انتصار أكتوبر نقل السيادة على النفط من أمريكا وأوروبا إلى العرب.. تقرير
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
بينما كانت الدول المتقدمة صناعيا (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا)، تستغل ثروات النفط في دول الخليج أسوأ استغلال من خلال التحكم في تسعيره وشرائه بالأسعار التي يحددونها.. كانت الدول المنتجة للنفط تطالب دوما بزيادة سعر البرميل خاصة وأنه خلال الفترة من عام 1950 وحتى 1973 زاد الاعتماد على النفط العربي، حيث زاد تدفق النفط العربي إلى الغرب من مليون برميل يوميا إلى 20 مليون برميل يوميا في 1973.
وكانت الدول الصناعية المتقدمة تتحكم في تسعير النفط الذي تشتريه من الخليج حيث قررت تخفيض سعر البرميل إلى 1.8 دولار فقط وثبات سعره لمدة 10 سنوات حتى عام 1970 في المقابل رفعت هذه الدول الصناعية أسعار تصدير مشتقات النفط إلى نفس الدول المصدرة للخام بنسب 9% سنويا لتنخفض قيمة البرميل الخام إلى 70 سنتا فعليا.
وعندما تعالت أصوات دول النفط المنتجة بضرورة رفع سعر البرميل بعد موافقة الدول المتقدمة ببعض الزيادات الاسمية التي لم تكن تضاهي التضخم في أسعار الاستيراد من هذه الدول خلال اتفاق جنيف الأول والثاني، هددت الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك الدول المنتجة بأن أي دولة خليجية مصدرة للنفط يعلو صوتها بزيادة سعر البرميل مرة أخرى سيكون مصير حكامها هو نفس مصير الدكتور محمد مصدق رئيس وزراء إيران الذي قام بتأميم النفط الإيراني.
المخابرات الأمريكية تتدخل لعزل الدكتور محمد مصدقمحمد مصدق هو رئيس وزراء إيران السابق، انتخب مرتين سنة 1951 و1953، إلا أن المخابرات الأمريكية السي آي ايه والبريطانية MI6 خلعتاه في عملية مشتركة سميت بعملية أجاكس، حيث تسببت قراراته في تأميم شركات النفط في إزاحته في انقلاب عليه يوم 19 أغسطس 1953 بعد إجراء استفتاء مزور لحل البرلمان، فقد طلبت المخابرات البريطانية مساعدة السي آي إيه في تنفيذ الانقلاب واختيار الجنرال فضل الله زاهدي ليخلف مصدق. فأسقطت حكومته وسجن مصدق ثلاث سنوات ثم أطلق سراحه، إلا أنه استمر رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته سنة 1967.
لوحت الولايات المتحدة وبريطانيا بمصير رئيس وزراء إيران المعزول نحو حكام دول الخليج المنتجة للنفط حال طلب أحدهم زيادة سعر البرميل مرة أخرى، وحددت الدول المتقدمة يوم 8 أكتوبر 1973 للتفاوض مع الدول المنتجة كل على حدة في تسعير النفط ووضع سعر مناسب للبرميل دون علم مسبق باعتزام مصر شن الحرب على إسرائيل لاسترداد الأرض المحتلة (سيناء).
حرب أكتوبر تعزز موقف دول الخليج أمام الولايات المتحدةكانت حرب السادس من أكتوبر 1973 قد بدأت وهاجمت القوات المسلحة المصرية إسرائيل بضراوة حيث أفقدت الجيش الإسرائيلي اتزانه وتقهقر مقابل عبور القوات المسلحة المصرية القناة وتبديد أوهام إسرائيل بأن لديها جيشا لا يقهر وأن خط بارليف الساتر الترابي يحتاج إلى قنبلة نووية.
انعقد اجتماع تحديد سعر النفط في موعده 8 أكتوبر 1973 مع الدول الخليجية المنتجة بعد يومين من حرب الكرامة أكتوبر 73 وكان تفوق القوات المسلحة المصرية ملحوظا للقاصي والداني مما عزز من موقف العرب وخريطة المفاوضات وأصبح للحرب كلمة مسموعة فرفضوا عروض الدول المتقدمة بزيادة سعر النفط 8% بدلا من 2.5% فعادت الدول المتقدمة تعرض زيادة نسبتها 15% ورفضت دول الخليج العرض الثالث بدعم من انتصارات مصر العسكرية على إسرائيل وطالبت بزيادة 100%.
وتوقفت المفاوضات يومي 10 و11 أكتوبر أمام مطالب الدول المنتجة بزيادة سعر النفط 100% وهو ما لم تتوقعه أبدا الدول الصناعية المتقدمة التي كانت تطرح أمامهم زيادة 2.5% في بداية المفاوضات وصلت للحد الأقصى 15%، إلا أن تقدم مصر العسكري عزز من روح العرب المعنوية وقادت مصر يوم 16 أكتوبر 1973، دول الخليج السعودية والكويت والإمارات وقطر وإيران حيث كانت تلك الدول تمثل الثقل الرئيسي في الإنتاج النفطي والمستقبل المنظور له بما كانت تحويه آبارهم من احتياطات نفطية عملاقة لاتخاذ قرارهم الأول في تاريخ الاقتصاد العالمي بزيادة سعر النفط 70% بشكل أحادي ودون التشاور مع الدول المستهلكة.
