تمكنا من تحرير القنطرة شرق وكانت أول مدينة تعود للمصريين من مدن القناة 

واشتركت فى المعركة قوات الصاعقة التى سيطرت على المدينة وأسوارها 

الروح المعنوية لجنودنا هى من تفوقت على قدرات العدو الحديثة وسر الانتصار كان فى المقاتل المصرى ذاته

 

 

 

..«لقد عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هامتها عزيزة صواريها وقد تكون مخضبة بالدماء ولكننا احتفظنا برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة»، هكذا قالها الزعيم الراحل محمد أنور السادات بعد نصر حرب أكتوبر المجيدة، وجاء اليوم الذى حافظ الجيل الجديد على أعلام جيل النصر مرتفعة هامتها، عزيزة صواريها، صدقت يا بطل النصر، وستبقى رؤوسكم عالية فى السماء، طالما أن أجيالكم من خير أجناد الأرض ما زالوا يضحون بأنفسهم من أجل بقاء هذا الوطن، والحفاظ على كل شبر من تراب هذا البلد العظيم، واليوم والمصريون يحتفلون بمرور ٥٠ عاما على حرب اكتوبر، يروى الابطال اياما من حرب العزة والكرامة، والتحدى والعزيمة التى فاقت كل شىء، من اجل تحرير الارض والعرض، وكانت معركة القنطرة شرق على الضفة الشرقية للقناة، من معارك التحرير وتشبه الى حد كبير حرب تحرير المدن، وكان من ضمن ابطالها اللواء جمال الدين محمد كحيلة الذى كان قائدا لسرية المدافع المضادة للدبابات فى الفرقة 18 مشاة، وشارك فى معركة تحرير القنطرة شرق ورفع الأعلام عليها فكانت أولى المدن التى عادت إلى السيادة المصرية.

 

قال اللواء، «كحيلة» ان ارتفاع الروح المعنوية والكفاءة القتالية التى تحلى بها الضباط والجنود فى حرب اكتوبر هى السر فى تحقيق النصر للمقاتل المصرى الذى استطاع ان يتغلب على فائق الامكانات للعدو الاسرائيلى،  بالإضافة إلى استفزازهم للمقاتل المصرى كان ذلك حافزا لاسترداد الأرض، وكان الوقود والطاقة للمصريين للعبور من اليأس والظلام إلى النصر، وهو ما تجلى فى معركة العبور فكانت لحظة انتقام من العدو.

وأضاف كحيلة، يوم 5 أكتوبر كان الوضع على الجبهة هادئا، وكانت الإمدادات مازالت تتدفق دون أن يعرفوا ميعاد العبور «ساعة الصفر» لتحرير سيناء، وفى صباح يوم 6 أكتوبر فى تمام الساعة 12 ظهرا تم استدعاء كل قادة السرايا إلى نقطة الملاحظة لقائد الكتيبة الذى أسعدنا قائلا «الساعة جات يا رجالة اللى منتظرينها وهانعبر الساعة 2 القناة وعايزكم تعبروا الساتر دا وتزلزلوه، ربنا معاكم وخلوا بالكم من جنودكم».

بمجرد سماع هذا الكلام دمعت عيوننا من الفرحة وأسرعنا إلى جنودنا لتلقينهم الأوامر حتى لاحظنا الطائرات تعبر القناة من فوق رؤوسنا والمدفعية تدك حصون العدو ونحن نردد صيحة «الله أكبر الله أكبر».

وكان العمل منظما فكان كل مقاتل يعرف دوره وينفذه على أكمل وجه طبقا للتخطيط، كما أن التدريب الجيد والتغلب على المصاعب هو أهم دعائم نجاح العبور واسترداد الأرض، حيث كنا نتدرب فى ترعة الإسماعيلية وبحيرة المنزلة على إزالة وصعود الساتر الترابى وكذلك جزيرة البلاح أمام العدو مباشرة على كيفية العبور للمانع المائى والساتر الترابى وهو دليل على نجاح مصر فى تضليل العدو.

واستكمل كحيلة قائلا استطعنا الوصول إلى شرق القناة بالعمق المطلوب وصد هجمات العدو المضادة تحت قيادتى، واستمرت أعمال القتال وتمكنت السرية فى اليومين الأول والثانى للقتال من تدمير 4 دبابات معادية و3 مركبات لنقل الأفراد، وتمكنا من تحرير القنطرة شرق وكانت أول مدينة تعود للمصريين من مدن القناة واشتركت فى المعركة قوات الصاعقة التى سيطرت على المدينة وأسوارها واستطاعت المدفعية المضادة للدبابات والمرافقة للمشاة الدفاع عن الأرض، التى تم تحريرها ورفع العلم المصرى عليها باعتبارها أول مدينة تم تحريرها، رغم أن أسلحتنا خفيفة فكان مرمى نيراننا 200 و300 متر فى حين أن مرمى نيران الدبابة 3 آلاف متر. 

