عربي21:
2024-09-19@22:51:04 GMT

حكاية إيريز

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

هي ليست قصة فتاة أجنبية جذّابة الملامح، حلوة جميلة يطير العقل من شدة جمالها، لمعانها كنجمة في ليلة صافية أو هي كشمس في نهار يوم مشمس، ساطعة مشرقة، إنما هي قصة عن ذلك المعبر ذلك الحاجز الذي فرضه قانون المحتل الصهيوني على المواطن الفلسطيني النبيل، ذلك الحاجز الواقع مكانيا بين غزة هاشم وبين المكان الذي يغتصبه الصهاينة من فلسطين، عنوة وتجبرا وغصبا، فزمن القوة هو الذي نعيشه اليوم.



تبدأ حكاية اليوم وهي مطابقة من حيث الواقع والحقيقة للكثير من قصص المعاناة التي يعيشها الأخ الفلسطيني والأخت الفلسطينية على أيدي سفاحي بني صهيون. قصة فاطمة تلك الأم النبيلة التي تعمل لتعيل عائلتها المكونة منها ومن زوجها محمد وطفلهما الذي كانت تعيش مع والده حلم قدومه إلى الدنيا، إلى هذه الحياة رغم مرارتها وقسوتها، هو في التوقع أول الأبناء، حلم الغد وحلم العيلة التي أثمره الزواج الطيب من الزوج المكافح محمد.

تبدأ فاطمة يومها منذ الصباح الباكر، تستيقظ وتدعو الله بالتوفيق والفلاح، تجهز لمحمد زوّادته ليبدأ كل منهما يومه؛ هو في أعمال البناء في قطاع غزة وهي في أحد المصانع المحاذية تماما لحاجز يدعى إيريز. تمشي فاطمة حالمة مبتمسة، وهي حامل، هو تعب مضنٍ والكل يهون لأجل الطفل المنتظر، تمشي وكلها تفاؤل رغم الصعوبة رغم المشقة، هذا هو الإنسان الفلسطيني نبيل دائما حتى في شدة الحياة وأعاصيرها، أصعبها جنون المحتل الصهيوني الذي يقف بني جلدته حراسا على إيريز وبواباته، وفي أرض فلسطين.

فعلا ظالمة هي الحياة وبشدة.. تصل فاطمة إلى بوابة المصنع بعد أن صعدت باص العمل مع زميلاتها حيث تعمل في صناعة الصابون، ترمقها منذ فترة مجنّدة صهيونية اسمها شانيت، نظرة تلك الشانيت ليست مريحة إلى فاطمة الأم الطيبة، لكن يجب عليها التحمل والصبر. فجأة تتحرك شانيت تتجه مسرعة إلى حيث تهمّ فاطمة بالدخول من بوابة المصنع بعد أن نزلت من باص العمل، تعتبر فلسطين المحتلة كلها بلدها هذه الشانيت، أسف وحسرة وحزن في عمق الوجدان. تصل الشانيت إلى فاطمة بسرعة كبيرة، تحتك بها لفظيا قبل أن تجيب فاطمة أو تحرك ساكنا للدفاع عن نفسها، تهم الشانيت بضربها ركلات وضربات شديدة الوقع على جسد الأم المنهكة أصلا من لطمات الحياة، دون سبب تستدعي الشانيت اثنين من أبناء جلدتها الصهيونية يرفعون السلاح في وجه من كان موجودا من رفيقات فاطمة، تستمر في تبيان مشاعر العداء لفاطمة..

تسقط فاطمة على الأرض من شدة الضربات، تشتم تسب الشانيت ومعها رفيقيها بعبارات نابية.. منذ متى أصلا احترم الصهاينة العرب والعروبة التي تهرول إليهم زحفا بمد الأيدي إلى السلام، تغادر الشانيت والرفيقان، تُحمل فاطمة على عجل من رفيقات العمل وسائق باص المصنع إلى حيث أقرب مستشفى، بسرعة وجدوا إحدى الممرضات، طلبوا استدعاء الأطباء فالحالة حرجة. يحضر الأطباء المناوبون، محاولين استدراك الموقف، إعادة الأمل إلى الأم فاطمة، تبذل كل الجهود المرافقة للإمكانات المتواضعة في قطاع غزة المحاصر، تلفظ فاطمة أنفاسها، ومعها ابنها، ذلك الأمل وذلك الجنين ذلك الذي كان منذ لحظات حلما قد يتحقق ويتم انتظاره بكل عبارات اللهفة..