انتقال السيادة إلى الدول العربية بدعم من تفوق مصر عسكرياوانتقلت السيادة في صناعة النفط آنذاك لأول مرة إلى الدول المنتجة، ولم يكن ليتحقق مثل ذلك التغيير في العلاقة بين الدول المنتجة للنفط والدول المتقدمة لولا استغلال انتصارات مصر وسوريا العسكرية آنذاك على إسرائيل وقد احسن صانعو القرار استغلال الانتصارات العسكرية ليحققوا انتصارا اقتصاديا كبيرا أيضا.
وجاء القرار العربي الثاني آنذاك في شكل قرار تضامن عربي نفطي في إطار سياسي لدعم انتصار مصر العسكري الذي بدأ يهتز نتيجة تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بكل ثقلها لصالح إسرائيل حيث كادت الولايات المتحدة الامريكية أن تعلن التأهب النووي لردع مصر عن هزيمة إسرائيل.. فقررت الدول المنتجة للنفط خفض الإنتاج شهريا بنسبة 5% ومع توقف القتال وتعنت الولايات المتحدة وإسرائيل في المفاوضات قررت دول الخليج خفض الإنتاج 25% بشكل فوي يوم 4 نوفمبر 1973 مع استمرار خفض الإنتاج 5% شهريا.
ولم تكتف الدول العربية في الضغط على السياسة العالمية من خلال خفض الإنتاج وبدأت مشاورات في معاقبة الدول التي تؤيد إسرائيل وتأميم صناعة النفط وطرد شركات هذه الدول من الأراضي العربية منها الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا إلان أن المملكة العربية السعودية اكتفت بإدانة موقف الولايات المتحدة الامريكية في الحرب ودعم إسرائيل.
الولايات المتحدة تعلن إعادة تسليح الجيش الإسرائيلي بقيمة 2.2 مليار دولارواصلت الولايات المتحدة الأمريكية التعنت والاستهانة بقرارات الدول المنتجة وأعلنت عن حزمة مساعدات عسكرية لصالح إسرائيل وإعادة تسليح الجيش الإسرائيلي بقيمة 2.2 مليار دولار وهو ما دفع الدول العربية للتصعيد والإعلان عن حظر تصدير النفط غلى الولايات المتحدة وهولندا والبرتغال حظر كلي مع انضمام المملكة العربية السعودية إلى دول المقاطعة.
ودفعت قرارات الدول المنتجة خفض إنتاج النفط وحظر تصديره إلى إعادة تشكيل خريطة القوة العالمية والنظر بشكل اخر نحو العرب والدول المنتجة من جانب أوروبا وإنجلترا الذين ضغطوا على الولايات المتحدة الامريكية للتخلي عن دعمها موقف إسرائيل ليستغل العرب الدول المنتجة للنفط الموقف مرة أخرى بعد الضغط العالمي على الولايات المتحدة لترفع سعر البرميل 130% بقرار أحادي مرة أخرى.
أدت تداعيات حرب أكتوبر 1973 في قطاع النفط إلى إعادة هيكلة صناعة النفط فارتفعت إيرادات صادرات الدول العربية المصدرة للنفط من 14 مليار دولار عام 1972 إلى 75 مليار دولار عام 1974 ثم تزايدت عام 1977 إلى 91 مليار دولار وقفزت إلى 146 مليار دولار عام 1979 ثم إلى 213 مليار دولار عام 1980. أي أنه بعد 7 سنوات فقط من الحرب تضاعفت إيرادات دول الخليج من النفط أكثر من 15 ضعفا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة ملیار دولار عام الدول المتقدمة الدول العربیة خفض الإنتاج بزیادة سعر دول الخلیج أکتوبر 1973 سعر النفط مرة أخرى
إقرأ أيضاً:
انتصار المقاومة في السابع من أكتوبر: العدو يُقِرُّ بالفشل
يمانيون../
أقر جهاز الأمن العام الصهيوني “الشاباك”، اليوم الثلاثاء، بفشله في تقييم قدرات حركة ” حماس” قبل 7 أكتوبر 2023، وألمح إلى مسؤولية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو .
وذكرت صحيفة ” القدس العربي ” أن ذلك جاء ضمن مقتطفات نشرتها وسائل إعلام عبرية من نتائج تحقيق أجراه “الشاباك” بشأن هجوم “حماس” عام 2023، والذي مثّل ل “إسرائيل” إخفاقا عسكريا واستخباراتيا وأمنيا.
