تقرير: ما طبيعة الصراع بين المليشيات الحوثية وشركة الخطوط الجوية اليمنية؟
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يتناول الصراع بين مليشيات الحوثيين وشركة طيران الخطوط الجوية اليمنية..
ما حقيقة اتهامات الحوثيين لشركة طيران اليمنية؟
لماذا يحتجز الحوثيون أموال شركة طيران اليمنية؟
كيف يمكن حل وتجاوز الإشكاليات التي تحدث.. وما تأثيراتها على المواطنين؟
استعراض تاريخ الشركة وإنجازاتها ومشاكلها
(عدن الغد) القسم السياسي:
احتدم الصراع بين مليشيات الحوثي الانقلابية بصنعاء، وبين شركة الخطوط الجوية اليمنية، الشركة الحكومية الوحيدة والحصرية المتكفلة بنقل المواطنين اليمنيين الراغبين بالسفر، وحلقة الوصل الجوية الوحيدة بين اليمن والعالم.
طبيعة الصراع وخلفياته يمكن حصرها واختصارها بسياسة الحوثيين الانقلابيين التي انتهجوها منذ الوهلة الأولى لانقلابهم على الدولة في اليمن، وذلك أن المليشيات أخذت على عاتقها السيطرة والاستحواذ على كافة مؤسسات الدولة، وشركاتها ومرافقها الإيرادية الكبرى، كنتاج طبيعي لرغبتهم في النهب والسلب التي درجوا عليها واعتادوها.
فالمشكلة الأخيرة بين الحوثيين وشركة طيران اليمنية تتمحور حول أرصدة الشركة وأموالها المتواجدة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، والتي سطا عليها الحوثيون ونهبوها، تحت مبررات واهية وغير منطقية، وهو ما لم ترضَ به شركة الخطوط الجوية اليمنية، التي صعدت من جانبها هي الأخرى.
تصعيد اليمنية تمثل في تعليق رحلاتها إلى مطار صنعاء الدولي، كاحتجاج ورد فعل على مصادرة الحوثيين لأرصدة وأموال الشركة في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة، غير أن الحوثيين واجهوا التصعيد بتصعيد مماثل من خلال احتجاز طائرة اليمنية القادمة من مطار الملكة علياء بالعاصمة الأردنية عمّان إلى صنعاء، ما جعل المشكلة تتخذ أبعادا خطيرة، ربما لم يكن مخططا لها.
لكن ما لا يستوعبه أحد، هو الكيفية التي تواجدت فيها طائرة اليمنية في صنعاء، رغم تصعيد شركة الطيران المحلية ضد الحوثيين، وخلافاتها معهم، وإقرارها تعليق رحلاتها إلى صنعاء، فمن البديهي أن تتوقف رحلات اليمنية إلى صنعاء بعد قرار الأخيرة تعليق رحلاتها، غير أن تواجد الطائرة المحتجزة في مطار صنعاء رغم المخاطر ورغم الخلافات يثير الكثير من التساؤلات والشبهات.
الصراع بين الطرفين قائم على الأموال الخاصة باليمنية في مكاتبها ومرافقها الواقعة داخل نطاق سيطرة الحوثيين، لكنه اتخذ أبعادا سياسية كثيرة، عطفا على علاقة اليمنية المباشرة بالحكومة الشرعية، بالإضافة إلى تأثيرات التفاهمات بين الحوثيين والتحالف العربي والأمم المتحدة بشأن تشغيل الرحلات الإنسانية عبر مطار صنعاء الدولي.
قد تكون طبيعة الخلاف هذه ألقت بظلالها على الوضع الإنساني للرحلات من وإلى صنعاء بالفعل، لكنها أيضا تخضع للمبالغة من قبل المليشيات التي تتخذ من المبرر الإنساني منطلقا لممارستها ضد مؤسسات الدولة، خاصة الإيرادية منها، والتي تهدف على ما يبدو للإضرار بالوضع المالي لشركة الخطوط الجوية اليمنية، تماما كما أضرت بالكثير من مؤسسات الدولة الكبرى.
> اتهامات الحوثيين لـ "اليمنية"
مصادرة الحوثيين لأموال اليمنية في مناطق سيطرة المليشيات، بررته هذه الأخيرة بأنه يأتي بهدف إعادة تهيئة الشركة وفروعها في مناطق سيطرة الجماعة، وهذا المبرر مهما كان غير منطقي وغير واقعي، إلا أنه كان الأساس الذي بنت من أجله المليشيات قرار مصادرة أموال شركة الخطوط الجوية اليمنية، والبالغة حوالي 80 مليون دولار، بحسب بيان الحوثيين الأخير.