تسيطر مشاعر الألم والأسى على كل الموجودين في المركز الصحي، تنهمر الدموع.. هل تعيد الدموع فاطمة؟ هل تعيد الدموع ذلك الجنين الذي كان في الأشهر الأخيرة من الحمل في بطن أمه فاطمة الشهيدة؟

يتم إخبار الزوج محمد، يحضر، ينهار مع انهيار حلم الأبوّة وحلم العائلة السعيدة، يدخل في دهشة وصفنة طويلة، يطبطب الأطباء على كتفه لكنه لا يحس بذلك، هناك وجع كبير هو محمد.

هذا مشهد واقعي بكل تأكيد عن المأساة اليومية التي يعيشها أخي وأختي الفلسطينيان، أين؟ في أرضهم في بلدهم فلسطين المحتلة، على يد صهيونية سادية مجرمة، تركض العروبة اليوم للمصافحة معها مع نفس اليد وأصابعها مع شانيت التي قتلت الأم فاطمة وابنها ذلك الجنين النبيل، قتلتهم قصدا.. من يحاسب الشانيت ورفقاءها؟ الإجابة: لا أحد، ربما أغلب الظن أن هذا الزمن المعاش حاليا هو زمن الشانيت بامتياز.. هو زمن عالم كثير الدجل شديد النفاق.. الكل فيك يا عالم اليوم يرتجف من الشانيت، إلا أنت يا فاطمة وأمثالك من نبلاء فلسطين، زمن اليوم ليس زمنك يا فاطمة، لا أنت ولا جنينك، هو زمن القوة زمن الفتونة والتشبيح بطبع سادي اخترعه للحياة الجديدة هرتزل وأحفاده الجدد.

رحمك الله وجنينك فاطمة ورحم أمثالك من شهداء فلسطين، لكم وللأقصى الشريف ولك يا فلسطين الأم الصابرة صبر أيوب؛ الله سبحانه، وكما قيل للكعبة رب يحميها، فالأكيد أن لفلسطين ولكل نبيل فيها دائما الله تعالى وسوف يحميها، بكل ما فيها.

دائما إلى زوال أنت شانيت وكل شلتك الصهاينة مثلك طبعا وسلوكا وإن طال الزمن، إن الله تعالى دائما مع الصبر والصابرين والأقصى الشريف وأبناء فلسطين هم أحسن الصابرين، وأكثر الواثقين بتحقق وعده سبحانه لا يخذل عباده أبدا وإن بعد حين. بعد الليل دائما يأتي ضوء النهار، بعد تلك العتمة شديدة السواد يأتي ذلك الضوء ليعطي بداية جديدة، هذا أكيد وما سوف يحدث يا شانيت المجرمة، كلنا ثقة.. واهمة أنت، اقرئي طبع الحياة بصورة صحيحة..

ناموا أيها العرب ما فاز إلا النيام النوّم، لذيذ هو النوم يا عروبة اليوم، وغدا، العربي الأصلي لا يحني الرأس إلا ساجدا لله وحده فقط، لا أمل أبدا بمد اليد إلى شانيت، خداعة هي أكثر من الثعلب الماكر.

وهْم أنت يا شانيت وإن ظننت نفسك حقيقة، المرآة التي تستخدمينها ربما محدبة غير مستوية وتعطيك رؤية ضبابية دائما، أنت سراب وفاطمة النبيلة وجنينها هما الحقيقية بكل معانيها، قرّي عينا يا فاطمة الشهيدة وجنينك هو الشهيد..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الفلسطيني غزة إسرائيل فلسطين غزة اعتداءات معبر إيريز مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

حكاية رجل يحارب آثار زلزال المغرب بفناجين القهوة

تيبيضرت- عندما تقضي اليوم كله متجولا بين دواوير مشتتة هناك بجبال الأطلس الشاهقة، وتقفل راجعا عبر تلك الطريق الجبلية الضيقة الطويلة، تصادفك على مقربة من بلدة تحناوت (جنوبي مراكش) عربة صغيرة وسط فسحة تضم أشجار أوكاليبتوس باسقة، فيغريك ظلها وهواؤها الجبلي البارد المنعش بالتوقف للفوز بفنجان قهوة، وتنسّم عبق رياح باردة تغمر المكان.

