مراكز الوفاء لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة: من رمزية الاسم إلى استدامة العطاء«الجزء الثاني»
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
حاولنا في الجزء الأول من موضوعنا هذا رصد رمزية ووقائع الوفاء في تاريخ مراكز الوفاء الاجتماعي، ونحاول اليوم الاقتراب من عطائها واستدامته، كَسَرت المراكز منذ نشأتها الجدران التقليدية للتهميش والعزل المنزلي للأشخاص ذوي الإعاقة واستقبلتهم رويدًا رويدًا، مانحة باقة كبيرة من التأهيل الشبه طبي للعلاج الطبيعي، علاج وظيفي، علاج نطق، إرشاد نفسي واجتماعي بالإضافة الى خدمات التربية الخاصة والتأهيل المهني.
هذه الشبكة من الخدمات المُسداة هي أكبر عطاء فقد سمحت للألاف من أطفالنا وشبابنا من ذوي الإعاقة، عبر السنوات الطويلة، بالاستقلالية والاعتماد على الذات كمواطنين ذوي قدرات فاعلة وهمة عالية، فمن كان مُقعدًا صار يَمشِي ومن كان لا يٌحسن الكلامَ والتواصلَ نَطقَ وتَفاعَلَ مع أسرته ومحيطه.
يَزدادُ العطاءُ مع الأيام والسنين، عددها يزدادُ ليَخدِم أطفالًا وشبابًا بالآلاف، يلتحقون يوميًا كأترابهم وإخوانهم من غير الأشخاص ذوي الإعاقة بـ(مدارسهم) بكل وفاءٍ وما يُثلجُ الصدر انتشارها العنكبوتي من جزيرة مصيرة الى مسندم إلى صور إلى عبري وطبعا ظفار.
عطاؤها واضح أيضا في ديناميكيتها الداخلية السريعة لتحسين وتجويد خدماتها وذلك ما شَهدَ به أكبر مراجعِ وخبراء مجال الإعاقة وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذين زاروها وساهموا في رفع كفاءتها من أمثال الأستاذ الدكتور جمال الخطيب صاحب المؤلفات العديدة والمراجع العلمية في مجال التربية الخاصة والدكتورة ناتالي مايارا Nathalie Mayara « من الجامعة الكندية وصاحبة نظرية (البرامج الافرادية الدامجة (I.I.P.)Integrable Individual Program، بأن مراكز الوفاء ومنذ 2006م وُضِعت في مسار التطوير الصحيح بجهود وزارة التنمية الاجتماعية والمجتمع المحلي.
عملت الوزارة ومنذ سنوات على تأهيل الكوادر عبر تشجيعهم على اكتساب الدرجات العلمية في التخصصات الجامعية ونذكر دبلوم التربية الخاصة بجامعة السلطان قابوس والدبلوم المهني بالتنسيق مع مركز الكويت للتوحد بالإضافة الى الدورات التدريبية وحلقات العمل التخصصية المتواصلة والمتكررة سنويًّا.
والعطاء زاد بقدوم الاخوة الأخصائيين ذوي الخبرات المتراكمة، من الدول الشقيقة والصديقة ممن أُوكِلَت إليهم مهام اسداء العلاجات الشبه طبية وبرامج التربية الخاصة والتأهيل المهني لمنظوري المراكز بالإضافة الى الإشراف الفني على تدريب موظفات المراكز على أحدث البرامج العلاجية وفي التربية الخاصة، فأرتفع مؤشر جودة الخدمات واستفاد أطفالنا ذوي الإعاقة كما زاد منسوب فرص الدمج في المدارس العادية بفضل أقسام وخدمات التدخل المبكر بالمراكز.
