مع كل عام، وفي الذكرى السنوية لنصر أكتوبر 1973 أشعر بالفخر لما حققه الجيش المصري قبل 50 عامًا، عندما وضع نهاية للأسطورة التي لا تقهر، وكان هذا يتردد على نطاق واسع آنذاك منذ هزيمة 1967، واحتلال الجيش الإسرائيلي لأراضي عدة دول عربية منها سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا، والضفة الغربية لنهر الأردن واحتلال قطاع غزة.

 


ويزيد الفخر والإحساس بالنصر، عندما تتحرر في كل عام ومع هذه الذكرى السنوية العديد من الوثائق الرسمية الإسرائيلية، وقت الحرب وكيفية حدوث الهزيمة التي كانت صاعقة وسقطت على رؤوسهم، وغيرت مفاهيم استراتيجية عاشوا بداخلها منذ نكبة 1948.


نصر أكتوبر أو يوم كيبور، أو حرب يوم الغفران وفق التسمية الإسرائيلية، لم تكن فقط نصرًا عسكريًا مصريًا مزلزلاً لإسرائيل، ولكنه أصبح عارا يلاحق للأبد، القادة الإسرائيليين الذين عايشوا هذه الأحداث وتجرعوا هذه المرارة، ولاتزال إسرائيل وعبر الإفراج عن مزيد من الوثائق الرسمية الخاصة بالحرب سنويًا، تراجع لحظة الهزيمة، وكيف دارت الاتصالات بين قادتها سواء في الحكومة، وعلى رأسها جولدا مائير أنذاك ووزير الدفاع الإسرائيلي الشهير موشيه ديان، أو مع جهاز الموساد الإسرائيلي وباقي الجنرالات الإسرائيليين.


ما حدث في أكتوبر 1973، كان ضربة هائلة لم يتخيلوها ولم ينتظروها أبدا لأنهم ظلوا طوال 6 سنوات بعد حرب 1967، يتعاطون الغرور وأن الجيش المصري لن يقدرعلى عبور سيناء، وإنهم هندسوا أوضاعا عسكرية وحصون، وأقاموا خط بارليف وغيرها، ما يصعب اختراقها عسكريًا.
وذهبت كل هذه الحكايات والأوهام، أدراج الرياح يوم 6 أكتوبر، يوم النصر المشهود للجيش المصري البطل، الذي شن هجوما واسعًا على القوات الإسرائيلية بالتزامن مع شن الجيش السوري هجومًا في نفس الوقت، على مرتفعات الجولان السورية.


المثير إنه وفي الوقت، الذي لم تفرج فيه مصر أو سوريا بعد عن وثائقهما الرسمية الخاصة بالحرب وفقا لقوانين السرية في كل دولة، فإن إسرائيل أسهبت في ذلك لمراجعة نفسها وخططها وما حدث، وفي الذكرى الـ50 الحالية، أفرجت عن الكثير ولاتزال تراجع كيف حدث العار، وكيف سقط آلاف القتلى والجرحى الإسرائيليين، وكيف عبر الجيش المصري قناة السويس وخطط للحرب بذكاء كل هذه السنوات ومارس عملية خداع إستراتيجي، أعماهم عن الحقيقة حتى ساعة الحرب نفسها.


وفي الذكرى الـ50 لنصر أكتوبر 1973، نشرت إسرائيل، محتويات 1400 ملف للوثائق، وقرابة 2000 صورة وتسجيل صوتي ومقطع فيديو، وأكثر من 250 ملاحظة مختصرة، كما تم الكشف عن يوميات مكتب جولدا مائير، رئيسة الوزراء في ذلك الوقت، وأصدر جهاز الموساد ولأول مرة في تاريخه كتاباً، بعنوان "يوماً ما... حين يكون الحديث مسموحاً". تطرق فيه إلى الأحداث آنذاك وتعامله معها.


