بين الترجمة وإنصاف المترجمين
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
ليس بالإمكان تحديد العلاقة بين الترجمة والمترجمين دون الرجوع إلى تاريخ الترجمة. وتاريخ الإنسانية ولغات البشر. ومنذ أن خلق الله الدنيا وقال في سورة الأعراف: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
فالمقصود بتعارف البشر هو الاتصال فيما بينهم عن طريق التفاهم وتعلم لغات الآخرين والتفاهم فيما بينهم، ومنذ أقدم العصور كانت هناك حركات للترجمة بين لغات الشرق القديمة كالبابلية والآشورية والكلدانية وفيما بغد بين الفارسية والعربية وبين اليونانية والرومانية.
وقبل الحديث عن المترجمين لا بد من بيان أن قضية الترجمة برمتها تتعلق بمفهوم الترجمة أساسًا قبل أن تتفرع إلى تلك التيارات التي تتجاذب أقطاب من يتعاطون هذا العمل. بالنسبة لي أن مهمة المترجم تنحصر في المقام الأول في نقل المعاني والأحاسيس كما وردت في النص الأصلي وكما أحس بها من ألف هذا النص. إن الموضوع يمكن أن ينظر إليه بصورة مختلفة وهي إلى أي مدى استطاع «المترجم» أن يتناول النص المنقول إلى لغته ليس بأمانة فقط، لأن الأمانة واجب مقدس من واجبات المترجم الذي يجب أن يحترم العمل الذي يقوم بنقله إلى لغته. إن ما يطلق عليه ترجمة بتصرف وترجمة المعنى أو»الترجمة الحسناء» لا علاقة لها بالترجمة. كذلك فإن ما يطلق عليه بالترجمة الحرفية ما هي في الواقع إلا نموذج لنوع رديء من الترجمة ناتج عن سوء فهم للمعنى المراد نقله. مع ذلك تقتضي الأمانة توضيح مسألة في غاية الأهمية، وهي أنه مهما أوتي المترجم من قدرة وموهبة وامتلاك ناصية اللغة الأصلية واللغة المنقول إليها، فإنه قد يسيء فهم بعض المعاني والمفردات التي قصدها المؤلف الأصلي. من هنا وردت تلك المقولة الشهيرة المتعلقة «بالمترجم الخائن» وهذا الخائن ربما يكون خائنًا عن غير قصد أو أن يكون خائنًا مع سبق الترصد والإصرار لأنه أراد أن يتصرف بالنص حسبما يراه. وتكون النتيجة هنا تلك الترجمات التي لا تمس العمل الأصلي. كيف تكون هناك ترجمة بتصرف. لنأخذ مثلا لتبسيط الموضوع إلى درجة التسطيح: لو قام مترجم ما وأخذ عملاً أدبيًا مشهودًا وقام بنقله إلى لغة أخرى بادئاً بتغيير الأسماء والأماكن وأجواء العمل وإضفاء عبارات وأفكار لم ترد على بال مؤلف النص الأصلي، وقام بعد ذلك وأطلق على عمله هذا «ترجمها بتصرف فلان». لا أرغب في الاسترسال أكثر من هذا، فالعملية هنا لا تتعلق بالحرفية بقدر ما تتعلق بجودة الترجمة.
بعد هذه المقدمة تلح على المرء صلة الشبه بين الشاعر والمترجم فكلاهما يستخدم اللغة للتعبير عن العمل الذي يقوم به، فالشاعر يقرض الشعر بأنواعه لا ينتظر جزاء ولا شكورًا من أحد. وإن كان في بعض بلاطات الملوك وظيفة يطلق عليها شاعر القصر مهمته تدبيج القصائد قي مدح أولياء نعمته والاحتفال بالأعياد القومية وتدبيج القصائد لهجاء أعداء البلاد أو القبيلة وقي مقابل ذلك يتطلع الى ما سيجود عليه ولي النعمة أو رئيس وشيخ القبيلة من كرم وجود يزيد وينقص حسبما تقع جودة القصيدة في نفسه. حسب قبول القصيدة.
وهناك ثمة شبه كبير بين عمل الشاعر والمترجم في كونه عملاً فرديًا، إلا أنه مع تقدم العصور قد يصبح جماعيًا عندما يعكف المترجمون على إتمام عمل ما كفريق للترجمة. وهنا لا بد لنا من التطرق إلى أنواع الترجمة والمترجمين. فهناك الترجمة التحريرية بمختلف أنواعها الأدبية والعلمية، والترجمة التتابعية والفورية والترجمة المستخدمة في الندوات والمؤتمرات وهناك أنواع من الترجمات العلمية الصناعية المتخصصة. غير أن ما يعنينا في هذا المجال هو ذلك المترجم الفرد غير المحترف كمترجمي العصور الأولى الإسلامية كابن المقفع مترجم كتاب كلية ودمنة عن أصل فارسي أو هندي، إلى أن اهتدى خلفاء بني العباس فأنشأوا في بلاطهم دواوين تعنى بترجمة أعمال الحضارات الأخرى العلمية والفلسفية بشكل خاص من الحضارة اليونانية، ويقال إن الخليقة المأمون ابن الرشيد كان يغدق على المترجمين الذين وظفهم في دار الحكمة. وفي العصر الحديث ما قام به والي مصر في القرن التاسع عشر من تشجيع واهتمام بالترجمة.
