حاولنا في الجزء الأول من موضوعنا هذا رصد رمزية ووقائع الوفاء في تاريخ مراكز الوفاء الاجتماعي، ونحاول اليوم الاقتراب من عطائها واستدامته، كَسَرت المراكز منذ نشأتها الجدران التقليدية للتهميش والعزل المنزلي للأشخاص ذوي الإعاقة واستقبلتهم رويدًا رويدًا، مانحة باقة كبيرة من التأهيل الشبه طبي للعلاج الطبيعي، علاج وظيفي، علاج نطق، إرشاد نفسي واجتماعي بالإضافة الى خدمات التربية الخاصة والتأهيل المهني.


هذه الشبكة من الخدمات المُسداة هي أكبر عطاء فقد سمحت للألاف من أطفالنا وشبابنا من ذوي الإعاقة، عبر السنوات الطويلة، بالاستقلالية والاعتماد على الذات كمواطنين ذوي قدرات فاعلة وهمة عالية، فمن كان مُقعدًا صار يَمشِي ومن كان لا يٌحسن الكلامَ والتواصلَ نَطقَ وتَفاعَلَ مع أسرته ومحيطه.
يَزدادُ العطاءُ مع الأيام والسنين، عددها يزدادُ ليَخدِم أطفالًا وشبابًا بالآلاف، يلتحقون يوميًا كأترابهم وإخوانهم من غير الأشخاص ذوي الإعاقة بـ(مدارسهم) بكل وفاءٍ وما يُثلجُ الصدر انتشارها العنكبوتي من جزيرة مصيرة الى مسندم إلى صور إلى عبري وطبعا ظفار.
عطاؤها واضح أيضا في ديناميكيتها الداخلية السريعة لتحسين وتجويد خدماتها وذلك ما شَهدَ به أكبر مراجعِ وخبراء مجال الإعاقة وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذين زاروها وساهموا في رفع كفاءتها من أمثال الأستاذ الدكتور جمال الخطيب صاحب المؤلفات العديدة والمراجع العلمية في مجال التربية الخاصة والدكتورة ناتالي مايارا Nathalie Mayara « من الجامعة الكندية وصاحبة نظرية (البرامج الافرادية الدامجة (I.I.P.)Integrable Individual Program، بأن مراكز الوفاء ومنذ 2006م وُضِعت في مسار التطوير الصحيح بجهود وزارة التنمية الاجتماعية والمجتمع المحلي.
عملت الوزارة ومنذ سنوات على تأهيل الكوادر عبر تشجيعهم على اكتساب الدرجات العلمية في التخصصات الجامعية ونذكر دبلوم التربية الخاصة بجامعة السلطان قابوس والدبلوم المهني بالتنسيق مع مركز الكويت للتوحد بالإضافة الى الدورات التدريبية وحلقات العمل التخصصية المتواصلة والمتكررة سنويًّا.
والعطاء زاد بقدوم الاخوة الأخصائيين ذوي الخبرات المتراكمة، من الدول الشقيقة والصديقة ممن أُوكِلَت إليهم مهام اسداء العلاجات الشبه طبية وبرامج التربية الخاصة والتأهيل المهني لمنظوري المراكز بالإضافة الى الإشراف الفني على تدريب موظفات المراكز على أحدث البرامج العلاجية وفي التربية الخاصة، فأرتفع مؤشر جودة الخدمات واستفاد أطفالنا ذوي الإعاقة كما زاد منسوب فرص الدمج في المدارس العادية بفضل أقسام وخدمات التدخل المبكر بالمراكز.
يَظهَرٌ عطاءُ مراكزِ الوفاء المتزايد يومًا بعد يومٍ، من خلال الإضافات في الأقسام التخصصية فأصبحنا اليوم نرى بالمراكز وبالإضافة الى التقسمات التقليدية من قاعات العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وعلاج النطق وصفوف التربية الخاصة وحلقات التأهيل المهني، أقسامًا متكاملة البنيات والتجهيزات لطيف التوحد وقاعات العلاج بالمياه وغرفًا حسية، للتكامل العملية العلاجية والتأهيلية في أحسن صورها.
التطوير داخل الجدران قطع أشواطًا كبيرة ليَفتَحَ المجالَ أمام الخدمات الخارجية لمراكز الوفاء من برامج الزيارات المنزلية (بورتج) الذي يقوم على اسداء خدمة التدخل المبكر للطفل من ذوي الإعاقة في بيته وتدريب أمه خاصة على العلاجات الضرورية، ولإنجاحِ (ما أمكن)، فرص الدمج المدرسي تولت المراكز المتابعة الدائمة بالتنسيق مع مدارس الدمج لمعاضدة جهودها في إبقاء الأطفال ضمن صفوفها ومساعدتهم على الارتقاء في سُلَمِ العلم والمعرفة.
وسيبقى أكبرُ عطاءٍ لمراكز الوفاء هو ما تُنَاضِلُ من أجلَهَ ليلاً نَهارًا لرفع الوعي المجتمع بقضايا الإعاقة وسبل محاربتها للحدَ من آثارِهَا السلبية على العبادِ عبر المحاضرات، والفعاليات وحلقات التدريب والملتقيات. بكلِ تَفاؤل، إني وكخبير شؤون الإعاقة أرى المستقبل أكثر نورا وأوفر عطاءا بحكم الرعاية الأبوية الحريصة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بكل ما من شأنه أن يرسمَ البسمة على وجوه أبنائنا وإخواننا من ذوي الإعاقة ويجعل منهم مواطنين صالحين وفاعلين، مساهمين في مواصلة البناء لتبقى عُمان الحبيبة أرض الوفاء والعطاء.

زوهير بن الحبيب بن عياد بن يحيى
خبير شؤون الإعاقة
benyahiazouhaier@yahoo.fr

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: التربیة الخاصة ذوی الإعاقة

إقرأ أيضاً:

تكريم منتخب بني سويف للصم بنات لفوزه بالمركز الثاني في بطولة كرة السلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كرّمت أمل الهواري، وكيل وزارة التربية والتعليم ببني سويف، اليوم منتخب بني سويف لكرة السلة للصم بنات، الحاصل على المركز الثاني في دوري مراكز الشباب لكرة السلة للصم، والذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة.

 جاء التكريم بحضور محمد بدر، وكيل المديرية، وربيع محمد، مدير عام الشئون التنفيذية، وكامل أبو طالب، مدير عام التعليم الفني.

قدّمت وكيل الوزارة التهنئة للاعبات مدارس التربية الخاصة أعضاء الفريق، وأهدتهن شهادات تقدير وميداليات تذكارية تقديرًا لأدائهن المميز خلال البطولة وظهورهن بصورة مشرفة. كما وجّهت الشكر والتقدير للمدربين والمشرفين على جهودهم في قيادة الفريق نحو منصات التتويج، مؤكدة أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بذوي القدرات والهمم، وتحرص على توفير بيئة رياضية داعمة لمواهبهم.

وضم الفريق كلًا من: شهد أحمد طه، ندى عطا خميس، علا أحمد صابر، مريم رشيد صادق، عبير وجيه، آمنة محمود إسماعيل، وآية ربيع محمد، بالإضافة إلى جهاد محمد زارع، آية صبري عبد النبي، شهد محمد محمود، إسراء أحمد رفعت، ملك أبو الخير، وقمر محمود من مدرسة التربية الخاصة بإهناسيا.

وفي سياق متصل، كرّمت وكيل الوزارة الطالب عبد الرحمن محمد أبو القاسم من مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية بإدارة بني سويف، لحصوله على الميدالية الذهبية في بطولة مصر الدولية وأوروبا للكاراتيه الموحد، إضافة إلى المركز الأول في بطولة الجمهورية التنشيطية للكاراتيه الرياضي.

كما تم تكريم الفريق التدريبي والمشرفين على منتخب كرة السلة للصم بنات، وهم: أحمد حسين، المدير الفني للفريق، منى عبد الحليم عباس، مدرب مساعد ومترجم، أحمد أمين، منسق الفريق، شيماء جابر، منسقة الفريق، محمد عبد الحسيب، مدير مدرسة التربية الخاصة بإهناسيا، ونجلاء سامي شاكر، وكيلة مدرسة التربية الخاصة بإهناسيا.

مقالات مشابهة

  • كيفية استخراج كارت الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة
  • طلاب المدارس الخاصة في عجمان يوزعون «المير الرمضاني»
  • تكريم منتخب بني سويف للصم بنات لفوزه بالمركز الثاني في بطولة كرة السلة
  • تكريم فريق منتخب بني سويف للصم بنات لفوزه ببطولة مراكز الشباب للسلة
  • شاهد / مسلسل الأطفال الكيان المؤقت (1) - الجزء الثاني
  • بعد إقصائها عن الجزء الثاني..فريدة سيف النصر تهاجم صناع "العتاولة"
  • «تعليم القليوبية» تحصد مراكز متقدمة في مسابقة الإلقاء الشعري للمرحلة الإعدادية
  • رابط تقييمات وزارة التربية والتعليم لـ خامسة وسادسة ابتدائي الترم الثاني 2025
  • مميزات كارت الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة وطريقة استخراجه
  • "القومي للإعاقة" ينظم الورشة السادسة للمبادرة القومية "أسرتي قوتي" في أسيوط