سواليف:
2025-03-29@07:27:56 GMT

متى كان الوحش رحيما مع الفريسة؟

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

متى كان الوحش رحيما مع الفريسة؟

متى كان #الوحش رحيما مع #الفريسة؟

د. #فيصل_القاسم

كان يا مكان في قديم الزمان في قرية (طلامي) مختار شرير يملك الكثير من الأراضي والمال والسلاح والأرزاق ولديه عشرات البلطجية يعملون لصالحه، وكان يعتدي على أهل القرية كيفما شاء، ويفرض عليهم أتاوات ويعاقبهم على أبسط الأخطاء، والكل يخاف منه ويحاول تجنب شره ويعمل على إرضائه بكل الوسائل، وذات يوم هجم مجموعة من بلطجية المختار على بيت (أبو جدعان) وضربوا أولاده وحطموا أثاث البيت وسرقوا محصول القمح، وتحولت حياة أبو جدعان بعد ذلك إلى جحيم، ومع ذلك كان أبو جدعان كلما سألوه في القرية عن وضعه البائس التعيس، كان يقول مازلت آمل أن سعادة المختار سيحل مشكلتي، وهناك أخبار طيبة أنه شكل لجنة لحل قضايا أهل القرية، والجميع يضع أمله في سعادة المختار لتحسين وضع الأهالي.


ما أتعس تلك الشعوب التي تتوقع الحل من قاتليها، ومغتصبيها، وقاهريها، وناهبيها. من المفارقات المضحكات المبكيات أن غالبية الشعوب العربية المنكوبة تتطلع دائماً إلى الحلول القادمة من القوى الكبرى، وخاصة الغربية، وعندما تجد تلك الشعوب نفسها بلا حول ولا قوة، فلا شيء يبعث الأمل في نفوسها بالخلاص إلا التدخل الغربي سياسياً أو عسكرياً.
قد يبدو الأمر كوميدياً للغاية، لكنه للأسف الواقع المر، فالكل ينتظر الفرج من العم سام وغيره من القوى التي تعيث خراباً ودماراً في العالم منذ عقود وعقود. السوري يتوقع الحل في بلده على أيدي الكبار، وكذلك اليمني والعراقي واللبناني والسوداني والتونسي والمصري والليبي والفلسطيني، مع أنهم جميعاً يعلمون أن القوى الكبرى مسؤولة بدرجة كبيرة عن الكوارث التي حلت ببلدانهم. مَن الذي غزا العراق في المقام الأول ودمر نظامه وحل جيشه وحوله إلى ملل ونحل طائفية ومذهبية متصارعة؟ من الذي زرع الفرقة والتناحر بين العراقيين وجعلهم يترحمون على أيام الطغيان الصدامي الخوالي؟ مع ذلك، فإن عيون العراقيين مازالت ترنو إلى الأمريكي كي يخلصهم من محنتهم ومأساتهم، وهو المتسبب بها أصلاً.
ولو سألت السوريين اليوم، على من تعلقون الآمال كي ينقذكم من وضعكم المأساوي الكارثي، لأشاروا فوراً إلى القوى الكبرى، فهي برأيهم الوحيدة القادرة على إيجاد حل لمأساتهم، مع أنهم يعلمون علم اليقين أنه عندما تدخلت أمريكا في سوريا، استولت على سوريا المفيدة التي تحتضن مناطق الحبوب والماء والنفط، ووضعتها تحت أيديها وأيدي عملائها من المجموعات الكردية. وعندما استقدمت أمريكا وشركاؤها أساطيلها ودباباتها إلى سوريا، فليس لمساعدة السوريين للتخلص من النظام الفاشي، الذي دمر سوريا بالبراميل المتفجرة والطائرات وحرق ثلاثة أرباع البلد وشرد نصف الشعب، بل راحت تقول إنها جاءت لمحاربة الإرهابيين. ونحن نشد على أيدي كل من يحارب الجماعات الإرهابية كتنظيم الدولة (داعش) وغيرها، لكن أليس النظام والميليشيات الإيرانية التي استقدمها لتدمير سوريا إرهابية أيضاً، وكان على الأمريكيين محاربتها أيضاً كجماعات إرهابية؟ هل تختلف ممارسات النظام وممارسات حلفائه في سوريا عن ممارسات الدواعش؟ كيف يمكن أن تتوقع الحل على أيدي الخارج في سوريا بعد معرفة أبسط أبجديات التدخل الخارجي في سوريا اليوم؟ هل لأي قوة خارجية اليوم مصلحة في حل الأزمة السورية، أم إن الوضع الكارثي الحالي يعتبر مثالياً لكل القوى التي تتقاسم النفوذ في سوريا؟

