون ممارسة شكل من أشكال الطوفان سنة 1987، حيث انتفاضة الحجارة التي أذهلت العالم وأعادت الروح للقضيّة، وصار للفلسطيني إثبات واضح أنه حيّ وندّ وخصم وقادر على مقارعة هذا الكيان الذي أصبح عملاقا على ظهر العجز والضعف العربي الذي لم يستطع أن يصنع طوفانا يقتلع هذه الغدة السرطانية المقيتة التي أقاموها على صدر كرامته. التفّوا على الانتفاضة بالسياسة وأدخلونا في نفق أوسلو الذي طحن القضيّة وأنتج نكبة جديدة زادتنا خبالا وعجزا وهوانا، تنازلوا على طبق من ذهب على 78 في المئة من فلسطين وتركوا الـ22 في المئة وهي الضفة معلّقة وعرضة للاستيطان والمراوغة.
مرّت ثلاثون عاما دون أن تنتج للفلسطيني كيانا أو شبه دولة أو حتى عيشا بكرامة. الضفة زرعوا فيها لولبا فلم تلد دولة كما كان منشودا ومنتظرا، وقطاع غزّة ضربوا حصارا خانقا عليه وتركوا له رئة ضيّقة من صنيعهم تتحكم في أنفاسه وتحسبها عليه.
لقد تأخّر طوفان العرب طويلا بل طويلا جدا، فهل انتظاره واجب لا محال؟ وماذا ينتظر الفلسطيني؟ أوسلو جديد بسقف ينخفض أكثر وأكثر تحت مطارق الاستيطان الزاحف واليمين المتطرف المعربد على الأقصى والضفة التي لا يرى فيها إلا "يهودا والسامرة"، وليس للفلسطينيين فيها إلا الهجرة وبقاء الأيدي الخادمة، ولم تعد تركيبة قياداتهم إلا المزيد من التطرّف العنصري الذي ينذر بطوفان لهم يوسّع من دائرة الاحتلال إلى الدول المجاورة.
لقد تأخر الطوفان كثيرا حتى وصل إلى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ففار التنّور، وكانت استعادة إحياء النكبة من جديد لتكون هذه المرّة علينا وعليهم، وإليكم هذه الفاتورة باختصار شديد بين اليوم ونكبة 48:
في 48 دفع الشعب الفلسطيني فاتورة باهظة الثمن لهزيمة أمّة وثمنا لفقدان أمّة لحريتها وسيادتها وكرامتها، ورضاها بأن تأخذ شكل الدول بينما هي مستعمرة وفاقدة الحرية والكرامة والاستقلال حتى النخاع. اليوم الأمة على حالها مستعمرات أمريكيّة، والفارق اليوم أن النكبة أيضا قد وقعت عليهم، أقاموا كيانهم وبسطوا نفوذهم وهيمنتهم سنة 48 بسهولة ويسر، كانوا مرتاحين ومتفائلين ومنطلقين إلى العلوّ والتحكم بمصائر من حولهم بكل قوّة واقتدار، وكانت السيادة والريادة والسقاية والرفادة بين أيديهم، ولاية أمريكية في المنطقة تحمي مصالح الغرب بادعاء الرقيّ الحضاري وتمثيل الحضارة الغربية بنسخة متطورة وجميلة تؤهلها لقيادة المنطقة والقبض على دفة القيادة لقطار التطبيع الذي يمخر عباب البحر العربي دون أيّ اعتراض يذكر. يعني كما قال ذلك نتنياهو بصريح العبارة؛ هندسة الشرق الأوسط، ولكن من المهندس وما هي قواعد الهندسة؟ الإجابة تعطينا أين كنا.