لكن هذا التبرير لم يقف عند حد الترويج لرغبة الحوثيين بـ "تحديث أسطول طيران اليمنية"، وإعادة تشغيل مكاتبها وفروعها في صنعاء ومدن السيطرة الحوثية، بحسب البيان الحوثي، ولكنه يوحي بسعي المليشيات إلى محاولة الاستقلال وانفصال شركة الطيران عن اليمنية، وإنشاء شركة طيران خاصة بها، لا مانع من أن تحمل نفس الاسم، تجسيدا للازدواجية التي ضربت حكومات اليمن المتعددة ورؤساءها الكثر، وعملتي الشمال والمناطق المحررة، وغيرها من الثنائيات المؤسسية التي أنتجتها الحرب وتبعاتها.
وهذه محاولة قامت على أساس اتهامات أطلقتها الجماعة الحوثية ضد شركة طيران اليمنية، فوفق البيان الحوثي، فإن اليمنية تعمل على "العبث" بأموال المسافرين اليمنيين من الجرحى والمرضى والضعفاء، الذين يدفعون لليمنية أموالهم دون أن يحصلوا على خدمات مناسبة ونوعية، بحسب التبرير العلني الذي أصدره الحوثيون، دون التوضيح عن حقيقة ذلك العبث وصوره.
وإذا كانت تلك المبررات هي التي اعتمدها الحوثيون وقادتهم في مصادرة أموال اليمنية، إلا أن الهدف منها واضح، في توجه المليشيات إلى اعتماد وبناء أسطول جوي مدني للرحلات الجوية من وإلى صنعاء ومطارات أخرى داخل نطاق سيطرتها، خاصة بعد تخفيف القيود عن للحظر الجوي على اليمن، والسماح بتشغيل مطار صنعاء بشكل واسع عقب التفاهمات مع الأمم المتحدة والسعوديين.
ورغم أن التوجه الحوثي هذا يبدو صعبا، ويحتاج إلى موافقات من المطارات التي ستستقبل طائرات الحوثيين ورحلاتهم، في ظل عدم اعتراف دولي بالجماعة، ولا بالرحلات القادمة من مناطق سيطرتها إلا بموافقة الأمم المتحدة والتحالف والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، إلا أنه يبقى مشروعا حوثيا تسعى إليه الجماعة؛ لتكريس الفصل بين مؤسسات الدولة، في مناطق سيطرتها والمناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وبعيدا عن حقيقة تلك الاتهامات، إلا أن الوضع المتعلق بالخلاف بين الحوثية وشركة طيران اليمنية ليس بمنأى عن التجاذبات السياسية بين أطراف الحرب المحليين والإقليميين، وللأسف فإن المتضرر الأكبر من كل ذلك هم المواطنون الضعفاء من المرضى والجرحى المتضررين من توقف الرحلات أو تعليقها.
> اتهامات "اليمنية" للحوثيين
في المقابل، ترى شركة الخطوط الجوية اليمنية، أن مليشيات الحوثي تصادر أموالها وأرصدتها في مناطق الجماعة بشكل سافر وغير منطقي، ولا يمكن قبول أية ممارسات صادرة على الحوثيين بهذا الشأن؛ كون الشركة تقدم خدمات إنسانية بناء على تفاهمات مع الأمم المتحدة والتحالف العربي.
وبحسب اليمنية، فإن الحوثيين لا يقومون إلا بعملية سطو وسرقة ونهب لأموال ليست لهم، وهي أموال خاصة بالشركة تعمل من خلالها على توفير خدماتها الرعايا اليمنيين، بمن فيهم المرضى والجرحى في مناطق سيطرة المليشيات، وتتضمن تكاليف الرحلات والصيانة وغيرها، بحسب وصف ردود أفعال شركة الطيران.
وبالتالي فإن مراقبين وكتابا صحفيين يرون أن الحوثيين ليست لهم أية سلطة على مؤسسة مثل اليمنية، لم تعد تتواجد بشكل رسمي في مناطق سيطرة الحوثيين، حتى رحلاتها من وإلى صنعاء لا تتم منذ عام 2016، إلا بحسب اتفاقيات بين الحوثيين والتحالف والأمم المتحدة وموافقة الحكومة الشرعية انطلاقا من مسئولية إنسانية بحتة.
