لستُ أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معاً ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يوماً من أهم وأخطر، بل وأعظم وأمجد، أيام تاريخنا. وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكى نتفاخر ونتباهى، ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلِّم أولادنا وأحفادنا، جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقَّه.. مرارةَ الهزيمة وآلامَها، وحلاوةَ النصر وآماله.

نعم سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقصَّ ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، ذلك كله سوف يجىء وقته، وأظنكم توافقوننى على أن لدينا اليوم من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لى أن أتوقف قليلاً وأنا أعلم أن بكم شوقاً إلى سماع الكثير فإننى أقول ما يلى: أولاً: فيما يتعلق بنفسى فقد حاولت أن أفى بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه.

عاهدت الله وعاهدتكم على أن نُثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناء فى تاريخنا وليست قاعدة، وقد كنت فى هذا أصدر عن إيمان بالتاريخ يستوعب (7000) سنة من الحضارة ويستشرف آفاقاً أعلم علم اليقين نضال شعبنا وأمتنا لبلوغها والوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى، عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يُسلِّم أعلامه إلى جيل سوف يجىء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها، عزيزة صواريها، وقد تكون مخضبة بالدماء، لكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة.

لقد كان كل شىء منوطاً بإرادة الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة، وما كنا لنستطيع شيئاً، وما كان أحد ليستطيع شيئاً لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة، لقد كان الليل طويلاً وثقيلاً ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر، وإنى لأقول بغير ادعاء إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطاً، وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فوراناً وإنما كانت ارتفاعاً شاهقاً، لقد أعطى شعبنا جهداً غير محدود، وقدم شعبنا تضحيات غير محدودة، وأظهر شعبنا وعياً غير محدود، وأهم من ذلك كله، أهم من الجهد والتضحيات والوعى، فإن الشعب احتفظ بإيمانه غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة والهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسئوليتى وقبلت راضياً بما شاء الله أن يضعه على كاهلى، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه.

إن قواتنا المسلحة لم تُعطَ الفرصة لتقاتل عام 1967، إن هذه القوات لم تُعطَ الفرصة لتحارب دفاعاً عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها، ولكن أرهقتها الظروف التى لم تعطها الفرصة لتقاتل. ولقد شاركت مع جمال عبدالناصر فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة، ثم شاءت لى الأقدار أن أتحمّل مسئولية استكمال البناء ومسئولية القيادة العليا لها. إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى، لقد أعطت نفسها بالكامل لواجبها، استوعبت العصر كله تدريباً وسلاحاً، بل وعلماً واقتداراً، وحين أصدرتُ لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وأن تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها، إن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركتها السريعة، ولستُ أتجاوز إذا قلت إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973، حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياح خط بارليف المنيع، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه، كما قلت، فى ست ساعات.

لقد كانت المخاطرة كبيرة والتضحيات عظيمة، ولكن النتائج المحققة لمعركة 6 أكتوبر خلال الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة، فقدَ العدو المتغطرس توازنه إلى هذه اللحظة، استعادت الأمة الجريحة شرفها، تغيرت الخريطة السياسية للشرق الأوسط.

وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً، وبعض الاعتزاز إيمان، فإن الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا، وباسم هذا الشعب وباسم هذه الأمة، ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة، ثقتنا فى قيادتها التى خططت، وثقتنا فى ضباطها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم. ثقتنا فى إيمان هذه القوات المسلحة، وثقتنا فى علمها، ثقتنا فى سلاح القوات المسلحة، وثقتنا فى قدرتها على استيعاب هذا السلاح. أقول باختصار إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف أنه قد أصبح له درع وسيف.

* من خطاب الرئيس السادات

أمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبر 1973 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر القوات المسلحة هذه الأمة

إقرأ أيضاً:

“حزب الأمة يطالب بحماية المدنيين بعد إعدامات ميدانية في الحلفايا”

أدان حزب الأمة القومي، ما وصفه بالجريمة البشعة، وقال إنه يذكر القوات المسلحة بتعهداتها المعلنة باحترام القانون الإنساني الدولي والالتزام بتطبيق القانون والعدالة..

