عندما اتصل بي أحد كبار المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي «لينبهني» بشأن إعلان إدارة بايدن الرسمي عن قبول إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأميركية (VWP)، مع علمه بمعارضتي بسبب تاريخ إسرائيل في المعاملة التمييزية ضد الأميركيين العرب، قال: «أعلم أنك تشعر بخيبة أمل». أجبت: «أنا لا أشعر بخيبة أمل. أنا أشعر بالإهانة والغضب».

يمكنني رؤية وجوه وسماع أصوات المئات من العرب الأميركيين الذين رووا على مدى عقود قصصهم عن حرمانهم من دخول إسرائيل أو الاستجواب والإذلال الذي دام ساعات طويلة على يد موظفي الهجرة الإسرائيليين.

لقد واجهت شخصياً هذه المعاملة في التسعينيات عندما كنت أدير مشروعاً لنائب الرئيس آل جور يهدف إلى دعم عملية السلام الجديدة آنذاك. وفي إحدى الزيارات، كنت على وشك الغياب عن حضور وجبة العشاء مع آل جور والكنيست الإسرائيلي، وذلك بسبب استجوابي لساعات حول أصول والدي اللبنانية (والذي هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1922). وتكرر هذا السلوك عند مغادرتي. وعندما سمعتْ وزيرةُ الخارجية «مادلين أولبرايت» عن هذه المضايقات، شعرتْ بالانزعاج الشديد لدرجة أنها أثارت القضية مع نظيرتها الإسرائيلية.

وفي السنوات التي تلت ذلك، استمر هذا السلوك الإسرائيلي، بل وتفاقم. وفي عام 2014، عندما ضغط بعض أعضاء الكونجرس من أجل إتاحة برنامج الإعفاء من التأشيرة لإسرائيل، ألغت وزارة الخارجية الفكرة، مشيرة إلى أن معاملة إسرائيل التمييزية للأميركيين العرب حالت دون قبولها.

لقد سررت لأن المحادثات المبكرة مع حملة بايدن أسفرت عن بيان الالتزامات تجاه الأميركيين العرب: «ستواجه إدارة بايدن-هاريس السياسات التمييزية التي تميز الأميركيين العرب وتضع مجتمعات بأكملها في موضع الشك»، و«سيحمي جو بايدن الحق الدستوري لمواطنينا في حرية التعبير.

كما أنه لا يدعم الجهود التي تبذلها أي ديمقراطية لتجريم حرية التعبير، ولهذا السبب فقد أعرب عن اعتراضه على قرار إسرائيل بمنع دخول المشرعين الأميركيين لأنهم يفضلون مقاطعة إسرائيل». وعلى هذه الخلفية، شعرت بالإزعاج من البوادر المبكرة التي تشير إلى أن الإدارة كانت تفكر في قبول انضمام إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة - على الرغم من عدم حدوث تغيير في معاملتها للزائرين من الأميركيين العرب.

وأكد لنا مسؤولو بايدن أنه لن يتم قبول إسرائيل أبدا دون إقرار بند رئيسي في البرنامج - وهو المتطلب القانوني الذي يطالب بالمعاملة الكاملة بالمثل بين الولايات المتحدة والدول الخاضعة لبرنامج الإعفاء من التأشيرة. ثم في أواخر الصيف، وقع المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون على «مذكرة تفاهم» بشأن شروط السماح لإسرائيل بالانضمام إلى البرنامج. وأشارت مسودة مسربة إلى أن الولايات المتحدة سمحت للإسرائيليين بإعادة تعريف «المعاملة بالمثل»، مع التركيز على عدد صغير من الأميركيين الفلسطينيين الذين وافقوا على المطالب الإسرائيلية بالسفر ببطاقة هوية فلسطينية - وليس جواز سفرهم الأميركي.

ولم تتطرق مذكرة التفاهم إلى مئات الآلاف من الأميركيين الفلسطينيين الذين لا يملكون هذه الوثيقة أو يريدونها، أو الملايين من الأميركيين العرب الآخرين الذين يرغبون في زيارة الأراضي المقدسة. وكانت هناك فترة اختبار مدتها ستة أسابيع، لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل ستجتاز اختبار «المعاملة بالمثل»، والتي ركزت على سماح إسرائيل للمواطنين الأميركيين الذين يحملون بطاقات هوية فلسطينية باستخدام مطار بن جوريون. لم تناقش مذكرة التفاهم أو حتى تذكر: الاستجواب المزعج للزوار الأميركيين العرب بعد الدخول أو عند المغادرة، وإجبار المواطنين الأميركيين الذين يحملون بطاقات هوية فلسطينية على الدخول بوثائقهم الفلسطينية بحيث لا يتمتعون بأي حماية تحظى بها الجنسية الأميركية داخل الأراضي المحتلة، ومنع المواطنين الأميركيين (العرب، السود، المسلمين، المسيحيين، اليهود) من الدخول بسبب آرائهم السياسية حول النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، واستحالة السياسات المتبادلة مع دولة تمارس احتلالاً عسكرياً. لأن الاختبار الذي وضعته إسرائيل، بموافقة الولايات المتحدة، انطبق على مجموعة فرعية صغيرة من المجتمع المتأثر وسيكون ساري المفعول لفترة قصيرة كهذه - كان الحل واضحاً. فقد سمحت الإدارة لإسرائيل بتبسيط معنى المعاملة بالمثل وبتمرير اختبارها الذي صاغته بنفسها.