وبناء على ذلك، فإن اليمنية والمراقبين المتبنين لوجهة نظرها، يرون في ممارسات الحوثيين تعديا صارخا على أموال شركة الطيران اليمنية، قد يمنعها من تقديم خدماتها، وهو ما دفعها إلى إيقاف وتعليق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء الحوثي، وفق بيان رسمي صدر عن الشركة.
هذه المشكلات بين الحوثيين واليمنية، كان يجب أن تسعى لحلها جهات وأطراف إقليمية ودولية، باعتبارها مشكلة ستؤثر على كافة التفاهمات والاتفاقات الخاصة بإعادة تشغيل مطار صنعاء، وهي قضية معني بها بشكل مباشر المسافرون المرضى والجرحى في مناطق سيطرة الحوثيين، ممكن يتكبدون عناء السفر والتنقل إلى مناطق سيطرة الشرعية بهدف السفر الى الخارج.
وانطلاقا من هذا التأثير، فإن العمل على تجاوز هذه الإشكاليات ينبغي أن يقوم على أساس إبعاد الخدمات المقدمة من اليمنية عن أية أبعاد سياسية، وكف يد الحوثيين عن التدخل في عملية الرحلات الجوية، باعتبارها جانبا إنسانيا بحتا مرتبطا بالمواطنين ويؤثر عليهم بشدة، لا علاقة للحوثيين بإدارة هذا الجانب أو الإشراف عليه، وهو ما تحدثت عنه بالفعل كيانات نقابية تابعة لطيران اليمنية.
> خيار التحييد
نقابات الخطوط الجوية اليمنية قدمت مبادرة لتحييد عمل الشركة عن التجاذبات السياسية، باعتباره حلا ومعالجة واقعية للمشاكل التي تواجه عمل شركة الطيران اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين.
حيث قدمت نقابات الخطوط الجوية اليمنية، يوم الثلاثاء الماضي، مبادرة لإنهاء أزمة توقف نشاط الخطوط الجوية من صنعاء إلى الأردن، تلخصت المبادرة في نقطتين رئيسيتين، تتمثل في فتح الرحلات من مطار صنعاء الدولي، وتشكيل لجنة عاجلة في صنعاء وعدن بإشراك النقابات للاجتماع في عمّان والتوصل إلى اتفاق.
وقال بيان صادر عن نقابات الخطوط الجوية اليمنية إن ذلك يأتي وفقا للبروتوكول الموقع بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية بقانون رقم 21 لعام 1997، وأضاف البيان أن المبادرة تأتي انطلاقا من مبدأ الحفاظ على شركتنا ودورها الوطني وسعيا منا لمنع تفاقم الأزمة ووقف التصعيد من الأطراف السياسية الذي لا يخدم الشركة ويؤثر على ممارسة نشاطها وتقديم خدماتها الإنسانية.
وتهدف المبادرة إلى تطبيع نشاط الشركة ومعالجة كافة الإشكاليات، ويشير البيان إلى أن الإشكاليات التي تسببت في إعاقة تنفيذ خطط الناقل الوطني المنشودة لتطوير أسطولها ومعداتها.
خاصة أن شركة طيران اليمنية التي يعود تاريخه إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر عام 1962، وفي زمن الإمامة، حين دخلت المملكة العربية السعودية كشريك بنسبة أقل من نسبة اليمن في الشركة، تعاني تهالكا في أسطولها ومعداتها، وبالكاد تعمل الشركة على شراء وتحديث طائراتها، وهو وضع فامته الحرب الراهنة.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: شرکة الخطوط الجویة الیمنیة شرکة طیران الیمنیة ملیشیات الحوثی سیطرة الحوثیین فی مناطق سیطرة مؤسسات الدولة بین الحوثیین شرکة الطیران الیمنیة فی مطار صنعاء الصراع بین إلى صنعاء فی صنعاء من وإلى إلا أن
إقرأ أيضاً:
مجلة عبرية: الدبلوماسية والغارات الجوية لم توقف الحوثيين.. فما الذي سيوقفهم؟ (ترجمة خاصة)
قالت مجلة عبرية إن الدبلوماسية والغارات الجوية لم توقف جماعة الحوثي في اليمن المدعومة من إيران، التي تشن هجمات متواصلة على سفن الشحن في البحر الأحمر، ومناطق داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت مجلة "موزاييك" في تحليل لها ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن تصنيف الرئيس ترامب الجهاديين اليمنيين المعروفين بالحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وتوجيه الحكومة الأمريكية بمنع وصول أموال المساعدات الأمريكية إلى أيديهم. يكس قرارًا سياسيًا اتخذه سلفه في الأيام القليلة الأولى من توليه منصبه.