التغيير: الخرطوم

طالب حزب الأمة القومي قيادة القوات المسلحة السودانية بحماية المدنيين على خلفية مقاطع مروعة بثتها مجموعة ترتدي الزي العسكري للقوات المسلحة، تُظهر إعدامات ميدانية لعشرات المواطنين بمنطقة الحلفايا ببحري.

وقال الحزب عبر تصريح صحفي، الثلاثاء، إن المقاطع المصورة أظهرت إعدامات ميدانية لعشرات المواطنين بمنطقة الحلفايا ببحري، عقب دخول القوات المسلحة إليها بحجة التعاون مع الدعم السريع.

ووصف حزب الأمة القومي الحادثة بالوحشية، وأكد أنها تخالف الأخلاق والدين والقانون الإنساني الدولي.

وأدان الحزب ما وصفه بالجريمة البشعة، وقال إنه يذكر القوات المسلحة بتعهداتها المعلنة باحترام القانون الإنساني الدولي والالتزام بتطبيق القانون والعدالة.

وأكد الحزب أن ما حدث يشكل وصمة عار سوداء تتحمل مسؤوليتها القوات المسلحة المعنية بحماية المدنيين وفق الأعراف والقوانين.

ولفت إلى أن مثل هذه الجرائم بحق المواطنين، والتي ترتكبها مجموعات إرهابية من عناصر النظام البائد، تضع القوات المسلحة أمام مخالفة القوانين والمواثيق الدولية.

وطالب الحزب قيادة القوات المسلحة بحسم مثل هذه الجرائم المروعة والتحقيق العاجل والشفاف فيها وتقديم مرتكبيها للعدالة والالتزام بحماية المدنيين.

وكانت مصادر كشفت من أحياء الحلفايا – شمالي العاصمة السودانية الخرطوم- أن عناصر من الجيش وكتائب البراء بن مالك المتحالفة معه، أقدمت على إعدام عشرات الشباب المدنيين من سكان منطقة الحلفايا رمياً بالرصاص باعتبارهم متعاونين مع قوات الدعم السريع، دون محاكمة.

ومنذ بداية النزاع المسلح في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهدت البلاد  انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من قبل الطرفين.

ويتهم الجيش قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال عنف واسعة النطاق ضد المدنيين، بما في ذلك القصف العشوائي للمدن والمناطق السكنية، مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين.

من جانبها، تتهم قوات الدعم السريع الجيش بارتكاب انتهاكات مشابهة، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة  وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.

وتسود أجواء من عدم الثقة بين الطرفين، ويخشى المجتمع الدولي أن تؤدي هذه الانتهاكات إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتزيد معاناة السكان المدنيين، الذين فقدوا الكثير من حقوقهم الأساسية في الأمان والحماية.

الوسومالجرائم والانتهاكات الجيش جرب الجيش والدعم السريع حزب الأمة القومي

مقالات مشابهة

  • قائد أول دبابة تعبر «خط بارليف»: دمرنا 4 دبابات ونقلنا أخرى حديثة لدراستها في أول ساعات الحرب
  • خامنئي .. ما قامت به قواتنا المسلحة هو الحد الأدنى من العقاب مقابل الجرائم الإسرائيلية
  • ما قامت به قواتنا المسلحة هو الحد الأدنى من العقاب مقابل الجرائم الإسرائيلية
  • المرشد الإيراني: ما قامت به قواتنا المسلحة هو الحد الأدنى من العقاب مقابل الجرائم الإسرائيلية
  • اقتحمناه في 4 ساعات.. اللواء محمد فكري: معركة جبل المر أصابت العدو بالذعر
  • المتحدث العسكري: المدفعية المصرية كانت مفاجأة قاسية للعدو على طول الجبهة في حرب أكتوبر المجيدة
  • اللواء الغباري يكشف كواليس 6 أكتوبر: السادات وحد الشعب خلف الجيش لتحقيق النصر
  • المتحدث العسكري: حرب أكتوبر المجيدة كانت تجسيدًا لمساندة الشعب المصري لقواته المسلحة في فترة عصيبة من تاريخ الوطن
  • “حزب الأمة يطالب بحماية المدنيين بعد إعدامات ميدانية في الحلفايا”
  • حزب الأمة يتهم الجيش السوداني