الوجه الآخر للاحتفال بنصر أكتوبر
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
خمسون عاما تحتفل مصر بذكرى الانتصار العسكرى فى أكتوبر المجيد، ولم تتطرق الاحتفالات إلى الانتصار الاقتصادى والاجتماعى الذى كان السبب الرئيسى للنصر العسكرى، خمسون سنة من التحليلات العسكرية والتباهى بها دون إشارة من قريب أو من بعيد للانتصار الأقوى وهو الانتصار الاقتصادى والاجتماعى الذى تجرعنا جميعا مرارة افتقاده فور انتهاء الحرب وبدء الغرب والعدو فى التخطيط لكسر اقتصادنا وسرقة هويتنا وانتماء الشعب وولائه وتلاحم إرادته فى تحدى الظروف الصعبة مع الإرادة السياسية، والذى اربك العدو والدول الغربية التى لم تستطع جر مصر للخضوع لقراراتهم، لقد كان انتصارا فى مواجهة الظروف المعاكسة وضعف التنمية وتراجع مستوى المعيشة، كان انتصارا للتحدى فى مواجهة محاولات الخضوع من قبل دول الغرب وأمريكا، فلا يمكن النظر إلى اقتصاد 73 بمعزل عن السنوات التى سبقتها، فالاقتصاد المصرى كان يتجه بخطى واثقة إلى الأمام وحقق نموا حقيقيا زاد على 6% بحلول 1965 وارتفع معدل الاستثمار إلى حوالى 18 % من الناتج المحلى الإجمالى بدلا من 12% فى نهاية الخمسينيات وزاد نصيب الصناعة فى الصادرات إلى 25% بدلا من 18% وزادت العمالة الصناعية أكثر من ضعف الزيادة فى إجمالى القوى العاملة وهذه الزيادة لم يعرفها الاقتصاد المصرى منذ عهد محمد على، ورغم أن مصر واجهت ظروفا بالغة القسوة والخطورة من انخفاض معدل النمو إلى3% وتدهور المرافق العامة والبنية الأساسية وتراجع مستوى المعيشة وانخفاض الأجور وتدهور ميزان المدفوعات نتيجة حرب 67 التى فرضت على مصر طريقا غير الذى كانت تخطط له، رغم ذلك كله فإنه حتى وفاة عبدالناصر لم تتجاوز ديون مصر مليارا و300 مليون دولار، وهى نسبة لا تتجاوز 25 % من الناتج القومى الإجمالى فى حين قفزت الديون بعد ذلك لتصل اليوم إلى أكثر من 85% من الناتج القومى الإجمالى رغم انتهاء الحرب وسط كل تلك الظروف، اتخذت مصر قرار الحرب وتلاحمت إرادة الشعب مع الإرادة السياسية ومع القوات المسلحة، فشارك الشعب بأكمله فى الانتصار فاكتتب الشعب فى سندات الجهاد ورغم حالة الحرب واحتلال جزء كبير من الأراضى المصرية، فإن الاقتصاد كان مستقرا ولم تتجاوز الزيادة فى السلع الاستهلاكية 2% للجملة و4% للقطاعى كانت الحرب على الجبهة، وكان القطاع العام فى حرب إنتاج داخلية لتوفير احتياجات المعركة واحتياجات الشعب وقتها بل والتصدير للخارج، كانت بيجامات المحلة المقلمة أزرق وبنى فى كل بيت وثلاجات إيديال وسخانات المصانع ومنتجات قها عبر منافذ صيدناوى وبنزايون وعمر أفندى وهانو وبيع المصنوعات كانت الصناعة المصرية فخر العالم، لابد عند تحليل انتصارات أكتوبر العسكرية عمل تحليل موازٍ للانتصار الاقتصادى والاجتماعى والذى ابتلينا فيه بهزيمة ساحقة بعد الانفتاح العشوائى فى أعقاب حرب أكتوبر، وتغيرت طبيعة المجتمع المصرى المنتج زراعيا وصناعيا إلى النمط الاستهلاكى الذى نعانى تبعاته جميعا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوجه الآخر نصر أكتوبر أكتوبر المجيد
إقرأ أيضاً:
البرهان: الحرب أنهكت الشعب ولا بد من مواصلتها !!
