أبناء العريش أفشلوا مخططات إسرائيل لبسط سيطرتها على المدينة
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
بطولات خاصة خاضها أبناء مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء ضد العدو، كان لها أكبر الأثر فى استنزاف جهده وعرقلة حركته ومنعه من بسط نفوذه على قبائل سيناء، والأهم هو إفشال مخطط الحكومة الإسرائيلية وقتها فى نشر ثقافتها وطبع بصماتها بين أهالى شبه جزيرة سيناء.
إيهاب يوسف البيك، محامٍ من أهالى العريش، تحدّث عن دور والده فى تلك الفترة الحرجة والحاسمة من عمر الوطن، قائلاً: «كان والدى رئيس بلدية العريش من عام 1969 حتى بدايات عام 1975، وهو منصب يعادل المحافظ فى الوقت الحالى، وقد عمل أهالى العريش فى اتجاهات عدة، الأول هو عدم التعامل بالعملة الإسرائيلية، وعدم دخول أبنائهم المدارس، بترتيب مع المخابرات المصرية التى كانت تعطى بعض أتباعها التعليمات، وهم من ينفذون، وأيضاً عدم تسلم وظائف، وهذا أدى إلى مضايقة الإسرائيليين بشكل كبير، خصوصاً أنه تمت مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعدم التعامل مع جنود الاحتلال».
وأضاف «البيك»: «عمل الأهالى فى تلك الفترة على زراعة أشجار بسيطة وخضراوات فى البيوت والأحواش لتحقيق اكتفاء ذاتى من محاصيل مثل الطماطم والباذنجان والشبت والبقدونس والخيار، علاوة على زرع كميات من البرسيم والقمح، والعمل على تربية الدجاج والأغنام». وتابع: «كان القانون الدولى ينص على أن المحتل مسئول عن الإنفاق على بعض مؤسسات الدولة، مثل التعليم والصحة وما شابه، فكانت البلدية تقدم خدمات الطرق والمياه والكهرباء، وكانت الكهرباء تعتمد على محولات ديزل كثيرة الأعطال، وعرض الاحتلال تغييرها، لأنها كانت روسية الصنع، إلا أن والدى رفض، وكان يسافر عبر فلسطين إلى هضبة الجولان فى سوريا لشراء قطع محولات الديزل».
وتابع: «والدى لم يوافق على تغيير المولدات بأخرى إسرائيلية لسببين، الأول حتى تحصل البلدية من المعسكرات الإسرائيلية على مبالغ مقابل الخدمة، وإعفاء المواطنين من دفع رسوم كهرباء للحكومة الإسرائيلية، والأهم أن الاحتلال عاجلاً أم آجلاً كان سينتهى، وحينما يخرج سوف تجبر الحكومة المصرية على إعطائه ثمن المولدات الإسرائيلية كتعويض، وهذا ما حدث حينما بدلت إسرائيل خطوط الكهرباء بعد حرب أكتوبر فى العريش، فقد حصلت على سعرها مضاعفاً».
«البيك»: قاطعوا منتجات الأعداء وعُملتهم.. ومنعوا أبناءهم من الالتحاق بالمدارس لعدم التعامل معهموأضاف «البيك»: «أما بالنسبة للمياه فكانت عبارة عن آبار تم حفرها بتبرعات أهلية ومساعدات من المخابرات المصرية والشباب المقاومين فى كل منطقة بالعريش وضواحيها، وكان هناك تعاون كبير من الأهالى فيما بينهم، حتى أتى انتصار أكتوبر المجيد».
وقال عبدالعزيز الغالى، أحد أبناء العريش، صاحب توثيق بعض الكتب التاريخية لحياة أهالى سيناء، إن أهالى سيناء قاطعوا العملية التعليمية لمدة ثلاث سنوات بسبب الاحتلال، لافتاً إلى أن الأهالى كانوا يعتقدون أن الاحتلال لن يستمر إلا شهوراً، ولكنه استمر 6 سنوات، ولذلك جرى تشكيل مجموعات مقاومة سرية، لاستهداف حافلات الجنود الإسرائيليين، بالتزامن مع بداية حرب الاستنزاف.
