شبكة اخبار العراق:
2025-05-01@20:56:30 GMT

لم تكن الديمقراطية حلما عراقيا

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

لم تكن الديمقراطية حلما عراقيا

آخر تحديث: 7 أكتوبر 2023 - 9:28 صبقلم:فاروق يوسف حين قررت الأحزاب العراقية المعارضة الاصطفاف وراء جيوش الغزو الأميركي لم توهم أحدا من منتسبيها بأنها تخوض غمار التجربة الخطرة من أجل أن ينتقل العراق من حالة الحكم الشمولي إلى حالة الديمقراطية التي يتم فيها تبادل السلطة بطريقة سلمية سلسة. فهي تعرف بناء على خبرتها بتاريخ الحياة السياسية في العراق أن ذلك أمر غير ممكن وأن العنف الذي ساد عبر أكثر من أربعين سنة من النظام الجمهوري سيستعيد أنفاسه مجددا وبطريقة شرسة هذه المرة لأنه يأتي بعد 35 سنة من حكم البعث الذي توج مسيرته بصعود صدام حسين إلى سدة الرئاسة وهو ما أدى إلى أن يأخذ العنف صيغة حربين مدمرتين تلاهما حصار ظالم تعرض الشعب العراقي من خلاله إلى عنف مستتر، أدواته الجوع والفقر والفاقة وانهيار القيم في مجتمع لم يعد يثق بالدولة التي بدورها لا تثق به.

لا يمكن القول إن الديمقراطية كانت حلما عراقيا. يحلم العراقيون بحياة كريمة تسودها سلطة القانون وهو ما يفتقرون إليه اليوم ،كان العنف إذاً هو الوعد المؤكد. أما الديمقراطية فإنها مجرد زخرف شكلي، كانت صور المرشحين والأصابع البنفسجية والدعايات الانتخابية مجرد هوامش له، يتم من خلالها إغراء العراقيين بالمشاركة في طقوس لم يعهدوها من قبل وهم الذين لم يلتزموا بالقانون إلا لأنه استند إلى القوة المفرطة. فحين كان النظام يلجأ إلى القسوة في القوانين التي يصدرها فلأنه كان يدرك أن في أعماق كل عراقي ميلا إلى الفوضى بل إن العراقيين لم يؤمنوا بالدولة إلا بعد أن أثبتت أنها موجودة في كل مكان يكونون فيه. وقد يُقال إن الدولة البوليسية كانت ضرورية من أجل أن ينظر العراقيون إلى خدماتها بطريقة جادة ومسؤولة والدليل على ذلك ما فعلوه حين سقطت الدولة بفعل الغزو الأميركي. ففي الوقت الذي غزا فيه الأميركان العراق غزا عراقيون منشآت الدولة ونهبوها وحطموا كل ما عجزوا عن حمله. حدث ذلك في الساعات الأولى من إعلان سقوط النظام كما لو أنهم كانوا في انتظار أن تختفي الدولة ليُظهروا ميلهم الغريزي إلى الفوضى والتخريب والنهب. لذلك فإن الحديث عن الديمقراطية كان مجرد دعاية روج لها مثقفون عراقيون وظفتهم أجهزة الإعلام التابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية من أجل إلهاء الشعب عن حقيقة ما جرى له وما سيجري له في المستقبل بناء على محو دولته الوطنية وطي صفحة تاريخها والبدء بتأسيس عراق جديد، لا تاريخ سياسيا له وليست لنظامه السياسي علاقة بمبادئ وأسس بناء الدولة الحديثة. وعلى هذه القاعدة ترسخت فكرة الدولة الدينية التي لا يقف في واجهتها أصحاب العمائم كما يحدث في إيران ولكن حكامها يستظلون بعمامة السيستاني كما أن عمامة مقتدى الصدر كانت حاضرة كلما احتاج النظام إلى قدر من الفوضى ليغطي على عجزه. ربما اعتبر البعض أن وجود الصدر في حد ذاته هو تجسيد للديمقراطية. ذلك ما يكشف عن السياسة في مفهومها المحلي. لقد ارتبط كل شيء في عالم السياسة بالعنف. لذلك ليس غريبا أن يكون زعيم ميليشيا سبق لها أن ارتكبت مختلف أنواع الجرائم في حق العراقيين رمزا للديمقراطية. الحديث عن الديمقراطية كان مجرد دعاية روج لها مثقفون عراقيون وظفتهم أجهزة الإعلام التابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية من أجل إلهاء الشعب عن حقيقة ما جرى ولكن عليّ أن أعترف بأن العراق ظُلم مرات عديدة في تاريخه المعاصر. كان آخرها حين تمت إزالة دولته ومحو كل أثر لها وحين فُرضت على شعبه الديمقراطية. هل كانت هناك خطة لدمقرطة شعب وقعت بلاده تحت الاحتلال والأحزاب التي استعان بها المحتل الأميركي لا تؤمن بالديمقراطية؟ لا أعتقد أن الأميركان لو كانوا جادين في مسألة نشر الديمقراطية في العراق سيلجأون إلى حزب الدعوة الإسلامية ولما استعانوا بزعيمه نوري المالكي لكي يضبط لهم الساعة المحلية. كانت الحرب الأهلية التي شهدها العراق أثناء حكم المالكي دليلا على أن الرجل قد وُظف أميركيا من أجل امتصاص شحنة العنف العراقي بعيدا عن الجيش الأميركي. لقد قتل العراقيون بعضهم البعض الآخر فما ذنب الأميركان؟ في حقيقة الأمر كانت عمليات القتل الطائفي تجري تحت أبصار الأميركان ولم يفعلوا شيئا لإيقافها. لقد تخلوا عن البلد مؤقتا للمالكي لكي ينفذ خطته في ممارسة العنف الطائفي. أتذكر أن حزب البعث أثناء سنوات قوته كان قد أجرى مراجعة واسعة لسياساته وكانت الديمقراطية واحدة من الفقرات المهمة في تلك المراجعة. يومها فوجئ المثقفون العراقيون أن طارق عزيز الدبلوماسي العريق والذي تزعم مكتب الثقافة في الحزب لسنوات طويلة كان أول المعترضين عليها. كن الرجل صادقا وهو في موقفه العقائدي المتشدد إنما يمثل الشخصية العراقية التي لا يمكن أن تقبل بما تمليه عليها الديمقراطية من خيارات مفتوحة تقع خارج ما تريده وقد قبضت على السلطة.لذلك لا يمكن القول إن الديمقراطية كانت حلما عراقيا. يحلم العراقيون بحياة كريمة تسودها سلطة القانون وهو ما يفتقرون إليه اليوم.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الدیمقراطیة کان من أجل

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة يستقبل الداعمين والشركاء في مبادرة “صندوق البدايات” التي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني

 

استقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” اليوم الداعمين والشركاء في مبادرة “صندوق البدايات” لتحسين صحة الأمهات والمواليد الجدد وتقليل نسبة الوفيات بينهم في أفريقيا والتي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني بالتعاون مع شركائها.

وشكر صاحب السمو رئيس الدولة ـ خلال اللقاء الذي جرى في قصر البحر بأبوظبي ــ الداعمين والمشاركين في المبادرة مشيراً سموه إلى أنها تأتي في إطار نهج دولة الإمارات الداعم للصحة في أفريقيا من منطلق إيمانها بمحورية موقع الصحة ضمن منظومات التنمية في المجتمعات.. مؤكداً سموه أن الدولة حريصة على التعاون مع شركائها في تعزيز الصحة ومواجهة الأمراض في العالم.
وكانت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني ــ التي تتبع مؤسسة إرث زايد الإنساني ويرأس مجلس أمنائها سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء ـ قد أطلقت المبادرة خلال فعالية أُقيمت في مستشفى كند في مدينة العين .. فيما أعلنت مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني تقديمها دعماً مالياً بقيمة 125 مليون دولار للصندوق والمبادرات الداعمة له.


مقالات مشابهة

  • العمال العراقيون يترقبون قوانين جديدة تنتشلهم من البطالة والعمالة الوافدة.. صور
  • المنارات التي شيدها أول مايو: النقابة وإنسانيتنا الإسلاموعروبية
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • رصاصة الثأر .. من ينقذ العراق من أعراف الدم؟
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • ما هكذا تُورد الإبل يا عشائر العراق
  • رئيس الدولة يستقبل الداعمين والشركاء في مبادرة “صندوق البدايات” التي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني
  • رئيس الدولة يستقبل الداعمين والشركاء في مبادرة «صندوق البدايات» التي أطلقتها مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • مصدر سياسي:مقتدى كل دقيقة له “موقف”يختلف عن الدقيقة التي قبلها وسيشارك في الانتخابات المقبلة