تصاعد العدوان على الأقصى.. مخطط يُمهد لتقسيمه مكانيًا وتهويده
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
القدس المحتلة - خاص - صفا
في تطورٍ خطير لم يشهده المسجد الأقصى المبارك منذ احتلاله عام 1967، تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى تحويله لمقدس مشترك عبر فرض كامل الطقوس التوراتية فيه، تمهيدًا لتهويده وبناء "الهيكل" المزعوم مكانه.
وما يُدلل على ذلك، تصاعد الحرب الدينية على الأقصى خلال ما يسمى "عيد العرش" اليهودي، وما شهده من اقتحامات مكثفة وإدخال للقرابين النباتية، وأداء الطقوس والصلوات التلمودية العلنية فيه، واقتحامه بالزي الكهنوتي الأبيض، فضلًا عن استباحه أبوابه، وإفراغه من المصلين والمرابطين، وإبعادهم عن أبوابه بالقوة.
ومنذ بدء العيد اليهودي، اقتحم ما يزيد عن 4000 مستوطن، المسجد الأقصى، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال، وسط استفزازات وتصاعد غير مسبوق في وتيرة الانتهاكات والاعتداءات، في محاولة لطمس هويته الإسلامية وإحلال هوية توراتية مزعومة.
وفرضت شرطة الاحتلال حصارًا خانقًا على البلدة القديمة ومداخل الأقصى، وأغلقته في وجه المصلين ومنعت دخول حتى من هم دون الـ70 عامًا إليه، كما اعتدت على المرابطين والمرابطات عند باب السلسلة وأبعدتهم بالقوة عن البلدة، يهدف تطبيع اقتحامات المستوطنين وطقوسهم التوراتية في المسجد ومحيطه.
مرحلة متقدمة
الخبير في الشأن المقدسي حسن خاطر يقول إن ما يجري في المسجد الأقصى، وخاصة بـ"عيد العرش" يُشكل استمرارًا لمسلسل الاعتداء والتهويد للمسجد والبلدة القديمة، واستغلال الأعياد اليهودية لتبرير وتمرير عمليات التهويد المستمرة.
ويضيف خاطر، في حديث لوكالة "صفا"، أن "ما يجري من اقتحامات وطقوس استفزازية هي مجرد أكاذيب وصناعة مفبركة لهذه الطقوس والمظاهر والاستعراضات، بهدف الوصول إلى مرحلة متقدمة من تهويد الأقصى والقدس القديمة".
ويتابع "نحن شاهدنا وما زلنا أعمال التهويد، وكيف تم إفراغ البلدة القديمة من أهلها، وفرض الإغلاق على المحال التجارية، ومنع المصلين من دخول البلدة إلا عبر إبراز الهوية، وكذلك عدم السماح لهم بالتجول في الأزقة والشوارع، في المقابل تم السماح للمستوطنين بالاقتحام والعربدة".
ويشير إلى أن الاحتلال حوّل البلدة القديمة خلال أعياده إلى "مدينة أشباح"، وعمل على تفريغ القدس والأقصى تمامًا من الفلسطينيين، ما يعني أن القضية ليست مجرد أعياد، وإنما انتقام من المسلمين، وإفراغ للبلدة القديمة والمسجد المبارك.
وشهد "عيد العرش" تصاعدًا خطيرًا وغير مسبوق في أعداد المقتحمين للمسجد الأقصى، وهنا يوضح خاطر أن الأكثر خطورة ما الذي سيحدث بعد ذلك، هم لن يقفوا عند حد الاقتحامات، بل ذاهبون باتجاه السيطرة الكاملة على المسجد، من خلال فرض مشروع التقسيم المكاني.
ويبين أن الاحتلال يريد تنفيذ مشروع عضو الكنيست الإسرائيلي "عاميت هليفي" لتقسيم المسجد الأقصى مكانيًا، والذي جرى المصادقة عليه بالقراءة الأولى، لكنه يحتاج إلى قرار مباشر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للمصادقة عليه بالقراءة الثانية.
ويضيف "أعتقد أن المصادقة على مشروع القانون مجرد مسألة وقت، وبموجبه سيحصل اليهود على 70% من مساحة الأقصى بما فيها قبة الصخرة المشرفة، و30% للمسلمين، أي سيحصلون على المصلى القبلي في الجهة الجنوبية للمسجد وملحقاته".
مخاطر حقيقية
ويحذر خاطر من مخاطر تنفيذ هذا المشروع، كونه يُعتبر بالنسبة لحكومة الاحتلال و"منظمات الهيكل" ثمرة كل الجهود السابقة من الاقتحامات والانتهاكات وزيادة أعداد المقتحمين، وكل الأكاذيب التي مارسوها على مدار السنوات الماضية، لذلك يريدون الانتقال إلى المراحل الأكثر خطورة، والتي يجب مواجهتها على كل المستويات.
ويؤكد أن المنظمات المتطرفة معنية بزيادة أعداد المقتحمين في المرحلة المقبلة، وتنفيذ مشاريع تهويدية أكثر خطورة بحق الأقصى، بهدف إحداث تغيير جوهري فيه، بالإضافة إلى تحقيق مشروع التقسيم المكاني، وذبح "البقرات الخمس"، لأجل تطهير اليهود والسماح لهم باقتحام الأقصى.
ولمواجهة السياسات الإسرائيلية والمشاريع التهويدية بحق الاقصى، يقول الخبير المقدسي: إن "الرباط وحده لا يكفي، رُغم إفشاله مخططات الاحتلال، لأن الموضوع بات أكبر من ذلك، في ظل وجود دولة احتلالية كاملة بإمكانياتها وميزانياتها ومنظماتها تتفق فيما بينها على تهويد الأقصى وتغيير واقعه".
