شمسان بوست / محمد النجار

تَبقى الزراعة هي الثروة المُتجددة في كل العصور والأزمِنه، ويبقى المُزارع هو رأس المال الحقيقي الذي يُعتَمد عليه في توفير الغذاء والمَلبس لسُكان الكُرة الأرضية، لذلك انتعشت في القديم والحديث زراعة و تبادل القطن والحرير بين الدول والممالك، كونها تجارات رِبحيّة تُذِر الدَخل وتَقوم عليها الحِرف والصناعات ويُبنى عليها إقتصادات الدول.



القطن او الذهب الأبيض كما يُطلق عليه، يُعتَبر من المحاصيل النقدية التي تُوَفّر فُرص عمل لعشرات الملايين من المُزارعين في مختلف الدول، بل وتَرفد إقتصادياتها بالعُملة الصعبة، وتُعتَبر الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية في صَدَارة الدول المُنتجة للقطن على مستوى العالم، أما عربياً فتُعتَبر مصر هي الأولى من حيث زراعة القطن طويل التيلة والذي يُعتَبر الاجود عالمياً.

امّا إذا ما عَرّجنا لزراعة القطن في بلادنا، فسَنَجد البدايات الأُولى لتَجربة زراعته كانت عام الف وتسع مئة وسبعة واربعين للميلاد، عندما توقفت صادرات القطن من الهند إلى بريطانيا والدول الأوربية، حينها قررت بريطانيا نقل زراعة القطن الى اتحاد الجنوب العربي الخاضع لسيطرتها آنذاك، فكانت أوّل تَجربة لزراعة نبتة القطن طويل التيلة في دلتا أبين كون التربة والمناخ مُنَاسِبين لزراعة القطن هُناك.



بعد نَجاح زراعة القطن طويل التيلة قامت بريطانيا بعمل بنية تحتيّة تُساهم في زيادة زراعة القطن، فَعَمَدت على إنشاء سد تحويلي وقنوات مائية في دلتا أبين وبناء مركز للبحوث والدراسات الزراعية أُطلق عليه مركز أبحاث الكود، ليس هذا وحسب بل أقامت أول مَحلج للقطن يقوم بجمع وتنقية القطن وتجهيزه تمهيداً لتصديره للخارج ، وذلك في بداية خمسينيات القرن الماضي حيث كان يُعتَبر أول مَحلج في شبه الجزيرة العربية.



نتيجة للمردود الضخم الذي يوفّره محصول القطن للمزارعين، انتقلت عدوى زراعته إلى محافظة لحج عام 1954 للميلاد، وتحديداً في دلتا تُبن ، بعد ذلك بعامين أُنشئ مَحلج للقطن في صبر إحدى مديريات محافظة لحج، وللتوسع أكثر في زراعة القطن أُنشئت في لحج لجنة لغرض الإنعاش الزراعي وكذا جهاز إداري يضم مُختصين في قطاع الزراعة، وبذلك شَهِدت محافظتي لحج وأبين زراعة محصول جديد تَغنّت به المحافظتين لعقود طويلة.



في الثلاثين من نوفمبر عام 1975 للميلاد، كانت مدينة عدن على موعد مع افتتاح أكبر مُنشأة اقتصادية بعد مصافي عدن، هذه المُنشئة شَكّلت فارقاً في زراعة القطن الوطني، حيث جاءت كثَمَره للشراكة بين بلادنا وجمهورية الصين الشعبية، فلقد تم إفتتاح مصنع الغزل والنسيج بعدن بطاقة إنتاجية سَنَوية قُدّرت ب ٣ ملايين متر من المنسُوجات الجاهزة والمصنوعه من القطن القادم من مَحالج أبين ولحج كَفخر للصناعة والزراعة الوطنية.