الوثائق الإسرائيلية المنشورة، كشفت أن تل أبيب فوجئت بالحرب نتيجة إهمال المسؤولين، الذين سيطرت عليهم الفرضية الخاطئة بعد 1967، ومفادها أن العرب المنهارين بعد النكسة، لن يجرؤا على محاربة إسرائيل، وكان هذا الخطأ الذي دفعوا ثمنًا باهظا له من حياتهم، وحياة جنودهم.
المفارقة أن إسرائيل، التي سارعت فور هزيمتها في أكتوبر 1973، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية عرفت بلجنة "إجرانات" انتهت إلى تحميل القيادات العسكرية مسؤولية الهزيمة، لم تراجع أبدا وطوال 50 سنة السياسة الرسمية لدولة إسرائيل وتوجهاتها، ولم تناقش علنا مدى فائدة التمسك بسياسة "الاحتلال والإبقاء على الأراضي" وضررها على إسرائيل، وهذا لا يزال خيارًا قائما، مهم مرت السنين.


صحيح أن، الأوضاع العربية متدهورة، لكن الحق باقٍ لا يضيع، وإن لم يحدث في الجيل الحالي، فقد يأتي جيل يقف بقوة أمام أطماع إسرائيل واستمرار احتلالها أراضٍ فلسطينية وسورية حتى الآن وإجبارها على الخروج منها.


نصر أكتوبر 1973، سيظل ملحمة كبرى في التاريخ العسكري المصري، ورغم مرور كل هذه السنوات فلا زالت الأسرار الكبرى للنصر لم تعرف بعد حتى لحظة الإفراج تمامًا وبعد انقضاء سنوات السرية على الوثائق المصرية والسورية الخاصة بالنصر، ووثائق كل الدول العربية التي وقفت آنذاك معهما، والوحدة العربية التي ضربت مثالا نادرا لم يتكرر ثانية خلال لحظة النصر الكبير.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نصر اكتوبر الجيش المصري الجيش الإسرائيلي نصر أکتوبر أکتوبر 1973

إقرأ أيضاً:

اتساع الجبهة التي يدير عبرها الجيش معاركه الهجومية الحاسمة

دشن مرحلة جديدة وأخيرة لتطهير الخرطوم..
التحام “المدرعات بالقيادة”.. فتح معابر الامداد

الأقتران جاء بعد تطهير مستشفى الشعب من الأوباش..
ما تحقق يُمكِن من فتح الممرات بين المدرعات والقيادة..

اتساع الجبهة التي يدير عبرها الجيش معاركه الهجومية الحاسمة..
اقتران جيشي “المدرعات والقيادة” يعكس تطورًا نوعيًا فى سير العمليات..

تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
الانتصارات تتوالى والقوات المسلحة توفي بالعهد. التقاءٌ جديدٌ للجيوش، وهذه المرة الحديث عن قلب الخرطوم، بالتقاء رجال المدرعات بأُسُود القيادة العامة يوم أمس (الاثنين)، حيث شكل هذا الالتحام مرحلة جديدة وأخيرة لتطهير العاصمة الخرطوم.

وجاء اقتران جيشي المدرعات بالقيادة بعد انتصارات كبيرة تحققت بوسط الخرطوم، حيث أحكم الجيش والقوات المساندة له سيطرةً مطلقةً على هذه المناطق، مع اقتراب تحرير القصر الرئاسي.

التعاون التبادلي
وقال الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن نبيل عبد الله أمس، في بيان، إنّ التحام فرسان المدرعات بأبطال الصمود بالقيادة العامة، جاء بعد تطهير مستشفى الشعب التعليمي من أوباش ميليشيا آل دقلو.