وتابع «الغالى»: «كان يجب على الأهالى أن يعملوا على شقين، الأول أن يعمل الشباب فى التجارة مع أهل غزة بعد ثلاث سنوات من الممانعة، لإرغام العدو على الانسحاب من العريش، فكانت التجارة مع الأشقاء الفلسطينيين مستمرة، والشق الآخر هو إسهام الشباب فى إيصال المعلومات، وتجنيد زملائهم للقيام بعمليات استشهادية وقتالية فى العمق».
وقال أحمد الحارون، أحد أهالى العريش ممن عاصروا تلك الفترة، إن أبناء المدينة من بدو وحضر قاطعوا الزواج، موضحاً: «ومن يريد التأكد من ذلك عليه أن يراجع ثلاث سنوات من تلك الفترة، من عام 1967 حتى 1970، لم تكن هناك حالات زواج إلا نادراً، وفى حدود ضيقة، وكل هذا لعدم التعامل مع المحتل، وعمل ترابط أسرى كامل بين الأهالى استعداداً للنصر».
ويلتقط أطراف الحديث محمود سعد، من سكان العريش، قائلاً: «كنت شاباً صغيراً وقتها، وحينها تشكلت مجموعات من المقاومة الشعبية تضع متاريس فى الشوارع الرئيسية لمنع مرور مدرعات وآليات الاحتلال، حتى تطور الأمر بعد ذلك، ليصل لحد رمى الآليات الإسرائيلية بالعبوات الناسفة والقنابل اليدوية التى كان يحصل عليها مجموعة من الشباب الذين كوّنوا منظمة سيناء العربية بالتنسيق مع المخابرات المصرية».
وأضاف «سعد» أن «الشباب كانوا يعرفون مواعيد القطارات التى تأتى من شرق القناة وبئر العبد وبالوظة ورمانة، تحمل جثث الجنود الإسرائيليين، الذين يريدون نقلهم إلى إسرائيل، فكان الشباب يزرعون عبوات ناسفة أسفل عربات القطار».
وقال: «كانت المقاومة تعتمد على شقين، الأول تجنيد الشباب من أهالى العريش فى البدو والحضر، وكانت مجموعة الشباب تعمل على التفجير والمواجهات الليلية ضد جنود العدو، وكانت هناك شبكات أخرى شبابية بالتنسيق مع المخابرات المصرية لتقديم مساعدات للأسر من أهالى العريش فى فترة الصمود، عن طريق أشخاص كانوا يأتون بمبالغ بشكل سرى، وتوزَّع على الأهالى فى صورة مساعدات عينية حتى لا يتمكن الإسرائيليون من استقطاب أحد للعمل معهم، وكانت المجموعة الشبابية تراقب حركات البيوت، وتجند الشباب بشكل يومى، والأعداد كانت تتضاعف يوماً بعد يوم».
«سواركة»: «أبوسبيل» نجح فى جمع معلومات مهمة قبل الحربوقال محمد سواركة، أحد أبناء قبيلة السواركة، إن أحد وجهاء القبائل، ويُدعى عايد أبوسبيل، شكل مجموعات مقاومة واستخباراتية بالتنسيق مع المخابرات المصرية، حيث نجح فى جمع 40% من المعلومات التى اعتمدت عليها الحرب، وسهّلت المهمة على القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر، حسب تقارير المخابرات وقتها، لافتاً إلى أن الرئيس السادات استقبل «أبوسبيل» فى بيته بعد الحرب وأثنى عليه، وقال إنه كان يعادل كتائب حربية، وامتلك عقلاً مفكراً أرهب العدو، دون أن يصلوا إليه أو إلى أحد من رجاله. وتابع «سواركة»: «أسس (أبوسبيل) شبكات عنكبوتية لنقل المعلومات إلى المخابرات المصرية بشكل أعجز إسرائيل، وكانت أخطر الشبكات الشعبية هى شبكات المقاومة المسلحة التى كانت تضرب العمق الإسرائيلى، ونشرت الرعب بين الجنود الإسرائيليين».
وقال الدكتور عبدالعزيز محمود، المهتم بتاريخ أهل سيناء، إن أهم سبب لرفض أهالى سيناء الاعتماد على الكهرباء القادمة من إسرائيل عدم حرمان الجيش المصرى وقت الحرب من المناورات، لأن إسرائيل لو كانت تملك خطوط الكهرباء لفصلتها عن المنطقة وقت الحرب، موضحاً: «فى حالة الحرب كان هناك اتفاق مع المخابرات المصرية على عمل رموز معينة بالإضاءة، وهى ضمن تكتيكات المناورات الحربية».
وقال محمد حجاب، من سكان العريش، إن أبناء المدينة بالتنسيق مع بلدية العريش أقاموا نُصباً تذكارياً أمام مسجد النصر بوسط المدينة للرئيس جمال عبدالناصر بعد وفاته عام 1970، حيث تم إنجازه فجراً. وأضاف: «فى اليوم التالى استدعى الحاكم العسكرى الإسرائيلى رئيس بلدية العريش وقال له ما الذى فعلته؟ أتظن نفسك فى مصر وتقيم نُصباً تذكارياً لـ(عبدالناصر) عدونا، فقال له «البيك»: خذ مدرعاتك واذهب وأزله، (عبدالناصر) رئيسنا ونحن نقدّره، وإن أزلت النصب من الأرض لن تزيله من قلوبنا جميعاً». فيما قال محمد ترابين، أحد أبناء قبائل سيناء، إن إسرائيل كانت تريد كسب تضامن العالم أثناء حرب أكتوبر، بأن تُظهر للعالم أنها دولة ديمقراطية ومظلومة وأن العرب مغتصبون ومعتدون، فكانت تكتب تقاريرها نهاراً، عكس ما تقوم به ليلاً ضد الأبرياء من المدنيين، من قتل وتجريف وحبس للشباب وملاحقة المقاومين وأسرهم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر بالتنسیق مع تلک الفترة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تبحث مهاجمة فصائل موالية لإيران في العراق
قالت هيئة البث الإسرائيلية ، مساء اليوم الخميس 7 نوفمبر 2024 ، إن إسرائيل تبحث مهاجمة فصائل موالية لإيران في العراق، "من أجل الإضرار بالأنشطة الإيرانية هناك"، وذلك في ظلّ ازدياد الهجمات التي نفّذتها مؤخرا.
وأشارت هيئة البث إلى أن "عدد الهجمات التي نفذتها (الفصائل) الموالية لإيران في العراق، ضد إسرائيل، أدّى إلى إثارة جدل بشأن ما إذا كان سيتمّ الهجوم عليها على أراضي البلاد (العراق)، من أجل الإضرار بالأنشطة الإيرانية هناك".
يأتي ذلك فيما تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على العراق، للتحرّك بمفردها ضد هذه الهجمات، والتي ضرب بعضها أهدافًا أميركية في العراق كذلك.
وقال مصدر أميركيّ، إن "على العراق أن يتحرّك، حتى لا تشن الجماعات المسلحة هجمات من أراضيه".
وذكر حزب الله في العراق، في وقت مبكّر من اليوم الخميس، في بيان، مهاجمة "هدفا عسكريا" في إسرائيل، بواسطة الطيران المسيّر.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي المقال من منصبه، يوآف غالانت، أمس الأربعاء، إن الجيش الإسرائيليّ غيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط في غزة وطهران والحديدة والضاحية الجنوبية لبيروت، متباهيا بما قال إنه "إرجاع أعدائنا عقودًا إلى الوراء".
وفي نهاية الشهر الماضي، أوردت تقارير إسرائيلية، أن طهران تخطّط لتنفيذ هجوم على إسرائيل من العراق، خلال أيام من ذلك اليوم، باستخدام مئات المسيّرات والصواريخ البالستية.
المصدر : وكالة سوا - عرب 48