وأكد التحليل أن هذه الخطوة تشير إلى إمكانية حدوث تحول أكثر أهمية في السياسة الأمريكية تجاه اليمن - وهو التحول الذي سيُستقبل بارتياح في إسرائيل.
وأفادت "أي اتفاق تقبله الجماعة الإرهابية هو اتفاق من الأفضل للغرب أن يرفضه".
وقالت "نفذ الهجمات نظام الحوثيين في اليمن، الذي أطلق بشكل متقطع صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار على إسرائيل وعلى حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر لأكثر من عام. تعرض الحوثيون منذ ذلك الحين لمئات الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، لكنهم لا يظهرون أي علامات على فقدان القدرة أو الإرادة للهجوم.
وأضافت المجلة "بينما نقف في اللحظات الحرجة من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فمن المهم أن نفهم كيف وصل الحوثيون إلى هذه النقطة، وماذا يعني وقف إطلاق النار لمسارهم، وما الذي ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها أن تفعله بعد ذلك للتعامل مع التهديد".
وتطرقت المجلة إلى تصعيد الحوثيين وقالت "بعد خمسة عشر شهرًا من شن حماس لهجومها القاتل على إسرائيل، ظل الحوثيون آخر عضو في "محور المقاومة" بقيادة إيران في القتال ضد إسرائيل: فقد قبل حزب الله المدمر وقف إطلاق النار، وانهار نظام الأسد، وكانت الميليشيات الشيعية في العراق هادئة إلى حد كبير.
وقالت المجلة العبرية "لكي نفهم موقف الحوثيين الحالي، فمن الضروري أن نعود إلى اتفاق ستوكهولم، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في عام 2018. وقد تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا وسط هجوم مضاد فعال من قبل التحالف المناهض للحوثيين على طول ساحل البحر الأحمر، وقد نص الاتفاق بشكل أساسي على أن يحافظ الحوثيون على سيطرتهم على الحديدة، أهم موانئ اليمن على البحر الأحمر، بدلاً من المخاطرة بتعرضها للضرر في ضربات التحالف. ومنذ تأمين هذا الشريان الاقتصادي والعسكري الحيوي، كانت ثروات الحوثيين في ارتفاع.
وتابعت "باستغلال قدرة الحوثيين على الوصول إلى البحر، قامت إيران بإرسال المستشارين والمواد إلى الجماعة. وفي غضون سنوات قليلة، انتقل الحوثيون من استخدام الأسلحة الصغيرة وبقايا ترسانة النظام السابق الصدئة إلى أن يكونوا أول قوة عسكرية تطلق صواريخ باليستية مضادة للسفن في سيناريو عملياتي"
تشير المجلة إلى أن ايران انتهكت بوقاحة حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الحوثيين، وهناك عدد قليل من الوثائق التي تسلط الضوء على هذا بوضوح مثل أحدث تقرير صادر عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن. تظهر كلمة "إيران" بالضبط 471 مرة في هذه الوثيقة، مشيرة إلى دور طهران في توفير الأسلحة المتقدمة، وإيواء الحلقة المسؤولة عن تهريب هذه الأسلحة إلى اليمن، وتنسيق هجمات الحوثيين.
تعود المجلة وتقول "أصبح كل هذا ممكنًا، جزئيًا، بفضل سياسات إدارة بايدن، التي شجعت الحوثيين ومكنتهم من التوسع. وكما كانت الحال في أماكن أخرى في المنطقة، كان تركيز الرئيس بايدن في اليمن على خفض التصعيد. لقد اعتقد خطأً أن الولايات المتحدة يمكن أن تحقق هذا الهدف من خلال الضغط على السعودية لإنهاء حملتها العسكرية وقبول التسويات في حين حاول إغراء الحوثيين بالتفاوض".