ويضيف أن القضية تحتاج إلى مواقف وقرارات حقيقية وجادة من السلطة الفلسطينية، والأردن، والدول العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي، وليس مجرد بيانات شجب واستنكار، وأيضًا بحاجة لخطوات عقابية يتم فرضها على الاحتلال.
ويشدد على ضرورة إرسال رسائل قوية للاحتلال بأن "هناك حالة غضب حقيقية يشهدها الشارع العربي والإسلامي جراء هذه الجرائم والانتهاكات بحق الأقصى، وإن لم تصل بشكل واضح وصريح فأعتقد أن الأمور ذاهبة لما هو أسوأ".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: عيد العرش الأقصى تهويد البلدة القدیمة المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
ترامب يتراجع: العرب يسقطون مخطط تهجير فلسطينيي غزة
#سواليف
ترامب يتراجع: #العرب يسقطون #مخطط_تهجير #فلسطينيي_غزة
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في خطوة تعكس هزيمة جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته المثيرة للجدل بشأن قطاع غزة، معلنًا أنه لن يفرضها بل سيكتفي بالتوصية بها. هذا التراجع لم يكن مجرد خطوة تكتيكية، بل جاء تحت وطأة رفض عربي حاسم، تقوده الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني ومصر، في مواجهة مشروع كان يهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتحويل غزة إلى منطقة سياحية تحت الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
مقالات ذات صلةدهشة ترامب من هذا الرفض بدت واضحة في تصريحه: “فوجئت بعدم ترحيب الأردن ومصر بالخطة التي طرحتها بشأن غزة، ونحن نقدم لهما مليارات الدولارات سنويًا”. كلمات تعكس صدمة البيت الأبيض من فشل الرهان على الضغوط الاقتصادية لفرض مشروع يتعارض مع المصالح الوطنية والقومية للدول العربية. الأردن ومصر لم يخضعا للابتزاز المالي، ولم يقبلا بأن يكونا أدوات لتنفيذ مشروع يصادر حقوق الفلسطينيين ويهدد استقرار المنطقة.
المخطط الأمريكي، الذي كان يسعى إلى إعادة رسم الخريطة الديموغرافية والسياسية لغزة، لم يكن مجرد فكرة عابرة، بل جزء من نهج أمريكي مستمر لفرض حلول أحادية على قضايا المنطقة. لكن كما فشلت واشنطن سابقًا في مشاريعها الكبرى، من “صفقة القرن” إلى محاولات إعادة تشكيل الأنظمة عبر سياسات “نشر الديمقراطية” و”محاربة الإرهاب”، جاء هذا التراجع ليؤكد مرة أخرى أن الحسابات الأمريكية لا تستطيع تجاوز الإرادة العربية عندما تتوحد.
رفض الأردن ومصر لهذا المشروع لم يكن مجرد موقف سياسي، بل تعبير عن قناعة راسخة بأن أي حل لا يراعي حقوق الفلسطينيين وواقع المنطقة محكوم عليه بالفشل. الأردن، بصفته الحاضن للقضية الفلسطينية والمدافع عن المقدسات، يدرك أن تمرير مثل هذا المخطط سيؤدي إلى تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والاستقرار الداخلي. ومصر، التي تشكل معبرًا رئيسيًا إلى غزة، تدرك أن تهجير الفلسطينيين يعني فتح باب للفوضى على حدودها، وهو أمر لا يمكن القبول به.
العزلة الدولية التي واجهتها واشنطن بسبب هذه الخطة زادت من تعقيد المشهد، حيث رفضتها الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين باعتبارها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان. كما أن الموقف الفلسطيني كان صارمًا في رفض أي محاولات لفرض واقع جديد بالقوة، وهو ما جعل من المستحيل تنفيذ المخطط حتى لو واصلت الولايات المتحدة الضغط على حلفائها الإقليميين.
ترامب، الذي اعتاد على استخدام النفوذ المالي لتمرير سياساته، وجد نفسه في مواجهة حقائق لا يمكن تجاوزها. فالقرار السياسي في الدول المستقلة لا يُشترى بالمساعدات، والمواقف الوطنية ليست للبيع والشراء. إدراكه لهذا الواقع، ولو متأخرًا، جعله يتراجع، لأنه يعلم أن الاستمرار في هذا المسار سيؤدي إلى أزمة دبلوماسية جديدة ويهدد مصالح بلاده في المنطقة.
التراجع الأمريكي لم يكن مجرد نتيجة ضغوط خارجية فقط، بل جاء أيضًا تحت تأثير المعارضة الداخلية في الولايات المتحدة نفسها. النخب السياسية، سواء الديمقراطيون أو حتى بعض الجمهوريين، يدركون أن مثل هذه المشاريع التي تقوم على التهجير القسري والتلاعب بالخرائط الجيوسياسية لا تؤدي إلا إلى مزيد من الصراعات وتعزز صورة أمريكا كدولة لا تحترم مبادئها المعلنة عن الحرية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
ما حدث هو انتصار جديد للإرادة العربية في مواجهة الإملاءات الخارجية. أثبتت الأردن ومصر أن الضغط السياسي والدبلوماسي قادر على إسقاط المشاريع المفروضة، وأن المال الأمريكي لن يكون أبدًا وسيلة لشراء المواقف الوطنية. هذا التراجع، يؤكد أن الشعوب الحرة لا تقايض حقوقها، وأن القضية الفلسطينية ستظل عصية على مشاريع التصفية مهما بلغت الضغوط.