مطالب لأخنوش وبنموسى بمراجعة النظام الأساسي وتأجيل نشره في الجريدة الرسمية
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
أخبارنا المغربية ـــ ياسين أوشن
طالب "المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين"، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وشكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، (طالبهما) بـ"إعادة فتح النظام الأساسي الذي صادق عليه المجلس الحكومي نهاية شهر شتنبر الماضي، والعمل على عدم نشره في الجريدة الرسمية".
وسجل المرصد، وفق بلاغ له توصل موقع "أخبارنا" بنسخة منه، "سلبا، تسرع الوزارة في إصدار النظام الأساسي توقيتاً، وعدم التوفق في الاستجابة لأغلب فئات المنظومة؛ وهو ما تسبب في بداية سنة دراسية عنوانها التوتر والإضرابات والاحتجاجات".
ومتابعةً منه للواقع المعيش في منظومة التربية والتكوين خلال الدخول التربوي الحالي، فإن المرصد الوطني، حسب المصدر عينه، "يتعجب لحوارات دامت أكثر من السنتين، ورافقتها بلاغات وتصريحات الطمأنة من قبل النقابات والوزارة، انتهت بإصدار نظام أساسي تبرأ منه الجميع".
المرصد نفسه "حمّل المسؤولية كاملةً لكل الأطراف المتحاورة (وزارة ونقابات)، لما ستؤول إليه أوضاع المنظومة من تأزم واضطرابات وضياع الزمن المدرسي لبنات وأبناء الوطن ابتداء من هذا الأسبوع".
كما يأسف المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين لـ"احتفالية هذه السنة التي تصاحبها حركات احتجاجية وإضراب وطني لكل فئات أسرة التربية الوطنية، معلنا تضامنه المدني مع كل الفئات المتضررة".
هذا ودعا البلاغ إلى "مباشرة الحوار مع النقابات الخمس مؤسس على أخلاق التفاوض، والجدية والمسؤولية والجرأة في معالجة القضايا المطروحة، مع وضع ما يقارب 9 ملايين تلميذ نصب أعين الجميع، بهدف الإنهاء مع حالات اللاستقرار واللاطمئنان التي يعيشها أغلب أفراد أسرة التربية الوطنية".
المرصد المذكور دعا، في الختام، "الحكومة إلى مضاعفة الجهود ماليا وتشريعاً، لإيلاء المكانة اللائقة بأسرة التربية والتكوين، إدارياً ومالياً واجتماعياً وثقافياً وإعلاميا"، موجها مجددا "النداء للنقابات التعليمية بتوحيد الصف، والعمل على إنهاء حالات الاحتقان والاضطراب في المنظومة"، مؤكدا على "الدور المحوري للأستاذ في كل عمليات الاصلاح المنشود".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: التربیة والتکوین
إقرأ أيضاً:
من سوريا الأسد إلى سوريا الحرة.. نحو استعادة الهوية الوطنية
في عام 2004م زرت سوريا لأول مرة، حينها انتابني خليط من الدهشة والصدمة؛ فأينما تجولت ببصرك سترى الرئيس الأسد إما معلقا في صورة على حائط أو مجسما في تمثال، وإن أرغمت نفسك على تجاهل ذلك سَيقرع سمعك اسمه أو اسم فرد من عائلته، نعم فكم من مكان في سوريا سُمي بأسمائهم!
لا يمكن لعاقل أن يظن أن ذلك عبث، بل هو ترسيخ لعقيدة سعوا لها عقودا تتمثل في أن سوريا للأسد ونظامه، ولهم وحدهم، لا يتسع لغيرهم.
كل ركن في البلاد يعج بصورهم، وشعاراتهم، وتماثيلهم، حتى إن مبنى الجوازات -وهو بوابة الدخول الأولى للبلاد- بدا وكأنه معرض دعائي للنظام.
وكلما تجولت في سوريا ستدرك جيدا كيف يسعى النظام لنشر ثقافة تقديس الرئيس وترسخيها في قلوب السوريين، فأتباع النظام عامة وعائلة الأسد خاصة كلهم فوق النقد أو العتاب، لا عيوب فيهم ولا أخطاء تصدر منهم، هكذا على السوري أن يؤمن أنهم منزهون معصومون، وإن قدح إيمانه بشك فيهم غيّبته ظلمات السجون. بالنسبة لي كان الوضع صادما مقارنة بتجربتي في الولايات المتحدة، حيث الديمقراطية وتعددية الآراء هي الأساس.
مع انحسار قبضة عائلة الأسد والنظام التابع لها، تلوح فرصة حقيقية لإعادة بناء سوريا، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضا على مستوى هويتها الوطنية
واليوم مع انحسار قبضة عائلة الأسد والنظام التابع لها، تلوح فرصة حقيقية لإعادة بناء سوريا، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل أيضا على مستوى هويتها الوطنية.
سوريا خلال حكم الأسد: دولة تخدم العائلة
منذ أن تولى حافظ الأسد السلطة في عام 1970م، تحولت سوريا إلى ما يشبه الملكية المقنّعة، حيث ارتبط كل جانب من جوانب الحياة بآل الأسد، لم تكن سوريا تُدار كدولة لكل أبنائها بل إقطاعية عائلية، المدن والقرى السورية امتلأت بشعارات مثل "للأبد يا حافظ الأسد"، في إشارة إلى حكم مطلق بلا نهاية.
