باحث يمني: تمثالان من آثار اليمن يسجلان أعلى سعرًا في مزاد بإسرائيل
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات.
كشف الباحث المختص في شؤون الآثار اليمنية، عبدالله محسن، عن بيع تمثالين من آثار اليمن القديم بمائة وعشرون ألف دولار في مزاد “دويتش” في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وذكر محسن، وهو باحث يمني مهتم بتتبع ورصد الآثار المهربة من اليمن، بمنشور بصفحته على فيسبوك، “إن آثار اليمن، احتلت المرتبة الأولى في قائمة أغلى القطع الأثرية المباعة في مزاد الدكتور روبرت دويتش (إسرائيل) على منصة المزادات العالمية بيدسبريت ظهر يوم الثلاثاء 3 أكتوبر 2023م، متقدمة على مجموعات الآثار البيزنطية والرومانية والسومرية والفينيقية والمصرية والفارسية وغيرها المعروضة في المزاد.
وبحسب محسن، فإن شاشة البث الحي للمزاد، أظهرت تنافس 131 مزايدا على اقتناء القطع الأثرية اليمنية، هوياتهم غير ظاهرة ولا معروفة، مرجحا وجود مزايدين عرب وخليجيين خصوصاً أن هذا النوع من التنافس بالأسعار غالباً يكون أحد علامات مشاركتهم وتنافسهم.
وقال إن تمثال قيل قبيلة ومدينة مريمة (ددال برنطم)، من القرن الثالث – القرن الثاني قبل الميلاد، وهو من التماثيل المكتملة، بيع بخمسة وستون ألف دولار، فيما بيع تمثال الأميرة القتبانية بخمسة وخمسون ألف دولار، ويسميها النقش أو يصفها بـ (ابنت)، وهي بنت الملك القتباني الشهير يدع أب غيلان (ابنت بنت يدع أب غيلن ملك قتبن)، وهي زوجة (يقه ملك) الذرحاني”.
وأكد أن التمثال البرونزي لشاب؛ لم ينجح المزاد في بيعه بسبب عدم تجاوز الحد الأدنى للبيع وقدرة خمسة وعشرون ألف دولار، وارتفاع التمثال أزيد من نصف متر (61 سم)، ويعود للفترة من القرن الرابع إلى القرن الثاني قبل الميلاد.
وأفاد بأن هذه القطع الأثرية من مقتنيات شلومو موساييف (1925-2015)، وهو رجل أعمال وتاجر مجوهرات ذائع الصيت وجامع آثار يهودي من بخارى ولد في القدس وانتقل للعيش في بريطانيا عام 1963م، يتكلم العربية، جمع في حياته ستون ألف قطة أثرية منها المئات من روائع آثار اليمن.
وكان تقرير دولي صادر عن مركز “مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط (مقره بيروت)، كشفت قبل أيام عن أكثر من 3000 ألف قطعة أثرية يمنية تم تهريبها إلى الخارج، منها 2000 قطعة أثرية في أمريكا، موضحة أن تهريب الآثار تضاعف بوتيرة عالية خلال سنوات الحرب الأخيرة التي شهدتها اليمن.
وحسب “مالكوم كير- كارنيغي”، فإن وتيرة بيع وتهريب الآثار زادت خلال الحرب في اليمن، مضيفاً: “توجد أكثر من ألفي قطعة مهربة في الولايات المتحدة، تصل قيمتها 12 مليون دولار، فيما تضم متاحف عالمية ما يزيد عن ألف قطعة أثرية يمنية مُهربة”.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: آثار الیمن ألف دولار
إقرأ أيضاً:
خطة ترامب لإعادة استعمار فلسطين
إذا كانت البروتستانتية -قبل وبعد كتاب ماكس فيبر الرائد حول هذا الموضوع- قد أصبحت تُعَد دين الرأسمالية، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان دوما من معتنقين هذه الديانة.
