عربي21:
2025-01-11@11:15:34 GMT

ما صان البرهان الحصان

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

قلت في مقال لي هنا في "عربي21" في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2021، "أثبتت وقائع كثيرة ان عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني منذ آب/ أغسطس من عام 2019 حتى انقلب على هياكل وأعضاء الحكومة (في تشرين أول / أكتوبر من ذلك العام)، لا يحسن تصريف الأمور المتعلقة بطموحه الشخصي في الانفراد بحكم البلاد، بمعاونة الضباط ذوي الرتب الرفيعة في الجيش، ومليشيا الدعم السريع التي تقودها عائلة دقلو، وتنعقد قيادتها العليا لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) وأخوه عبد الرحيم، وكلاهما ينعم برتبة فريق العسكرية بلا حظ من العلوم العسكرية"، وكان عنوان ذلك المقال "الجاهل عدو نفسه ـ البرهان نموذجاً"، وأوردت فيه أقوالا ووقائع تؤكد أن البرهان يطلق الرصاص على قدمه كلما أقدم على خطوة لتعزيز طموحه، في التحول إلى رئيس جمهورية كامل الدسم، تحقيقا لرؤيا منامية لوالده قبل سنوات بعيدة.



مثل معظم الرؤساء العرب، يعتقد البرهان أن قراءة نصوص مكتوبة خلال مخاطبة المواطنين لا يليق برجل الدولة، وأن ارتجال الخطب دليل على الكفاءة والحذق، ولهذا كثيرا ما يكبو حصانه، ولكنه كحامل لجينات التسلط الرسمي العربي، لا يأبه بأن كلامه بالليل يمحوه نهار اليوم التالي، وتلك شيمة من لا يحترمون مُتلقِّي الخطاب، وهكذا صرح في بواكير جلوسه على كرسي رئاسة المجلس السيادي في السودان، بعد انهيار حكم التيار الإسلامي برئاسة عمر البشير، بأن السلطة التنفيذية، والتي كان قوامها كوادر مدنية، رفضت عرضا منه بـ 300 مليون دولار، قال إنها "حصيلة فلوس أولادنا ال يحاربوا في اليمن" وبهذا نسف تصريحا سابقا له، بأن أولادنا أولئك موجودون في اليمن انصياعا لقرار بذلك من الجامعة العربية (وليس نظير مبالغ مالية).

ومنذ أكثر من شهر بقليل تقمص البرهان دور رأس الدولة، وخلع قميص القائد العام للجيش السوداني، الذي ظل يرتديه وهو يتخندق في مقر قيادة الجيش، محاصرا بقوات الدعم السريع، التي تخوض حربا ضد الجيش منذ منتصف نيسان / إبريل الماضي، وزار بتلك الصفة ست دول لم يعد من أي منها حتى بخفي حنين، ثم شرع في تطواف داخل السودان ولكن بعيدا عن مناطق الاشتباك، حيث أطلق الرصاص على قدمه مرارا، كناية عن الذي يأتي بقولٍ يضعف ويزلزل موقفه، فأمام رتل من الجند في شرق البلاد قال ان الحرب الدائرة في السودان أثبتت حاجة البلاد الى جيش احترافي، وبهذا طعن في كفاءة الجيش، بل ألمح الى انه جيش "هواة".

منذ أكثر من شهر بقليل تقمص البرهان دور رأس الدولة، وخلع قميص القائد العام للجيش السوداني، الذي ظل يرتديه وهو يتخندق في مقر قيادة الجيش، محاصرا بقوات الدعم السريع، التي تخوض حربا ضد الجيش منذ منتصف نيسان / إبريل الماضي،وفي مطلع الأسبوع الماضي زار مدينتي عطبرة ودنقلا، وكان لابد من أن يصرح بشيء ما، فقال إنه لو كان يعلم ان الحرب ستحدث 10% من الخسائر التي تسببت فيها لما خاضها، وبذلك فإنه يقول ـ من حيث لا يقصد ـ إنه كان بمقدوره منع وقوع الحرب، أو ان تقديراته في خوضها كانت خاطئة، ثم كان التصريح الطامة: قوات الدعم السريع هي من قامت بفض الاعتصام، ويتكلم الرجل هنا عن مجزرة حدثت على أبواب القيادة العامة للجيش في 3 حزيران/ يونيو من عام 2019، عندما كان البرهان رئيسا لمجلس عسكري استولى على مقاليد الأمور بعد عزل الرئيس عمر البشير، وكان الحراك الشعبي الذي زلزل الحكومة المبادة قد انتهى باعتصام الآلاف أمام القيادة العامة للجيش، منذ السادس من نيسان/ إبريل من تلك السنة، وحتى داهمت قوات نظامية المعتصمين وهم صيام ونيام، وقتلت منهم ما يربو على 130 وألقت بجثامين بعضهم في النيل، وما زال 38 من المعتصمين في عداد المفقودين، ويرجح انهم صاروا طعاما للأسماك.