يَظهَرٌ عطاءُ مراكزِ الوفاء المتزايد يومًا بعد يومٍ، من خلال الإضافات في الأقسام التخصصية فأصبحنا اليوم نرى بالمراكز وبالإضافة الى التقسمات التقليدية من قاعات العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وعلاج النطق وصفوف التربية الخاصة وحلقات التأهيل المهني، أقسامًا متكاملة البنيات والتجهيزات لطيف التوحد وقاعات العلاج بالمياه وغرفًا حسية، للتكامل العملية العلاجية والتأهيلية في أحسن صورها.
التطوير داخل الجدران قطع أشواطًا كبيرة ليَفتَحَ المجالَ أمام الخدمات الخارجية لمراكز الوفاء من برامج الزيارات المنزلية (بورتج) الذي يقوم على اسداء خدمة التدخل المبكر للطفل من ذوي الإعاقة في بيته وتدريب أمه خاصة على العلاجات الضرورية، ولإنجاحِ (ما أمكن)، فرص الدمج المدرسي تولت المراكز المتابعة الدائمة بالتنسيق مع مدارس الدمج لمعاضدة جهودها في إبقاء الأطفال ضمن صفوفها ومساعدتهم على الارتقاء في سُلَمِ العلم والمعرفة.
وسيبقى أكبرُ عطاءٍ لمراكز الوفاء هو ما تُنَاضِلُ من أجلَهَ ليلاً نَهارًا لرفع الوعي المجتمع بقضايا الإعاقة وسبل محاربتها للحدَ من آثارِهَا السلبية على العبادِ عبر المحاضرات، والفعاليات وحلقات التدريب والملتقيات. بكلِ تَفاؤل، إني وكخبير شؤون الإعاقة أرى المستقبل أكثر نورا وأوفر عطاءا بحكم الرعاية الأبوية الحريصة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بكل ما من شأنه أن يرسمَ البسمة على وجوه أبنائنا وإخواننا من ذوي الإعاقة ويجعل منهم مواطنين صالحين وفاعلين، مساهمين في مواصلة البناء لتبقى عُمان الحبيبة أرض الوفاء والعطاء.
زوهير بن الحبيب بن عياد بن يحيى
خبير شؤون الإعاقة
benyahiazouhaier@yahoo.fr
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: التربیة الخاصة ذوی الإعاقة
إقرأ أيضاً:
مجلس الشورى يقر تقرير لجنة حقوق الإنسان عن الأشخاص ذوي الإعاقة
وأدان المجلس بشدة استمرار الكيان الصهيوني في انتهاج سياسية الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وتدمير المناطق السكنية في قطاع غزة والقصف الممنهج والاغتيالات في الضفة الغربية ولبنان.
واستهجن مجلس الشورى، استمرار حالة الصمت المعيب للمجتمع الدولي والأنظمة العربية والإسلامية إزاء ما يرتكبه كيان العدو من انتهاكات في فلسطين ولبنان والتي ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية.
ورحب المجلس بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق المجرمين الصهيونيين نتنياهو وغالانت بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في فلسطين، معتبرًا هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق العدالة وإنهاء عقود من الحصانة للاحتلال الصهيوني، يجب على المجتمع الدولي ودول العالم التعاطي معه بإيجابية، وملاحقة مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت.
وناقش الاجتماع الذي بُدئ بقراءة الفاتحة على روح فقيد الوطن عضو المجلس عبدالله الشريف وشهداء اليمن وفلسطين ولبنان، تقرير لجنة حقوق الانسان والحريات العامة والمجتمع المدني بالمجلس عن الأشخاص ذوي الإعاقة .. وأقر التقرير مع استيعاب الملاحظات الواردة عليه.
وفي الاجتماع الذي حضره وزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير باجعالة ونائب وزير العدل وحقوق الإنسان القاضي إبراهيم الشامي وأمين عام المجلس علي عبدالمغني، أكد رئيس مجلس الشورى، أهمية العمل على وضع خطط استراتيجية شاملة متعلقة بذوي الإعاقة تركز على الأولويات المهمة بما ينسجم مع موجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ويمكن حكومة التغيير والبناء من الانطلاق على ضوئها لوضع الحلول المناسبة.
