الآلية الوطنية ورفض تجميع المبادرات

زين العابدين صالح عبد الرحمن

قبل التقاء الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كانت هناك دعوة داخل السودان تهدف إلى توحيد المبادرات بهدف خلق رؤية واحدة تجمع عليها القوى السياسية والمدنية، وتتحول إلى مشروع سياسي يتم الاتفاق عليه ويطرح للشعب السوداني ليكون هو بمثابة المشروع الوطني الذي تلتف حوله الجماهير، وبالفعل قد تم الاتصال بالدكتور منتصر الطيب من أجل وحدة المبادرات، ووافق من حيث المبدأ على الفكرة.

ولم يخطر الداعين لوحدة المبادرات أنه ساعٍ مع مجموعته أن يلتقي بالبرهان، ويطرح عليه فكرة تشكيل حكومة طوارئ، وسماها طوارئ ولم يطلق عليها حكومة تصريف أعمال. وكلمة طوارئ تعني تعطيل القانون وتصبح السيادة للجيش. فهل كان المنتصر ومجموعته يريدون تشكيل حكومة تحت حماية الجيش، وهذه الحكومة هي التي تقوم بدعوة القوى السياسية للحوار حول الدستور. بمعنى أن الآلية الوطنية هي التي يقع عليها عبء إدارة الفترة الانتقالية، وهي التي تختار القوى السياسية التي تنجز مهام الفترة الانتقالية التي لم يحدد الدكتور منتصر الطيب مدتها. السؤال الذي يطرح لماذا تخلف الدكتور منتصر الطيب عن اللقاء وجعل عائشة موسى عضوة مجلس السيادة السابقة هي التي تقود المجموعة؟

عندما ذهبت وطلبت المجموعة لقاء رئيس مجلس السيادة، ذهب الدكتور منتصر إلى أديس أبابا بحجة حالة طارئة تتعلق بظرف اجتماعي، رغم أن قرائن الأحوال تقول إنه ذهب لكي يقنع بعض قيادات قحت المركزي المتواجدين في أديس أبابا أن محاولتهم بهدف إبعاد الجيش من المشهد السياسي، وأن قوى مدنية من التكنقراط هي التي سوف تستلم السلطة، ثم تتم الدعوة للقوى السياسية والمدنية بهدف الحوار حول كيفية إدارة الشأن السياسي، وأن حكومة الطوارئ هي التي سوف تتواصل مع أطراف الحرب للجلوس للتفاوض. وفي ذات اليوم الذي نشر فيه المقال الأول عن الآلية، كان قد اتصل بي مشكورا الدكتور الشفيع خضر وأكد أنه ذهب للقاهرة ولكنه ليس للاتصال بالمسؤولين المصريين هناك وليس عضواً في هذه الآلية، ومعرفته بها فقط باعتباره متابعاً للشأن السياسي في البلاد، وهذه المتابعة تجعله يعرف عن كل القوى التي لها فاعلية في الساحة السياسية. الغريب في الأمر أن العديد من العضوية الذين ساهموا في تكوين المجموعة ليس لهم أي علم بهذه الخطوة، وفوجئوا باللقاء مع رئيس مجلس السيادة من خلال التلفزيون فقط.

هناك البعض: الذين يعتقدون أن التقاء الآلية بالبرهان ربما يكون مخططاً من قبل الإسلاميين بهدف الوصول للسلطة. وكيف يكون ذلك؟ والذي يترأس فاعلية الآلية هو الدكتور منتصر الطيب ومعروف أنه عضو في الحزب الشيوعي، وأن عائشة موسى هي جزء من جماعة الجذرية، وأن عادل المفتى قيادي في حزب الأمة، وليس من بين هؤلاء إسلامي. مثل هذه الاعتقاد ونشره أو الإشارة إليه تعتبر محاولة لتغبيش الوعي، والابتعاد عن معرفة الأبعاد الحقيقية من الخطوة. خاصة هي أول مجموعة تمثل مبادرة من المبادرات العديدة التي تتبنها مجموعات مدنية.

كان الاعتقاد أن القوى السياسية جميعها والقوى المدنية بعد الحرب تستفيد من تجاربها السابقة، وتعتبر الحرب هي نهاية للسودان القديم بكل فشله واخفاقاته، وتبدأ النخب السودانية التخلص من كل أفكارها القديمة البائدة التي أوصلتهم للحرب، ويبدأ العقل الجديد يفكر بصورة مختلفة للواقع وتناقضاته، ويحاول أن يقدم أفكاراً جديدة تطرح على مائدة الحوار بهدف الوصول لمشروع سياسي بعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، ويصبح الوطن في قمة الأجندة. لكن الملاحظ: الكل عينه على السلطة، ومادامت السلطة هي محور الرغبات؛ يصبح الصراع هو سيد الموقف، والذي يمتلك القوة ويرجح كفته في ميزان القوى الاجتماعية هو الذي سوف يسيطر على الموقف. يجب على النخب أن تعيد النظر في أفكارها وتصحح مسارها إذا كانت بالفعل تراهن على الديمقراطية. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

الوسومأديس أبابا الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي السودان زين العابدين صالح عبد الرحمن عائشة موسى عبد الفتاح البرهان مجلس السيادة مصر منتصر الطيب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أديس أبابا الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي السودان عائشة موسى عبد الفتاح البرهان مجلس السيادة مصر الآلیة الوطنیة القوى السیاسیة مجلس السیادة هی التی

إقرأ أيضاً:

إستلام دفعة جديدة من حاويات تجميع النفايات ببورتسودان

شهد والي ولاية البحر الأحمر الفريق الركن مصطفى محمد نورمحمود، الأحد، إستلام دفعة جديدة من حاويات تجميع النفايات ببورتسودان بحضور مدير هيئة النظافة بالولاية الأستاذ مبارك عبدالماجد وممثل شركة جياد.ووجه والي الولاية بالشروع فوراً في توزيع حاويات تجميع النفايات ببورتسودان لمقابلة الحوجة .وفي تصريح صحفي أوضح مدير هيئة النظافة بالولاية بأن إستلام دفعة جديدة من حاويات تجميع النفايات يأتي برعاية كريمة وإشراف من والي الولاية لمقابلة النفايات وحفظها ؛ مبيناً بأن الدفعة الجديدة تمثل إضافة حقيقة لهيئة النظافة حيث بلغ عدد الحاويات(٢٥٠) حاوية ومن المتوقع أن تصّل لعدد (٣٠٠) والتي من شأنها أن تساهم بصورة كبيرة في تجميع النفايات في الأسواق والشوارع الرئيسية؛ مما يساعد في إصحاح البيئة بالمدينة ونظافة الولاية .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • من بطل منتصر إلى سلسلة من النتائج السيئة.. إليك كيف انحدر مانشستر سيتي
  • الزرقاء: القوى الوطنية استعادت زمام المبادرة بعيداً عن التدخلات الدولية
  • رؤية النخب السودانية حول الحراك الثوري والتحولات السياسية
  • اللواء ابراهيم: الحوار الوطني الآلية الوحيدة لحماية سيادتنا وشعبنا ومؤسساتنا
  • إستلام دفعة جديدة من حاويات تجميع النفايات ببورتسودان
  • من التضخم إلى البيتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • من التضخم إلى البتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • لشكر : الحركة الاشتراكية العالمية تسعى لتكريس السيادة الوطنية للدول ويصون سلامة أراضيها
  • السوداني يؤكد ضرورة دعم الحوارات بين القوى الوطنية في كردستان لتشكيل الحكومة
  • إجمالي عدد القوى الوطنية العاملة في القطاع الصناعي يقترب من 40 ألفا