وإن استطعت مقاومة نداء الكافيين، فبمجرد ما ترى عبوات الماء الباردة مرصوصة بالقرب من العربة ترفع راية الاستسلام، وتتوقف لتروي عطشك الذي يكون قد بلغ منك مداه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هنا إقليم الحوز المغربي.. هل تصدقون أن عاما مر على زلزال القرن؟list 2 of 2“الحوز خيمتنا.. الحوز نجمتنا”.. نريد بيتا يعيد لنا دفئا فقدناهend of list

يستقبلك الرجل الستيني إدريس، صاحب العربة/المقهى ذو الشنب الكث بابتسامة عريضة، ويقدم لك كوب قهوة ورقيا بيد تظهر آثار أعمال شاقة خبرت دروب البناء والفلاحة، داعيا لك بأن ترافقك السلامة في رحلتك.

قهوة السفر

فقد اعتاد إدريس على هذا النوع من الزبناء من مستخدمي الطريق الذين يتوقفون لابتياع فنجان قهوة وقنينة ماء، ثم ما يلبثون أن ينطلقوا مباشرة باتجاه المدن التي ينوون الذهاب إليها، وجلّهم يحتفظ بعلاقة طيبة مع هذا البائع الظريف الذي بدأ مشروعه في أبريل/نيسان الماضي فقط بحثا عن رزق بدلا من ذلك الذي دمره الزلزال.

العربة توجد بفسحة إلى جانب الطريق على بعد كيلومترات قليلة من بلدة تحناوت، تقابلها جبال صغيرة، وخلفها مباشرة تقع منازل وأراض فلاحية إلى جانب وادي غيغاية الذي يثير غضبُه مخاوف القرويين في الأيام المطيرة تحديدا.

يخبرنا إدريس بدارجة مغربية خفيفة تغلب عليها اللكنة الأمازيغية أن كلمة السر في هذه العلاقة الطيبة مع سائقي الطريق هي الأمن والأمان وجودة الخدمة المقدمة.

ويضيف أن المنطقة يغمرها الأمان ليلا ونهارا، وهو شعور لا يمكن إلا أن تعيشه مع القرويين في كل منطقة الحوز بدواويرها المختلفة، حتى ليخيل إليك أنه لا توجد مشاكل جنائية بمثل هذه الأماكن.

إدريس صاحب العربة المتنقلة لبيع القهوة لمستخدمي الطريق بتيبيضرت (الجزيرة) ليس مقهى فقط

ولذلك، يفضل بعض الزبناء عدم الاكتفاء بفنجان قهوة، ويقررون مرافقة إدريس -أو أي من جيرانه- في جولة خفيفة بحدائق غنّاء قريبة تضم أشجارا مثمرة في مقدمتها أشجار الزيتون، ومغروسات ينعش منظرها القلوب والأبصار.

ومنذ عقود طويلة، يستغل القرويون بمثل هذه الدواوير، أي مساحة فارغة إلى جانب الوادي لزراعة أشجار مثمرة ومغروسات معيشية يبيعونها إما للسياح أو في الأسواق الشعبية القريبة، للاستعانة بها على مصاريف حياتهم اليومية.

وباتت الحاجة إلى مثل هذه الأنشطة التجارية البسيطة أكبر بعد زلزال العام الماضي الذي قضى على منازل القرويين وثروتهم الحيوانية، كما أثر سلبا بشكل كبير على التجارة البسيطة التي كانت مصدر رزق للكثيرين منهم.

وعند حديثنا إلى إدريس، التف حولنا بعض أصدقائه ومعارفه من أبناء الدواوير القريبة، وأكدوا لنا أن الأوضاع بعد الزلزال ليست على ما يرام، وأن القرويين يكافحون لأجل النهوض من تحت ركام الآثار السلبية للزلزال المدمر.

بعد الانتهاء من أشغالهم يلتف أبناء الدوار حول عربة سي إدريس لتجاذب أطراف الحديث (الجزيرة) إنها البركة

وعربة إدريس لبيع القهوة والماء البارد، هي متنفس تجاري بسيط هدفه تحقيق بعض الربح في انتظار عودة المياه إلى مجاريها التي ألفها القرويون قبل الثامن من سبتمبر/أيلول 2023.

وعندما تسأل صاحب هذا المقهى المتنقل عن مدى نجاح مشروعه الصغير يجيبك ضاحكا "إنها البركة، بالبركة يسير هذا المشروع البسيط، وببركته نواجه مصاعب الحياة".

وإذا كان الأمن والأمان من العوامل التي تساعد على جلب الزبناء وتحقيق تلك "البركة" فإن حرص إدريس على نظافة آلة صنع القهوة، والعربة نفسها، يشجع من يمرون بهذه الطريق على التوقف للفوز بفنجان قهوة نظيف.

