القدس المحتلة- مرّ عيد العُرش (المظلة) اليهودي ثقيلاً هذا العام على المسجد الأقصى ومحيطه، فعلى مدار 5 أيام من الاقتحامات وثّقت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تدنيس 5729 متطرفا ومتطرفة ساحات المسجد، باقتحامهم وصلواتهم ونجاحهم في إدخال القرابين النباتية الخاصة بعيدهم 3 مرات وأداء الطقوس التوراتية بها في شرقي المسجد.

لم تُسجّل هذه الانتهاكات فقط خلال العيد الممتد على مدار 8 أيام، بل تزامن تنفيذها مع إحكام شرطة الاحتلال قبضتها على أبواب أولى القبلتين وتحقيقها التقسيم الزماني بشكل كامل، فأصرت على منع دخول المصلين ممن هم دون 70 عاما إلى الأقصى قبيل موعد صلاة الفجر وحتى انقضاء صلاة الظهر.

ومن نجح من المصلين في الدخول مُنع من الوجود في محيط المصلى القبلي طيلة فترة الاقتحامات الصباحية والمسائية لتأمين اقتحام "هادئ" للمتطرفين.

ويعتبر العُرش (المظلة) عيدا دينيا يهوديا يرتبط بذكرى سكن اليهود في الخيم وتحت المظلات، خلال التيه في صحراء سيناء.

وتُقدم خلاله القرابين النباتية وهي "الأترج، والصفصاف، وسعف النخيل، والآس"، ويحملها اليهود معهم في أثناء توجههم للصلاة، ويسعى المتطرفون لإدخالها إلى المسجد الأقصى، ونجحوا في ذلك للعام الثالث على التوالي.

من اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى خلال موسم الأعياد الحالي (الأوقاف الإسلامية) اعتداءات بالأقصى ومحيطه

ولم تكن حال المبعدين عن المسجد الأقصى بأفضل حال، إذ لوحقوا في أزقة البلدة القديمة، واعتدت قوات الاحتلال عليهم عند باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى، واعتقلت بعضهم ثم أُفرج عنهم بشرط الإبعاد عن البلدة القديمة أو الأروقة المؤدية إلى المسجد، لتأمين مسيرات وصلوات المستوطنين بالقرابين النباتية، التي سُيرت بشكل يومي عند أبواب المسجد من الخارج، وتركزت عند باب القطانين والأسباط والحديد والسلسلة.

وضمن الانتهاكات التي سُجلت كسابقة خطيرة خلال هذا العيد توقف أحد المستوطنين قبالة المصلى القبلي لأداء صلوات توراتية، وآخر لشرب الماء من السبيل الواقع غربي هذا المصلى بحماية من شرطي احتلالي.

ووفقا لإحصاءات جماعات الهيكل المتطرفة، تضاعفت أعداد المقتحمين في عدوان "العُرش" 6 مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، من 965 متطرفا عام 2015 إلى 5781 عام 2023، وبمتوسط زيادة 67% سنويا.

ووفقا لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فإن 7296 متطرفا ومتطرفة اقتحموا المسجد الأقصى خلال موسم الأعياد اليهودية الأطول، ونفذت الاقتحامات في عيد رأس السنة العبرية، وعشية ويوم الغفران، بالإضافة إلى 5 أيام من الاقتحامات في عيد العرش الذي يتكون من 7 أيام، ثامنها يوم "ختمة التوراة".


أخطر المكاسب

وفي تقدير الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى رضوان عمرو، فإن من أخطر المكاسب التي حققتها جماعات الهيكل في موسم الأعياد الأخير هو حصولها على ساحات الأقصى فارغة من المسلمين، فتمكنت من حشد آلاف المقتحمين في ظروف "هادئة".

وهذا المكسب، وفق عمرو، لم يكن ليتحقق لولا تمكُن الجماعات المتطرفة من تطويع المستوى الرسمي على صعيد الوزارات كوزارة الأمن القومي التي يرأسها إيتمار بن غفير، وأجهزة الأمن كالمخابرات والشرطة، والأجهزة القضائية والقانونية المنخرطة في مشروع تهويد المسجد الأقصى.

ويرى عمرو أن النفخ في البوق مرتين وتقديم القرابين النباتية 3 مرات هي الانتهاكات الأخطر التي وثقت، "وما خفي أعظم في ظل تنفيذ هذه الانتهاكات بعيدا عن أعين الجميع".

ولم يغفل عن التطرق إلى خطورة اقتحام المسجد بشكل شبه يومي بملابس "كهنة المعبد" البيضاء، وأداء صلوات "بركات الكهنة" وطقوس توراتية أخرى وشروحات وجولات للمقتحمين تحمل أبعادا تاريخية وقومية ودينية، تؤكد ضرورة إزالة المسجد بكامل مساحته واستبداله بـ"الهيكل الثالث".