يعرّف ترامب نفسه اليوم بأنه "مسيحي غير منتمٍ لأي طائفة"، إلا أنه حتى وقت قريب كان ينتمي إلى الطائفة المشيخية البروتستانتية. ورغم ندرة مشاركته في القداديس الكنسية، إلا أنه لا يزال يحيط نفسه بالبروتستانت الإنجيليين، ما يجعله في نظر غالبية البروتستانت الإنجيليين الأمريكيين البيض رجلهم الذي "يدافع عن معتقداتهم".
وبصفته المبشر الأكبر للرأسمالية والإمبريالية الأمريكية، أصدر ترامب منذ عودته الأخيرة إلى البيت الأبيض عدة إعلانات تبشيرية وأعلن عن عدد من السياسات لتعزيز الرأسمالية الأمريكية. وتشمل هذه، على سبيل المثال لا الحصر، التوسع الإقليمي الإمبريالي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة من خلال قوة المال أو القوة العسكرية.
بصفته المبشر الأكبر للرأسمالية والإمبريالية الأمريكية، أصدر ترامب منذ عودته الأخيرة إلى البيت الأبيض عدة إعلانات تبشيرية وأعلن عن عدد من السياسات لتعزيز الرأسمالية الأمريكية. وتشمل هذه، على سبيل المثال لا الحصر، التوسع الإقليمي الإمبريالي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة من خلال قوة المال أو القوة العسكرية
ولكن خطة ترامب الرأسمالية الإنجيلية لسرقة واستعمار غزة ليست أول مشروع أمريكي لإنشاء مستعمرات في فلسطين. وكما أن طموحاته لغزو كندا، وغرينلاند الدنماركية، وقناة بنما، تعكس أيديولوجيات الإمبريالية الأمريكية في القرن التاسع عشر مثل "القارية" و"المصير المحتوم" أو "مانيفست ديستيني"، فإن خطته لاستعمار فلسطين تعكس خطط أسلافه من البروتستانت الأمريكيين المتعصبين من نفس الحقبة الزمنية.
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، تطورت خطة ترامب للاستيلاء على غزة من مجرد الدعوة في البداية إلى طرد أو على الأقل الطرد الذاتي لمعظم الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة إلى الأردن ومصر؛ إلى إعلان نيته مؤخرا طردهم جميعا وتحويل القطاع إلى ملكية أمريكية بالكامل، بعد أن قامت إسرائيل بتدمير معظم مبانيه وبناه التحتية في سياق حرب الإبادة الجماعية التي شنتها على القطاع منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. يبدو أن ترامب غير معجب بالريفييرا الفرنسية على البحر الأبيض المتوسط، بل يطمح إلى بناء "ريفييرا" أخرى "في الشرق الأوسط".
وفي الوقت ذاته، أعلن ترامب أن الفلسطينيين المطرودين سيمنحون "مساكن ذات نوعية جيدة حقا، مثل بلدة جميلة، مثل مكان يمكنهم العيش فيه دون أن يموتوا، لأن غزة ستضمن بأنه سينتهي بهم الأمر إلى الموت"، وفقا لما صرح به للصحافيين. وهذا لا يعني أن تقوم أمريكا أو إسرائيل بإنشاء أو تمويل هذه المساكن، بل يطالب ترامب الدول العربية بتمويل هذه "المساكن ذات النوعية الجيدة" للمطرودين من غزة. بينما ستتولى أمريكا بناء "ريفييرا غزة" من منطلق ما أسماه ترامب بمكانة الأمريكيين "كمالكين" جدد لغزة، وهو ما وصفته شبكة سي إن إن، المؤيدة المتحمسة لحرب إسرائيل على غزة، بأنه "استعمار القرن الحادي والعشرين".
أضاف ترامب: "سنمتلكها ونكون مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى الموجودة في الموقع، وسنسوي الموقع بالأرض، ونتخلص من المباني المدمرة، ونخلق تنمية اقتصادية من شأنها أن توفر أعدادا غير محدودة من الوظائف والإسكان لسكان المنطقة، ونقوم بعمل حقيقي، ونحقق شيئا مختلفا". وحيث أن عودة الفلسطينيين المطرودين إلى غزة الأمريكية ستكون "غير واقعية" وفقا لما صرح به ترامب، فيبدو أن المستعمرة الامريكية الجديدة ستكون مكانا "يتعايش فيه المواطنون العالميون" و"المجتمعات الدولية" ولكن بدون الفلسطينيين.