السوري يتوقع الحل في بلده على أيدي الكبار، وكذلك اليمني والعراقي واللبناني والسوداني والتونسي والمصري والليبي والفلسطيني، مع أنهم جميعاً يعلمون أن القوى الكبرى مسؤولة بدرجة كبيرة عن الكوارث التي حلت ببلدانهم

مقالات ذات صلة الشيخ كمال الخطيب يكتب .. البردعة والسّرج والخيل الأصايل 2023/10/06

وحدث ولا حرج عن ليبيا. نعم لقد ساعد حلف الناتو الليبيين في التخلص من نظام القذافي كما ساعد العراقيين في التخلص من صدام، لكن ماذا بعد؟ كيف تطورت الأمور بعد إسقاط النظام الليبي؟ أليست القوى الخارجية مسؤولة عن حالة الفوضى والتمزق والتشظي التي تسيطر على الحالة الليبية منذ أكثر من عقد من الزمان؟ أليست التدخلات الخارجية هي التي حولت الوضع في ليبيا إلى حرب أهلية من أجل مصالح القوى الكبرى التي تتصارع اليوم على ثروات البلاد وتدعم هذا الفصيل ضد الآخر كي تتمكن من السيطرة على البلاد وشفط خيراتها؟ هل تتوقع من الضباع المتصارعة على بترول ليبيا اليوم أن تجد حلاً للمأساة الليبية وحتى إعادتها إلى وضع ما قبل الثورة؟ من له مصلحة في حل الأزمة الليبية من القوى الخارجية؟
وفي السودان اليوم، ألا يُعتبر الصراع الدائر بين عصابات العسكر أيضاً مثالياً لكل ضباع العالم الذين يتهاوشون على الثروات السودانية؟ هل بدأت الكارثة السودانية كي تنتهي قريباً أم إنها مشروع خارجي شرير تلعب داخله فصائل العسكر المتناحرة دور أدوات التنفيذ فقط؟ وهنا نسأل السؤال نفسه: من له مصلحة في إيجاد حل للكارثة السودانية وحتى إعادة البلاد إلى الوضع السيء الذي كانت تعيشه أيام حكم البشير؟ لا أحد سوى الشعب المنكوب، وهو لا يملك من أدوات الحل شيئاً، شأنه في ذلك شأن الليبي والسوري والعراقي، والتونسي، واليمني، واللبناني. أما بقية القوى الكبرى التي يأمل السودانيون أن تساعدهم في إيجاد حل فهي التي خلقت الوضع الحالي أصلاً، فكيف تتوقع منها أن تحله؟ مستحيل.
كيف يتوقع اليمنيون أن يأتيهم الفرج من الخارج وهم أصلاً ضحية العدوان والتدخل الخارجي؟ ماذا كانت تفعل الأساطيل وطائرات الاستطلاع الأجنبية عندما كانت الأسلحة الإيرانية تتدفق على العصابات اليمنية؟ لا تقل لي إن الأسلحة التي كانت تنهمر على اليمن لم تكتشفها أجهزة المراقبة والاستطلاع الغربية؟ ألم تكن كل الأسلحة التي حرقت الأخضر واليابس في اليمن قادمة أصلاً من شركات الأسلحة الدولية؟ أليس اليمن كسوريا مجرد حقل رماية يستخدمون على أرضه كل أنواع السلاح؟ ألم يقل وزير الدفاع الروسي إن سوريا كانت أفضل مختبر لتجريب أسلحتنا الجديدة؟ ثم يتنطع بعض المغفلين ليطالب بحلول دولية لكوارثهم.
من يلعب اليوم في الساحة اللبنانية وأوصلها إلى حافة الانهيار والإفلاس؟ أليست نفس القوى التي يعلق عليها اللبنانيون الآمال لانتشالهم من تحت التحت؟
وحتى البلدان التي حصل فيها بعض التغيير، فكان مجرد تغيير طرابيش لا أكثر ولا أقل، لا بل إن التونسيين مثلاً يترحمون اليوم على أيام بن علي بعدما جاءهم قيس سعيّد الذي يُمطر الصهيونية يومياً بوابل من الشتائم، لكنه على الأرض مثل بشار الأسد وغيره من القومجيين، هم أكثر من ساعدوا مشاريع العدوان والتخريب والتدمير الخارجية لتنجح في بلادنا.
اليوم، ليس لدى السوريين واليمنيين والليبيين والسودانيين والعراقيين واللبنانيين وغيرهم ممن يسمون بالعرب، ليس لديهم أية حلول لكوارثهم. المساكين ينتظرون أي حل بين القوى الخارجية المتصارعة على بلادهم لعله يصب في مصلحتهم، مع العلم أنهم يعرفون المثل الشعبي الشهير: ما حك جلدك مثل ظفرك، وأن الفرج لا يمكن أن يأتي من الوحوش الضارية، ومن السخف الشديد أن تستنجد الفريسة بالصياد كي ينقذها من مخالب كلب الصيد، ومن الأسخف طبعاً أن تتوقع حبة القمح العدالة من الدجاجة؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الوحش الفريسة فيصل القاسم القوى الکبرى على أیدی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الممثلة الأممية تبحث مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية مستجدات الملف الليبي