أما ما تطمح الجماعات المتطرفة لتحقيقه الأشهر القادمة، فهو -وفقا للباحث عمرو- الارتقاء درجة أخرى في تهويد المسجد عن طريق ذبح البقرات الحمراء التي أحضرها الاحتلال من أميركا ويحتفظ بها في منشأة خاصة.

وتتمنى الجماعات أن تتمكن من ذبح هذه البقرات مع بلوغها سن الثانية واستخدام رمادها بعد حرقها في عملية "تطهير الشعب"، ومن ثم السماح لكافة اليهود باقتحام المسجد الأقصى باعتباره "المعبد"، وفق معتقداتهم.

فريق #الجزيرة ومراسلتها نجوان سمري يتعرضون للاعتداءات من قبل مستوطنين ومتطرفين يهود خلال تغطية اقتحامهم لسوق القطانين وأدائهم الصلوات التلمودية في البلدة القديمة في #القدس#الأخبار pic.twitter.com/TPUbk7rPwN

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 5, 2023

الخطورة القادمة

ووفقا لهذا الواقع، ينظر رضوان عمرو بعين الخطورة لموسم الأعياد اليهودية المقبل والمتمثل في عيد "الفصح" في ربيع عام 2024، لأنه من المفترض أن تُذبح البقرات مطلع العام ذاته، وبهذا يتطهر "كهنة المعبد وشعب إسرائيل، وتزول معارضة الحاخامية الكبرى للاقتحامات التي تشترط طهارة الشعب قبل السماح له بدخول هذا المقدس".

ولا يمكن فصل التقدم في أجندة جماعات الهيكل المتطرفة عن حملة الاستهداف والتضييق المستمرة ضد النشطاء والمرابطين في القدس، ممن يحركون بالعادة ساحة الرباط وقضية المسجد ويتهمون بسبب ذلك بالتحريض.

"عملت سلطات الاحتلال على إسكات صوت النشطاء عبر الاستفراد بهم والضغط عليهم بالاعتقال والإبعاد والمنع من استخدام شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وبالتزامن مع ذلك حُولت القدس إلى ثكنة عسكرية بتعزيز وجود الشرطة والجيش لإتمام مهمة السيطرة على البلدة القديمة وأبوابها وعزل المسجد الأقصى" أضاف عمرو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البلدة القدیمة المسجد الأقصى موسم الأعیاد

إقرأ أيضاً:

ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حاخاما يهوديا من منظمة "حاباد" اختفى في الإمارات منذ أربعة أيام في ظروف غامضة.

وتشتبه السلطات الإسرائيلية بأن الحاخام زفي كوغان، والذي ذكرت وسائل إعلام أنه ضابط في الجيش أيضا، تعرض للاختطاف أو القتل من قبل "جهة معادية" خلال وجوده في الإمارات.

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن كوغان كان يقيم في الإمارات بشكل رسمي بصفته مساعدا للحاخام اليهودي الأكبر في أبو ظبي.

وينتمي كوغان إلى منظمة "حاباد" أو "شاباد" اليهودية، والتي برزت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وفي تموز/ يوليو ظهر علم "حاباد" باللون الأصفر على إحدى دبابات الاحتلال، التي دمرها مقاتل من كتائب القسام، بواسطة عبوة ناسفة في تل السلطان برفح.

ويظهر على العلم الملون بالأصفر، تاج أزرق، وتحته بالعبرية عبارة "مشيح" أو مسيح، ويقصد بها المسيح المخلص وفقا للاعتقاد اليهودي الذي سيأتي في آخر الزمان ليقود اليهود.

وترفع هذا العلم منظمة حاباد أو "حاباد لوبافيتش"، وهي من أشهر المنظمات اليهودية الأرثوذكسية الحسيدية، حول العالم، والتي تمتلك علاقات واسعة على مستوى السياسيين، وتنفتح على العلمانيين لتحقيق أهدافها.

والحسيديون هم اليهود المتدينون الغربيون، القادمون من دول أوروبا الشرقية، ونسبة انفتاحهم أكبر من الحريديم، وهم اليهود الشرقيون والذين يبقون منغلقين على أنفسهم، وخاصة على الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، والتي حرموها مؤخرا.


تأسيس المنظمة

يعود تأسيس الحاباد إلى عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان ليادي واشتق اسمها من اختصار الكلمات العبرية الثلاث "دآت، بيناه، حوكماه"، وتعني "الحكمة والفهم والمعرفة"، وفي الثلاثينيات نقل أحد حاخاماتها مركزها من مدينة لوبافيتش بروسيا إلى بولندا، ثم مع الحرب العالمية الثانية والعلاقة السيئة مع النازيين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.

وخلال العقود التي تلت الخمسينيات، باتت منظمة حاباد، واحدة من أكثر المنظمات اليهودية انتشارا حول العالم، وتشعبت في العديد من القطاعات مستهدفة اليهود في العالم، وكان يتزعمها آنذاك، الحاخام، مناحيم مندل شنايرسون، والذي وصل تقديس أتباعه له إلى حد أن يطلقوا عليه لقب المسيح.

ويقدر عدد أتباع الحاباد، من الحسيديم بنحو 95 ألف شخص، أي ما يمثل قرابة 13 بالمئة من الحسيديم حول العالم، ولها نفوذ واسع في الولايات المتحدة.


التخلص من الفلسطينيين

تعد منظمة حاباد، من المنظمات المتطرفة، التي لا تؤمن بوجود الفلسطينيين، وتدعو للتخلص منهم وطردهم من فلسطين المحتلة، وتعارض أي اتفاق يمكن أن يمنحهم جزءا من أراضيهم.

ونشطت منذ بدء العدوان على غزة، عبر دعم جيش الاحتلال، بالتجهيزات اللوجستية للجنود، وجمع التبرعات لتوفير احتياجاته، والحضور بشكل واضح باسمها خلال العدوان.

ونظمت العديد من الفعاليات، ورفعت لافتات، تدعو فيها بصراحة إلى عودة الاستيطانية إلى قطاع غزة، فضلا عن توسيع التهام الأراضي في الضفة الغربية لصالح الاستيطان.

وقام عدد من جنود الاحتلال، في بداية العدوان، برفع لافتة على أحد منازل بيت حانون شمال غزة، وأطلقوا عليه اسم "أول بيت حاباد" في غزة، وأقاموا فيه احتفالا بعيد الحانوكاه اليهودي، قبل أن ينسحبوا على وقع ضربات المقاومة ويدمروا المنطقة.

وخلال المعارك في غزة، رفعت رايات ولافتات منظمة حاباد، وشعار المسيح كرايات وعلى الدبابات التي فجرتها المقاومة وظهر ذلك على الأقل في توثيقين مصورين لكتائب القسام.

كما قامت المنظمة بنصب شمعدان يهودي للاحتفال بعيد الحانوكاه في قطاع غزة، قبل أن ينسحبوا من المنطقة التي جرى فيها الاحتلال بدايات العدوان.

السيطرة على الجيش

كشفت تقارير عبرية، أن 80 بالمئة من الفعاليات التربوية الدينية، لجنود جيش الاحتلال، والتي يشارك فيها ضباط من قادة السرايا والرتب الأكبر، ويطلق عليها "أيام السبت التربوية"، تنفذها منظمات يمينية استيطانية، تخضع جميعها لحركة حاباد اليهودية.

وقالت صحيفة معاريف العبرية، إن الجيش تخلى عن المجال التربوي للجنود لصالح منظمات يهودية لها أجندة مثل حاباد، وهو ما يعتبره ضباط خطرا على خطاب الهوية الإسرائيلية.

وتمكنت حاباد من التسلل إلى القطاع التربوي في جيش الاحتلال، عبر بند التمويل، والذي يشترط فيه الجيش، أن تنظيم الفعاليات من أية جهة، يجب أن تموله المنظمة بنفسها عبر التبرعات، وحاباد من أقوى المنظمات التي يمكنها جمع التبرعات من اليهود المتطرفين، لإقامة فعاليات توراتية داخل الجيش.

مناطق التواجد

تسيطر منظمة حاباد على منطقة تدعى كفار حاباد، وهي الضاحية الملاصقة لمطار بن غوريون على أراضي يافا المحتلة، والتي يقدر عدد قاطنيها بأكثر من 7 آلاف نسمة، وهم من أتباعها، كما أن لهم وجودا في صفد، منذ تسلل اليهود من أوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة، ما بين 1777- 1840، وقاموا بإنشاء مجتمع خاص بهم، ومعابد ومحاولات استيطانية مبكرة عبر الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

كما أن لهم تواجدا بعشرات الآلاف في كل من فرنسا وكندا، إضافة إلى الإمارات، والتي أنشأوا فيها المركز المجتمعي اليهودي والذي يحوي كنيسا ولفائف من التوراة، ويوفر الدواجن الحلال وفقا للشريعة اليهودية "الطعام الكوشير"، لأتباع المنظمة في الإمارات، ويترأس مركز الحاباد الحاخام ليفي دوشمان.

مقالات مشابهة

  • إضراب عمال بريد كندا يدخل أسبوعه الثاني مع اقتراب موسم الأعياد وغياب أي حلول
  • مستوطن يقتحم مسجدًا في القدس.. ماذا طلب من المصلين؟ (شاهد)
  • مستوطنون يقتحمون الأقصى وسط إجراءات مشددة
  • الأعياد اقتربت.. لبنانيون يترقبون الوضع وآخرون حطّوا في بيروت
  • 62 ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى منذ أكتوبر 2023
  • 62 ألف مستوطن اقتحموا الأقصى منذ 7 أكتوبر 2023
  • أكثر من 62 ألف مستوطن اقتحموا الأقصى منذ 7 أكتوبر 2023
  • 144 مستوطنًا يقتحمون باحات الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى
  • ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