ومررنا فى حرب أكتوبر بالعديد من الشدائد فكانت تتوالى الصعوبات علينا كل يوم، حيث كنا نقاتل ليلا ونهارا قوات العدو التى كانت تقوم بالهجوم المضاد، بالإضافة إلى الثقل الشديد للذخيرة والأسلحة التى كان علينا العبور بها، فكان من الصعب على الجنود صعود الساتر الترابى مستخدمين قوة أقدامهم وسلالم الحبال فقط، فالجيش المصرى وقت القتال كان بمثابة جيل ذهبي». وارتفاع روح الجنود المعنوية جعلهم يتغلبون على الامكانيات الفائقة للعدو الاسرائيلى والدليل على ذلك ان المدافع المستخدمة فى المعركة كانت تشارك فى الحرب العالمية الثانية.

وأكد كحيلة ان السيطرة على القنطرة شرق بمثابة بداية عودة الحق إلى أصحابه، وأن الإرادة المصرية ستسود على كامل التراب الوطنى وسيتحقق النصر بفضل الإرادة الوطنية.

وشدد كحيلة على أن  سلاح المشاة، هو الذى يطلق الطلقة الأولى ويسير على أرض المعركة ويطهر المدن، الذى يعلن السيادة فلا يستطيع أى سلاح آخر أن يعلن السيادة على الأرض إلا المشاة فمتى انتهت الحرب تنتهى عند قدم آخر جندى من المشاة.

 وذكر كحيلة شهداء المعركة قائلا «إن هؤلاء الشهداء أصحاب الفضل فيما نجنى ثماره اليوم، بعدما روت دماؤهم سيناء لتحريرها»، مشيرا إلى رفض الجرحى والمصابين إخلاء مواقعهم إلا بعد إلحاح لدرجة أن هناك الكثير من المقاتلين رفضوا تلقى العلاج وهو ما كان يؤثر بالسلب على إصابتهم رغم أن بعضهم فقد أطرافه ومع ذلك كانوا يرفضون ترك مواقعهم.

وروى كحيلة «أتذكر موقفا فى يوم 8 أكتوبر،  تقابلت مع أحد زملائى بسلاح المدفعية برتبة ملازم أول، عائدا للبحث عن الوحدة الطبية بعد إصابته بثلاث طلقات فى الكتف اليمنى من اليوم الأول للقتال، فسألته: (إنت إزاى قعدت يومين بالإصابة؟)، فكان رده (لم يأت لى بديل لتولى سلاح استطلاع المدفعية فصمدت فى موقعى وظللت أدير نيران مدفعيتى إلى يوم 8 حتى أتانى البديل فتركت موقعى وقتها وعدت أبحث عن العلاج الطبى)، وحينها علمت أن سر الانتصار كان فى المقاتل المصرى ذاته».

فكان للانتصار حالة كبيرة من العزيمة والكرامة والإصرار، 

والروح المعنوية، وكانت السلاح القوى والخفى الذى استطاع ان يحسم اعمال القتال على كل فئات القوات المسلحة الذين حرصوا على الشهادة فى الضفة الشرقية، وكان هو عهد ابناء القوات المسلحة وهذه روح مستمدة من الماضى العريق لهذا الجيش ولأبناء هذا الشعب الذى استعاد كرامته وعزته.

وأكد كحيلة أن الجنود أصروا على الصوم، وكان ذلك دافعًا معنويًا كبيرًا لنا فى الحرب، وقد خالف الجنود فتوى جواز الإفطار، وقالوا «هنفطر فى الجنة»، وكان العبور ورفع العلم المصرى هو الإفطار الحقيقى الذى أشبعنا معنويًا.

وذكر كحيلة: إن بعد اتفاقية روجرز ووقف إطلاق النار، استغلت القوات المسلحة المصرية التوقف لتنفيذ عمليات التدريب للمعركة ببناء حائط الصواريخ بأيدى ضباط الدفاع الجوى ومشاركة بعض الشركات المدنية لصد هجمات العدو الاستفزازية، مشيرا الى نجاح مصر فى تضليل العدو حتى إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدمائير، قالت إن ديان عندما ذهب صباح العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973 لزيارة القوات الإسرائيلية رأى الأشجار ولكنه لم ير الغابة وقال ديان إن القوات المصرية لن تحارب.

وعبر كحيلة عن مدى سعادته وشعوره بالفخر عقب الانتصار خاصة بعد الحالة النفسية التى كان والمصريون جميعا عليها بعد نكسة 1967، قائلا قد عانينا الكثير إلا أن الجندى المصرى أظهر القدرة على تحدى الصعاب، وخاصة أن العدو الإسرائيلى كان يحاول استفزازنا، وكم كانت سعادتنا عندما بدأنا الهجوم واسترداد أرضينا وشعرنا بالخوف داخل قلب العدو الإسرائيلى، وأول جندى قمت بأسره كان فى حالة ذهول وسألنى، ماذا يحدث وماذا ستفعل بى؟ فقلت له سأسلمك لقفص الأسرى.

