تحليل: 3 تحديات رئيسية تواجه توطين القوة الجوية السعودية
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
سلط الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية لمنطقة الخليج، ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو، الضوء على مساع السعودية الرامية لتوسيع إنتاجها المحلي في القوة الجوية، مؤكدا أنه رغم تحقيق المملكة الخليجية الغنية بالنفط خطوات واسعة في هذا الصدد؛ إلا أنها لا تزال تواجه العديد من التحديدات والعقبات.
وأوضح مازوكو، في تحليل نشره موقع معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وترجمه الخليج الجديد، أن الدافع الرئيس وراء المساعي السعودية لتوطين انتاجها الدفاعي؛ هو التهديدات التي تواجهها المملكة على مدار السنوات الماضية لا سيما من قبل جماعة الحوثي اليمنية والتي تزامنت مع تزعزع الثقة السعودية في الضمانات الأمنية الأمريكية.
وذكر المحلل أنه منذ تدخل السعودية في اليمن عام 2015، استهدف الحوثيون منشآت مدنية وعسكرية ومنشآت طاقة سعودية بمئات الهجمات الجوية عبر الحدود، مما كشف عن ثغرات كبيرة في نظام الدفاع الجوي للمملكة.
ويقدر الإنفاق العسكري للسعودية في عام 2022 بنحو 75 مليار دولار، مما يجعلها أكبر مشتر في الشرق الأوسط وخامس أكبر منفق على مستوى العالم، ومع أن الإنفاق الدفاعي يمثل 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2022، حصلت السعودية على ثان أعلى إنفاق عسكري على مستوى العالم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، فإن التقلبات المتزايدة في أسعار الطاقة العالمية والضغوط المتزايدة لتقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على عائدات النفط دفعت السعودية إلى تقليل عبء النفقات العسكرية المرتفعة.
وفي حين أن الظروف الأمنية الإقليمية الهشة تجعل إجراء تخفيض كبير في الإنفاق الدفاعي غير ممكن، فقد سعت السعودية إلى تعويض تأثير النفقات العسكرية من خلال تطوير صناعات عسكرية محلية ومنح صفقات أسلحة كبيرة للشركات المحلية.
كما تهدف المساعي السعودي أيضا إلى خلق فرص عمل للشباب السعودي واستيعاب الإنفاق العسكري داخل الاقتصاد المحلي، وفي أفضل الأحوال، إذا كانت المملكة قادرة على أن تصبح بائعًا تنافسيًا في سوق الأسلحة العالمية، فإن هذه الاستراتيجية يمكن أن تعزز أيضًا إيرادات الصادرات السعودية.
صفقات متتالية
وذكر المحلل أنه بالرغم من أن الجهود المبذولة لتوطين التصنيع الدفاعي تعود إلى منتصف الثمانينيات، لكنها اكتسبت زخمًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما مع صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشار إلى أن تعيين محمد بن سلمان وزيراً للدفاع في عام 2015 وولياً للعهد في عام 2017 أثر بشكل كبير على جهود التوطين السعودية، إذ أدى الصعود السياسي السريع لولي العهد الشاب إلى وضع تطوير قاعدة صناعية عسكرية محلية مستدامة على رأس الأولويات الاستراتيجية السعودية.
وبموجب رؤية 2030، وهي خطة تهدف لتنويع اقتصاد السعودية بعيدا عن النفط، تستهدف المملكة توطين أكثر من 50٪ من إنفاقها الدفاعي بحلول عام 2030.
ومع ذهاب 2% فقط من الإنفاق العسكري السعودي في عام 2017 إلى شركات الدفاع المحلية، سعت السعودية إلى إحراز تقدم في أهداف التوطين من خلال إعادة تنظيم بيئة الدفاع المحلية وتجديد نهج أعمالها في القطاع العسكري.
وفي هذا الصدد، أطلقت المملكة كيانين عامين جديدين: الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) والهيئة العامة للصناعات العسكرية (GAMI).
