قم للمعلم وفه التبجيلاً، كاد المعلم أن يكون رسولاً»، كلمات قليلة عبر بها الشاعر عن فضل المعلم ومكانته كى يوفر علينا كتابة كتب ومقالات لن توفى المعلم حقه، ولم لا والمعلم هو أساس العملية التعليمية، هو رأس الخيمة وبدونه لا تكتمل أبداً العملية التعليمية ولا تبدأ من الاساس، لأن أساس التعليم هو المعلم الذى سينقل العلم لطالب العلم الذى سيبنى وطنه مستقبلا بناءً مبنيا على علم نقله من معلمه، والمعلم الحق هو صانع الأجيال وهو أكثر مؤثرًا فيها ولولا وجود المعلم لما كان للعلم مكانة ولظلت الإنسانية غارقةً فى جهلها، لذلك فهو صاحب الفضل الأكبر فى تطور الأمم وتقدمها ونهضتها.
من أجل ذلك نجد العالم كله يحتفل فى 5 أكتوبر من كل عام بيوم المعلم، لأن العالم مؤمن بدور المعلم وفضله فى بناء المجتمع والتقدم بالاوطان ونهضتها، ومهما تعددت الوظائف فى المجتمعات سيظل المعلم هو الاهم، لأن بدونه ما كان هناك طبيب ولا قاضٍ ولا محامٍ ولا كاتب ولا مهندس والسبب بسيط وهو أن كل هؤلاء وغيرهم لم يصبحوا فى هذه الوظائف الا بعد أن تعلموا على يد معلمهم الذى غرس بداخلهم العلم الذى أهلهم لهذه الوظائف، فأجادوا فيها وساهموا فى تقدم ونهضة مجتمعهم، ولأجل ذلك يجب أن يكون للمعلم شأن عظيم ومكانة مرموقة بين طلابه وأفراد مجتمعه.
فالمعلم اساس المجتمع الناجح لذلك يجب علينا اعطاؤه كامل حقوقه، فمن حق المعلم علينا كمجتمع أن يكون مؤهلاً تأهيلاً كاملا لأداء رسالته التربوية على أفضل وجه، وحصوله على راتبه الذى يستحقه للعيش بكرامة، ورفع مستوى أدائه وتطويره عن طريق البرامج التدريبية المستمرة، واطلاعه على كلّ ما هو جديد فى مجال التعليم والمناهج، وتدريبه على استخدام التقنيات التعليمية الحديثة والمتطورة.
توفير الأمن والرضا الوظيفى للمعلم مهم جدا له ولاسرته؛ نظرا لاهمية الدور الذى يقوم به المعلم فلولا المعلم ما كانت هناك عملية تعليمية ولا كان بيننا المهندس والطبيب والعالم وغيرهم من المهن التى تتقدم بها المجتمعات.
وبهذه المناسبة التى تحل علينا كل عام اسمحوا لى أن اتقدم بتحية وفاء وعرفان لكل من حمل مشعل العلم من أجل إنارة العقول، تحية لكل من حفظ أمانة التعليم وصدق فى أداء رسالته السامية تجاه ابنائنا، تحية لكل معلم تحمّل الصعاب كى نبنى هذا الوطن..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المعلم العملية التعليمية العالم
إقرأ أيضاً:
الإيمان والعلم
الإيمان والعلم يتكاملان ولا يتناقضان، وصحيح العقل لا يتناقض مع صحيح فهم الشرع، فبالعلم نصل للإيمان، حيث يقول الحق سبحانه: «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، ويقول سبحانه: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ»، والإيمان يحثنا على طلب العلم، حيث يقول الحق سبحانه: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن فى السَّمواتِ ومن فى الأرضِ، حتَّى الحيتانِ فى الماءِ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ».
كما أنه لا تناقض بين الإيمان والعلم على الإطلاق، فالعلم قائم على الأخذ بالأسباب، والإيمان يدعونا إلى الأخذ بأقصى الأسباب، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) يقول: «لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق» ويقول: اللهم ارزقنى، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وحتى فى حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا»، قال أهل العلم وشراح الحديث: إن الطير تأخذ بالأسباب، فتغدو وتروح، ولا تقعد فى مكانها وتقول: اللهم ارزقنى.
ونقل بعض الرواة أن أحد الناس خرج فى تجارة فلجأ إلى حائط بستان للاستراحة فيه، فوجد طائرًا كسير الجناح، فقال: يا سبحان الله ما لهذا الطائر الكسير كيف يأكل؟ وكيف يشرب؟ وبينما هو على هذه الحال إذا بطائر آخر يأتى بشىء يسير من الطعام فيضعه أمام الطائر كسير الجناح، فقال: يا سبحان الله، سيأتينى ما قسمه الله لى، فقال له صاحبه: كيف رضيت لنفسك أن تكون الطائر المسكين الكسير مهيض الجناح؟ ولم تسع لأن تكون الطائر الآخر القوى الذى يسعى على رزقه ويساعد الآخرين من بنى جنسه، وقد قال أحد الحكماء: لا تسأل الله أن يخفف حملك، ولكن اسأله سبحانه أن يقوى ظهرك.
ويقول الحق سبحانه: «فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور»، ولم يقل اقعدوا وسيأتيكم الرزق حيث كنتم، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «تَدَاوَوْا فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ»، ولم يقل أحد على الإطلاق إن الدعاء بديل الدواء، إنما هو تضرع إلى الله (عز وجل) بإعمال الأسباب التى أمرنا سبحانه وتعالى بالأخذ بها لنتائجها.
ولم يقل أحد على الإطلاق من أهل العلم إن الفقه بديل الطب بل إن الفقه الصحيح يؤكد أن تعلم الطب من فروض الكفايات، وقد يرقى فى بعض الأحوال إلى درجة فرض العين على البعض.
ونؤكد أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه، وأن الأولوية لأحدهما ترتبط بمدى الحاجة الملحة إليه، فحيث تكون حاجة الأمة يكون الثواب أعلى وأفضل ما صدقت النية لله (عز وجل).
وعلينا ونحن نأخذ بأقصى الأسباب ألا ننسى خالق الأسباب والمسببات، مَنْ أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، فنجمع بين أسباب العلم وأسباب الإيمان معًا، مؤكدين أنه لا تناقض بينهما بل الخير كل الخير والنجاء كل النجاء أن نحسن الجمع بينهما والأخذ بهما معًا.
الأستاذ بجامعة الأزهر