 وعاد كحيلة بالذاكرة عن كيفية التحاقه بالقوات المسلحة، قائلا: «كنت طالبا فى كلية الزراعة، وفى أحد الأيام قال لى زميلى عبدالهادى، إن الكلية الحربية أعلنت قبول دفعة استثنائية ويجب علينا التقدم لمساندة مصر» بعد خيبة الأمل والانكسار كان عقب النكسة فى يونيو 1967، فتقدم بالفعل إلى الكلية الحربية عام 1968، وبعد عامين  أصبح فى سلاح المشاة فى الجيش المصرى.

ويرى كحيلة أن القوات المسلحة قادرة على تكرار نصر أكتوبر فى حربها مع الإرهاب، قائلا: «هل يوجد جيش وشعب ينهزم فى معركة كبرى مثل 67 ويستطيع فى خلال 6 سنوات أن ينتصر مرة أخرى على عدو بقدرات الجيش الإسرائيلى، فالقوات المسلحة قادرة دائما على تحقيق النصر فى أى وقت، فنحن معتادون دوما على أن الجيش أو الشعب المصرى لا تظهر شجاعته وقوته القتالية إلا فى وقت الشدائد».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوفد العبور القناة الانتصار

إقرأ أيضاً:

سلخانة الثانوية العامة

نحن الشعب الوحيد الذى يبكى قبل ورقة الفيزياء وأثناء ورقة الرياضيات وبعد ورقة الانجليزى. فما مستقبل شعب يبذل الدموع فى الامتحانات والعرق فى الملاعب والدم فى حوادث المرور؟

كانت هذه كلمات الكاتب الساخر الراحل جلال عامر منذ سنوات نقلتها بغير تصريف لأنها تعبر بشكل كبير عما نعيشه الآن فى سلخانة امتحانات الثانوية العامة التى بدأت بتتلظى ووضع اختيارات ليس لها معنى، وقلنا قد تكون غلطة سيتم مراعاتها فى التصحيح

ولكن بعد امتحان الفيزياء وكمية الأخطاء التى كشفها أساتذة فيزياء مرموقون عبر السوشيال ميديا، وشاهدت فيديو لاحد هؤلاء الأساتذة يكشف عن أربعة أخطاء فى هذا الامتحان المعقد، وقبلها شاهدت صراخ وعويل الطالبات بعد خروجهن من لجان الامتحانات، ورأيت «التايم لاين» على فيس بوك يمتلئ بجملة «حسبنا الله ونعم الوكيل» تأكدت ان وزارة التربية والتعليم لا تضم واضعى أسئلة، وإنما جزارين ومرضى نفسيين..

الغريب ان هؤلاء المرضى النفسيين المفترض أنهم آباء قبل أن يكونوا واضعى أسئلة..

لماذا نضع للطلاب مناهج اذا كانت الأسئلة فى معظمها من خارج المنهج

ما الهدف الذى يسعى هؤلاء لتحقيقه من تدمير مستوى الطلاب المتفوقين بتعجيزهم وكسر أنفسهم وافقادهم الثقة اللازمة لاجتياز الامتحان؟

ما هذه المصيدة المنصوبة للايقاع بهم واهدار مجهودهم واسرهم وضياع كل ما بذله رب الأسرة من مال وسهر وقلق من أجل هدف مشروع يعيش من أجله الا وهو نجاح الابن أو الابنة بمجموع يؤهلهم للاتحاق بكلية من كليات القمة؟

يجب أن يتم الكشف عن عقول واضعى هذه الامتحانات ومحاكمتهم على تلك الجريمة التى تمس آلاف الأسر المصرية.

أولياء الأمور يطالبون بإعادة امتحان الفيزياء فما حدث لا يمكن إصلاحه بدرجات الرأفة أو باستبعاد الأسئلة محل الجدل

لا أدرى ما هذا الصمت التى تمارسه وزارة التربية والتعليم وهى ترى كل تلك المهازل..

ما يحدث من تسريب للامتحانات من جهة ومن الناحية الأخرى أسئلة بها أخطاء وإصرار على وضع الطلاب فى متاهة وتعجيز جريمة كبرى يجب ألا يمر.

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • الأنبا ديمتريوس يكتب: 30 يونيو.. وعودة مصر لمكانتها
  • هبة عبد العزيز تكتب: ثورة 30 يونيو كانت بمثابة المخرج للمرأة المصرية من الوقوع فى فخ الجهل والتجهيل الذى مارسته الجماعة المحظورة
  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»
  • المساندة الشعبية
  • في ذكرى يوم عظيم
  • سلخانة الثانوية العامة
  • المناظرة «راكبة جمل»!
  • د. أحمد زايد: 30 يونيو.. تاريخ كتبه المصريون
  • قداسة البابا تواضروس الثاني يكتب: في ذكرى 30 يونيو.. تحديات وأمنيات
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال