أثارت لائحة الاتهام التي وجهتها وزارة العدل الأمريكية للسيناتور الأمريكي بوب مينينديز (من الحزب الديمقراطي) وزوجته بالفساد والرشوة مقابل خدمات غير مشروعة للسلطات المصرية و3 رجال أعمال آخرين في القضية، ضجة واسعة في واشنطن، وتصدرت عناوين الصحف والمواقع الإخبارية ما أجبره على التنحي من منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بعد ساعات من انتشار الخبر.

لكن في المقابل، كانت ردود الفعل في مصر على اتهامات الرشوة الموجهة إلى القيادة المصرية ضعيفة إلى حد كبير، واختارت وسائل الإعلام المصرية، التي يهيمن عليها موالون للحكومة، إما رفض هذه الاتهامات تماما أو التقليل من شأنها، وهذا ليس بالأمر المفاجئ في بلد تسيطر فيه الدولة إلى حد كبير على وسائل الإعلام، حسبما أفاد تقرير نشره موقع أتلانتيك كاونسل، وترجمه الخليج الجديد.

ورأي التقرير أن تناول الصحفيين في مصر الاتهامات الموجهة لمينينديز بغير المعالجة السابقة من الممكن تعرضهم إغضاب النظام الاستبدادي في القاهرة.

وذكر الموقع أن عشرات الصحفيين يقبعون خلف القضبان بسبب "جرائم" أصغر بكثير، مثل نشر منشورات تنتقد الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم أو التعبير عن وجهات نظر بديلة تتعارض مع وجهات النظر المقبولة لدى التيار الرئيسي.

وأصبح الوضع أكثر تقييدًا مع الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2024 المقرر إجراؤها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول.

ومؤخراً، حذر أحمد البنداري، رئيس هيئة الانتخابات المصرية، من معاقبة المشككين في نزاهة الانتخابات المقبلة. ولهذا السبب على وجه التحديد، كان هناك تعتيم شبه كامل في مصر على قضية مينينديز، حيث يحقق المدعون الفيدراليون الأمريكيون في احتمال تورط مسؤولين رفيعي المستوى من داخل أجهزة المخابرات في البلاد.

وذكرت الموقع أن تغطية قضية مينينديز اقتصرت على برنامج إخباري يبث على "قناة القاهرة الإخبارية" المملوكة للدولة.

وفي 23 سبتمبر/أيلول، ذكر مقدم البرنامج وهو رامي جبر، مراسل قناة القاهرة في واشنطن أن رويترز زعمت أن السيناتور مينينديز وزوجته متهمان بتلقي رشاوي من ثلاثة رجال أعمال من نيوجيرسي.

وقلل جبر من مزاعم الرشوة، وصورها على أنها جزء من الصراع على السلطة بين الديمقراطيين والجمهوريين قبل انتخابات الكونجرس الأمريكي.

وعلى نفس المنوال، رفض محللون مصريون تحدثوا إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط (رسمية) قضية مينينديز ووصفوها بأنها "مسألة سياسية داخلية أمريكية" و"جزء من صراع أوسع على السلطة بين الديمقراطيين والجمهوريين قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في نوفمبر 2024".

فيما أعرب بعض المسؤولين بدورهم عن أسفهم لأن القضية كانت وفق قولهم "محاولة متعمدة لتشويه سمعة القيادة المصرية وسط التوترات بين الولايات المتحدة وحليفتها القوية ذات يوم.

اقرأ أيضاً

ذا هيل: المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بمهب الريح بعد فضيحة مينينديز

وفي تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، في 23 سبتمبر/أيلول، حذر السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري السابق والرئيس الحالي لمجلس العلاقات الخارجية المصري، من أن الاتهامات الموجهة إلى السيناتور مينينديز لا تزال قيد التحقيق.. سيكون من غير المناسب التعليق على القضية في هذه المرحلة المبكرة".

وحث عرابي المصريين على رفض ومقاومة محاولات تشويه صورة مصر وجر البلاد إلى صراع سياسي داخلي بين الأطراف المتعارضة في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنه "لم يصدر أي بيان رسمي من إدارة بايدن حول القضية حتى الآن"

كما قلل طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، من أهمية اتهامات الرشوة، وأوضح أن مثل هذه الادعاءات ضد أعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم من السياسيين الأمريكيين أمر شائع في السياسة الأمريكية.

وقال فهمي إن "إشراك مصر في قضية لا تزال قيد التحقيق قد يكون مرتبطا بالدعوات الأخيرة التي أطلقتها جماعات ضغط معينة داخل الكونجرس الأمريكي لوقف المساعدات العسكرية لمصر".

وعلى النقيض من وسائل الإعلام المصري، أثارت قضية مينينديز الجدل على منصات التواصل الاجتماعي المصرية.

وبينما، اعتبر مؤيدو الحكومة أن استغلال مسؤول أمريكي كبير لتعزيز المصالح المصرية هو "انتصار" للحكومة المصرية، أعرب أحد نشطاء المعارضة عن أسفه قائلاً: "نحن (المصريون) نعلم عن فضائح (القيادة) من الصحافة الدولية".

واستشهد المعارض على كلامه بحادثة الطائرة الزامبية الأخيرة التي اشتبه فيها بتورط الأجهزة الأمنية سيئة السمعة في البلاد في محاولة فاشلة لتهريب مئات الآلاف من الدولارات وسبائك الذهب إلى خارج البلاد.

وأعرب ناشط آخر عبر حسابه على منصة إكس عن أسفه لأن "الفساد والرشوة أصبحا أمرًا عاديا، ولم يعودا صادمين ".

لكن آخرين شككوا في توقيت توجيه الاتهام إلى مينينديز مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المصرية المقرر إجراؤها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول.

ويشتبهون في أن الإدارة الأمريكية قد تستخدم هذه القضية للضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية.

ولكن مع جهل القسم الأعظم من المصريين بالقضية ــ وخاصة تورط القاهرة المزعوم في مخطط الفساد ــ فيبدو من غير المرجح إلى حد كبير أن تلقي قضية مينينديز بظلالها على الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر.

اقرأ أيضاً

خليفة مينينديز يشير لتحولات سياسية أمريكية محتملة بشأن مصر وتركيا.. ماذا سيفعل؟

 

 

المصدر | أتلانتيك كاونسل- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بوب مينينديز الانتخابات المصرية الانتخابات الرئاسیة قضیة مینیندیز فی مصر

إقرأ أيضاً:

مجازر المليشيا .. انتهاكات جسيمة وصمت دولي محير

واصلت مليشيا الدعم السريع في ارتكاب المجازر ضد الشعب السوداني وانتهاك كافة المواثيق والأعراف الدولية وسط صمت محير للمجتمع الدولي الذي آثر الصمت ووقف موقف المتفرج إزاء الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ترتكبها المليشيا ضد المواطنين الأبرياء في شتى بقاع السودان منذ الخامس عشر من ابريل 2023م. ومواصلة لسلسلة جرائمها ارتكبت المليشيا مجزرة بمنطقة صالحة جنوب أمدرمان وقتلت 31 شخصاً على الأقل، بعد اتهامهم بالتخابر لصالح الجيش.

مجزرة بشعة:

وقالت شبكة أطباء السودان، إن قوة من الدعم السريع ارتكبت مجزرة جماعية بشعة بتنفيذها عملية تصفية ميدانية لعدد 31 شخصًا من أبناء منطقة صالحة، بينهم أطفال قُصّر، في أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها المنطقة بتهمة الانتماء للجيش. وتأسف بيان الشبكة لعمليات القتل الجماعي ضد المدنيين العزل بمناطق سيطرة الدعم السريع، مما يهدد الآلاف من المدنيين العزل بمدينة الصالحة. واعتبر البيان أن ما تم تنفيذه من تصفية جماعية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من المدنيين وفتح مسارات آمنة تضمن خروجهم من منطقة صالحة التي تضم الآلاف من المدنيين العزل. وحث البيان المجتمع الدولي على الضغط على قادة الدعم السريع لوقف الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين تحت سيطرتهم وحفظ أرواحهم.

انتهاكات واسعة:

واظهر مقطع فيديو بثه عناصر الدعم السريع في مكان الحادث عدداً من الجثث مكومة على قارعة الطريق بينما كان جنود من القوات يواصلون إطلاق الرصاص على الضحايا، فيما وضعت عليهم إطارات سيارات تمهيدا فيما يبدو لإشعال النيران فيهم. وقالت غرفة طوارئ منطقة صالحة، إن مليشيا الدعم السريع منذ خواتيم مارس الماضي ظلت ترتكب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المنطقة. وأشارت الغرفة إلى أن القوات أغلقت كامل الأسواق والمرافق الصحية، مما يهدد بحدوث مجاعة تهدد الآلاف العالقين في البلدة، متهمة القوات بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من المواطنين بتهمة الموالاة للقوات المسلحة.

جريمة وحشية:

من جهتها نددت مجموعة محامو الطوارئ بالجريمة التي وصفتها بالوحشية، وحمّلت المجموعة مليشيا الدعم السريع وقياداتها كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين. وطالبت في بيان باتخاذ إجراءات رادعة وفورية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب. وأوضحت المجموعة أن وجود أدلة، متمثلة في تصوير الواقعة لحظة حدوثها من داخل صفوف القوات المنفذة للجريمة، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك الطابع العمدي والمنهجي لهذه الانتهاكات. ورأت أن تصفية المدنيين العزل يشكل انتهاكًا جسيمًا لكافة المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، ويرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

انتهاكات المليشيا في دارفور:

وفي 12 أبريل الجاري، قُتل تسعة من كوادر منظمة الإغاثة الدولية إثر هجوم شنته عناصر الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور، ضمن سلسلة انتهاكات ضد المدنيين، قبل أن تسيطر بشكل كامل على المعسكر وتهجّر سكانه البالغ عددهم أكثر من 500 ألف نازح. وقال المتحدث باسم مخيم زمزم، محمد خميس دودة، لـ (سودان تربيون) أن مليشيا الدعم السريع قامت بتصفية نحو ثمانية من سكان معسكر زمزم والتمثيل بجثثهم، إضافة إلى جرح خمسة آخرين، واقتياد نحو عشرة أشخاص أثناء محاولتهم الوصول إلى بلدة طويلة. واتهم قوات التحالف التأسيسي، المؤيدة لقوات الدعم السريع، بالتسبب في تضليل سكان الفاشر واقتيادهم إلى أماكن وجود قوات الدعم السريع التي تقوم بقتلهم واعتقالهم بدعوى انتمائهم للقوة المشتركة والجيش السوداني.

الإفلات من العقاب:

وأفاد مراقبون بأن ارتكاب هذه الجرائم بصورة منظمة، وتوثيقها بمقاطع مصورة علنية، يعكس مدى استهانة قوات الدعم السريع بأرواح المدنيين، ويؤكد اعتمادها سياسة الإفلات من العقاب كنهج ممنهج لترهيب السكان المدنيين وفرض سطوتها بالقوة. ويأتي تصاعد الانتهاكات التي يرتكبها عناصر قوات الدعم السريع ضد المدنيين في منطقة صالحة وقرى الريف الجنوبي لمحلية أمدرمان في ظل التقدم الكبير الذي يحرزه الجيش للسيطرة على آخر معاقل قوات الدعم السريع في منطقة أمدرمان.

تقرير: ألوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نزاهة تباشر 385 قضية وتوقف 140 متورطًا في جرائم فساد خلال أبريل 2025
  • لافا جاتو.. قضية فساد عابرة للحدود بدأت من مغسلة سيارات
  • عراقي يواجه حكماً بالسجن في أمريكا بتهمة تزوير الانتخابات ضد ترامب
  • الأولمبياد الخاص المصري يشارك في ملتقى الرياضيين العالمي "من باريس إلى أمريكا" بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
  • «مدبولي» يشهد توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي بين مدينة الدواء المصرية وشركة "جيبتو فارما" الأمريكية
  • تفاصيل توقيع عقد تحالف بين جيبتو فارما- مدينة الدواء المصرية ودوا فارماسيوتيكالز الأمريكية
  • كندا: مارك كارني يتقدم في الانتخابات التشريعية ويؤكد "علاقتنا القديمة مع أمريكا انتهت"
  • مجازر المليشيا .. انتهاكات جسيمة وصمت دولي محير
  • رئيس المخابرات المصرية يلتقي وفدا إسرائيليا في القاهرة
  • عاجل | استولت على سلع مدعمة بـ 47 مليون جنيه.. "الفجر" تكشف تفاصيل جديدة في قضية فساد منافذ جمعيتي