وبعد افتتاحها في مايو/أيار 2017 تحولت الشركة السعودية للصناعات العسكرية بسرعة إلى أكبر شركة دفاعية في السعودية وطورت قدرات التصنيع في مجال الطيران والإلكترونيات المتقدمة وأنظمة الدفاع، وحتى أواخر يونيو/حزيران، كان لدى الشركة عقود أسلحة متراكمة تزيد قيمتها عن 10 مليارات دولار، ومعدل توطين يقترب من 15%.
تأسست الهيئة العامة للصناعات العسكرية في أغسطس/آب 2017، وهي هيئة حكومية رئيسية في قطاع الدفاع، ومسؤولة عن الإشراف على الجهود المبذولة لتطوير الصناعات العسكرية المحلية وتسريعها.
وفي حين تواصل الرياض تقييم نقل التكنولوجيا وتدريب القوى العاملة المحلية، فقد أظهرت تفضيلاً للشراكات التجارية التي تؤكد على الإنتاج المشترك وشروط التعاقد من الباطن.
ولتحقيق هذه الغاية، أعادت السعودية معايرة نموذجها الصناعي حول ثلاث ركائز رئيسية: إنشاء مشاريع مشتركة تركز على التصنيع مع شركات الدفاع الكبرى، والاستحواذ على شركات تتمتع بالتكنولوجيا القيمة والمعرفة التصنيعية، وتوقيع اتفاقيات التوطين لإنشاء خطوط إنتاج محلية للمنصات المهمة للأمن القومي.
أنشأت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) العديد من الشراكات مع كبرى شركات تصنيع الطيران، وفي يناير/كانون ثان 2019، وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة الطيران الفرنسية تاليس اتفاقية لمشروع مشترك لإنتاج رادارات الدفاع الجوي والصواريخ ومعدات الاتصالات.
وفي فبراير/شباط 2021، دشنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة لوكهيد مارتن مشروعًا مشتركًا لتعزيز قدرات تصنيع الطيران السعودي، ومن المرجح أن يبدأ الإنتاج في منشأة مشتركة في نهاية عام 2023.
اقرأ أيضاً
مصنع الزاهد.. حلقة جديدة بمشروع بن سلمان لتوطين الصناعات الدفاعية بالسعودية
وخلال منتدى الاستثمار السعودي الفرنسي الذي عقد في أواخر عام 2021، أنشأت الشركة السعودية للصناعات العسكرية والشركة الفرنسية فيجياك أيرو مشروعًا مشتركًا لبناء منشأة تصنيع عالية الدقة لإنتاج مكونات هيكل الطائرات وتعزيز القدرات الهندسية والفنية والتصنيعية السعودية.
وأطلقت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) أيضًا مشروعًا مشتركًا مع شركة إيرباص لتقديم خدمات الصيانة والإصلاح والتجديد لأسطول طائرات إيرباص ذات الأجنحة الثابتة التابع للقوات الجوية الملكية السعودية.
وتوسع التعاون بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وإيرباص في منتصف عام 2022 بعقد لتعزيز قدرات الصيانة والإصلاح السعودية للطائرات المروحية (ذات الأجنحة الدوارة).
وفي معرض الدفاع العالمي الافتتاحي في الرياض في مارس/أذار 2022، وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) اتفاقية أولية لتشكيل مشروع مشترك مع شركة بوينج لتقديم خدمات الصيانة والإصلاح والتجديد للمروحيات التابعة للقوات الجوية الملكية السعودية.
في منتصف عام 2022، أنشأت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) والشركة السنغافورية إس تي إنجينيرينج (ST Engineering) مشروعًا مشتركًا لإنتاج أنظمة دفاعية متطورة، وتنفيذ إستراتيجياتها للتطوير والنمو في العديد من المعدات والقدرات الدفاعية، وكذلك توفير وتقديم الدعم الفني وخدمات التدريب
في يونيو 2023، وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) وشركة سافران الفرنسية للطيران والفضاء اتفاقية للتعاون في مجال صيانة طائرات الهليكوبتر وخدمات الإصلاح والتجديد.