???? ليبيا – الممثلة الخاصة للأمين العام تلتقي القائم بأعمال السفارة الأمريكية في تونس

???? بحث الجهود الأممية لتعزيز الاستقرار في ليبيا ????????????
التقت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيته، بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في تونس، جيريمي برنت، حيث استعرضت أمامه عمل اللجنة الاستشارية والجهود المبذولة مع الأطراف الليبية والإقليمية لدفع العملية السياسية نحو إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.

???? مناقشة قضايا الهجرة والإدارة الاقتصادية ????⚖️
خلال الاجتماع، شددت تيته على أهمية تنسيق الجهود الدولية بشأن ليبيا، كما ناقش الطرفان عدة ملفات منها الهجرة، القيود المفروضة على الحيز المدني، والإدارة الاقتصادية لضمان الشفافية والمساءلة في توزيع الأموال العامة.

???? التزام أمريكي بدعم الحل السياسي ????????????️
من جانبه، جدد برنت تأكيد التزام الولايات المتحدة بدعم مسار الحل السياسي في ليبيا، عبر إجراء الانتخابات، مع التأكيد على استمرار دعم بلاده لجهود الممثلة الخاصة وبعثة الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • الممثلة الأممية تبحث مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية مستجدات الملف الليبي
  • سوريا بين الفرح والخوف.. هل يصنع المزاج الشعبي مستقبلها أم يعيدها للفوضى؟
  • أنقرة: أردوغان أكد هاتفيا لبوتين أهمية العمل معا لوقف الأعمال التي تغذي العنف الطائفي في سوريا
  • إبراهيم هنانو.. قصة الثائر الذي أحرق أثاثه من أجل سوريا
  • ما قصة سحوبات الجوائز الكبرى التي هزت الكويت؟ وكيف علق مغردون؟
  • عبد المسيح: دورة الصمود التي رُقِّي بموجبها 26 رتيبًا في أمن الدولة إلى رتبة ملازم تواجه اليوم خطر إلغاء مرسومها
  • عاجل: المواقع التي استهدفها الطيران الأمريكي مساء اليوم في صنعاء
  • إرجاء زيارة وزير الدفاع اللبناني إلى دمشق بطلب سوري.. كانت مقررة اليوم
  • مراسل سانا: بدء فعاليات المؤتمر الصحفي الذي تقيمه وزارة الصحة بعنوان “نداء إنساني عاجل: أزمة حادة في توافر أدوية السرطان في سوريا وتأثيرها على مرضى الأورام”
  • العاصمة التي كانت وسرديات الاستحقاق- تفكيك أسطورة الترف والامتياز