وقالت "على المدى الأبعد أيضا، يبدو من غير المرجح إلى حد كبير أن تتبنى سياسات الحوثيين خطا أكثر اعتدالا سواء كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة أم لا. ويرجع هذا جزئيا إلى وجود حملة توعية جماعية جارية في اليمن على نطاق قد يكون غير مسبوق في العقود الأخيرة.
وعلاوة على ذلك، تفيد المجلة يمكن توقع أن تزداد إخفاقات الحوثيين في الحكم حدة بمرور الوقت. ولكن هل يمكن أن يكون توقيت الحملة الأخيرة التي استمرت خمسة عشر شهراً مؤشراً على ذلك؟ إن الجماعة تسعى إلى تحقيق "إنجازات" في الصراعات في الخارج عندما تحتاج إلى صرف الانتباه عن المشاكل المتفاقمة باستمرار في الداخل ونزع الشرعية عن أولئك الذين ينتبهون إليها.
وتتساءل المجلة العبرية: فما الذي ينتظرنا في عام 2025 إذن، بالنظر إلى فشل الحملات العسكرية الحالية في كبح جماح شهية الحوثيين للتصعيد، ولا يوجد ما يضمن انتهاء هجماتهم حتى لو صمد وقف إطلاق النار في غزة؟
ورجحت أن يستمر الحوثيون في الاحتكاك بالأعداء الخارجيين لتعزيز موقفهم كمدافعين عن اليمن. وقد ينطوي هذا على استمرار التصعيد على المسار الحالي ــ استهداف إسرائيل، والشحن الدولي، وأولئك الذين يسعون إلى المساعدة في الدفاع عنهم.
وحسب التحليل فقد يستلزم هذا أيضاً تجدد الأعمال العدائية ضد المملكة العربية السعودية في محاولة للضغط على المملكة لتوقيع اتفاق من شأنه أن يضخ مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، ودول الخليج على وجه الخصوص، لإعادة الإعمار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون؛ وهذا أحد الخيارات القليلة التي من شأنها أن تمكن الحوثيين من تخفيف تحدياتهم الاقتصادية الكبرى، مؤقتاً على الأقل. وأخيرا، قد يختار الحوثيون التصعيد على المستوى المحلي من خلال تصفية أي مقاومة محتملة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم أو محاولة غزو ما تبقى من اليمن، الذي يخضع حاليا لحكم التحالف المناهض للحوثيين.
وتوقعت أن يواجه النظام الحوثي صعوبات أعظم في عام 2025 مقارنة بالسنوات السابقة بسبب أربعة عوامل رئيسية منها ن محور المقاومة عانى من نكسات عسكرية مدمرة على مدى العام الماضي. فقد ضعف حزب الله بشدة بسبب فقدان قيادته بالكامل، كما أدت الضربات الإسرائيلية على لبنان وسوريا وإيران نفسها إلى تدهور قدراته بشكل كبير. ومع انشغال إيران وحزب الله ــ الداعمين الرئيسيين لبناء قوة الحوثيين وتقديم المشورة العملياتية ــ بتحديات خاصة بهما، فمن المتوقع أن يتضاءل مستوى الدعم الخارجي لـ"المقاومة" اليمنية بشكل كبير.
ثانياً، أصبح المجتمع الدولي أكثر وعياً بالمخاطر التي يفرضها التوسع الحوثي. وبالتالي، من المرجح أن تتلقى القوى المناهضة للحوثيين في اليمن دعماً دولياً متزايداً، في حين قد تتمتع القوى الخارجية التي تستهدف النظام ــ مثل إسرائيل ــ بحرية أكبر في العمل في ظل الرأي العام العالمي المتغير.
ثالثاً، كان من المتوقع أن يوفر الاتفاق السعودي الحوثي للنظام في صنعاء ربحاً مالياً ضرورياً للغاية. ولكن يبدو أن هذا الحل أصبح بعيد المنال على نحو متزايد في الأمد القريب. ففي السابق، كانت المملكة العربية السعودية تتفاوض تحت ضغط عسكري لا هوادة فيه من جانب الحوثيين، ولكن هذه الديناميكية انعكست منذ ذلك الحين حيث أصبح الحوثيون الآن هم الذين يتعرضون للهجوم. وعلى أقل تقدير، قد يسعى السعوديون إلى إعادة التفاوض لتحقيق شروط أكثر ملاءمة، ولكنهم قد يتخلون عن المفاوضات مع هذه المجموعة الإرهابية المشعة في المستقبل المنظور.
