بوابة الوفد:
2025-02-22@20:36:01 GMT

أكتوبر.. حكاية وطن

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

لكل وطن حكاياته؛ ورغم أن حكايات النصر والفخر كثيرة فى التاريخ المصرى قديما وحديثا، يبقى نصر أكتوبر المجيد حكاية خاصة فى وجدان كل مصرى وعربى، حكاية إرادة وفخر، ونصرا مبين مهما تصاعدت محاولات التشويه والتقليل، خاصة مع مرور 50 عاما على النصر المبين.

آخر محاولات التشويه المستمرة فيلم «جولدا»، للمخرج الإسرائيلى جاى ناتيف، وإنتاج منصة «نتفليكس»، وعلى عكس البعض لا أرى الفيلم اعترافا إسرائيليا بالهزيمة أو أنه تناول نصر أكتوبر بعيون المنهزمين، بل أراه حاول حتى النهاية الحفاظ على صورة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل وأحد رموزها التاريخية من جانب، وإظهار إسرائيل انها لم تهزم، وأن الدولة العبرية كانت قريبة من العودة للنصر عبر الثغرة.

 

بشكل عام لا أثق فى الروايات الإسرائيلية؛ فالدولة الإسرائيلية قامت على صناعة الوهم، وترسيخ المعتقدات الزائفة عن الدولة التى لا تقهر، جنة الله فى الأرض لشعبه المختار. الروايات والتوثيق الأهم لحرب أكتوبر هى رواية القادة العسكريين والمؤرخين المصريين، وعلى رأسهم المفكر الكبير الدكتور جمال حمدان- الذى أعود إلى كتابه المهم 6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية فى هذا الوقت من كل عام- يتناول حمدان تحديدا الثغرة، التى أطلق عليها «عملية التسلسل»، حيث يذهب إلى أن الهدف منها «نصرا دعائيا ونفسيا وسياسيا داويا، مهما يكن كاذبا أو وهميا، يرفع الروح الإسرائيلية المعنوية المنهارة فى الداخل، ويغطى على سمعتها العالمية التى تحطمت، ومن الناحية الأخرى يطغى على الانتصار المصرى الحقيقى ويشوهه فى نظر العالم، إلى جانب تأثيره العكسى وانعكاساته الضارة على مصر والعرب». هكذا كان ولا يزال هدف الثغرة؛ التشكيك الدائم فى نصر أكتوبر، وهو ما حمله مضمون فيلم «جولدا».

الكتاب الذى ظهرت طبعته الأولى عام 1974، فى الفصل الخامس منه وجاء تحت عنوان «النصر لمن؟».  يرد حمدان على كل الادعاءات الماضية والحالية والمستقبلية والتى تزعم التشكيك فى نصر أكتوبر المبين، فى حيثيات حاسمة لا تحتمل اللبس أو التأويل، يذهب حمدان إلى أن «العدو بعد أن خسر المعركة العسكرية، وقبل أن تبدأ المعركة السياسية، فقد أدار معركة دعائية داوية على مستوى العالم فى هستيريا محمومة، مكابرة، ومريبة ليشوه، بل ليسرق بها انتصارنا وليزيف لنفسه انتصاراً موهوماً منتحلاً، وخلاصة هذه الحملة الدعائية هى أن العدو لم يهزم والعرب لم تنتصر، بل أكثر من هذا ان العرب هى التى هزمت، بل الأكثر منه أن إسرائيل قد سجلت نصراً عسكرياً أكبر وأعظم من انتصارها الساحق فى 1967، وأن العرب بالمقابل تلقوا هزيمة عسكرية أكبر وأفدح من هزيمتهم فى 1967». وهذا هو دأب إسرائيل من آن لآخر والدليل الأبرز على ذلك إثارة الجدل كل فترة حول الراحل أشرف مروان. 

لعل السبب الأبرز هو ما فنده حمدان فى أسباب ثلاثة، أهمها من وجهة نظرى وأتفق معه تماماً، هو أن التشكيك فى نصر أكتوبر 1973 إنما يلقى بظلاله وانعكاساته على صميم الوجود والكيان الإسرائيلى ذاته، والسعى من وراء ذلك لإنقاذ فكرة الأمن الإسرائيلى وهيبة القوة الإسرائيلية التى لا تقهر، وصورة إسرائيل فى العالم، وتحديدا العالم العربى، فإسرائيل وفق حمدان بنت وجودها كله على مبدأ القوة الرادعة الساحقة، وأسطورة التفوق العسكرى المطلق، لا يمكن أن تسمح لنفسها أو أن يسمح لها بأن تهزم. الخلاصة التى انتهى إليها حمدان هى أن حرب السادس من أكتوبر أدت إلى انهيار نظرية الأمن الإسرائيلى ووهم التفوق التكنولوجى، والأهم وهم العدو الذى لا يقهر.

