الوطن:
2025-02-07@05:42:01 GMT

محمد حسنين هيكل يكتب: محاولة تصور للموقف

تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT

محمد حسنين هيكل يكتب: محاولة تصور للموقف

كانت حالة اللاسلم واللاحرب قد طالت بأكثر مما هو لازم لأى شعب يريد أن يحتفظ بحيويته النضالية، ولكن القرار لم يكن سهلاً، خصوصاً أن الملابسات المحيطة بالعمل الوطنى فى مصر -وربما فى غيرها من بلاد العالم النامى كله- تضع مسئولية القرار على كتفى رجل واحد.

أى أنه بالنسبة لأنور السادات، فإن القرار كان مصيرياً، وفى الوقت نفسه فقد كان عليه أن يتخذه وحده.

وربما كان من حقه وواجبه أن يسمع وأن يناقش، لكنه فى النهاية كان مطالباً بأن يكون وحده، عقلاً وقلباً وضميراً، ثم يصل إلى القرار ويتحمل تاريخياً مسئوليته.

وأتذكر حواراً مع أنور السادات جرى فى مساء يوم الجمعة 21 سبتمبر الماضى فى شرفة استراحة برج العرب المطلة على البحر...

كان جالساً أمامى فى صمت لبعض الوقت، وكان فيما بدا يتأمل منظر غروب الشمس فى هذه البقعة الجميلة من شاطئ مصر الغربى، لكنه فجأة شد نظره عن مشهد الطبيعة المهيب ليقول لى:

- «إن القرار بالنسبة لغيرى تعامل مع الأفكار والتقديرات والاحتمالات، وأما بالنسبة لى فإن القرار تعامل مع الحياة والموت، والمسألة لا تتعلق بشخصى فقد عرفت الحياة وواجهت الموت، ولكنها تتعلق بألوف... مئات الألوف من الرجال سوف يأخذون الكلمة منّى... وفوق ذلك هناك كرامة ومستقبل وحياة أمة فى الميزان».

ولم أشعر أننى أحس بأزمة «الاختيار الإنسانى» كما أحسست بها فى تلك اللحظة. لكن ذلك كان دوره وكان قدره كما قال هو أكثر من مرة...

كان «اختياره» هو «القرار» وكان «القرار» هو التعبير عن «الإرادة» الوطنية والقومية..

وربما كان من الإشارات ذات المعانى أن أنور السادات بعد أن استقر قراره على أنه سوف يقبل أول تحدٍّ يقوم به العدو اختار لما سوف يقوم به اسماً رمزياً لا يخطر بسهولة على البال...

كان الاسم الرمزى الذى اختاره بنفسه لما ينوى أن يفعله هو: «الشرارة».

... كيف خطر له هذا الاسم؟.. ما الإيماءات والإيحاءات الكامنة فيه؟

- إنه وحده الذى يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة ولكن.

الاسم معبأ بالكثير: الأمل... اللهب... البعث... وغير ذلك وغيره!

حققنا بعد ذلك «اجتياز حائط الخوف» وذلك شىء بالغ الأهمية فى حياة أى أمة مهما كانت النتائج.

وكان «حائط الخوف» متمثلاً فى عبور قناة السويس وفى اقتحام خط بارليف.

القناة نفسها حاجز مائى من أصعب الحواجز.

وخط بارليف على حافتها سلاسل متصلة من المواقع الحصينة استفاد بدروس الحصون الشهيرة فى الحرب العالمية الأخيرة: خط ماجينو الفرنسى وخط سيجفريد الألمانى.

وكان كل الخبراء العسكريين فى العالم وبغير استثناء يرون عملية العبور صعبة... كان تقديرهم أنها ليست مستحيلة، ولكن مخاطرها تفرض التفكير طويلاً، ثم إنها تتطلب تضحيات ليس من السهل قبولها.

ولست أظن أن الوقت ملائم لشرح الطريقة التى تمكنت بها القوات المسلحة المصرية من اجتياز حاجز الخوف: عبور القناة تحت النار واقتحام خط بارليف، وإن كنت أقول على الفور إن واحداً من أفلام التليفزيون التى عرضت على الناس قد ظلم هذه العملية المجيدة ظلماً فادحاً؛ فقد ذهبت العدسات إلى مواقع بدء العبور فى اليوم التالى وكان المسرح كله قد انتقل إلى الضفة الشرقية وبدت الصورة كما ظهرت على شاشة التليفزيون أمام الناس وديعة مسالمة كأنها رحلة على بحيرة وهى لم تكن كذلك حقيقة فى اليوم السابق!!

كانت عاصفة برق ورعد، وكانت ملحمة شجاعة وتضحية..

كانت صفحة القناة ناراً ودماً، لكن الرجال لم يترددوا، ويوم تكتب القصة الكاملة لطلائع العبور التى اجتازت القناة -وسط الصواعق- فى قوافل من قوارب المطاط لتمهد لإقامة الجسور على الضفة الشرقية، فإن أمة بأسرها سوف تشعر بأنها عاشت لحظة من أعظم لحظات حياتها.