في اليوم التالي لتلك المجزرة عقد شمس الدين كباشي الناطق باسم المجلس العسكري مؤتمرا صحفيا قال فيه، إن قيادات الجيش والشرطة والأمن والمخابرات ورئيس القضاء والنائب العام، اجتمعوا وقرروا فض الاعتصام، و"حدث ما حدث" كما قال بالضبط، ثم يأتي البرهان بعد أكثر من أربع سنوات على تلك الجريمة ليقول إن من ارتكبها هي قوات الدعم السريع التي تأتمر بأمر نائبه في رئاسة المجلس العسكري ثم مجلس السيادة حميدتي، وربما غاب عنه أنه بذلك يقر بالتواطؤ في الجريمة، و / أو التستر على المجرمين.

ولا يعتلي البرهان منبرا دون وصم قوات الدعم السريع بأنها تتألف من مرتزقة، ولكنه لا يفصح عما إذا كانت تلك القوات بدأت الارتزاق بعد تفجر حربها مع الجيش قبل خمسة ونيف أشهر، أم ظلت كذلك منذ أن عمل هو على تشكيلها وتدريبها، ثم جاء بقائدها وجعله الرجل الثاني (بعده) في أجهزة الدولة، بل وسلم تلك القوات 45 موقعا عسكريا داخل وحول العاصمة السودانية، وفتح لقائدها قنوات التواصل مع إسرائيل بوصفه (البرهان) عراب تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وبالمقابل فإن حميدتي ومنذ بداية الحرب قدم ثلاثة خطابات عامة، قرأ محتوياتها بإتقان مدهش، على غير عادته حتى عندما يتكلم بالعامية، ولكنه وفي مقاطع صوتية كثيرة ظهر على النحو الذي عرفه به الناس من حيث إطلاق كلام على عواهنه، وكان مما صرح به بعد بداية الحرب إن البرهان يفتقر للأهلية لاحتضان القوى الإسلامية لتحقيق غاياته "لأنه لا يصلي"، ثم قال عن الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش إنه "بتاع كاسات".

ولا يمكن اعتبار مثل تلك التصريحات والعبارات التي صدرت عن البرهان أو حميدتي زلات لسان وحسب، فإناء كل منهما ينضح بما فيه، وكلاهما لا يعرف كيف يصون لسانه كي لا يخونه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السوداني السودان مواقف سياسة رأي عبد الفتاح البرهان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

خارجية أمريكا: لهذه الأسباب فرضنا عقوبات على حميدتي.. ليس دعما للجيش السوداني

أعلنت السلطات الأمريكية عن فرض عقوبات على قائد قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية في السودان، محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، معددة اتهامات وإدانات له في بيان تفصيلي.

وورد في البيان الصادر عن مكتب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: "حدد وزير الخارجية أنتوني بلينكن قيام عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب إبادة جماعية في السودان، وأتى ذلك بعد مراجعة متأنية للوقائع وتحليل قانوني شامل.. ويبني تحديد وقوع الإبادة هذا على إعلان الوزير بلينكن في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023 عن مسؤولية عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها عن ارتكاب أعمال تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية. وقد حدد الوزير بلينكن في العام 2023 أيضا مسؤولية عناصر من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية عن ارتكاب جرائم حرب"، بحسب شبكة "سي ان ان" الإخبارية.



وتابع: "بالإضافة إلى تحديد وقوع الإبادة الذي نعلن عنه اليوم، تم فرض عقوبات على سبع شركات تمتلكها قوات الدعم السريع وتقع مقراتها في الإمارات العربية المتحدة وعلى فرد مسؤول عن شراء أسلحة لقوات الدعم السريع".