الآن الطوفان أثبت بما لا مجال للشك فيه أنّهم بحاجة إلى الحماية الأمريكية والغربية، ودونها لا مقام لهم أبدا. الطوفان أوقع بهم ما لا يمكن العلاج منه، وكثير من أصواتهم سوى صوت نتنياهو تعترف بذلك، أهمّها أثبت أنّ العقل العربي قادر على تحقيق الاختراق لجدار برليف الحصين والمحصن بكل تقنياتهم، وبصراحة العقل العربي الذي تربّى على القران كتاب الثورة والحكمة، لو أراد فإنه قادر على تحقيق التفوّق على العقل الصهيوني الذي يمدّه العقل الغربي بكل ما يريد. وهذه نكبة نفسية وتقنية لا مجال للفكاك منها أبدا، لذلك يواصلون القتال لاستئصال شأفة هذه الفكرة، بعد أن علّمت عليهم ووشمتهم بهذا الوشم الذي على ما يبدو لا يمكن أبدا إزالته مهما طال أمد الحرب.
ونكبتهم اليوم، ثانيا، في سقوط سرديّتهم التي سوّقوها ودفعوا مليارات الدولارات من أجل نجاحها وسيطرتها على العقل البشري، هذه سقطت بعد الطوفان، كان قوامها على مظلوميتهم ومحرقة الهولوكوست التي تعرضوا لها في ألمانيا واستحقّوا بذلك هذا الدعم الغربي لإقامة وطن لهم. وماذا الآن عن هذه السردية وهم يقيمون الهولوكوست في غزّة، قتل وحرق وإبادة جماعية وإدانة عالمية أسقطت سرديّتهم؟ لم يعد أحد يصدّقهم سوى قوى استعمارية غاشمة يعرفها العالم جيّدا، باتوا منبوذين عالميّا مدمّرين نفسيّا وحضاريّا وإنسانيا وأخلاقيا، وهذا لا أدّعيه في مقالي هذا بل هو ما تقوله قيادات فكرية كبيرة وازنة عندهم عدا عمّا يقال عنهم عالميا.
ونكبتهم، ثالثا، هذا الصراع الداخلي والانقسام الذي يتفشّى بطريقة غير مسبوقة، لقد باتت مآلات الطوفان واضحة للعيان على صعيد جبهتهم الداخلية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، الكل الآن ينتظر الحرب أن تضع أوزارها لتنطلق أوزار العواقب، وزد على ذلك انعكاسات التوحّش الذي يمارسونه على الفلسطينيين سينعكس داخليا. وكذلك مسارعة مجتمعهم نحو التطرف الديني العنصري المتشدد قد قضى على فكرة الدولة العلمانية التي كانوا يحاولونها أن تجمع بين الديمقراطية والعنصرية، ها هي تفشل فشلا ذريعا وتختطف الدولة هذه الجماعات المتطرفة وتدفع بقية المجتمع الى الهجرة أو المزيد من التطرف.
باختصار في 1948 كانت نكبتنا وحدنا، بينما اليوم قد وقعت عليهم النكبة وشملتنا وإياهم. هم الآن يقولون إن معركتهم معركة بقاء، حياة أو موت، يهربون للأمام في محاولة صناعة حلول جذرية بالمزيد من الدمار والقتل والتوحّش في غزّة والضفة ولبنان وسوريا واليمن، يحاولون معالجة تداعيات الطوفان ولكن أنّى لهم ذلك، يكفي شعورهم وقد صرحوا بذلك: ماذا لو رفعت أمريكا دعمها كما فعلت مع أوكرانيا؟ إنها مصائر الأمم التي ترضى لنفسها بالدور الوظيفي وتقام بالاتكال على طرف قويّ، ولم تعتد الاعتماد على نفسها بشكل كامل، إنها الوصية التي جعلوها وراء ظهورهم من موسى عليه السلام "وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا".. هل سألنا أنفسنا لم اختار القرآن بالتحديد هذه الوصيّة (ألا تتخذوا من دوني وكيلا) في سياق الحديث عن إفساد بني إسرائيل في هذه الديار؟ هم الآن كما يقال لا تقوم لهم قائمة لو توقفت أمريكا عن شحنهم بالذخائر أربعا وعشرين ساعة. لقد شملتهم النكبة بعد عملية السابع من أكتوبر ولم تعد لنا وحدنا كما كانت نكبة 48.