رأي الوطن : مقاومة الاحتلال والظلم حق أصيل
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
إنَّ الصَّمْتَ الدوليَّ الذي يشجِّع دولة الاحتلال الإسرائيلي على الإفلات بجرائمها التي ترتكبها بشكلٍ يوميٍّ ضدَّ أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ الأعزل، هو السَّبب الرئيس أوَّلًا لتمادي دولة الاحتلال المارقة فيما تمارسه من قمعٍ وإرهابٍ وهدمٍ واستيطانٍ، وغيرها الكثير من الجرائم ضدَّ كافَّة الأعراف والمواثيق والقوانين الدوليَّة، وثانيًا لحالة التفجير التي ستشهدها المنطقة نتيجة ردِّ الفعل الفلسطيني المقاوم، وهو ردُّ فعلٍ طبيعيٌّ يقرُّه القانون الدوليُّ.
ولعلَّ تنظيم اتفاقيَّة لاهاي عام 1907 لعمل حركات المقاومة، ونصَّها على أنْ يكُونَ لها رئيس وشعار، وأنْ تحملَ السِّلاح علنًا وتتقيَّد بأعراف وقوانين الحرب، أكبر اعتراف لحقِّ تلك الكيانات في حماية شَعبها بصورة علنيَّة، بالإضافة إلى القرار الأُممي رقم (3236) الصَّادر بتاريخ 1974 الذي أعطى الشَّعب الفلسطينيَّ الحقَّ في استخدام كافَّة الوسائل لنَيْلِ حُريَّته المتاحة، بما فيها الكفاح المسلَّح. فالأُمم المُتَّحدة اعترفت بالشَّعب القائم في وَجْه العدوِّ كشخصٍ من أشخاص القانون الدوليِّ، وطبَّقت على حركات التحرُّر الوطنيِّ نظام فيينا للبعثات الدَّائمة أو المؤقَّتة في المنظَّمات الدوليَّة، كما أنَّ المادَّة (51) من ميثاق الأُمم المُتَّحدة نصَّت على شرعيَّة حقِّ المقاومة للشعوب من أجْلِ الدِّفاع عن نَفْسِها إذا داهمها العدوُّ بقصْدِ احتلالها، فما بالك بدَولةٍ تُمارسُ اعتداءاتها، بشكلٍ يوميٍّ، على شَعبٍ سَعَى إلى السَّلام بشتَّى الصوَر والأشكال.
الغريب في عالَمنا الصَّامت الدَّاعم للكيان الصهيونيِّ الإرهابيِّ، أنَّ المنظَّمات الفلسطينيَّة التي تُمارسُ حقَّها المشروع في النِّضال والمقاومة توصم بالإرهاب، في حين قطعان المستوطنين الذين تُطْلِقُهم دَولة الاحتلال بشكلٍ يوميٍّ لمهاجمة القرى والمُدُن الفلسطينيَّة بالسِّلاح، لَمْ تستطع دَولة أو مؤسَّسة أُمميَّة عالَميَّة أنْ تضعَهم في خانة المنظَّمات الإرهابيَّة، رغم أنَّ ما تُمارسه تلك القطعان الإرهابيَّة من مظاهر مسلَّحة وعمليَّات قتل تؤكِّد، وفق كافَّة المواثيق والقوانين والأعراف الدوليَّة، أنَّها كيانات إرهابيَّة، تُمارسُ القتلَ الممنهجَ والعدوانَ على الفلسطينيِّين في وضح النَّهار، دُونَ خوفٍ أو وَجَلٍ من محاسبةٍ على تلك الجرائم التي ستقُودُ المنطقة والعالَم إلى انفجارٍ لا يعْلَم أحَدٌ مداه، ولا يُمكِن تصوُّر عواقبه.