وقال البيان إن "قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي تجاهل بشكل متعمد الالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة للعام 2023 والخاص بالالتزام بحماية المدنيين في السودان، ومدونة قواعد السلوك للعام 2024 التي أطلقتها مبادرة ’متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان‘".

وأضاف البيان: "ينبغي تحقيق المساءلة عن هذه الفظائع، لذا فرضت الولايات المتحدة إلى جانب تحديد وقوع الإبادة عقوبات على حميدتي لدوره المحوري في تأجيج الحرب في السودان.. وقد تم أيضا إدراج حميدتي على قوائم العقوبات بموجب المادة 7031(ج) لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات اغتصاب جماعية لمدنيين على يد جنود قوات الدعم السريع تحت أمرته".

وأردف: "فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة اليوم عقوبات على حميدتي بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 الخاص بـ “فرض عقوبات على بعض الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي”.

وأكد البيان أنه "تم فرض العقوبات بسبب قيام قوات الدعم السريع بقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليون شخص والتسبب بمجاعة واسعة النطاق في مختلف أنحاء السودان".

وحذر البيان من أن الولايات المتحدة "لا تدعم أيا من طرفي هذه الحرب، ولا تشير هذه الإجراءات ضد حميدتي وقوات الدعم السريع إلى أي دعم للقوات المسلحة السودانية أو محاباة لها".

واتهم البيان القوات المسلحة السودانية بـ"توجيه ضربات جوية وهجمات مدفعية ضد المدنيين، وتواصل عرقلة عمليات تسليم إيصال المساعدات الإنسانية. ويتحمل الطرفان المتحاربان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان بشكل سلمي في المستقبل".



ومضى البيان يقول: "كان ينبغي أن يقوم الطرفان المتحاربان بالتخلي عن سلاحهما منذ وقت طويل، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق، والوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، فالشعب السوداني يطالب بالحماية والسلام والعدالة ويستحق الحصول على مطالبه هذه".

وأضاف البيان أن وزير الخارجية الأمريكية "دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي منذ اندلاع هذه الحرب إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لوضع حد لهذه المعاناة التي تفوق التصور، وقام بالدعوة إلى عقد اجتماعات عديدة ضمن مجلس الأمن الدولي وخارجه، إلا أن ذلك ليس بكاف".

وأكد البيان أن العقوبات على حميدتي "خطوة صغيرة تهدف إلى اتخاذ إجراءات باتجاه مساءلة الطرفين المتحاربين". موضحا أن "الولايات المتحدة هي أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية للشعب السوداني، وتبقى ملتزمة بتخفيف معاناة العديد من السودانيين الضعفاء العالقين في هذه الحرب، وهي ملتزمة بمساعدة الشعب السوداني ليكون له صوت ويبني مستقبله بنفسه".

وأوضح البيان أن الولايات المتحدة ستواصل في الأيام المقبلة "اتخاذ إجراءات ضد من يقوضون الأمن والاستقرار في السودان واستخدام كافة الأدوات المتاحة لتعزيز السلام والمساءلة والديمقراطية للشعب السوداني".

مقالات مشابهة

  • جدوى العقوبات الأمريكية ضد الدعم السريع
  • الجيش يكشف تفاصيل جديدة عن هجوم الدعم السريع على عطبرة بالمسيرات 
  • حكومة مدنيه في اراضي الدعم السريع هي الوحيدة التي ستحفظ وحدة السودان، فمم وًلماذا تخافون ؟
  • الجيش السوداني: الطيران الحربي دمّر مركبات للدعم السريع ومنع محاولات تسلل للفاشر
  • الجيش السوداني يحكم حصاره على الدعم السريع ويقترب من مدينة مهمة
  • الى المغيبين من الشعب السوداني، يجب ان تفهموا ان الحرب الدائرة حالياً ابعد من ان تكون بين الجيش والدعم السريع
  • خارجية أمريكا: لهذه الأسباب فرضنا عقوبات على حميدتي.. ليس دعما للجيش السوداني
  • واشنطن تتهم قوات الدعم السريع السودانية بارتكاب "إبادة جماعية" في دارفور  
  • جرائم الاغتصاب على يد الدعم السريع أكثر مما هو معلن
  • قائد الجيش السوداني يكشف عن تعديلات في الوثيقة الدستورية