خلال معرض الأسلحة IDEF في إسطنبول في أواخر يوليو/تموز، وقعت شركة إنترا للتقنيات الدفاعية السعودية لتصنيع الأنظمة الذاتية اتفاقية ترخيص مع شركة الطيران التركية إيسن لمنح الأخيرة حقوق تصنيع وبيع الطائرة الجوية بدون طيار ASEF-I ذات التصميم السعودي.
في أوائل أغسطس/آب، وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية، اتفاقية توطين مع شركة الطائرات بدون طيار التركية "بايكار" لتصنيع طائراتها بدون طيار المتطورة في السعودية.
كما وسعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) أيضًا محفظتها من الشركات الدفاعية التابعة لها بشكل كبير. إذ اشترت الشركة حصة أغلبية في شركة ملحقات ومكونات الطائرات في عام 2019، واشترت شركة للإلكترونيات المتقدمة بعد عام.
وفي منتصف عام 2022، حصلت الشركة على حصة قدرها 51% في الشركة السعودية لدعم الطائرات المروحية، وهي مشروع مشترك بين السعودية وبوينج.
وسعت الشركة إلى تعزيز التكامل الأعمق بين الشركات المحلية، وأعطت الأولوية لشراء الشركات التي تتمتع بخبرة في التصنيع، وتاريخ من الأعمال المربحة في المملكة، ومعدل توظيف مرتفع للمواطنين السعوديين.
وأخيراً، أحرزت الرياض تقدماً في توسيع نطاق تطور خطوط الإنتاج داخل البلاد لمنصات الدفاع الأجنبية من خلال توسيع قدراتها الصناعية من مجرد التجميع المحلي للمواد المستوردة وبناء مكونات منخفضة التقنية إلى تصنيع وتصميم أنظمة أكثر تطوراً.
وفي معرض الدفاع العالمي 2022، وقعت الشركة وشركة أنظمة الصواريخ الأوروبية MBDA مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع مشترك لإنتاج أنظمة الصواريخ التكتيكية.
وتضمنت الصفقة أيضًا إنشاء مركز لصيانة وإصلاح وتجديد الصواريخ في المملكة العربية السعودية وإتاحة الفرص لموظفي الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) لتلقي التدريب في جامعة تابعة لشركة MBDA.
في فبراير/ شباط، وقعت شركة التكنولوجيا الأمريكية "كولينز إيروسبيس"، اتفاقية تعاون مع شركة سرب (SRB) للأنظمة الجوية، للمشاركة في إنتاج منظومة جوية قتالية من الطائرات بدون طيار في المملكة.
عقبات رئيسية
وعلى الرغم من جهود السعودية لتوطين صناعة الدفاع الجوي، لا تزال هناك 3 عقبات رئيسية تلوح في الأفق أمام طموحات المملكة في الاكتفاء الذاتي.
أولاً، لم تتقن معظم شركات الدفاع السعودية القدرات الصناعية اللازمة لإنتاج أسلحة متطورة للغاية بشكل مستقل، وتستمر في الاعتماد على شركاء خارجيين في التصميم والهندسة.
يتطلب تطوير منصات الدفاع الجوي المتقدمة رأس مال بشري محلي ماهر ومجتمعًا علميًا مزدهرًا، وهما مجالان لا تزال السعودية مقصرة فيهما.
ثانياً، لا يزال نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات في السعودية يعتمد بشكل كبير على الأسلحة المستوردة.
من غير المرجح أن تؤدي الجهود السعودية لتنويع الموردين لهيكل دفاعها الجوي، مع الحفاظ على ضمانات أمنية قوية من الشركاء التقليديين، إلى نتائج ذات معنى على المدى القصير؛ ولا يقدم مقدمو الأسلحة البديلة نوع المنتجات الدفاعية اللازمة لتلبية الاحتياجات الأمنية المحددة السعودية.
أخيرًا، من المرجح أن تواجه السعودية منافسة شديدة في سوق الأسلحة العالمية.
وتتطلع العديد من القوى الصناعية متوسطة الحجم أيضًا إلى إنتاج الأسلحة لتعزيز عائدات التصدير، ونظرًا لأن المنتجات المصنوعة في السعودية أغلى نسبيًا من تلك التي ينتجها المنافسون، فقد تكافح شركات الدفاع السعودية لتحقيق أرباح كبيرة.