لقد أشرت لمسؤولي الإدارة وأعضاء الكونجرس إلى أن القضية لا تتعلق بإسرائيل، بل بما إذا كان رئيسنا سيحمي حقوق المواطنين العرب الأميركيين، وما إذا كانت حكومتنا ستحترم التعهد الموجود في جوازات سفرنا والمنصوص عليه في بنود الحماية المتساوية في الدستور، وما إذا كان رئيسنا سيفي بوعده بمحاربة السياسات التمييزية وتلك التي تعاقب حرية التعبير للمواطنين الأميركيين. لقد نجحت إسرائيل في اختبارها ذاتي الصياغة، لكن إدارة بايدن لم تقم باحترام المتطلبات القانونية لبرنامج الإعفاء من التأشيرة وتعهدها تجاه الأميركيين العرب. ولهذا السبب أشعر بالإهانة والغضب.
 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه امريكا الاحتلال الاعفاء من التاشيرة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة برنامج الإعفاء من التأشیرة الولایات المتحدة من الأمیرکیین إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل بات زيلينسكي عبئا على الأميركيين والأوروبيين؟

كييف- بعد أن أحجمت الحكومة الأوكرانية عن حضور مؤتمر ميونخ للأمن، تكشّف أنها اضطرت لذلك وعلى أعلى مستوى، مثقلة بالحاجة إلى لقاء المسؤولين الأميركيين الجدد، الذين يلعبون الدور الأكبر في جهود "وقف الحرب وإحلال السلام".

لكن كييف تمتعض من هذه الجهود الأميركية وتنتقدها بلطف، لأنها تُبحث بين الجانبين الأميركي والروسي بشكل مباشر، بينما تضعها جانبا مع "شركائها" وداعميها الأوروبيين.

ويعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبرز المنتقدين، إذ "عاند" الأميركيين مرارا خلال الأيام الماضية بقوله إن "الولايات المتحدة لا تملك خطة جاهزة لإنهاء الحرب"، وبات اليوم ينادي بـ"جيش أوروبي" يأخذ بعين الاعتبار أن "أميركا لن تكون إلى جانب أوروبا في عديد من القضايا".

شروط مسبقة

يتمحور توجه زيلينسكي حاليا حول عدد أمور، أبرزها رفض عقد "صفقات خلف الظهور"، فلا قرارات حول أوكرانيا من دونها، ولا حول أوروبا من دونها أيضا، لأنه "إذا لم يُسمح لنا بالتفاوض حول مستقبلنا، فسنخسر جميعا" حسبما قال.

كما يشترط الرئيس الأوكراني أن يسبق أي لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -تخطط لعقده الولايات المتحدة في السعودية أو تركيا- وجود خطة لإنهاء الحرب وتقديم ضمانات لبلاده.

إعلان

وتناقلت وسائل إعلام أوكرانيا أن زيلينسكي رفض "بلطف" طلبا أميركيا للاستحواذ على 50% من معادن أوكرانيا الثمينة، بدلا من "صفقة تبادل" بقيمة 500 مليار دولار طرحها ترامب لاستمرار المساعدات العسكرية لكييف، ثم سارع رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، إلى دعوة دول أوروبا لاستخراج 20 معدنا نادرا من أصل 30 يحتاجونها، أبرزها اليورانيوم والليثيوم والتيتانيوم، بشكل مشترك مع بلاده.

وأخيرا يسعى زيلينسكي لأن تجرى الانتخابات في بلاده بعد الحرب فقط، وبعد أن تنتهي حالة الأحكام العرفية المفروضة، وليس نهاية العام الجاري كما دعا الأميركيون مباشرة بعد تولى ترامب الحكم.

يبدو المشهد الأوكراني حاليا وكأن الولايات المتحدة تفرض إملاءات صعبة على كييف في وضعها الحرج، وكأن زيلينسكي رئيس لا يناسب إدارة ترامب، و"يجب تغييره".

وتتفق مع هذه الفكرة جزئيا أوليسا ياخنو، أستاذة العلوم السياسية في جامعة "شيفتشينكو" بالعاصمة كييف، وتقول للجزيرة نت "ليس لأن الأميركيين لا يريدون زيلينسكي فقط، بل لأنه عقبة أمام الروس، الذين يعتبرونه رئيسا غير شرعي، ولأن كليهما يضطر للتعامل معه بحكم الأمر الواقع، وهذا يعقد مساعي واشنطن، ولا يشبع رغبات موسكو".

وتضيف "مشكلة واشنطن غير المعلنة مع زيلينسكي أنه يريد سلاما دائما بضمانات قوية محددة، ويرفض مجرد وقف الحرب، الذي سيكون في صالح الروس، وسيعيد كرتها".

استطلاعات للرأي أشارت إلى أن بوروشينكو يأتي بعد زيلينسكي في سلم الشعبية الرئاسية (رويترز) عودة بوروشينكو

وبينما قد يحظى موقف زيلينسكي من شكل نهاية الحرب بتأييد شعبي، فإن ضعفه لا يشفع له أمام "الكبار"، ولذلك بدأ التفكير جديا بالانتخابات المقبلة التي يريدها الأميركيون.

ويشير مراقبون إلى أن العقوبات، التي فُرضت مؤخرا على الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، كونه واحدا من 5 من رموز "الأوليغارشية" التي تعهد زيلينسكي بمحاربتها في انتخابات 2019.

إعلان

وفي بيان مشترك، اعتبرت عدة منظمات حقوقية في أوكرانيا أن "فرض العقوبات على السياسيين ورجال الأعمال المعارضين هو انتقام سياسي، يقوض القانون، وينتهك بشكل صارخ الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها أوكرانيا، ويشكل تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما أن فيه اغتصابا للسلطة في الدولة".

وحسب استطلاع للرأي أجرته مجموعتا "بيزنس كابيتال" و"نيو إيميدج"، فإن بوروشينكو يأتي بعد زيلينسكي في سلم الشعبية الرئاسية، لكن حزبه "التضامن الأوروبي" أوفر حظا في الانتخابات البرلمانية.

ويقول النائب عن حزب "بوروشينكو" ميكولا كنياجيتسكي -للجزيرة نت- إنه "ليس سرا أن زيلينسكي يغار من بوروشينكو، لأنه سياسي محنك يتمتع بعلاقات واسعة مع قادة العالم"، معتبرا إنه يحاول إقصاءه عن المنافسة، حتى وإن كان ذلك غير قانوني.

ويضيف موضحا "بوروشينكو، كزيلينسكي، كانا ولا يزالان رجلا أعمال كبار في أوكرانيا، لكنهما غير محسوبين على فئة الأوليغارشية الحاكمة التي تمارس الاحتكار وتسيطر على السلطة".

قلق الأوروبيين

وإذا كان زيلينسكي متعبا للغربيين فعلا، فقد يكون بوروشينكو خيارا مناسبا لهم، حسب مراقبين، فهو الصديق القديم، الذي سبق واستطاع الاتفاق مع الروس.

يقول النائب كنياجيتسكي إنه "لم يسمح لبوروشينكو بالسفر لحضور مؤتمر ميونخ، على عكس مسؤولين ونواب آخرين. إن نظرة الأوروبيين لأوكرانيا قد تتغير، لأنهم يساعدون دولة ديمقراطية بشكل مباشر أو عبر المؤسسات الخيرية، لا دولة شمولية كما يحولها زيلينسكي".

وأضاف "دعم الشركاء صندوق بوروشينكو الخيري منذ بداية الحرب، وهو ثاني أكبر مؤسسة خيرية في البلاد، ودعمه هو بما يقارب 600 مليون دولار، ولهذا تثير العقوبات الجدل، وتقلق الأصدقاء الأوروبيين".

أما أستاذة العلوم السياسية ياخنو، فترى أن "التوتر لم يتوقف بين زيلينسكي وبوروشينكو، بل زاد ونقص على مدار سنوات الحرب، لكنه لم يغير موقف الأوروبيين أو يثير انتقادهم".

ومن وجهة نظر ياخنو، فإن "أوكرانيا دولة يراقب الغرب ديمقراطيتها ويدعمها على أساس ذلك وفق المصالح الإقليمية والمبادئ الدولية، كما أن شعبها يرفض أساليب الإقصاء، وهو من يقرر خياره، النظام فيها رئاسي برلماني، ومن الصعب على أي شخص أن يتفرد فيها بكامل السلطة".

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تدفع قانونين يمنعان توثيق جرائم الحرب التي ترتكبها
  • رفض تسليمها بايدن...وصول شحنة من القنابل الأميركية الثقيلة إلى إسرائيل خلال الليل
  • الاحتلال يتسلم شحنة قنابل “إم كيه 84” التي أوقفتها إدارة بايدن
  • إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة أوقفتها إدارة بايدن
  • إسرائيل تتسلم شحنة القنابل التي أرسلها ترامب بعد تعليقها من بايدن
  • هل بات زيلينسكي عبئا على الأميركيين والأوروبيين؟
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • بعض أبرز أسرى المؤبدات الذين ستفرج عنهم إسرائيل اليوم
  • الإمارات تعلن توسيع نطاق الإعفاء من التأشيرة المسبقة لرعايا الهند
  • إسرائيل تترقب الإفراج عن «رهائن».. واشنطن: سنمنح العرب فرصة للتوصل لـ«خطة» بشأن غزة