منذ بداية زراعة نبتة القطن في بلادنا وحتى كتابة هذه الكلمات، شَهدت زراعة القطن تقدّماً وتراجعاً لأسباب مُختلفة وتَقلُبات عديدة قد لايَسع المجال لذكرها هُنا، إلا أنّ الحروب المتتالية التي شهدتها بلادُنا طيلة الثلاثين العام الماضية كانت أكبر المُسببات لتراجع زراعة القطن بل لإقفال محَالجه وكذلك إيقاف مصنع الغزل والنسيج في عدن، والذي كان يُعتَبر في يوماً ما أكبر المصانع العُمّالية في الوطن.



في السنوات القليلة الماضية بدأت محاولات لإعادة إنعاش زراعة القطن ومَنحه قُبلة الحياة، تمثلت تلك المحاولات في اعادة تأهيل السدود والقنوات المائية في محافظتي لحج وأبين بجهود مشكورة من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية، أيضاً الحِفاظ على بَذرة القطن عبر تخصيص مركز أبحاث الكود مساحة لزراعتها ، وكذلك قيام صندوق التشجيع الزراعي والسمكي بدعم الجمعيات الزراعية التي تقوم بدعم مزارعين القطن لتشجيعهم على الإكثار من زراعته، الأمر الذي أسفر عن زيادة زراعة القطن وافتتاح مَحلج القطن في أبين بعد سنوات من الاغلاق، ومع كل هذا يبقى الذهب الأبيض بحاجه للمزيد والمزيد من الأهتمام لكي يعود إلى سابق عهده.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: زراعة القطن القطن فی

إقرأ أيضاً:

149 مليون مستفيد في 118 دولة من «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» خلال 2024

متابعات: «الخليج»

بلغ إجمالي إنفاق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية 2.2 مليار درهم خلال العام السابق في كافة المجالات الإغاثية والصحية والتعليمية والمجتمعية، ليستفيد منها 149 مليون شخص في 118 دولة حول العالم، خلال 2024.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الثلاثاء، في تدوينة عبر منصة «إكس»: ترأست اليوم اجتماع مجلس الأمناء لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.. استعرضنا خلاله نتائج العام السابق.. وبلغ إجمالي الإنفاق للمؤسسة 2.2 مليار درهم خلال العام السابق في كافة المجالات الإغاثية والصحية والتعليمية والمجتمعية.. وبلغ عدد المستفيدين 149 مليون شخص في 118 دولة حول العالم.
وأضاف سموه: والتقيت بفريق عملنا الإنساني خلال الفعالية وعددهم 975 موظفاً.. كما يدعم المبادرات أكثر من 170 ألف متطوع في كافة برامجنا. 
وأكد سموه: ومع حلول ذكرى يوم العمل الإنساني.. ذكرى رحيل مؤسس العطاء في دولة الإمارات... زايد طيب الله ثراه.. نؤكد أن عملنا الإنساني مستمر ويد العطاء الإماراتية ممدودة لكافة الشعوب. 
وتابع سموه: نحمد الله أن وفقنا بلادنا لهذه الأعمال.. ونسأل الله أن يديم حفظه ونعمته على بلادنا بأعمال الخير التي تصدرها بلادنا لمختلف دول العالم.

مقالات مشابهة

  • في يومها العالمي.. المملكة تتقدم عربيًا وعالميًا في مؤشر السعادة
  • في يومها الخامس.. غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة
  • لقاء حول "الإسلام والديمقراطية" في فكر الغنوشي يعيد أسئلة مشاركة الإسلاميين في الحكم إلى الواجهة
  • السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (1-3)
  • باحث: الدول الأوروبية لديها خطة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم
  • يقظة القارة العجوز.. نهاية «عائد السلام» في أوروبا وتكاليف إعادة التسليح.. الدول ذات شبكات الأمان الاجتماعي الواسعة تواجه صعوبات في مجالات الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية
  • 149 مليون مستفيد في 118 دولة من «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» خلال 2024
  • قضية “ديدي” تعود إلى الواجهة.. آخر التطورات!
  • إدارة ترامب وإسرائيل تدرسان هذه الواجهة لتهجير سكان غزة
  • الولايات المتحدة تنسحب من صندوق تعويض الدول الفقيرة عن الاحتباس الحراري العالمي