خالد الشناوي يكتب: في ذكرى النصر.. نتحدث عن مصر
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
تحل علينا في هذه الأيام ذكرى نصر اكتوبر المجيد هذا اليوم العظيم الذي لقنت فيه العسكرية المصريه العدو الإسرائيلي درسا كبيرا سجل بين صفحات التاريخ ومن ثم فقد أضحى هذا التاريخ يوما مشهودا وعيدا سنويا للدولة المصريه الكبيره الممتدة جذورها والضاربه في أعماق الأرض بثوابتها وأصالتها عبر آلاف السنين .
لقد صنعت القوات المسلحه المصرية في هذا النصر المؤزر المعجزات وقدمت التضحيات والبطولات حيث سالت دماء أبنائها على رمال سيناء الحبيبه لترسم أسمى آيات التضحيه والفداء .
وهذا دليل على أن هذا الشعب الأبي قادر على صنع المعجزات ومواجهة التحديات كما أنه قادر على
تحقيق ذاته وآماله وطموحاته وتطلعاته نحو الغد المشرق وهذا ما رصدته عدسات التاريخ عبر الأزمنة والدهور .
وإذا كانت الدولة المصرية_هذا الكيان الكبير المستمد وجوده التاريخي من نشأت هذه الدنيا_هذا الكيان العملاق قد يمرض قليلاً ولكنه لا يموت وقد تتعرقل مسيرته ولكن هذا لا يدوم والتاريخ خير شاهد على ذلك .
وإذا كانت الانتصارات يلمع نجم جنرالاتها لكونهم القادة وواضعي الخطط والتصورات والسياسات فإن الجنود البواسل هم القاعدة الأساسية في تحقيق أي نصر كبير وهم بذلك صمام الأمان لأي دولة من الدول فهم الشباب البواسل من بهم ترفع رايات النصر في كل دولة بل وفي كل مصر .
في ذكرى النصر و حين نتحدث عن مصر فإننا لا نمر في حديثنا مرور الكرام وإنما نتحدث عن درة الشرق الأوسط وعروس القارة الأفريقية وقاطرة الأمة العربية وكعبة العالم الإسلامي العلمية بأزهرها الشريف المرابط برجالاته على ثغر الفهم السليم لصحيح الدين رصانة ووسطية .
نتحدث عن هذا الموقع المتفرد جغرافيا ببحرها الفياض ومناخها المعتدل وطقسها الحيوي ورمالها الملساء الحانية التي تحنو على أقدامك حين تسير عليها حافي القدمين .
عن نيلها المتفجرة وديانه قدوما من الجنوب مرورا بالنوبة وبصعيد مصر منحدرا هادرا إلى قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ومن ثم إلى وسط الدلتا متعرجا شيئا فشيئا نحو الريف والبادية .
وكأن مياهه الجارية تنسال لتحمل في جريانها لقاحات الطباع واللكنات واللغات وألوان البشرة المختلفة والبيئات المتشابكة ..
حين تشاهد أشعة الشمس بشفقها الأحمر حين الغروب وهي تتراقص فوق مياهه المتقلبة والمتمايلة طرباً وانتشاءا في سيموفونية متناغمة فإنما تعيش حالة وجدانية لا مثيل لها .
بل حين تشاهد مآذنها السائرة والثائرة تحت السحب المتشابكة والمتناثرة فإنما ترى لوحة فنية كبيرة رسمتها يد الابداع والقدرة الإلهية .
يقولون ان مصر هي جنة الله في الأرض وهذا الكلام ليس من فراغ فمصر بزروعها وحدائقها المتشابكة واشجارها المترامية ونخيلها المرتفعة رؤوسه عنان السماء هي بالفعل قطعة من الجنة الربانية .
كيف لا وقد كانت خزانة يوسف عليه السلام .و بطور سيناء كان التجلي الأكبر على موسى الكليم فخر صعقا ... وبها كانت رحلة العائلة المقدسة .بل وبها أقدم حضارات العالم هذه الحضارة الفرعونية القديمة والعريقة .