إنَّ المُجتمع الدوليَّ أضحى الآن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى مطالَبًا باتِّخاذ مواقف، وأنْ يستيقظَ من سباتِه الذي شكَّل غطاءً للاحتلال لمواصلة جرائمه بحقِّ الشَّعب الفلسطينيِّ، وعلى المنظَّمات الدوليَّة والعربيَّة السَّاعية إلى إعادة الحقوق الفلسطينيَّة المسلوبة، الوقوف بكُلِّ ما تملكه من ثقلٍ دوليٍّ في مواجهة أعْتَى الاحتلالات، وتأخذ مواقعها الطليعيَّة لمواجهة الجريمة وصنَّاعها، والعدوان الاحتلاليِّ، والانتصار للحقيقة والحقِّ، وإعادة الحقوق الفلسطينيَّة إلى أهلها، منعًا لهذا الانفجار الوشيك. فبوَّابة السَّلام والاستقرار في المنطقة والعالَم لَنْ تفتحَ دُونَ إعادة الحقوق الفلسطينيَّة، وفرض حلِّ الدولتَيْنِ، وتمكين دَولة فلسطين ذات السِّيادة على كامل أراضيها وفق قرارات الشرعيَّة الدوليَّة المتتالية، ومحاسبة دوَل الاحتلال على سجلِّها الحافل من الجرائم، فالجرائم التي ترتكب ضدَّ الإنسانيَّة لا تسقط بالتقادم. ومعركة طوفان الأقصى التي شنَّها أبطال المقاومة الفلسطينيَّة ضدَّ الاحتلال والظُّلم وانتهاك المقدَّسات والاستيطان والاعتداءات المتكررة، وانتهاك حقوق الأسرى، وضدَّ الصَّلف والتنصُّل من الاستحقاقات هي الردُّ الطبيعيُّ على جرائم الحرب المتواصلة، وقَدْ حذَّرنا مرارًا وتكرارًا في هذه المساحة من أنَّ كيان الاحتلال الإسرائيليِّ يَقُودُ المنطقة والعالَم إلى دمار شامل، وأنَّ الصَّمْتَ الدوليَّ والتواطؤ مع جرائمه يُشجِّعه نَحْوَ ذلك، ولكن للأسف، لا يزال ما يُسمَّى بالمُجتمع الدوليِّ يضع أُذنًا من طينٍ وأخرى من عجينٍ.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
مناقيش الزعتر.. سبيل الفلسطيني للبقاء في ظل التجويع والإبادة
الثورة/ وكالات
يتحلق الفتية محمد وسوار وجهاد حول جدتهم أمام خيمة العائلة في منطقة البصة غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، منتظرين قطع مناقيش الزعتر.
تقول جدتهم الحاجة أم طارق إنها تعد مناقيش الزعتر بما تيسر لها من دقيق وزعتر وبدون زيت الزيتون، أملاً منها بإسكات جوعهم.
تؤكد الحاجة لمراسلنا أن أحفادها الثلاثة يطلبون منها مأكولات ومشروبات كثيرة، إلا أنه ليس باليد حيلة، فلا أشياء في الأسواق للشراء، وإن توفر شيء فهو بأسعار خيالية جدا.
فتلجأ الجدة أم طارق لإعداد المناقيش فهي من إرث الفلسطينيين، وتؤكد أنها تعدها كوجبة واحدة طيلة اليوم، “المجاعة تضربنا بقوة، وتوفير لقمة الخبز أصبح معركة”.
وعند حديث الحفيد محمد (٧ سنوات) لمراسلنا ترقرقت عيناه حزنا على عمه وأطفاله الذين ارتقوا شهداء في حرب الإبادة في الأول من مارس الماضي، يقول: حرمونا كل شيء، اللعب والمدرسة والحياة، والآن يحرمونا الطعام.
يشير إلى أنهم يأكلون المناقيش يومياً، “نفسنا باللحم والدجاج، والحلويات”.
ومنذ شهر أكتوبر الماضي تراجع عدد الشاحنات التي تسمح إسرائيل إلى أدنى مستوى ما أدى إلى فقدان حاد للسلع في الأسواق، في حين حذرت منظمات دولية من خطر تفشي المجاعة في مناطق جنوب غزة أسوة بمناطق شماله.
وينقل مراسلنا أن سعر كيس الدقيق 25 كيلو جرام، 50 دولارا أمريكيا وأكثر، وأن مختلف السلع بارتفاع مهول لا يتناسب مطلقاً مع المقدرة الشرائية في ظل استمرار حرب الإبادة، في حين تقدر مصادر محلية أن زهاء 90٪ من السلع مفقودة من الأسواق.
وهذا ما دفع السكان إلى البحث عما يسكت جوع أطفالهم، فلم يكن أمامهم إلا بعض المعلبات وإن كان أسعارها بارتفاع هي الأخرى، ومناقيش الزعتر.
وتقول الأمم المتحدة في تقارير متتالية أن وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يواجه عراقيل كبيرة، سيما مناطق شماله.
أونروا من جانبها تقول إن أكثر من مليون و800 ألف فلسطيني في جميع أنحاء غزة، يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد المصنف في المرحلة الثالثة في التنصيف أزمة وأعلى.
الوكالة الأممية أكدت أن سوء التغذية الحاد أعلى بعشر مرات مما كان عليه قبل الحرب.
وقلص الاحتلال في الفترة الأخيرة حجم المساعدات الواردة إلى قطاع غزة بشكل لافت، حيث تظهر مظاهر المجاعة بوضوح في مناطق جنوب غزة ووسطها، بشكل مماثل لما يجري في مدينة غزة وشمالي القطاع.
ويتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حركة الصادرات لقطاع غزة من خلال السيطرة التامة على المعابر، حيث يمنع وصول السلع والمواد الغذائية، ويستخدم التجويع كأداة سياسة للضغط على المقاومة الفلسطينية.
وفي أحدث تقرير لها أكدت الأمم المتحدة أن الاحتلال يمنع عن الفلسطينيين في قطاع غزة الغذاء وسبل البقاء.