وفي ذلك اليوم هاجمت “حماس” 22 مستوطنة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت صهاينة؛ ردا على ” جرائم العدو الصهيوني اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى” . وذكرت هيئة البث الصهيونية (رسمية) أن ” الشاباك” أقر في التحقيق بفشله، إذ لم يقّيم بشكل جيد قدرات ” حماس” قبل 7 أكتوبر 2023 أو هجوم الحركة في ذلك اليوم .
وأضافت الهيئة، عبر حسابها بمنصة “إكس”، أن تقرير “الشاباك” ألمح إلى أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو “رسم سياسة فاشلة على مر السنين “.
فيما قالت القناة”12″ العبرية إن تحقيق ” الشاباك” توصل إلى أنه ” كانت توجد ثغرات ومشاكل في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية بشكل عام وفي آليات الرقابة على العمل الاستخباراتي بشكل خاص ليلة 7 أكتوبر “.
واعتبر “الشاباك” أن ما أسماها ” سياسة الصمت سمحت “لحماس” باكتساب قوة هائلة”.
وكشف جهاز الشاباك الصهيوني، في تحقيقاته الداخلية عن سلسلة إخفاقات استراتيجية أدّت إلى العجز عن التنبؤ بهجوم السابع من أكتوبر.
وأقرّ الجهاز بأنه فشل على مدى سنوات في كشف خطة “حماس” الهجومية، رغم توافر مؤشرات خطيرة.
وقال رئيس الشاباك “رونين بار”، إن التحقيقات خلصت إلى أن الجهاز لم يستخفّ بحركة حماس، لكنه أخفق في نهاية المطاف في تقييم نواياها الحقيقية، مشيرًا إلى أن الاعتقاد السائد كان أن الحركة تركّز على إشعال الضفة الغربية، ما صرف الأنظار عن التهديد القادم من غزة.
وأكدت التحقيقات أن “سياسات شراء الهدوء”، التي تبنّتها إسرائيل، عبر التسهيلات الاقتصادية وفتح المعابر، منحت حماس فرصة ذهبية للتسلّح الكثيف والتحضير لعملية اجتياح مدروسة.
كذلك، كشفت مصادر عبرية، مساء اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل جديدة حول هجوم السابع من أكتوبر 2023، إذ تعرضت قوة صهيونية مساندة لكمين محكم في بساتين كيبوتس ناحال عوز، ما أسفر عن مقتل العديد من الجنود، بينما فشلت الإمدادات في الوصول إليهم لإنقاذ الموقف.
وقالت المصادر العبرية، إن شرطة حرس الحدود تمكنت من التصدي لمجموعة أولى من 40 مسلحًا تسللوا إلى الكيبوتس، إلا أن دفعة ثانية من المقاومين استغلت الإنهاك الكامل للقوات وأجهزت عليهم.
وأضافت أن ثلاثة من مستوطني الكيبوتس لقوا مصرعهم برصاص الجيش الصهيوني عن طريق الخطأ، في واحدة من أكبر حوادث الفشل الميداني.
إلى ذلك، كشفت التحقيقات أن كاميرات المراقبة في الكيبوتس لم تعمل صباح الهجوم بسبب انقطاع الكهرباء، ما أتاح لعناصر القسام التسلل بحرية دون رصد تحركاتهم.
وأوضح الإعلام العبري، أن وحدة 8200 وغيرها من أجهزة الاستخبارات الصهيونية فشلت في التقاط الإشارات المبكرة، رغم بث عناصر حماس للهجوم بشكل مباشر عبر “فيسبوك” دون تدخل أو رصد.
وفي مستوطنة نتيف هعستراه، ذكر أن ثلاثة من عناصر نخبة القسام تسللوا جوًا إلى الكيبوتس، وواجهوا قوة من 37 جنديًا، بينهم ضابط كبير.
وأكد أنه في غضون ساعتين ونصف، قُتل 17 صهيونيا، بينما عاد اثنان من المسلحين إلى غزة، وقتل الثالث خلال الاشتباك.
وكشف التحقيق، أن مسؤول أمن الكيبوتس و25 عنصرًا تحت قيادته قرروا الاحتماء بالمنازل ورفضوا مواجهة المهاجمين، ما ترك السكان بلا أي حماية فعلية.
وأقر الجيش الصهيوني: بوجود نقص حاد في المعدات والأسلحة والجنود، واصفًا هذا الخلل بأنه “المرض القاتل “الذي ظهر بوضوح خلال هجوم 7 أكتوبر.
كما لفت التحقيق، إلى أن كاميرا وُجدت مع المقاتلين الثلاثة كشفت عن محاولة تفجير الجدار لدخول المزيد من المقاومين، إلا أن مشاكل تشغيلية حالت دون نجاح العملية، لتجنب “إسرائيل” كارثة أمنية أوسع وفق وكالة فلسطين اليوم.