ومن أكتوبر 1973 إلى أكتوبر 2023، هناك حكاية جديدة للوطن، لا تقل أهمية عن سابقتها، حكاية عقد من السنوات، لكنه أيضاً عقد من التحديات والإنجازات؛ ومثلما جسدت ملحمة أكتوبر 1973 إرادة المصريين، تخطيطاً، وتنفيذاً، فإن حكاية الوطن أكتوبر 2023 تجسد ملحمة عشر سنوات من الحرب على الإرهاب، والتنمية، والبناء، والعمران. 

حكاية وطن أكتوبر 2023 تنتظر كتابة فصل جديد فى ديسمبر من خلال مشاركة واسعة من عموم المصريين فى الانتخابات الرئاسية، وتأكيد الثقة فى المسار؛ مشروع دولة يونيو الوطنية الذى توافقنا واجتمعنا عليه جميعاً فى الميادين يونيو 2013، ثم الانتخابات الرئاسية 2014. وإذا كانت الظروف قد شاءت ألا يكتمل مشروع أكتوبر 1973 الذى انتهى باغتيال الرئيس الشهيد محمد أنور السادات. فبفضل الله وتوفيقه، وإرادة والتفاف المصريين سوف يكمل مشروع دولة يونيو الوطنية عبوره إلى الجمهورية الجديدة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أكتوبر حكاية وطن حكايات النصر نصر أكتوبر المجيد نصر أکتوبر أکتوبر 1973

إقرأ أيضاً:

حكاية المستثمر الخارجي

 

 

د. ابراهيم بن سالم السيابي

 

في إحدى أسفاري، تعرفتُ على أحد المستثمرين من إحدى الدول، وكان هذا المستثمر يحمل في جعبته أفكارًا طموحة وأهدافًا واضحة، وبعد حوار طويل، كشف لي عن رغبته وشغفه لاستكشاف الفرص الاستثمارية في عُمان؛ حيث أبدى اهتمامًا عميقًا بالأسواق المحلية والمناطق الواعدة التي تحمل إمكانيات كبيرة للنمو.

بناءً على الحوار الذي دار بيننا وكنت قد بدأت أشرح له حال البلد، وما هي المقومات الجاذبة، مثل الوضع الاقتصادي وفرص الاستثمار بالسلطنة، بل أنني ذهبت أبعد من ذلك فقدمت له دعوة إلى السلطنة ليرى عن قرب ما يقدمه السوق المحلي من فرص استثمارية واعدة، وكعادة المستثمرين وأصحاب المال فإنهم يقرأون كل شاردة ورادة عن البلدان التي لديهم النية لوضع أموالهم والاستثمار فيها، ونحن مع الأسف البعض منا وربما بدون قصد يكتب والآخر يتحدث وينشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن البيروقراطية وبطء الإجراءات الحكومية وما قد يواجهه المستثمرون من أنظمة وإجراءات في سبيل إنجاز وتخليص الموافقات والمعاملات، ودون أن ندرك بأننا بهذا الفعل قد نضر ببلادنا وقد نضيع عليها فرص استثمارية ممكنة، فحاولت أن أقنعه بأن الأمر ليس كما يظن وأن هناك جهات معنية تقوم بجهد كبير في هذا الموضوع ووعدته بمرافقته وإرشاده لكيفية تخليص معاملاته وجعل الأمور تسير بشكل أسرع وأكثر سلاسة وعليه ألا يحمل هم هذا الجانب.

وبعد لأن اطمأن مبدئيا على الأقل، عرض علي بالمقابل الشراكة إذا رغبت في الأمر في حالة أنه قرر المضي قدما في موضوع الاستثمار، وبعد انتهاء رحلتنا توادعنا على أن يكون بيننا باب التواصل، وبعد مرور زمن لا بأس به وكان من جانبي مليء بالأمل والترقب، وبعد أن كنت قد فقدت الأمل في شراكة كانت في الأفق، تلقيت منه اتصالا لرغبته لزيارة السلطنة والقيام بزيارات ميدانية والوقوف على فرص الاستثمار، وبعد زيارة لعدة أيام، عاد المستثمر إلى بلاده وقد بدا بالفعل التحضير لمشروع الاستثمار، وكان يفكر كما أخبرني في مشروع توريد بعض المنتجات من مصانع بلاده تتعلق بأغراض مختلفة وهذه المنتجات عليها طلب متزايد مثل المواد الغذائية والأثاث ومواد البناء بل أنه يفكر في إقامة أكثر من مشروع بالسلطنة بما يتوافر فيها من مصادر ومن مواد خام، وبدا واضحا بأن هذا التعاون سيعود بالنفع على جميع الأطراف، وشخصيا من خلال ما عرض علي من سيرة ذاتية وعلاقات كنت أرى أمامي فرصة جيدة، ليست فقط لشراكة تجارية واقتصادية فحسب، ولكن أيضًا لبناء علاقات طويلة الأمد وقد تسهم في زيادة الناتج المحلي والقيمة المضافة المحلية وتدعم بشكل غير مباشر الاقتصاد الوطني.

لكن، كما هي الحياة دائمًا مليئة بالمفاجآت، جاء الموت ليُغيِّب صاحبنا فجأة، ويضع حدًا لهذه الفرصة، فقد فاجأني بشكل غير متوقع نبأ وفاته عن طريق الصديق الذي عرفني عليه، ليترك خلفه العديد من الأحلام التي لم تتحقق، والأفكار التي لم تترجم إلى واقع، كما أنني فقدت شخصًا كان قد أصبح صديقًا لي في فترة زمنية قصيرة، وأيضًا فقدت فرصة لشراكة استثمارية محتملة، وكذلك فقدت محاولة متواضعة مني في جذب أحد المستثمرين إلى السلطنة.

ولا شك أن الاستثمار الخارجي يمثل إحدى الأدوات المُهمة في الاقتصاد؛ فدخول الأموال والمواد الخام والتكنولوجيا والخبرات الخارجية إلى السوق المحلية، يحقق نقلة نوعية في بعض القطاعات وأموال هذا الاستثمار تعزز النمو والحركة التجارية والاقتصادية وتسهم في رفاهية المجتمع.

في الختام، لا شك أن الموت سيُغيِّبُنا جميعًا في يوم ما، فهذه سنة الحياة وهذه نهاية كل حي، لكن هذه التجربة التي لم تكتمل برحيل هذا المستثمر، تُعلِّمُنا أن الحياة مليئة بالفرص التي قد نفقدها في لحظة غير متوقعة ولأسباب مختلفة، ولكن علينا أن نسعى إلى إيجاد فرص أخرى، ولا شك بأن السلطنة بيئة استثمارية مواتية لما تملكه من موقع جغرافي، وثروات طبيعية، وبنية أساسية، وأنظمة وقوانين محفزة للاستثمار، واستقرار سياسي، بالإضافة إلى اهمية زيادة الاتفاق الحكومي الذي لا نختلف بأنه أحد أهم مصادر تنشيط السوق المحلي ورفع القوة الشرائية على الأقل في الوقت الحالي، علينا كذلك العمل على تمكين ريادة الأعمال والسعي إلى جلب الاستثمارات الخارجية لأنها قد تكون الحل الأمثل للتنمية الاقتصادية المستدامة وتنويع مصادر الدخل والمساهمة في خلق فرص التوظيف ورفاهية المجتمع، ولكن علينا في المقابل عندما يتعلق الأمر بهذه البلد العزيز، الحذر، واختيار المفردات المناسبة لما نقول أو نكتب حتى تبقى السلطنة بيئة جاذبة للاستثمار وعلينا كذلك العمل بخطوات متسارعة على إيجاد منظومة عمل تتسم بصفة تسهيل وتبسيط الإجراءات.

مقالات مشابهة

  • الديهي: هذا ما أرادت حماس إيصاله بتنكيس السلاح الإسرائيلى
  • «بنت سمير ودلال».. دنيا سمير غانم موهبة فطرية ونجاح من أول لحظة
  • مسلسل عايشة الدور في رمضان.. حكاية مطلقة وأم لطفلين تنقلب حياتها بسبب ابنة شقيقتها
  • حكاية المستثمر الخارجي
  • بدء العد التنازلي للنسخة الثالثة من مبادرة كل يوم حكاية.. رمضان 2025
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • الاحتلال الإسرائيلى يوافق على استبدال 7 أسرى فلسطينيين بآخرين بعد رفضهم الخروج من السجن إلى الإبعاد
  • مسلسل «ظلم المصطبة» يرصد سطوة التقاليد العرفية في الريف
  • «ياسمين»: «لم أفقد الأمل» وأتمنى عدم عودة الهجمات على قطاع غزة
  • طالبات مدرسة ثانوية بقنا يوفرن مصروفهن لشراء هدايا رمزية لمعلم بلغ سن المعاش