من يراقب تسارع الأحداث في المنطقة بدءًا باليمن وصولًا إلى لبنان ومرورًا بالعراق وسوريا، وما يتداخل مع هذه الاحداث من نشاطات تركية وإيرانية غير عفوية، لا يسعه إلاّ وضع الأمور في نصابها الطبيعي، مع ما يُحكى في الكواليس الدولية عن إعادة تموضع الحدود المتداخلة لهذه الدول، خصوصًا أن الحديث عن إعادة رسم خارطة "الشرق الأوسط الجديد" لم يغب مرّة واحدة عن أذهان الدول، التي لها مصالح استراتيجية واقتصادية في المنطقة، وذلك منذ أن أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس هذه المعادلة للمرّة الأولى في العام 2006.

 
فمن خلال ما يجري اليوم في اليمن من مفاوضات لا تزال خجولة بين المملكة العربية السعودية وإيران، بعد سنوات من القتال الداخلي ، وكذلك ما يجري في العراق وفي سوريا من تطورات متسارعة، وما نتج عنها من فتح الحدود السورية – اللبنانية لتسهيل عمليات النزوح السوري في اتجاه لبنان، وهو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة المتشابكة، يمكن لأي متعاطٍ في الأمور السياسية أن يستنتج بأن مخطّط رايس بدأ تنفيذه بالفعل على أرض الواقع، وإن بخطوات متهاودة لا تزال في بداياتها تمهيدًا لإعادة طرح مشروع صفقة القرن،  بالتزامن مع إحياء فكرة انشاء كيان كردي مستقل. 
فما قالته رايس في حينه عن مشروع "الشرق الأوسط الكبير" بدأ يشق طريقه نحو التنفيذ، وهي التي اعتبرت أنه سيحقق "حلاً سحريًا لعلاج أزمات المنطقة المزمنة". وما يُرسم اليوم من حدود لدول "الشرق الأوسط الجديد" لن يكون هذه المرّة على الورق كما حصل في خارطة سايكس – بيكو، بل سترسم بـ "الدم"، بحيث تتحوّل الدولة الواحدة إلى دويلات، على أن تنشأ في المقابل دول جديدة كبيرة وصغيرة.  
وعليه، وبالتوازي مع تفاقم النزوح السوري في كل من تركيا والأردن، وبالأخصّ في لبنان، يتوقع أكثر من محلّل ديبلوماسي واستراتيجي ان يعود الحديث عن "صفقة القرن" بقوة عبر الاعلام، وبوتيرة متصاعدة بحيث لا يعود أمام معارضي هذه الصفقة، وقد دفع لبنان ثمنًا باهظة نتيجة رفضه لها، سوى الرضوخ للمنطق الذي ساد أثناء تفاوض لبنان في شكل غير مباشر، مع عدوّه الأول والأخير حول ترسيم الحدود البحرية. 
ومع تزايد أعداد النازحين السوريين في لبنان تسهل عملية "بلقنة" المنطقة، التي ستبدأ بتقسيم العراق، وتمتد في مراحل لاحقة إلى تقسيم سوريا، وصولًا إلى ما يسعى إليه البعض في لبنان من خلال تنامي فكرة "الفدرلة"، التي ستصبح أكثر واقعية مع هذا الوجود السوري الكثيف الآخذ في التوسّع، بعد أن يتبيّن للجميع استحالة تأمين عودة "آمنة وطوعية" للنازحين السوريين إلى الداخل السوري، الذي ستعود إلى ساحته الإضطرابات الأمنية المتنقلة. وقد يكون ما حصل في حمص، وما يحصل في السويداء، بمثابة عود على بدء. 
من هنا، يمكن فهم العلاقة غير المباشرة بين كل هذه التطورات وعدم التوصّل إلى الحدّ الأدنى من التفاهم على انتخاب رئيس جديد، مع ما يشي بدخول لبنان في مرحلة متقدمة من الفوضى، من خلال إثارة بعض الفتن المتنقلة بين اللبنانيين والنازحين السوريين، وذلك بعدما تمت تهيئة الأجواء الملائمة نتيجة الاحتقان، الذي يساهم في تأجيجه بعض الحوادث الفردية العابرة للمناطق. 
فعندما تحدّث قائد الجيش العماد جوزاف عون عن "الخطر الوجودي"، في جلسة لمجلس الوزراء خُصّصت للبحث في الإجراءات التي يجب اتخاذها لضبط الحدود والحدّ من موجات النزوح، كان كلامه مبنيًا على تقارير استخباراتية دقيقة وخطيرة في آن. ومن هنا تُفهم أيضًا طبيعة الحملات المنظمة على المؤسسة العسكرية تمهيدًا لشّل قدرة الجيش على منع الفتنة وضرب الاستقرار.  
وما حصل في منطقة الدورة ليس سوى عيّنة عمّا سيحصل في كل منطقة لبنانية، من دون أن ننسى أن من بين النازحين الجدد مئات من الإرهابيين المنتمين إلى "داعش".   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

صحيفة تكشف عن وثيقة تضم استراتيجية ترامب تجاه لبنان بعد دخوله البيت الأبيض

كشفت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية، الأربعاء، عن ما قالت إنه وثيقة تتضمن استراتيجية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إزاء الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الوثيقة شملت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على لبنان.

ولفتت الصحيفة اللبنانية إلى أن وثيقة ترامب شددت على أن القرار الأممي رقم 1701 "لم يعد ينفع كما هو حاله الآن، وقد تجاوزته الأحداث".

وأضافت أن "الواقع يقتضي التفكير بآلية تطبيق مختلفة ومتطوّرة بحسب ما آلت إليه الأوضاع، تفرض نزع كل أسلحة حزب اللّه، ومنع أي تهديد يمكن أن تتعرض له إسرائيل".


وتضمنت الوثيقة التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مع تسلم ترامب للسلطة بشكل رسمي في 20 كانون الثاني /يناير المقبل، بندا أشار إلى أن "التجارب أثبتت أن الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) غير قادرين على منع تسليح حزب اللّه".

ووفقا للصحيفة اللبنانية، فإن الوثيقة لفتت إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب "يريد السلام والازدهار، والشراكة بين المكوّنات اللبنانية"، كما يؤكد أهمية "العيش بسلام مع جيران لبنان".

يشار إلى أن ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية بوقف الحروب حول العالم بما في ذلك الصراع المحتدم بالشرق الأوسط على وقع تواصل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ولبنان.

وفي خطاب النصر، شدد ترامب أمام حشد من مؤيديه في مقر حملته الانتخابية بولاية فلوريدا على أنه سينهي الحروب في العالم بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، قائلا: "لن أبدأ الحروب، بل سأنهيها".


والثلاثاء، كشف موقع "أكسيوس" الإخباري، عن لقاء جرى بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في الولايات المتحدة، وذلك بهدف إطلاق ترامب على خطط "إسرائيل" في الشرق الأوسط قبل تولي مهام منصبه في 20 كانون الثاني /يناير المقبل.

ومنذ 23 أيلول /سبتمبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة وغير مسبوقة على مواقع متفرقة من لبنان في تصعيد هو الأكبر منذ بدء المواجهات بين الجانبين العام الماضي، ما أسفر عن سقوط الآلاف بين شهيد وجريح، فضلا عن نزوح ما يزيد على الـ1.2 مليون، وفقا للبيانات الرسمية.

في حين يواصل حزب الله عملياته ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي موسّعا نطاق استهدافاته؛ ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في لبنان، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد الأراضي اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • لماذا لن يعود ترامب أبداً إلى سياساته السابقة في الشرق الأوسط؟
  • ما هو الدور الذي سيلعبه صهر ترامب في الشرق الأوسط؟
  • نظرا لعلاقاته مع محمد بن سلمان وقادة المنطقة.. مصادر توضح لـCNN الدور المحتمل لكوشنر في الشرق الأوسط
  • الزراعة: تعاون بين بحوث الصحراء والإيكاردا لتنفيذ مشروع الزراعة الصحراوية بتوشكي والوادي الجديد
  • تعاون بين بحوث الصحراء والإيكاردا لتنفيذ مشروع الزراعة الصحراوية بتوشكى والوادي الجديد
  • كيف سيغير ساكن البيت الأبيض الجديد مسار الأحداث في الشرق الأوسط؟
  • مشروع مانهاتن الجديد.. ما هي الإدارة التي سيقودها ماسك وراماسوامي؟
  • ترامب.. وقضايا الشرق الأوسط
  • صحيفة تكشف عن وثيقة تضم استراتيجية ترامب تجاه لبنان بعد دخوله البيت الأبيض
  • سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـإعادة ضبط كاملة للعلاقات الدولية