أسماء الشوارع والجامعات والمدارس والمستشفيات عكست هذه العقلية، فمثلا شارع رئيسي في دمشق يحمل اسم "حافظ الأسد"، وهناك في حمص "جامعة البعث"، وهناك "مشفى الأسد الجامعي"، كلها رموز لتأليه النظام. هذه التسميات لم تكن مجرد إشارات عابرة، بل أدوات لترسيخ سيطرة النظام في الوجدان الشعبي، وجعل كل زاوية في البلاد تذكر المواطنين بالسلطة الحاكمة، وأن سوريا لن تكون إلا بها، إما هي وإما خراب يعم البلاد.
التماثيل وصناعة الاستبداد
كانت الصور والتماثيل المنصوبة في كل زاوية أداة دعائية بامتياز، تطل عليك بجمودها بملامح صارمة وكأنها تقول للناظرين "أنت في حضرتي، هذا المكان لي، أنا هنا لأبقى، ولا صوت يعلو إلا صوتي."
من الناحية النفسية، هذه المشاهد اليومية كرّست شعورا بالخضوع والذل فأين ما ذهبت فأنت مراقب، قد يشي بك أحدهم بتهمة العداء للنظام لو لم توقر التمثال فما بالك بصاحبه، كل تمثال كان يذكر المواطن السوري بأن السلطة فوق الجميع، وأن الفرد لا قيمة له أمام الدولة المتمثلة في شخص الأسد، سياسيا، كانت التماثيل تعبيرا عن مركزية السلطة واحتكارها، وتغييبا لأي مظاهر ديمقراطية أو تنوع حزبي.
نحو سوريا جديدة: حرية الاختيار
مع سقوط نظام الأسد وزوال رموزه تبرز الحاجة الملحة لإظهار الهوية السورية التي تعبر حقا عن سوريا العريقة، سوريا العزة مهد العلماء ومنارة الثقافة. ومن أولى خطوات التخلص من آثار تقديس الشخصية التي فرضها النظام: تسمية الأماكن بما يليق بها، هذه وإن كانت نقطة شكلية في التحول إلا أنها تُأمّل بمستقبل جديد واعد أنتظره الشعب عمرا طويلا.
مسميات الأماكن يجب أن تعكس تاريخ سوريا الغني، بما فيه من شخصيات وطنية مختلفة الانتماءات السياسية والثقافية، فشارع باسم "يوسف العظمة" مثلا، وجامعة باسم "أحمد شوقي"، ومشفى باسم "غسان كنفاني" رموز جديدة لوطن يحتفي بالتعددية لا بالاستبداد.
الديمقراطية تبدأ من التفاصيل الصغيرة
تحرير سوريا من آثار آل الأسد ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضا شرط أساسي لاستعادة كرامة الشعب وهويته. قد تحتاج البلاد زمنا لتجاوز إرث عقود من القمع والاستبداد والتنكيل، لكن الإرادة الشعبية تصنع المعجزات
إعادة تسمية الأماكن ليست مجرد عملية تجميلية، بل هي ممارسة ديمقراطية تعكس إرادة الشعب. تخيل أن تُجرى انتخابات محلية لتحديد أسماء الشوارع والميادين العامة، حيث يمكن للسوريين كافة المشاركة والتعبير عن رأيهم، هذه الخطوة الصغيرة في ظاهرها، قد تكون بذرة تحول أكبر نحو ممارسات ديمقراطية أكثر عمقا تشمل السياسة والاقتصاد، مع التذكير بأن سوريا الجديدة لن تُبنى فقط بإزالة التماثيل أو تغيير الأسماء، بل عبر بناء مؤسسات قوية تعتمد على القانون، وتكرّس قيم الحرية والمواطنة، في جو ديمقراطي حقيقي، لا تُرْفَع فيه صور القادة ولا تنصب لهم تماثيل، فالسلطة الحقيقية هي للشعب، وليست لشخص أو عائلة.
من سوريا الأسد إلى سوريا الأبية
إن تحرير سوريا من آثار آل الأسد ليس فقط ضرورة سياسية، بل أيضا شرط أساسي لاستعادة كرامة الشعب وهويته. قد تحتاج البلاد زمنا لتجاوز إرث عقود من القمع والاستبداد والتنكيل، لكن الإرادة الشعبية تصنع المعجزات. سوريا الحرة ستكون وطنا للسوريين كلهم، حيث تُحترم فيه حقوق الجميع، ولا تكمم فيه الأفواه، ويُحتفى بمن يعمل لأجلها لا لأجله، ويصنع حاضرا ومستقبلا يلبق بها وبشعب فك قيده بيده وقطع دابر من ظلمه.
سوريا الجديدة لن تكون بمجرد تغيير في الأسماء، بل في النفوس والعقول، إنها رحلة من الاستبداد إلى الحرية، ومن التماثيل التي تطل بوجوه قاسية إلى فضاءات مفتوحة تعكس أحلام أبنائها بمستقبل أفضل.