ما يتطلع إليه ترامب، على الأرجح، كما هو الحال بالنسبة للإسرائيليين، ليس شواطئ "ريفييرا" غزة، بل احتياطيات النفط والغاز الطبيعي التي يزخر بها بحر غزة، والتي تقدر بمليارات الدولارات والتي يمكن لترامب والمستعمرة الاستيطانية الصهيونية تقاسمها فيما بينهما.
في الواقع، فإن المبشرين الأمريكيين المشيخيين، المنتمين إلى طائفة ترامب السابقة، كانوا من أوائل الذين أُرسلوا إلى فلسطين في عشرينيات القرن التاسع عشر بهدف تبشير المسلمين والمسيحيين الشرقيين الأرثوذكس الفلسطينيين، ولكن في الغالب لتبشير اليهود الفلسطينيين الذين لم يكن عددهم يتجاوز أربعة آلاف نسمة، إضافة إلى بضعة آلاف من اليهود الليتوانيين المسيحائيين الذين وفدوا حديثا إلى فلسطين قبيل وصول المبشرين الأمريكيين.
مكث المبشرون الأمريكيون في فلسطين حتى عام 1844، عندما اضطروا للانتقال إلى سوريا ولبنان بعد أن أنشأت بريطانيا بعثاتها التبشيرية الأنجليكانية في فلسطين، مما جعل الوجود الأمريكي هناك غير ضروري. ومع ذلك، تمكنوا قبل مغادرتهم من توزيع آلاف النسخ من الإنجيل البروتستانتي، تاركين المهمة في الأيدي الأمينة للمبشرين البريطانيين لمواصلة جهود التبشير.
في القرن التاسع عشر، انضم البروتستانت الأمريكيون من أتباع الألفية والمنادين بـ"عودة" اليهود إلى فلسطين إلى الغزو المسيحي الأوروبي لفلسطين والذي أُطلق عليه اسم "الحملة الصليبية السلمية"، حيث أنشأوا مستوطنات زراعية في مدينة يافا الفلسطينية، وكانوا يأملون في تبشير اليهود الذين صادفوهم في فلسطين وتحويلهم إلى البروتستانتية، وتعليمهم الزراعة، إلا أنهم وجدوهم "كسالى" ومقاومين لاعتناق الهرطقة البروتستانتية.
في عام 1851، استقرت مجموعة من السبتيين الأمريكيين، المعروفين باسم ميليريين (أتباع ويليام ميلر) في بيت لحم إلى جانب المستوطنين المسيحيين الأوروبيين في قرية أرطاس، إلا أنهم انتقلوا لاحقا إلى يافا حيث أسسوا مستعمرة "جبل الأمل" لكنها لم تصمد طويلا. وفي عام 1854، أنشأت مجموعة متعصبة أخرى، وهي عائلة ديكسون، "مستعمرة البعثة الأمريكية" في يافا، قوبلت بمقاومة فلسطينية منذ إنشائها. وفي عام 1858، تعرضت المستعمرة لهجوم قُتل فيه العديد من المستوطنين الأمريكيين المتطرفين.
في العقد التالي، وتحديدا في عام 1866، وصلت مجموعة أخرى من الحرفيين والمزارعين البروتستانت المتشددين من ولاية مين الأمريكية لإنشاء مستعمرة جديدة في يافا أيضا. كانت "مستعمرة آدامز"، كما أسموها، على اسم زعيمها الإنجيلي جورج واشنطن جوشوا آدامز (وكان من أتباع الطائفة المورمونية سابقا)، تضم 156 مستعمرا، لكنها لم تستمر سوى عامين فقط. كان آدامز، الذي التقى بالرئيس الأمريكي أندرو جاكسون (قاتل وجزار الهنود الأمريكيين الأصليين) في البيت الأبيض لتسهيل جهوده الاستعمارية الاستيطانية مع السلطات العثمانية، قد قارن استعمار فلسطين باستعمار الولايات المتحدة.
