يحتلّ موضوع النازحين السوريين أولويّة كبيرة لدى مختلف الأفرقاء اللبنانيين، لأنّ وجودهم أصبح عبئاً على البلاد، ليس فقط إقتصاديّاً، وإنّما أمنيّاً، وخصوصاً بعد دخول فئات شبابيّة عبر الحدود، وضبط الجيش أعتدة عسكريّة وأجهزة إلكترونيّة متطوّرة داخل المخيّمات، وسط الخشية من إستعمالهم في أعمال تضرب السلم الأهليّ، في ظلّ عدم وجود قرار غربيّ بإعادتهم إلى ديارهم.


 
وكان دخول "حزب الله" بقوّة على خطّ إعادة النازحين إلى سوريا لافتا، لكنّه بحسب مراقبين يحمل دلالات أخرى تتعلّق بدعم الرئيس بشار الأسد. فقد دعا الأمين العام لـ"الحزب" السيّد حسن نصرالله الإدارة الأميركيّة إلى إلغاء قانون "قيصر" الذي يستهدف دمشق إقتصاديّاً، متّهماً واشنطن بتعزيز حركة النزوح بسبب تلك العقوبات، التي تُشدّد الخناق على الشعب السوريّ، وتدفعه إلى التوجّه نحو لبنان لإيجاد فرص العمل والإستفادة من الدعم الغربيّ المُقدّم للنازحين.
 
وأيضاً، هدّد نصرالله بفتح الحدود وإرسال النازحين إلى البلدان التي تُعارض عودتهم إلى سوريا، بحجة أنّ الغطاء الأمنيّ ليس مُؤمّناً لهم من قبل الرئيس الأسد. وهنا يرى مراقبون أنّ "حزب الله" يستعمل ورقة النزوح لمساعدة دمشق، حليفه الإستراتيجيّ الأبرز في المنطقة، للتخلّص من العقوبات.
 
وفي هذا الصدد، يقول المراقبون إنّ الوضع المعيشيّ في سوريا صعبٌ جدّاً، وهو يلعب دوراً أساسيّاً في هروب السوريين إلى لبنان، حيث أنّ البلد أصبح مدولراً، وأغلبيّة أرباب العمل باتوا يدفعون لموظفيهم بالعملة الأميركيّة. أمّا في سوريا، فالوضع الإقتصاديّ سيّء للغاية، وهناك خشية من أنّ تكون إحتجاجات السويداء مقدّمة لتظاهرات جديدة قد تمتدّ لمناطق ومدن أخرى، ويُعاد سيناريو الحرب السوريّة عام 2011، الذي بدأ بحركة إحتجاجيّة، تطوّرت إلى أعمال عسكريّة داميّة.
 
في المقابل، يُشير المراقبون إلى أنّ تهديد نصرالله البلدان الغربيّة بإرسال النازحين إليهم لا يُمكن أنّ يتمّ، وهو محاولة ضغط فقط لمساعدة حليفه الأسد، لأنّ العديد من أفرقاء الداخل سيُعارضون هذا الأمر، لما قد يُعرّض لبنان لعقوبات أوروبيّة هو بغنى عنها، إضافة إلى ضرب علاقات بيروت الدبلوماسيّة مع عواصم بلدان الإتّحاد الأوروبيّ، وبشكل خاصّ فرنسا التي تلعب دوراً أساسيّاً في حلّ الأزمة الرئاسيّة.
 
ويُضيف المراقبون أنّ "حزب الله" يهمّه ضبط الحدود اللبنانيّة – السوريّة، كيّ يتمكّن هو فقط من تمرير شحنات الأسلحة التي تأتيه إلى سوريا من إيران عبر السفن، كذلك، شاحنات الوقود، هكذا، يكون وحده يتحكّم بالحدود، مُبرّراً ذلك بتغطيّة البيان الوزاريّ لـ"المقاومة".
 
ولا يُخفى أنّ إستعمال النازحين للقيام بعملٍ عسكريّ داخل الأراضي اللبنانيّة لن يكون من مصلحة "حزب الله"، فأغلبيّة السوريين يتواجدون في مناطق البقاع، وهناك آخرون يتوزعون في الجنوب، حيث البيئة الحاضنة لـ"المقاومة"، التي ستتأثّر بشدّة، وهي بطبيعة الحال تشهد منافسة سوريّة لليدّ العاملة البقاعيّة، وزيادة في معدّلات الجريمة.
 
وأكثر من ذلك، شارك "حزب الله" إلى جانب الأسد في الحرب على الإرهاب والمعارضة السوريّة، وهناك حتماً العديد من الإرهابيين والنازحين داخل المخيّمات الذين تأثّروا بشدّة من مساندة "الحزب" للرئيس السوريّ، وإذا حصل أيّ تطوّر أمنيّ، لن يتوانوا عن ضرب أهداف تابعة لـ"المقاومة"، ولبيئتها، وخصوصاً وأنّ التفجيرات التي كانت تحصل في السابق، كانت تستهدف بشكل أساسيّ المناطق الحاضنة لـ"حزب الله"، مثل الضاحيّة الجنوبيّة والهرمل.
 
ولهذه الأسباب التي جرى ذكرها، يتّضح بشدّة أنّ أزمة النزوح لا تُفيد أبداً "حزب الله"، على الرغم من أنّ الأخير يُحاول الإستفادة منها وفق المراقبين لمساعدة بشار الأسد على تجاوز العقوبات الغربيّة، بهدف ضبط الوضع الإقتصاديّ في المناطق الخاضعة له، كيّ لا تخرج الأمور عن السيطرة، وتعمّ التظاهرات المدن، وتُطالب برحيله، بذريعة تردّي الأوضاع الماليّة والمعيشيّة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

7 أكتوبر جديد من لبنان.. ماذا قال إسرائيليون عن حزب الله؟

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة تقريراً جديداً قالت فيه إنه مع انتهاك إسرائيل و "حزب الله" لإتفاق الهدنة في لبنان، يخشى أهالي مستوطنة المطلة الإسرائيلية من استئناف القتال عند الحدود بين لبنان وإسرائيل.   ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنَّ وقف إطلاق النار الذي دام لشهرين بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل يعني أن الرحلة كانت آمنة في المطلة، لكن كل جانب كان يُراقب الآخر بحذر، ويضيف: "لقد كان عناصر حزب الله متواجدين في القرى الأقرب إلى الحدود بينما كانت طائرة إسرائيلية من دون طيار تحومُ فوقهم".   وأوقفت هُدنة مدتها 60 يوماً دخلت حيز التنفيذ في نهاية شهر تشرين الثاين الماضي، قتالاً عنيفاً بين "حزب الله" وإسرائيل دام لشهرين متتالين، كما فرمل اتفاق وقف إطلاق النار الهجمات الجويّة عبر الحدود التي دفعت عشرات الآلاف من المواطنين في كلا البلدين إلى النزوح من منازلهم.   ومن المفترض أن تصبح الهدنة دائمة عندما تنتهي يوم الأحد، ولكن قبل يوم واحد فقط من الموعد النهائي، لم يفِ أي من الجانبين بالتزاماته.   وفي السياق، يقول ديفيد أزولاي، رئيس المجلس الإقليمي لبلدة المُطلة: "كنتُ ضدّ وقف إطلاق النار، وأفضل أن تستمرّ المعارك لمدة عام أو عامين آخرين إذا كان ذلك يعني اختفاء حزب الله تماماً من على الحدود".   وأضاف أزولاي: "إذا توقفنا الآن، فسوف يعود السكان، وسنعيد البناء وسنعزز الأمن، لكننا سنترك حزب الله يقرر متى ستحدث الكارثة التالية مثل 7 أكتوبر"، في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل في عام 2023 الذي أشعل فتيل حربي إسرائيل في غزة ولبنان.     وكانت إسرائيل أعلنت أنها لن تلتزم بالموعد النهائي لانسحاب قواتها من لبنان والذي تقرر أن يكون يوم 26 كانون الثاني الجاري.   وبررت إسرائيل خطوتها بأن القوات المُسلحة اللبنانية لم تُطبق بشكلٍ كاملٍ وفعّال الاتفاق الذي من المفترض أن ينسحب "حزب الله" بمُوجبه إلى منطقة شمال نهر الليطاني.   واعتبر التقرير أنَّ ما يحدث الآن غير واضح، فمؤخراً حذر نائب "حزب الله" علي فياض من أنَّ فشل إسرائيل في الانسحاب من لبنان قبل الموعد النهائيّ من شأنه أن يؤدّي إلى انهيار وقف إطلاق النار.   إلى ذلك، قال المحلل الإسرائيلي رون بن يشاي في مقال عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن "هناك مسؤولين في البيت الأبيض قريبون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويُعارضون السماح للجيش الإسرائيلي بتأخير الانسحاب من لبنان".   وتابع: "إن ما سيحدث خلال عطلة نهاية الأسبوع سيكون حاسماً ليس فقط للمسرح اللبناني، بل وأيضاً للعلاقة بين الإدارتين في واشنطن والقدس".   مع هذا، تقول "غارديان" إن العديد من المباني في المطلة فقدت أسطحها، أو تضررت بسبب الحرائق التي تسببت فيها الصواريخ والطائرات من دون طيار التي أطلقها "حزب الله".   في المقابل، فقد شهدت مناطق جنوب لبنان الكثير من الدمار، فيما أدت الحرب إلى سقوط آلاف الضحايا والجرحى.   ورغم الانتهاكات المتكررة للهدنة من جانب الطرفين ، فقد عاد العديد من اللبنانيين إلى المدن والقرى المتضررة التي أخلتها القوات الإسرائيلية. ولكن بالنسبة للإسرائيليين النازحين في مختلف أنحاء شمال البلاد، فإن العودة إلى ديارهم لا تزال تبدو أمراً غير وارد.   ولم يعد سوى 16 شخصاً من سكان المطلة البالغ عددهم 1700 نسمة منذ إخلاء المنطقة في تشرين الأول 2023.   وتشير النتائج التي توصلت إليها مؤسسة أبحاث ماجار موخوت، والتي صدرت في نهاية العام الماضي، إلى أن 70% من النازحين من شمال إسرائيل يفكرون في عدم العودة إلى ديارهم أبداً.    
وفي طبريا، قالت ميزال سيمشا، البالغة من العمر 72 عاماً، من كيبوتس برعام بالقرب من الحدود مع لبنان، إنها تعيش في فندق منذ 15 شهراً، مشيرة إلى أنَّ أسرتها سئمت من الوضع، لكن أحفادها سيضطرون إلى البقاء في منطقة طبريا حتى إعادة فتح المدارس في الشمال.   وتابعت: "عدت لزيارة منزلي الأسبوع الماضي وكان على ما يرام، لم تكن هناك صواريخ. مع هذا، فإنني سأعود عندما يقولون إن المنطقة آمنة، لكن الأمر مختلف بالنسبة لبناتي. عليهن أن يقررن ما إذا كن يرغبن في المخاطرة بحياة أطفالهن". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تكشف عن عدد السوريين الراغبين في العودة لديارهم.. ماذا قالت؟
  • 7 أكتوبر جديد من لبنان.. ماذا قال إسرائيليون عن حزب الله؟
  • بعد 9 ساعات.. ماذا سيحصل في لبنان؟
  • ماذا يجري في سوريا.. هل انسحبت قوات إدارة العمليات العسكرية من الساحل وما حقيقة عودة «ماهر الأسد»؟
  • هل يذهب حزب الله إلى الحرب إذا بقي الإسرائيليون في لبنان؟
  • الرئيس اللبناني يطالب بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم
  • غراندي أكد دعم للبنان واللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا
  • وزير الخارجية السوري: نستلهم سوريا الجديدة من رؤية السعودية 2030
  • رئيس لبنان يشدد على ضرورة عودة النازحين السوريين لبلادهم
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة عودة النازحين السوريين لبلدهم