الانفتاح الذي حققته القوات المسلحة امس بواسطة قوات سلاح المدرعات والتحامها بقوات القيادة العامة بعد تطهير مستشفى الشعب، سيكون له تأثيرٌ مباشر على مسار المعارك داخل ولاية الخرطوم، وهذا التأثير أولى مظاهره على الأرض اتساع الجبهة التي تدير عبرها القوات المسلحة معاركها الهجومية الحاسمة، ومن المتوقع استفادتها من هذه الجبهة الواسعة في إدارة عمليات متزامنة عبر محاور وطرق مفتوحة، مع تحقيق مبدأ التعاون التبادلي بالقوات ونيران الأسلحة على اعتبار أن القيادة العامة ورئاسة سلاح المدرعات كلاهما قواعد عملياتية لها تأثيرٌ كبير في حركة القوات والإمدادات، وتحقق ربطًا بين كل مناطق ولاية الخرطوم التي تم تطهيرها، مما يؤمن ظهر القوات المتقدمة نحو ما تبقى من تمركزات للميليشيا وسط وجنوب وشرق الخرطوم.

حرية الحركة
ويرى الخبير الاستراتيجي والأمني د. عمار العركي أن اقتران جيشي المدرعات والقيادة العامة في هذه المرحلة المتقدمة من معركة الخرطوم تحمل دلالاتٍ استراتيجية وعسكرية وتعكس تطورًا نوعيًا في سير العمليات القتالية وتوازن القوى داخل العاصمة.

وأضاف محدّثي أنّ التحام الأمس يعني أن الجيش نجح في كسر الطوق الذي فرضته الميليشيا بين هذين الموقعين، مما يعزز حرية الحركة والإمداد بين القوتين، ويعيد التنظيم إلى مركز القيادة.

قوات المدرعات باعتبارها قوةً ناريةً ثقيلة، كانت تعمل في معزلٍ نسبيٍ عن القيادة العامة، بسبب العزل الذي فرضته الميليشيا
. والآن مع اكتمال الربط بين القوتين، يصبح الجيش قادرًا على شن هجمات منسقة وأكثر تأثيرًا نحو قلب الخرطوم، خاصةً باتجاه القصر الجمهوري.

وأشار العركي إلى أنّ ما تحقق بالأمس يُمكِن من فتح ممر بين المدرعات والقيادة يستطيع الجيش من خلاله إعادة توزيع الوحدات بشكل أكثر مرونة، مما يعزز مناعته الدفاعية وقدرته على المناورة، كما يُعد مؤشرًا على أن القوات المسلحة باتت في وضعٍ يسمح لها بالتحرك بشكلٍ أوسع نحو معاقل وجيوب الميليشيا المتبقية داخل الخرطوم، وقد يكون مقدمةً لعملية حسمٍ واسعة النطاق.

اقتران جيشي المدرعات هو تحولٌ نوعيٌ في المعركة، سيكون له تأثيرٌ مباشر على موازين القوى في العاصمة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مليشيا الدعم السريع المتمردة غدرت بقوات الجيش والاحتياطي المركزي التي كانت تؤمّن القصر الجمهوري
  • نصر عبده: المعركة الدبلوماسية التي خاضتها مصر لعودة طابا لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر
  • إبراهيم فايق: موسم الرياض لا ينوي الحصول على حقوق رعاية أي فريق بالدوري المصري
  • هآرتس: نتنياهو يكذب وإسرائيل هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • اتساع الجبهة التي يدير عبرها الجيش معاركه الهجومية الحاسمة
  • إبراهيم نور الدين : هذا الشخص يحاول تدمير التحكيم المصري لأسباب شخصية
  • مصر أكتوبر: كسر الاحتلال للهدنة يؤكد للعالم أن إسرائيل ليست دولة سلام
  • جولدا مائير.. أول امرأة تتولى رئاسة وزراء إسرائيل ومسيرتها المثيرة للجدل
  • استنفار في إسرائيل..أنباء عن 7 أكتوبر جديد من حماس
  • “هآرتس” تنشر وثائق استولى عليها الجيش من غزة.. نقاشات مع “حزب الله” وإيران حول هجوم 7 أكتوبر