حين نتحدث عن مصر فإننا نكتب أيضاً عن قواها الروحانية كمساجد أهل البيت وقبابهم كالامام الحسين والسيدة زينب عقيلة بني هاشم صاحبة المقام الشهير بمصر المحروسةوهي من دعت لمصر قائلة:"آويتمونا يا أهل مصر اواكم الله ونصرتمونا نصركم الله جعل الله لكم من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً" .
يقول أحمد شوقى مصورًا حالة عظيمة فريدة فى مصرنا الحبيبة
أعهدتنا والقبط إلا أمة
فى الله واحدة تروم مراما
نعلى تعاليم المسيح لأجلهم
ويوقرون لأجلنا الإسلام
هذه بيوتكم وتلك بيوتنا
متجاورين مودة ووئاما
هذه قبوركم وتلك قبورنا
متجاورين جماجم وعظاما
فبحرمة الموتى وواجب حقهم
عيشوا كما يقضى الجوار كراما
وختاماً فما أجمل هذه المساجلة التاريخية بين المعلم وتلميذه
المعلم: أين تقع مصر
التلميذ:مصر لا تقع
المعلم: أنت لم تدرس الجغرافيا
التلميذ: وأنت لا تقرأ التاريخ!
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نتحدث عن
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: قرأت لك
مقال من جماله وروعته قرأته كذا مره وسأحتفظ به في مذكراتي لأعود له ليزيد ايماني بخالقي """
بقلم د.مصطفى محمود
هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه.. مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه، بما فيه من آلاف الوصلات والمجاري التي يجري فيها الدم والبول والطعام والفضلات وعوادم التنفس والهضم.
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة والخرطوم.. مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك، وأكثر متانة من الحديد، وأطول عمرًا من الصلب الكروم، وفي بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد.
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع وتتفرع وتنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين.
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية.
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة.
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج.
ثم ممرات الولادة وغرفها ودهاليزها وأنابيبها.
ثم مجاري المرارة وحوصلتها ومواسيرها.
ثم مجاري الليمف.. ومواقف الليمف ومحطاته في الغدد الليمفية.
و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات وتحميها شبكة من الأوعية الدموية والأعصاب، وجيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم.
و أنابيب العرق.. وبلايين منها تشق الجلد وتفتح على سطحه لترطبه وتبرده بالعرق
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين وتجلوها.
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة.
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة ولا تتلف..
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها.
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده وتولى صيانتها برحمته وعنايته.
فهل أدركنا هذه النعمة وهل قدرناها حق قدرها...!
و كثير من الأمراض سببها أعطال وتلفيات في هذه السباكة.
الإسهال والإمساك والغازات وتطبل البطن، هي أعطال وتلفيات في أنابيب صرف الفضلات والزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف.
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج.
و احتباس البول والمغص الكلوي وآلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها.. إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص، وأي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة، وأي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضًا وأي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقمًا وأي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء.
هذا غير مجاري الليمف والدم والغدد، وهي تتنوع في الجسم بالآلاف، ولكل غدة توصيلاتها وقنواتها ونظامها ودورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة.
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع.. ليست بالمرة أمرًا عاديًا وليست مجرد واقع مألوف، وإنما هي نتيجة تدبير محكم وثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية وقصد. وإنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية وهي قلما تتخلف.. فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها.. فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض، وما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت.. وبأضدادها عُرِفـَت الأشياء.
وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية..
غرقنا في " شبر ميه "..
طفحت مجاري القاهرة، وتلوث البحر بعوادم المصانع، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار، وغرقنا في بانيو نصف متر..
وهذه صناعتنا وتلك صناعته..
وهذه سباكتنا وتلك سباكته..
وهذه عمارتنا وتلك عمارته..
وهذا خلقنا وذاك خلقه.
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "المؤمنون ( 14 )
و كأنما يتحدانا الله بصنعته المبهرة وآياته الخالدة في عمارة الجسم البشري:
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }الإسراء 88
و هو تحد ينسحب على كل آية من آيات الله.. في الكتاب.. أو في الآفاق..
أو في أنفسكم.
و النفس كُبرى المعجزات.
مقال: الصانع العظيم للــ د. مصطفى محمود رحمه الله..
من كتاب: الإسلام.. ما هو ؟