وشدد على ضرورة العمل على تعزيز الرعاية الصحية اللازمة لذوي الإعاقة والمتأثرين بشكل مباشر من العدوان وإتاحة فرص تعليمية متكافئة لهم وإيجاد برامج توظيف مبتكرة تساعد على دمجهم في سوق العمل.
ولفت العيدروس إلى أهمية تضافر جهود الجهات ذات العلاقة لتعزيز دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومعالجة التحديات والصعوبات التي تواجههم والتي زاد من تفاقمها الظروف الراهنة الناجمة عن العدوان والحصار.
وأشاد بجهود لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة على إعداد التقرير وما تضمنه من توصيات، حاثًا اللجان الدائمة بالمجلس على تعزيز النشاط المؤسسي وإعداد الدراسات المتنوعة والشاملة لتغطية القضايا ذات الأولوية وتلامس احتياجات المجتمع.
كما شدد على مواصلة العمل المجتمعي والتنسيق مع السلطات المحلية خلال الزيارات الميدانية للمجتمعات المحلية والاستماع لاحتياجاتها ونقلها إلى الجهات المعنية مشفوعة بالتوصيات المناسبة، وموافاة اللجنة المجتمعية بالمجلس بالتقارير الدورية عن الأنشطة الميدانية.
واستمع الاجتماع الذي ضم وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ياسر شرف الدين وعدداً من المختصين في الجهات ذات العلاقة، إلى عرض رئيس اللجنة حسيبة شنيف ونائب رئيس اللجنة درهم الزعكري وعدد من الأعضاء حول ما تضمنه التقرير الذي سلط الضوء على الواقع الراهن للأشخاص ذوي الإعاقة والتحديات التي تواجههم وما خلص إليه من استنتاجات وتوصيات.
وهدف التقرير لتقييم مستوى الأداء والإنجاز للخدمات والأنشطة التي يقدّمها صندوق رعاية وتأهيل المعاقين والاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين ودائرة الرعاية الاجتماعية، وتحديد دور الجهات ذات العلاقة للنهوض بالخدمات وتوفير الاحتياجات للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأوصى التقرير بإعادة النظر في مصادر دعم صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، ومساندة الصندوق لاستكمال مشاريع البناء التنظيمي والمؤسسي والنظام الالي للصندوق وفروعه.
وأكدت التوصيات أهمية التنسيق مع الحكومة وكافة قطاعاتها لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير وتحديث التشريعات التي تخدم هذه الفئة المهمة في المجتمع، لافتة إلى التنسيق والتشبيك مع الجهات ذات العلاقة والمانحة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في البرامج والمنح والمساعدات، وكذا دمجهم في برامج ومشاريع التمكين الاقتصادي لهيئتي الزكاة والأوقاف.
أثري الاجتماع بعدد من الملاحظات من قبل أعضاء المجلس والجانب الحكومي، أكدت في مجملها أهمية عقد مؤتمر وطني شامل لمناقشة احتياجات ومتطلبات ذوي الإعاقة وجرحى العدوان لتعزيز دورهم وحماية حقوقهم وتمكينهم من الاندماج في المجتمع.
وشددت على إيجاد التشريعات القانونية التي تسهم في منحهم الحقوق والاحتياجات المناسبة، وبذل الجهود في الجانب الوقائي والتوعوي من أجل من الحد من الإعاقة، وكذا إيجاد هيئة عليا تُعنى بذوي الإعاقة وجرحى العدوان وتقدم الدارسات والحلول المناسبة للحكومة.
وحمّل المجتمعون تحالف العدوان السعودي، الإماراتي المسؤولية الكاملة نتيجة الاستهداف المباشر للأعيان المدنية والأحياء السكنية التي نجم عنها ارتفاع حالات الإعاقة بين أوساط المجتمع وتفاقم معاناتهم جراء العدوان والحصار.
وكان الاجتماع استعرض محضره السابق وأقره.