اقرأ أيضاً
أحدهما إماراتي.. تحديان أمام توطين السعودية للصناعات الدفاعية
المصدر | ليوناردو جاكوبو ماريا مازوكو/معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية الهجمات الحوثية مشروع ا مشترک ا الدفاع الجوی شرکات الدفاع فی السعودیة مشروع مشترک بدون طیار العدید من مع شرکة فی عام عام 2022
إقرأ أيضاً:
شركة آبل تواجه شكوى في باريس بتهمة التجسس على مستخدمي Siri
فبراير 16, 2025آخر تحديث: فبراير 16, 2025
المستقلة/- ذكرت صحيفة Le Monde أن مكتب المدعي العام في باريس قد تسلم شكوى ضد شركة آبل تتعلق بتهمة التجسس على محادثات مستخدمي أجهزتها من خلال مساعدها الذكي Siri. الشكوى التي قدمتها رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان تتهم الشركة بجمع تسجيلات أصوات المستخدمين أثناء استخدامهم لسيري دون علمهم أو موافقتهم.
التجسس على المحادثات الشخصيةفي 13 فبراير، تم تقديم شكوى رسمية لمكتب المدعي العام في باريس استناداً إلى تقرير من موظف سابق في شركة آبل. وأوضح الموظف أنه في بداية عمله في الشركة تم إبلاغه بأنه سيقوم بالتعامل مع محادثات حقيقية بين المستخدمين ومساعدهم الذكي Siri، وأنه سيقوم بتسجيل المحادثات حتى عندما يتم تشغيل Siri عن طريق الخطأ.
اتهامات بالمعالجة غير القانونية للبياناتووفقاً للتقرير، فإن الشكوى تستند إلى انتهاك الخصوصية والمعالجة غير القانونية لبيانات المستخدمين التي تم جمعها عبر Siri. يُعتقد أن آبل لم تكن فقط تقوم بتسجيل المحادثات لتحسين الأداء الفني للمساعد، بل كانت تقوم بتخزين وتحليل هذه التسجيلات لأغراض تجارية، مما أثار القلق حول سياسة الخصوصية للشركة.
الدعوى القضائية الجماعية في الولايات المتحدةتأتي هذه الشكوى في وقت حساس بالنسبة لآبل، حيث من المقرر أن تصدر محكمة في كاليفورنيا حكماً في دعوى قضائية جماعية رفعها مستخدمون أمريكيون يتهمون آبل بتسجيل ومعالجة وتخزين محادثاتهم الخاصة لأغراض تجارية. ووفقاً للمدعين في هذه القضية، فإن الشركة لم تقتصر على استخدام البيانات لتحسين خدمة Siri، بل قامت بتحليلها لأغراض تجارية أخرى.
دفاع شركة آبلمن جانبها، أكدت شركة آبل في بيان أن البيانات التي جمعتها من خلال Siri لم يتم بيعها إلى أي طرف ثالث. كما أشارت إلى أنها قد اتخذت خطوات لتحسين الشفافية والموافقة على جمع البيانات، حيث أضافت ميزات جديدة للتحكم في الخصوصية للمستخدمين.
تسوية سابقة وتداعيات قانونيةفي الشهر الماضي، وافقت آبل على دفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية في الولايات المتحدة تتهمها باستخدام مساعدها الافتراضي Siri للتجسس على مستخدمي هواتف “آيفون” وأجهزة أخرى. ووفقاً للتقارير، فقد قامت الشركة بتفعيل Siri للتجسس على محادثات المستخدمين دون علمهم أو موافقتهم.
خاتمةمع تصاعد القضايا القانونية ضد آبل فيما يتعلق بتسريب بيانات المستخدمين وخصوصيتهم، فإن الشركة تواجه ضغوطاً قانونية متزايدة في أكثر من دولة. بينما تواصل آبل الدفاع عن نفسها، يظل موضوع الخصوصية وحماية البيانات الشخصية أحد أكبر التحديات التي تواجه شركات التكنولوجيا الكبرى في العصر الرقمي.