.. لقد انطلقت الكتائب والألوية والفرق تشق طريقها وسط الخطر إلى الضفة الأخرى وعبرت أجزاء ضخمة من هذه التشكيلات فعلاً إلى الضفة الشرقية ولم تكن جسور العبور قد تم تركيبها.

كان بالرجال شوق إلى الانطلاق.

كانوا يشعرون أنهم تحملوا بما لا طاقة لهم به وبما لا ذنب لهم فيه، وقد أحسوا بالجرح فى أجسادهم وفى جسد مصر، وكأنهم أرادوا أن يؤكدوا، بما لا يدع مجالاً للظن، قدرتهم على القتال واستعدادهم له.

وفى ثلاث ساعات من بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973، ما بين الثالثة إلى السادسة مساء كانت مصر، وكانت الأمة العربية كلها، قد اجتازت «حائط الخوف»!

«الأهرام» - 12 أكتوبر 1973

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر

إقرأ أيضاً:

اعتقال شرطي مزيّف أرهب السكان في بريطانيا

بسبب 6 تهم بدءاً من انتحال الصفة إلى التهريب، أصدرت محكمة التاج البريطانية حُكماً بالسجن لمدة 3 سنوات على مواطن انتحل صفة رجل شرطة وأطلق الرصاص الزائف في حادث تسبب بنشر الرعب في العقارات المجاورة.

في تفاصيل القضية، تلقت الشرطة نداء استغاثة بعدما قاد هاري مان شاحنة من نوع "مرسيدس سبرينتر" إلى موقف سيارات حانة في 4 يونيو (حزيران) 2024.

وعند وصول الشرطة، ألقت القبض على هاري مان (25 عاماً) متلبساً، خلال ارتدائه ملابس شرطة مزيفة وتوجيه سلاحه باتجاه المواطنين.

وبسبب مخاوف بشأن محتويات الشاحنة، فرضت الشرطة طوقاً أمنياً في المنطقة، وأخلت العديد من العقارات المجاورة كإجراء احترازي، بينما قامت وحدة التخلص من الذخائر المتفجرة التابعة للجيش بإجراء تحقيقات في مكان الحادث.
صادر الضبّاط سلاحاً نارياً آخر وزيّ شرطة وأصفاد أثناء تفتيش الشاحنة. وأظهرت التحقيقات أن مان يمتلك سيارتي "فورد موستنغ" و"فورد سي ماكس"، تحتويان على صفارات إنذار ومعدات ضوء أزرق خاصة بالشرطة.


6 تهم متفرقة

ذكرت الشرطة في بيان نقلت مضمونه صحيفة "إندبندنت"، أن مان اعترف بجرائم حيازة أسلحة نارية مزيفة وانتحال صفة ضابط شرطة، بعدما تم اعتقاله بصعقة كهربائية لتمكّن ضبّاط الشرطة من السيطرة عليه ووقف الخوف الذي ينشره في مدينة براونستون.
ولفت البيان إلى أنّ الحكم على مان صدر يوم الجمعة الماضي، بعدما وُجّهت إليه هذه التهم الستة: حيازة سلاح ناري مقلد، والتسبب في الخوف والعنف، تعديل سلاح ناري مقلد ليبدو حقيقياً، انتحال صفة ضابط، والاعتداء على ممرضة أثناء وجوده في الحجز.

من جهتها، أعربت المفتشة هيزل ساندال عن قلقها بشأن العناصر التي كشفها الضباط أثناء التحقيق، معتبرة أن استعداد المجرم للضغط على الزناد أمام الضباط كان يهدف إلى نشر الخوف وإلحاق ضرر نفسي وجسدي كبير بالسكان وقوات الشرطة.

The response of call takers and armed officers has been praised as a man who pointed a handgun at a member of the public and fired blanks at police was jailed.

Read more about the case: https://t.co/3EEjM9oM15 pic.twitter.com/AXuAbwp8zb

— Leicestershire Police (@leicspolice) February 3, 2025  

مقالات مشابهة

  • إيران: الخوف والتباهي
  • المحس كترانج
  • 6 عناصر رئيسية لإدارة المخاطر داخل قطاع التأمين.. منها هيكل حوكمة قوي
  • ????التقرير اليومي للموقف العملياتي.. الأربعاء الخامس من فبراير 2025
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور لـ سانا: كما سنعمل على إعادة تشكيل وتموضع نقاط التفتيش التي كانت مصدراً لنشر الخوف والتوتر، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإجراءات القمعية الأخرى التي كانت تمارسها حواجز النظام البائد داخل المدن والقرى وخارج
  • بعد انفصال شيماء سيف .. ما السر الذى كانت تخفيه عن جمهورها
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • د. محمد بشاري يكتب: الإمام أحمد الطيب .. خمس سنوات من ترسيخ الأخوة الإنسانية والتسامح
  • اعتقال شرطي مزيّف أرهب السكان في بريطانيا
  • محمد مغربي يكتب: من «ترامب» إلى «دافوس».. استعدوا لعالم الذكاء الاصطناعي