يحتفل المصريون بذكرى نصر  حرب أكتوبر المجيدة، وتسلط وسائل الإعلام الوضوء على الأبطال المحاربين الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تراب هذا الوطن، وكان لعلماء الأزهر دور حقيقي، في إلقاء الخُطب الحماسية، ومنهم الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ عبد الحليم محمود الذين استعانت بهم القوات المسلحة -أثناء استعدادها للحرب- لحث الجنود على الجهاد في سبيل الله.

 

وانطلقت كتائب الدعاة بين الجنود لتخبرهم أن النصر لا يكون بقوة السلاح فقط، وإنما يكون بقوة الإيمان، وبالصدق مع الله تعالى، وبوضوح الهدف الذي يقاتل من أجله الإنسان، ويكون بالتوكل على الله «بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» وأنه إن مات مات شهيدًا، وإن عاش عاش حميدًا، فكانت صيحة المجاهدين في الميدان (الله أكبر).

 

ويتجلّى  دور الأزهر في حرب أكتوبر المجيدة؛ وذلك من خلال قيام شيخه وقيادته وعلمائه الأجلّاء بالوقوف جنبًا إلى جنبٍ مع جنودنا البواسل يبيتون معهم في المهاجع؛ دعمًا لهم، ورفعًا لحالتهم النفسية، وترقيةً لروحهم المعنوية، ويرسّخون في قلوبهم ونفوسهم محبة الأوطان، وأنها جزء من العقيدة، والشهادة في سبيل الله دفاعًا عن الدين والوطن والعرض من أعظم الأعمال وأرفعها درجة عند الله.

 

وتقدّم بعض علماء الأزهر لحمل السلاح؛ ليظهر للعالم كلّه أن أبناء هذا الشعب كلهم أفرادًا ومؤسسات يد واحدة في خندقٍ واحدٍ يذودون عن حياض الوطن ويحافظون على ترابه ومقدّراته؛ فعاد بفضل الله للوطن كرامته وهيبته»، وهذه عادة الأزهر دائمًا مع جيش مصر الأبي وجنوده البواسل ضد الغزاة على مر التّاريخ، وسيظل الأزهر في كل ميادين الجهاد ينشر الوعي ويصحح المفاهيم ويحارب التطرف بكل أشكاله و يدافع عن الأمة، ويحافظ على تراب الوطن.

خطيب الجامع الأزهر : النصر من أجَّل نعم الله على عباده المؤمنين المؤسسات الدينية في ذكرى أكتوبر.. شيخ الأزهر: من أعظم الملاحم العسكرية .. المفتي: سطَّرت التكاتف الشعبي دعاء يوم الجمعة ساعة الاستجابة للرزق.. أدركه بـ 4 كلمات من السنة علامات يوم القيامة.. ظهور 2 منها في مكة و20 علامة حدثت بالفعل علامات حسن الخاتمة .. إذا شاهدت إحداها في وجه المتوفى فاستبشر خيرا الشيخ الشعراوي في حرب أكتوبر

 

وجمعت لقاءاتٌ عديدة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والجنود، على الجبهة في سيناء، حيث كان الشعراوي في حديث مع ضباط وجنود القوات المسلحة في إحدى لقاءات الإعداد النفسي والمعنوي لهم، نبه خلاله أن على الجيش دائمًا أن يجمع بين قوة العقيدة الإيمانية وقوة الإعداد العسكري شارحًا المعنى الحقيقي للجهاد وكيف يجاهد كل فرد من موقعه ومكانه.

 

في تسجيل نادر لمحاضرة ألقاها الشيخ محمد متولى الشعراوي إمام الدعاة، على قادة وجنود القوات المسلحة المصرية في ذكرى نصر أكتوبر 1973، توجه الشيخ محمد متولي الشعراوي إلى الحضور قائلًا: «أنا ومهمتي وأنتم ومهمتكم، نلتقي في أننا جميعًا جنود الحق أنا بالحرف وأنتم بالسيف، وأنا بالكتاب وأنتم بالكتائب، وأنا باللسان وأنتم بالسنان».

 

وأوضح الشيخ الشعراوي، أن الحق لا يصارع إلا باطلًا، والباطل يتمثل في أمرين، باطل يقوم على فهم خاطئ يملكه الدليل الخاطئ، وباطل يقوم على الجهل واللجاج والمكابرة، وعمدة الحق في القضاء على هذين اللونين أن يكون له لسان يقوم بالحق والبرهان، وذلك يقتنع به العقلاء، وأن يكون له سنان يقنع ذوي الجهل والطغيان».

 

وألمح إلى أن السلاح دائمًا يخدم الكلمة، وأن الإسلام انتشر بالكلمة وبقوة الكلمة، وأنه لا إكراه في الدين، لكن تأتي الجيوش والقوة والأسلحة لتحمي كلمة الحق والإسلام وتجعل حرية في الأديان، وتواجه من يمنع كلمة الحق وتقر الدين الحق، وتترك كل شخص يتدين بما يشاء، فيكون السيف في خدمة الحق.

 

وأشار إلى أن الدعوة لها علاقة بالجهاد ويشدد على أن كليهما في خدمة الآخر حيث يقول "حين ننظر إلى علاقة الحرف بالسيف أو علاقة الكتائب بالكتب أو علاقة اللسان بالسنان نجد أن أحدهما يكون في خدمة الآخر، وعلى ضوء الخادم منهما والمخدوم يتعين منطق الحق ومنطق الباطل فإذا كان السِنَانُ جاء ليحمي كلمةً فذلك حق ، وإذا كانت الكلمة جاءت لأن السِنانَ فرضها فذلك هو الباطل».

 

ونوه الشيخ الشعراوي، بأن السيف لم يَجِئْ في الإسلام ليفرض دينه وإنما جاء السيف في الإسلام ليحمي حق الفرد في حرية أن يتدين، ويقول الشيخ الشعراوي في ذلك «القوة الطغيانية التي تحول بين الناس وبين حرياتهم في أن يتدينوا يقف السيف أمامها لا ليفرض ذلك التدين ولكن ليمنع المؤثرات التي تؤثر على الفرد في حرية أن يتدين ولذلك كان الإسلام منطقيًا حين دخل فتحًا في كثير من البلاد فَوُجٍد قومٌ ظلوا على أديانهم».

 

وواصل: «لو أن مراد الإسلام بالسيف أن يُخْضِعَ لدينٍ لَمَا وُجِدَ واحدٌ غير مسلم في تلك البلاد ولكن وُجِدَ كل واحد على دينه، كما هو غاية ما في الأمر أنَّ الطغيان الذي كان يمنع الناس أنْ يختاروا دينهم بحرية وقف الإسلام أمام ذلك الطغيان ثم ترك بعد ذلك الناس أحرارًا إن قبلوا الإسلام طواعيةً فعلى الرحب والسعة وإنْ لم يقبلوه ظلوا علي دينهم كما هم؛ لأن الإسلام لا يريد مُكْرَهِين علي الدين؛ لأن تعاليم الدين تٌطلَبُ في الجلوة والخلوة وفي السر وفي العلن».
 

 

وأردف: أن الأصل الأصيل في الحفاظ على الأوطان هو الحفاظ على القيم الإيمانية، مؤكدًا أننا نغار على أوطاننا لا نغار على الأرض لأنها أرض، ولكن نغار عليها مخافة أن يستولي عليها مخافة من يفتننا في ديننا.

 

واستطرد:«الغيرة على القيم هي الأصل الأصيل في الإسلام، ولذا يجب ألا نغار على قيم إلا على قيم أنفسنا أولًا، فلا نعدل قيم الغير إلا إذا احترمتها أنا أولا»، لافتاً إلى أن الجهاد في سبيل الله لا يقتصر فقط على من اغتصب الوطن، وإنما المسألة تتعلق بالقيم ذاتها، فإذا ضاعت في الوطن ولا مغير عليه ولا مستعمر له، فحق علينا الجهاد حينها، لأن القيم قد انهارت.

 

 وشدد على أن الأصل في الجهاد هو حماية القيم، وحماية الأوطان تابعة لحماية القيم، «فإذا رأينا قيمًا قد انهارت ونحن في أرضنا وأوطاننا فهو أمر يتطلب الجهاد، ولكن جهاد الكلمة، وهو الإقناع بالمعروف والتنفير من المنكر».

 

كيف بشر النبي بنصر أكتوبر

 

وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل كان مهتما بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان السادس من أكتوبر.

 

تعبئة الروح المعنوية

وأضاف «هاشم»، في تصريح له، أن الشيخ عبد الحليم محمود استعان بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة، وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش في شهر رمضان أثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه، نظرًا لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم، من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم فى الانتصار على العدو الصهيوني، بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: "لا نريد أن نفطر إلا في الجنة!".

 

وأشار عضو هيئة كبار العلماء، إلى أن الشيخ عبد الحليم محمود، قبيل حرب أكتوبر، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنًا إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينًا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق.

 

وتابع: كانت نتيجة الإعداد الجيد الذى قام به الجيش المصرى، مضافًا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحَفْزه إياه على شن الحرب ضد قوات الصهاينة، التى تحتل جزءًا غاليًا من تراب مصر، هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر كبير.

 

ولفت إلى أنه تطرق إلى تلك الواقعة د. محمود جامع أيضا فى كتابه: "كيف عرفتُ السادات؟"، إذ كتب قائلا: "لا ننسى أنه بشرنا بالنصر في أكتوبر 73 عندما رأى حبيبه رسول الله عليه الصلاة والسلام في المنام، وهو يرفع راية "الله أكبر" للجنود ولقوات أكتوبر".