ويشدد إدريس في حديثه إلينا على أن الجودة في تقديم الخدمة هي أمر لا تهاون بشأنه بالنسبة له، حتى إنه ليحرص على متابعة كل التفاصيل المرتبطة بها بنفسه.

إدريس حريص على تقديم خدمة نظيفة ذات جودة عالية لزبنائه (الجزيرة) أحاديث.. أحاديث

ويتابع أنه برغم الظروف الصعبة، لا يستخدم نوعا عاديا من القهوة، وهو ما قد يتشجع على استخدامه آخرون بالنظر إلى أن الزبناء هم من مستخدمي الطريق، وغير مقيمين ولا يكادون يتوقفون إلا لأخذ فنجان القهوة الورقي ثم مواصلة السفر.

ويؤكد لنا أنه اتفق مع شركة متخصصة توزع أنواعا من القهوة ذات جودة عالية على المقاهي بالقرى والبلدات المجاورة، على التوقف عنده، وإعطائه نصيبه من تلك القهوة التي يقدمها للزبناء وفق شروط النظافة المطلوبة.

وكلما تشعب حديثنا مع سي إدريس وطال، ينضم إلى جلستنا ضيف جديد من أبناء الدوار، إذ بمجرد ما ينتهون من أعمالهم اليومية، يصعدون إلى فسحة "مقهى" سي إدريس، ليس فقط لارتشاف فنجان قهوة لذيذ، بل لتبادل أطراف الحديث في مواضيع مختلفة تهمهم في هذه المناطق النائية بجبال الأطلس.

ففي مثل هذه المناطق الجبلية البعيدة، تعد مثل هذه "المقاهي" أو "الحوانيت" المتواضعة البسيطة مكانا لتجمع شباب الدواوير وشِيبهم لتبادل الأخبار والأحاديث بشأن كل المواضيع التي لها علاقة بحياتهم اليومية، حتى إنك إن أردت "اقتناص" أحد أبناء الدوار في مثل هذه "الحوانيت" "تصطَد".

غوغل يضع مقهى إدريس على خرائطه برغم أنها مجرد عربة متنقلة لبيع القهوة غوغل يعترف

ومع هذه الرفقة الطيبة، تنسى تعب اليوم كله، وتغرق في أحاديث الأرض والفلاحة وطرائف الجار الفلاني، والزائر العلاني، ثم ما يلبث أن يمسك بيدك شيخ طيب ويصرّ على أن تذهب معه لتناول وجبة الغداء، ويغريك بأن الوليمة ستكون عبارة عن ديك بلدي أصيل.

لكن الوقت لا يرحم، ولابد من العودة إلى تحناوت. ويقف إدريس ومن معه مودعين ودعواتهم الطيبة تنزل بردا وسلاما على القلوب، وما يلبث أن يقول مبتسما "نتمنى أن ترجعوا لزيارتنا يوما ما، الخير قادم إن شاء الله".

تنطلق السيارة، والحديث لا يفتر عن طيبة وكرم تلك الرفقة التي تركناها خلفنا بـ"مقهى" إدريس، التي ويا للعجب وجدت لها مكانا على تطبيق خرائط غوغل، حيث تجدها رغم تزاحم مدن وبلدات المنطقة.

وإذا ما بحثت عنها ستجد غوغل يخبرك باسمها على الخريطة "مقهى إدريس"، لكن اعلم أنها مجرد عربة متنقلة، تضم فناجين قهوة ورقية وعبوات ماء باردة، مع رفقة طيبة ما تزال رائحة أخلاق الجبل تفوح منها زكية عطرة.

وأن تجد عربتك ضمن خرائط غوغل التي قد تتجاهل بلدات كاملة، فتلك مفاجأة جميلة، ربما هي البركة التي حدثنا عنها سي إدريس.

مقالات مشابهة

  • حكاية بطل.. «زكري» يتحدى الإعاقة بـ«البرونزية»
  • مسؤول أمني: الفيتو الأمريكي يكون العقبة دائما أمام أي قرار لصالح فلسطين
  • حكاية منشور أحمد فتوح.. محاميه يرد
  • أصوات خافتة في الحقول والمدارس: حكاية المرأة العراقية العاملة
  • الإمارات ترحب باعتماد الأمم المتحدة للقرار الذي تقدمت به فلسطين
  • حكاية رجل يحارب آثار زلزال المغرب بفناجين القهوة
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • شاهد - الصاروخ اليمني فلسطين (2) الذي ضرب قلب يافا
  • بن جامع يدعو إلى تأييد مشروع القرار التاريخي الذي قدمته فلسطين
  • الروسية التي أصبحت سلطانة مصر