وأخيرا، وفق التحليل فإن تغيير القيادة في واشنطن يجعل إيران ووكلائها يكافحون لمعرفة كيفية المضي قدما. وربما شجع تنصيب الرئيس ترامب بالفعل حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين في المنطقة، مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في حين تشعر طهران بالقلق إزاء إعادة فرض حملة عقوبات "الضغط الأقصى" المحتملة لشل الاقتصاد الإيراني. ومع وضع ذلك في الاعتبار، قد تحاول إيران الحفاظ على مواردها وخفض التمويل للوكلاء، بينما تسعى أيضا إلى كبح جماح أنشطتهم الخبيثة لتجنب إثارة المزيد من غضب الرئيس الأمريكي.
وذكرت أن كل هذه التطورات تفسر لماذا ينبغي للولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية المعارضة للتوسع الإيراني أن تغتنم الفرصة لتشكيل تحالف مخصص لتطبيق ضغوط إضافية لإسقاط نظام الحوثيين.
وأكدت المجلة أنه إذا لم يُهزموا في هذه الجولة، فقد يتخذ الحوثيون وقفة استراتيجية للراحة وإعادة التسلح وانتظار اللحظة المناسبة التالية لمهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها. ومن الضروري أن يأخذ أولئك الذين يسعون إلى الاستقرار في الشرق الأوسط زمام المبادرة بعيدًا عن هذه الجماعة الإرهابية ومنعها من إملاء وقت ومكان المواجهة التالية. ولكن إذا فشلت الهجمات على الحوثيين حتى الآن في إحداث فرق، فما الذي قد يحدث؟
وقالت "يجب أن تركز الاستراتيجية الأكثر فعالية على تفكيك المكونات الرئيسية لنظام الحوثيين التي لا يمكن استبدالها بسهولة. حتى لو أوقف الحوثيون هجماتهم، فلا ينبغي للولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما أن يرتكبوا خطأ تخفيف الضغط ومنحهم فرصة لإعادة البناء والاستعداد لهجومهم التالي.
وقالت "يجب تضمين المكونات الثلاثة التالية في استراتيجية أوسع لتقويض سيطرة الحوثيين على اليمن.
وأردفت "أولاً، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تحديد وقتل شخصيات مهمة في النظام بناءً على أدوارهم وعلاقاتهم مع المرشد الأعلى عبد الملك الحوثي ونفوذهم.
واستدركت ينبغي للتحالف ثانيا أن يستهدف أيضا شرايين الحياة المالية الرئيسية للنظام. على سبيل المثال، وثالثا قالت المجلة ينبغي أن تكون آلة الدعاية التابعة للنظام الحوثي هدفا حاسما. فقد لعب كبار المسؤولين مثل صانع الملوك غير الرسمي للمنظمة أحمد حامد، ومسؤول الاستخبارات الكبير فواز نشوان، والدبلوماسي الرئيسي المذكور عبد السلام، أدوارا رئيسية في إبقاء سكان اليمن في فقاعة معلومات حوثية. وينبغي للتحالف المناهض للحوثيين أن يركز على تفكيك هذا الجهاز من خلال تعطيل بنيته التحتية، ومواجهة رسائله، واستهداف المسؤولين عنه بالعقوبات وما شابه ذلك. إن إضعاف شبكة الدعاية هذه من شأنه أن يؤدي إلى تآكل قبضة الحوثيين الحديدية على عقول الشعب اليمني.
واستطردت "لقد أوضحت تجربة العقد الماضي أن الحوثيين لن يصبحوا أكثر خطورة إلا إذا تُرِكوا دون رادع ــ وأن نصف التدابير لن تكفي للتعامل معهم.
وختمت المجلة العبرية تحليلها بالقول إن "إضعاف الركائز الأساسية للنظام ــ قيادته الرئيسية، وشرايينه المالية، وآليات الدعاية ــ من شأنه أن يزيد بشكل كبير من احتمالات انهياره. ورغم أن المحفز الدقيق لسقوط النظام غير مؤكد دائما حتى يحدث، فإن اتخاذ التدابير اللازمة لتسريع وصول تلك اللحظة يخدم مصالح اليمن والشرق الأوسط والتجارة والأمن العالميين.