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشيخ الشعراوي نصر اكتوبر الشعراوي حرب اكتوبر الأزهر الشیخ الشعراوی فی سبیل الله حرب أکتوبر الشیخ محمد إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشيخ الحلبي عالم من أعلام الأزهر ونبراس الفكر الإسلامي

تحيي هيئة كبار العلماء ذكرى وفاة الشيخ العلامة  أبو عبد الله شمس الدين النحرير الثقة محمد بن محمد خليفة الحلبي شهرة، الأزهري الشافعي، والذي انتقل إلى الرفيق الأعلى في مثل هذا الشهر -شهر نوفمبر من شهور عام 1940م، الموافق شهر شوال من شهور سنة 1359. 

 

ميلاد الشيخ الحلبي 


ولد فضيلته عام 1270ه/ 1853م، ببلدة الصنافين، بمركز منيا القمح، بمحافظة الشرقية، وهو من أصول شامية، وانتقل أجداده إلى مصر.

 

رحلة الشيخ العملية والعلمية 



التحق فضيلته بالأزهر الشريف منتسبا إلى المذهب الشافعي، متلقيا العلوم على أيدي كبار علماء الأزهر؛ كالشيخ محمد الأشموني، والشيخ محمد الخضري، والشيخ البرهان السقا، وغيرهم، ونال شهادة الإذن بالتدريس من الدرجة الأولى الممتازة.

 

عين الشيخ محمد الحلبي مدرسا في الأزهر الشريف، فبهر الناس بتقريراته وتدقيقاته، وسعة اطلاعه وتمكنه، فقد كان من المتضلعين والمتمكنين في الفقه الشافعي، حتى قال عنه السيد أحمد بن محمد بن الصديق في فهرسته الكبرى: «شيخ الشافعية بالديار المصرية، كان متضلعا من الفقه الشافعي، حافظا لفروعه، مستحضرا لنصوصه، فكان العلماء الشافعية يرجعون إليه في حل مشكلاته ونوازله».


  وكان من عادة كبار العلماء -خاصة الشافعية- الاجتماع في منزل العلامة السيد أحمد الحسيني شارح الأم للمدارسة وإبراز التحقيقات، فكان الشيخ الحلبي في مقدمة هذه الحلقة العلمية مع الشيخ البجيرمي، والشيخ خليفة فتح الباب الفشني، والشيخ إمام بن إبراهيم السقا، والشيخ محمد حسنين العدوي، والشيخ علي الصالحي، وغيرهم من أعيان العلماء.


نال الشيخ عضوية هيئة كبار العلماء بالأمر الملكي رقم (62) لسنة (1924م) الذي صدر بتوقيع الملك فؤاد بسراي المنتزه في السابع من ربيع الأول 1343ه، الموافق السادس من أكتوبر 1924م.


وقد أسندت له لجنة الهيئة تدريس مادة الحديث؛ ونظرا لمكانته العلمية انتخب عضوا بلجنة هيئة كبار العلماء ممثلا للمذهب الشافعي داخل اللجنة.

تلاميذ الشيخ ومؤلفاته 


تتلمذ على يد الشيخ محمد الحلبي كثير من العلماء، من أجلهم شيخا الأزهر فيما بعد: الشيخ مصطفى عبد الرازق، والشيخ عبد المجيد سليم، بالإضافة إلى الشيخ فتح الله سليمان، والشيخ علي محفوظ، والشيخ صالح الجعفري، والعلامة المحدث عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري، كما درس عليه الملك فؤاد الأول تفسيره القرآن الكريم.


أما عن مؤلفاته، فقد شارك العلامة أحمد بك الحسيني في بعض مصنفاته، وطبع «الأم» للإمام الشافعي، وله الكثير من الفتاوي في المهمات التي لو جمعت لخرجت في مجلدات، لكنها لم تجمع ولم تطبع، وله «رسالة في فقه الشافعية»، وله رسالة أيضا، عنوانها «التقرير والتحبير شرح التحرير».

وفاة الشيخ الحلبي 


وبعد رحلة عمرية أربت على ثمانين عاما، قضاها الشيخ محمد الحلبي في أروقة الأزهر الشريف حاملا لواء العلم توفي فضيلته في شهر شوال من عام 1359ه، الموافق شهر نوفمبر من عام 1940م.
رحمه الله رحمة واسعة، وأنزله منازل الأبرار

مقالات مشابهة

  • الشيخ الحلبي عالم من أعلام الأزهر ونبراس الفكر الإسلامي
  • د.حماد عبدالله يكتب: الحقيقة الغائبة ؟؟
  • الدعاء: نافذة الروح نحو السماء
  • فضل الستر على العُصاة في الإسلام.. اعرف أهميته الشرعية
  • دعاء قضاء الحاجة بعد الصلاة.. كلمات تفتح الأبواب المغلقة
  • ظاهرة الودق في القرآن.. ماذا قال عنها الشيخ الشعراوي؟
  • آية في القرآن الكريم تحقق الفرج.. 6 كلمات لفك الضيق والكرب
  • دعاء المطر .. كلمات مستجابة دعا بها سيدنا النبي
  • شيخ الأزهر يستقبل نهيان بن مبارك وزير التسامح الإماراتي
  • على فراش المرض..شمس البارودي تكشف آخر كلمات حسن يوسف