هذا الصباح وقعنا في رزيئين (بمعنى بلوة ومصيبة وكفوة دبل)..! الأولى هي أن البرهان أو هذه الآفة التي حلت بالسودان في هيئة إنسان..قال في خطابه وبعضمة لسانه: (الحرب أنهكت الشعب السوداني وأفقرت عدداً كبيراً منه)..!!
الحرب أنهكت الشعب السوداني وأفقرته..لكن البرهان يقول في ذات الخطاب انه سيواصل الحرب التي أنهكت السودانيين وأفقرتهم حتى النهاية..ولا سبيل ولا تفكير في أي تفاوض أو هدنة (هكذا قال)..!
يعني سوف تستمر الحرب التي أنهكت الشعب وأفقرته..ولو أفضت إلى مزيد من الإنهاك والإفقار..!
هذا هو الرجل الذي وضعته ملابسات التدابير المُجرمة والترتيبات الرديئة و(الحظوظ العواثر) في مقاليد الأمور ليقرر في مصائر السودانيين وحياتهم ومستقبلهم وحربهم وسلمهم..!
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا / صروف الليالي والجُدود العواثر
فصرنا أحاديثاً..وكنّا بغبطةٍ / كذلك عضّتنا السنون الغوابر
طبعاً يحاول البرهان تخفيف ما جرى للسودانيين من حربه وانقلابه (الحرب والانقلاب في حقيقة الأمر من صناعة الكيزان وما هو إلا بيدق يرتدي شارة الجنرالات مع انعدام مؤهلات ارتدائها)..انه يحاول التخفيف من ويلات الحرب بقوله إنها أنهكت السودانيين..(أنهكتهم..أم قتلتهم قتل الضأن)..؟!
كل هذه المقتلة مجرد إنهاك..؟! عشرات الآلاف ومئاتهم قتلى في العراء وخارج المدافن ومئات الآلاف مصابين وعاجزين..وأكثر من 12 مليون مشرد مع تدمير كامل للمساكن والمرافق والدور والجسور وأكثر من 20 مليون شاب وصبي وطفل خارج التعليم..والبلاد على شفا التمزق والانشطار..والجوعي في مكان..كل هذا مجرد إنهاك..!
(الحرب أنهكت السودانيين لهذا لابد من مواصلتها) هذا هو معنى الجملة التي قالها..فهل من تفسير آخر يسعفنا به السادة الخبراء والمستشارين..!
الرزيئة الثانية أو (الكفوة الثانية) باختصار..أن سفيراً عريقاً من المتابعين لمجريات الأحوال ومن شهودها..كتب يدعو إلى (فتح حوار حول إعادة بناء الدولة السودانية) وبعد توضيح مطوّل لدعوته..قال انه يتمنى أن يقوم بهذه المبادرة السيد وزير الإعلام الجديد خالد عويس ليبتدر بها عهده)..!
أولا نحن تعتذر للأستاذ "خالد عويس" الصحفي الكبير..فهو ليس وزير الإعلام الجديد الذي قام بتنصيبه انقلاب البرهان..وحاشا أن يكونه.! خالد عويس رجل وطني مهني نظيف مثل (الدبلان الأصلي) ولا يقبل يتلوث بأن يكون بوقاً للطغيان وحرب العار..!
إذاً وزير الإعلام الجديد الذي قام البرهان بتعيينه من باب المكافأة على "تظاهرة الرعاع في لندن" هو الذي سيبدأ عهده الجديد السعيد بهذه المبادرة حتى تفضي (إلى عمل يقود السودان للاستقرار والنماء)..على حد تعبير الكاتب الدكتور السفير....اللهم غفرانك..!
أمس قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين (يان إيغلاند) لوكالة "فرانس برس" (إن السودان يشهد منذ أبريل 2023
حرباً مدمّرة أوقعت عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص؛ وهذا البلد يتجه نحو مجاعة بدأ عدّها التنازلي مع تجاهل قادة العالم لأكبر أزمة إنسانية على هذا الكوكب واكبر أزمة جوع وأكبر أزمة نزوح..في حين أن المساعدات الإنسانية تقتصر على مجرد "تأخير الوفيات")..! انتهي
هل العالم الخارجي وحده الذي لا يبالي يا شيخنا...؟! أم أيضاً بعض مواطنينا النجباء..!
الله لا كسّب أنصار الحرب ومسعرّيها والمشاركين فيها و(النافخين في كيرها) وكل من يدعو لمواصلتها تحت أي حجة وذريعة..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com