المغرب أمام تحدي إعادة الإعمار وفق الخصوصيات المحلية بعد الزلزال
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
الرباط: يواجه المغرب تحدي إعادة إعمار ما دمره الزلزال في العديد من القرى الجبلية النائية قبل شهر، لكن مع الحفاظ في الوقت نفسه على خصوصية البناء التقليدي فيها وتفادي تحويلها إلى بلدات من الاسمنت.
فُجعت المملكة ليل 8 أيلول/سبتمبر على وقع الزلزال الذي ضرب أقاليم شاسعة جنوبي مراكش وسط البلاد، مخلفا قرابة 3 آلاف قتيل و5600 جريح، إضافة إلى تضرر نحو 60 ألف مسكن في حوالي 3 آلاف قرية على مرتفعات جبال الأطلس الكبير.
وبعد شهر على ذلك ما زال الناجون يعيشون في خيام، ويعتمدون على مستشفيات ميدانية ومدارس مؤقتة أقامتها السلطات.
في الأثناء يعمل مهندسون معماريون على صياغة أفكار حول نموذج لإعادة الإعمار يحترم خصوصيات المباني التقليدية في تلك المناطق النائية والفقيرة.
من بين هؤلاء المهندسين يقول كريم رويسي لوكالة فرانس برس "يجب تشجيع عملية إعادة البناء من طرف السكان أنفسهم لكن بإشراف المهندسين، وباستعمال مواد أولية محلية".
ويشدد المهندس الذي زار نحو 30 قرية في إقليم الحوز الأكثر تضررا بالزلزال، على "أهمية أن يكون نموذج التعمير الحضري مختلفا عما يصلح للقرى".
وقد شارك مؤخرا في زيارات استطلاعية للمناطق المنكوبة برفقة عدد من المهندسين والمعماريين المتطوعين، ومسؤولين من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير.
حافظت تلك القرى الجبلية منذ قرون على تقاليد معمارية محلية تعتمد على تشييد مساكن من الأحجار والطين، لكنها استبدلت تدريجيا في الأعوام الأخيرة ببيوت اسمنتية أقل كلفة.
على الرغم من طابعها العصري إلا أن هذه المباني الاسمنتية "مشيدة بشكل سيء" في الغالب، كما ينبه المهندس المعماري المغربي إيلي مويال.
ويقول مويال المتخصص في المعمار التقليدي والبناء بالطين إن "الثقة المبالغ فيها في الاسمنت بمثابة فخ".
ويضيف "رأيت منازل اسمنتية منهارة أكثر من البيوت الطينية" بعد الزلزال، موضحا أن المباني الطينية التي دمرت كانت أصلا في حالة سيئة قبل وقوع الكارثة.
- "الشتاء يقلقني" -
بدوره يشدد المهندس المعماري الفرنسي فيليب غارنيي على تفادي "استنساخ تجارب أجنبية أو اللجوء إلى مساكن موحدة بشكل نمطي"، في عملية إعادة الإعمار. وينطلق من دراسته لتجربتي زلزال بام في إيران العام 2003 وهايتي في العام 2010.
ويتبنى أيضا "فكرة الانطلاق من تجارب البناء التقليدي للسكان المحليين مع تجويدها وتثمين مهاراتهم".
ويتوقع المهندس المتخصص في البناء الطيني والمباني المقاومة للزلازل أن يكلف برنامج إعادة الإعمار 12 مليار درهم (حوالي 11,7 مليار دولار)، يمتد على خمسة أعوام ويشمل أكثر من 4 ملايين شخص.
وقد أكد الملك محمد السادس عند الإعلان عن هذا البرنامج في 20 أيلول/سبتمبر على "الحرص على احترام التراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش كل منطقة".
لكن إعادة الإعمار يمكن أن تستغرق "بضعة أعوام"، كما ينبه غارنيي.
ويشدد هذا الأخير أيضا على ضرورة احترام معايير البناء الطيني المقاوم للزلازل، المدرجة في القانون منذ 2013، ويشير على سبيل المثال إلى اختيار مواقع قادرة على تخفيف الموجات الزلزالية، وتفضيل مبان متجانسة الأبعاد.
عموما، يتفق المعماريون على أهمية إعطاء الوقت اللازم للبناء على أسس صلبة ومستدامة.
لكن المهندس المعماري إيلي مويال بادر لكسب الوقت باقتراح نموذج لأكواخ تقليدية، يمكن أن تشكل حلا مؤقتا للإيواء.
وهذه الأكواخ هي عبارة عن مساكن صغيرة من 15 مترا مربعة تشيد باستخدام مواد طبيعية تتكون من قصب ملفوف في مزيج من الطين والتبن. وقد اختار مويال مادة من الاسفنج لضمان عزل الجدران عن التأثيرات الخارجية، قبل أن يستبدلها بألياف من القنب الهندي وغطاء بلاستيكي.
لا يستغرق تشييد هذه الأكواخ سوى أسبوع واحد بكلفة حوالى 6 آلاف درهم (نحو 580 دولارًا) دون احتساب تكاليف عزل الجدران، بحسب مويال، الذي بدأ في جمع متطوعين للتدرب على بناء أكبر عدد ممكن من الأكواخ النموذجية.
سواء تم اعتماد هذا النموذج أم لا، يستعجل الناجون حلولا لاستعادة حياة طبيعية تحت سقف آمن، كما يقول عبد الرحيم عقبور الذي فقد بيته في قرية إيمي نتالا، على بعد نحو 75 كيلومترًا جنوب مراكش، ويعيش منذ الزلزال تحت خيمة في قرية مجاورة.
ويعرب عن مخاوفه قائلا "يقلقني كثيرا البقاء تحت خيمة بينما يقترب فصل الشتاء... قد يكون الأمر أسوأ حتى من الزلزال".
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
إعادة الإعمار في غزة.. أرقام وتحديات
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن قطاع غزة بالإمكان أن يصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" إذا امتلكته الولايات المتحدة بعد إعادة توطين الفلسطينيين بشكل دائم في أماكن أخرى.
وتظهر تقديرات الأمم المتحدة أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليه والذي استمر لنحو 16 شهرا، ستكلف مليارات الدولارات.
وفيما يلي بعض التفاصيل حول حجم الدمار الذي طال قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي الذي بدأ بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أطلقت عليه حماس اسم طوفان الأقصى.
كم يبلغ عدد الشهداء والمصابين؟تفيد وزارة الصحة في قطاع غزة أن العدوان الإسرائيلي على القطاع أدى إلى استشهاد أكثر من 47 ألفا، وإصابة أكثر من بالإضافة إلى 111 ألفا آخرين.
ما هو الوقت اللازم لإزالة الأنقاض؟أشارت الأمم المتحدة في تقدير لها الشهر الماضي إلى أن عملية إزالة أكثر من 50 مليون طن من الركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي قد ستغرق 21 عاما وتكلف 1.2 مليار دولار.
ويُعتقد أن الركام ملوث بالأسبستوس. ومن المعروف أن بعض مخيمات اللاجئين التي دُمرت أثناء الحرب قد بُنيت بهذه المادة. ويحتوي الحطام على الأرجح على أشلاء بشرية، في حين تقدر وزارة الصحة الفلسطينية أن هناك 10 آلاف جثة مفقودة أسفل الأنقاض.
إعلانوقال مسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في يناير/كانون الثاني إن العدوان الإسرائيلي على القطاع أدى إلى محو نتائج 69 عاما من التنمية.
كم عدد المنازل المدمرة؟
أظهر تقرير للأمم المتحدة نشر في العام الماضي أن إعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة قد يستمر حتى عام 2040 على الأقل، وقد يطول الأمر لعدة عقود من الزمن.
ووفقا لبيانات الأقمار الصناعية للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن ثلثي المباني في غزة قبل الحرب (أكثر من 170 ألف مبنى)، تهدمت أو سويت بالأرض، وهو ما يعادل حوالي 69% من إجمالي المباني في قطاع غزة.
وأظهرت تقديرات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات) أن هذا الإحصاء يتضمن ما مجموعه 245123 وحدة سكنية. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى مأوى في غزة.
ما حجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية؟ذكر تقرير للأمم المتحدة والبنك الدولي أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تقدر بنحو 18.5 مليار دولار حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2024، وأثرت على المباني السكنية وأماكن التجارة والصناعة والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والطاقة.
وأظهر تحديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الشهر الماضي أن المتاح الآن من إمدادات المياه أقل من ربع الإمدادات قبل الحرب، في حين تعرض ما لا يقل عن 68% من شبكة الطرق لأضرار بالغة.
كيف ستطعم غزة نفسها؟
أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حللتها الأمم المتحدة أن أكثر من نصف الأراضي الزراعية في غزة، والتي تعد حيوية لإطعام السكان الجوعى في القطاع الذي مزقته الحرب، تدهورت بسبب الصراع.
وتكشف البيانات زيادة في تدمير البساتين والمحاصيل الحقلية والخضراوات في القطاع الفلسطيني حيث ينتشر الجوع على نطاق واسع بعد القصف الإسرائيلي الذي استمر 15 شهرا.
إعلانوقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي إن 15 ألف رأس من الماشية، أو أكثر من 95% من إجمالي الماشية، ونحو نصف الأغنام، ذبحت أو نفقت منذ بدء الصراع.
ماذا عن المدارس والجامعات والمساجد؟تُظهِر البيانات الفلسطينية أن الصراع أدى إلى تدمير أكثر من 200 منشأة حكومية و136 مدرسة وجامعة و823 مسجدا وثلاث كنائس. وأظهر تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن العديد من المستشفيات تهدمت في أثناء الصراع، إذ لم تعد تعمل سوى 17 وحدة فقط، من أصل 36 وحدة وبصورة جزئية في يناير/كانون الثاني.
وسلط مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية الضوء على مدى الدمار على الحدود الشرقية لقطاع غزة. فحتى مايو/أيار 2024، كان أكثر من 90% من المباني في هذه المنطقة، بما في ذلك أكثر من 3500 مبنى، إما مدمرة أو تعرضت لأضرار شديدة.