عارض الفلسطينيون وجود المستعمرين مما دفع العثمانيين إلى الكتابة إلى الممثل الأمريكي في القسطنطينية احتجاجا على طرد "السكان الأصليين من حقولهم من قبل مستعمرة مكونة من اليانكي". ولكن فشل المستعمرة وتراكم الديون عليها أجبر آدامز على الرحيل بعد عامين، وقد تم ترحيل العديد من المستوطنين عن طريق مصر. قبل إطلاق مشروعه الاستيطاني، كان آدامز قد أعلن أن مستعمرته تهدف إلى تجهيز الأرض "لعودة" اليهود الأوروبيين، بما يتماشى مع المعتقدات البروتستانتية حول تعجيل المجيء الثاني للمسيح. ولكن بعد انهيار المستعمرة، لم يبقَ في فلسطين سوى عشرين مستوطنا أمريكيا.
كان الجيش الإسرائيلي الإبادي، بكل وحشيته، قد فشل فشلا ذريعا في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإحباط مقاومتهم للاستعمار الصهيوني المدعوم أمريكيا وأوروبيا لأكثر من قرن ونصف، فهل يتوهم ترامب أن مشروعه الاستعماري الجديد، ومستوطنيه من "المواطنين العالميين" الباحثين عن "ريفييرا في الشرق الأوسط"، سيكونون أكثر نجاحا؟
وفي عام 1881، انطلقت عائلة بروتستانتية إنجيلية أمريكية أخرى في مهمة مماثلة لإنشاء مستعمرة أمريكية، ولكن هذه المرة في القدس. قاد الزوجان هوراشيو وآنا سبافورد من شيكاغو مجموعة من ستة عشر مستعمرا إلى القدس بهدف تعجيل المجيء الثاني للمسيح المنتظر. وانضم إليهم خمسة وخمسون بروتستانتيا أصوليا سويديا في عام 1896. وبلغ مجموعهم مائة وخمسين بحلول مطلع القرن العشرين. قام المستعمرون بشراء منزل مملوك للفلسطيني رباح الحسيني، لكنهم لم ينخرطوا بنشاط في التبشير، مما جنبهم العداء الفلسطيني. استمرت هذه المستعمرة حتى أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، حيث أدت الخلافات الداخلية بين المستعمرين إلى انهيارها. أما منزل الحسيني الذي اشتروه، فقد تحول لاحقا إلى فندق "أمريكان كولوني" أو "فندق المستعمرة الأمريكية"، الذي لا يزال قائما حتى اليوم في القدس الشرقية.
لا يهدف هذا السرد التاريخي إلى طمأنة ترامب بأن اقتراحه الاستعماري الحالي ليس بجديد على الإطلاق، فقد جُرّب مرارا في القرن التاسع عشر، بل إلى التأكيد على أن ارتباط الفلسطينيين بوطنهم وإرادتهم في مقاومة المستعمر أقوى بكثير من ارتباط ترامب بعقيدته الرأسمالية والإمبريالية. فكما حاول المبشرون الأمريكيون المتطرفون في القرن التاسع عشر الاستيلاء على أرض الفلسطينيين وتحويل سكانها إلى نسختهم من المسيحية، فإن خطة ترامب لسرقة غزة بالكامل تتوافق كذلك مع نسخته الخاصة من دينه الإمبريالي والرأسمالي.
من مقعده المقابل لترامب، وبابتسامة عريضة، أشاد مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، الذي أخفق في طرد الفلسطينيين على الرغم من جهوده في الإبادة الجماعية، بخطة ترامب لـ"تنظيف" غزة من سكانها الفلسطينيين واصفا إياها بـالخطة "الرائعة". لكن إذا كان الجيش الإسرائيلي الإبادي، بكل وحشيته، قد فشل فشلا ذريعا في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإحباط مقاومتهم للاستعمار الصهيوني المدعوم أمريكيا وأوروبيا لأكثر من قرن ونصف، فهل يتوهم ترامب أن مشروعه الاستعماري الجديد، ومستوطنيه من "المواطنين العالميين" الباحثين عن "ريفييرا في الشرق الأوسط"، سيكونون أكثر نجاحا؟