في الزمن الراهن هناك شكوى مريرة من قبل بعض المترجمين من عدم إنصافهم وتقديرهم، باستثناء المترجمين الفوريين الذين يتقاضون أجورًا عالية، ولكن للإنصاف تبقى المسألة نسبية وتختلف من دولة إلى أخرى. ففي بعض البلاد تقام مناقصات تحدد على ضوئها تكلفة الترجمة. كأنما هي عملية تجارية. وعلى هذا الأساس فإن المترجمين المحترفين يفرضون تسعيرتهم لتقديم خدمات الترجمة من خلال مكاتبهم بحسب القطعة والصفحة وحتى الكلمة.
وطبيعة النفس البشرية لا ترضى بالقليل وتطمع دائمًا إلى الكثير. ومتى ما آمنا أن الترجمة عمل خلاق فإن الترجمات المتميزة يستحق من قام بترجمتها كل تكريم وسخاء من قبل من يقوم بتكليفهم ترجمة أعمال معينة. فعملية الإنصاف تقتضي تحسين الأجور والتكريم في المناسبات الوطنية اعترافًا بأهمية الترجمة والمترجمين.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
ننشر النص الكامل لقانون السفن التجارية قبل مناقشته بـالشيوخ
كتب- نشأت علي:
يواصل مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرزاق، عقد جلساته العامة، غدًا الأحد؛ لمناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (84) لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية.
وتأتي تعديلات القانون وَفقًا لما نص عليه تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشيوخ، في ضوء التوسع في أسباب اكتساب السفن الجنسيةَ المصرية، بإضافة إيجار السفن غيـر المجهزة (العارية)، أو إيجار السفن غير المجهزة تمويليًّا لشخص طبيعي أو اعتباري مصري، إلى جانب التملك باعتباره سببًا لاكتساب الجنسية المصرية.
وأكد تقرير اللجنة أن الحكومة ارتأت إعداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم (48) لسنة 1949، بشأن تسجيل السفن التجارية بهدف تنمية وتعزيز حجم الأسطول التجاري البحري المصري، بوضع إطار قانوني إجرائي منظم، لتسجيل السفن المستأجرة غير المجهزة تحت العلم المصري، لدفع عجلة التنمية وزيادة الاستثمار البحري.
وأوضح التقرير أن تعديلات القانون تتناسب مع نص المادة (27) من الدستور تنص على أنه: "يهدف النظام الاقتصادي إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر".
ونص التقرير على أن النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيًّا وقطاعيًّا وبيئيًّا، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي، العادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف.
وأشار تقرير اللجنة إلى أنه في ضوء ما تتمتع به مصر من موقع جغرافي فريد، حرصت الدولة على تعظيم دور النقل البحري في خطة التنمية الشاملة لها، وصولاً إلى الهدف المنشود بتحويلها إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات ولتحقيق هذا الهدف لا بد من تنمية وتعزيز الأسطول التجاري البحري المصري من حيث العدد والتطور؛ مما يُسهم في تنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، ويتماشى مع التطور الهائل في الموانئ المصرية، ويحقق النمو الاقتصادي المستهدف.
وأضاف اللجنة أنه في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتعزيز الأسطول التجاري البحري، التي اقتضت التوسع في اكتساب السفن الجنسيةَ المصرية، بحيث لا يقتصر منح الجنسية المصرية على السفن المملوكة لشخص طبيعي أو اعتباري مصري فقط، وذلك من خلال تبني نظام مشارطة الإيجار العقاري والتمويلي لتسجيل السفن تحت العلم المصري، الذي يأتي اتساقًا مــع الاتفاقية الدولية لتسجيل السفن لعام 1986، والتي من شأنها أن تعزز حجم الأسطول التجاري البحري.
وجاء تعديل بعض مواد هذا القانون لتنظيم تسجيل السفن المستأجرة غير المجهزة تحت العلم المصري، بما يعود بالنفع على قطاع الملاحة والتجارة البحرية المختلفة.
اقرأ أيضًا:
ما أقل سعر لبرامج الحج السياحي 2025؟
اضطراب الملاحة وأمطار وبرودة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الـ6 أيام المقبلة
ملاك العقارات القديمة: حكم الدستورية أكد مظلومية الملاك.. وهذه مطالبنا من القانون الجديد
معهد الفلك يكشف موعد شهر رمضان 2025.. وعدد الأيام المتبقية
مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرزاق قانون السفن التجاريةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة برلماني: مشروع قانون التجارة البحرية نافذة جديدة للتوسع نحو اكتساب أخبار النص الكامل لتعديلات قانون التجارة البحرية قبل مناقشته بـ "الشيوخ" أخبار برلماني: منظومة التأمين الصحي ترجمة حقيقية لبناء الإنسان وتوفير حياة أخبار وزير العمل: حريصون على التواصل مع نواب الشعب والتعاون لخدمة المواطن أخبار أخبار مصر وزير التموين يتفقد المنطقة التجارية بالغربية غدًا منذ 38 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر السيسي يوجه بتحسين مناخ الاستثمار والحد من الأعباء المالية منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر مجلس الوزراء: توصيل الغاز الطبيعي لـ 15 مليون وحدة سكنية حتى سبتمبر منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر آخر موعد للتقديم على الحج 2025.. السياحة والجمعيات الأهلية منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر وزارة البيئة: مصر تستضيف مؤتمر الأطراف الـ 24 خلال ديسمبر 2025 منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر "ماعت" تدعو دول شمال إفريقيا لتنفيذ المبادئ التوجيهية للأعمال التجارية منذ ساعتين قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارننشر النص الكامل لقانون السفن التجارية قبل مناقشته بـ"الشيوخ"
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 28القاهرة - مصر
28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك